في خطوة فاجأت الطبقتين السياسية والإعلامية في المغرب أعلن الإعلامي والأديب عبدالكريم غلاب الأحد الماضي استقالته من إدارة صحيفة «العلَم» ومن حزب الاستقلال الذي قاد حرب الاستقلال رفقة القصر الملكي منذ منتصف الأربعينات.
وأوضح غلاب في بيان عممه على الصحف المغربية أن استقالته من الصحيفة التي تعتبر من بين أقدم الصحف العربية تأتي احتجاجا على نشر صحيفته «أشياء بغير اطلاعي ولا إخباري»، مشيرا بالخصوص إلى مراسلة من مكتب «العلم» في الدار البيضاء بعنوان «شبكة العفورة تحاول الانتقام من عبدالرزاق أفيلال» نشرتها الصحيفة في صدر صفحتها السبت الماضي «دون إطلاعي عليها قبل النشر ودون استئذاني في نشرها».
وأضاف أن الصحيفة «حذفت كلمة» كتبها في صدر صفحة في عدد الأحد الماضي (11 الشهر الجاري) بعنوان (براءة)، «تبرأ فيها من مسئولية ما نشر في عدد السبت العاشر من يوليو/ تموز من أخذ جانب صراع يقوم بين ثلاثة من الناس هم السليماني والعفورة وعبدالرزاق أفيلال» لأن «الأمر بين يدي القضاء».
وقال غلاب في هذا الصدد: «وإذ إنني غير قابل أن أغير توجهاتي الأساسية والثوابت التي تعلمتها في حزب الاستقلال منذ انتميت إليه وعمري 15 سنة وإذ إني لا أرضى لصحيفة أديرها أن تسير في طريق الانهيار، فإني أقدم استقالتي مكرها لا راضيا».
وعزا غلاب استقالته من حزب الاستقلال إلى «اهتزاز الأفكار التي تعمقت في ضميري طيلة المدة التي قضيتها في الحزب والثوابت التي عشت عليها»، معتبرا أن كيانه «الفكري والوطني والسياسي لم يعد ينسجم مع ما يحدث».
وقال في هذا الصدد «الآن أشعر وأنا غير راض، غير مطمئن، غير مستريح الضمير أنه آن الأوان لأستقيل من هذا الحزب».
وفي ردها على قرار الاستقالة أعلنت هيئة تحرير الصحيفة عن تضامنها مع مدير التحرير المستقيل الذي يعتبر من بين أقدم مديري الصحف العرب وكتبت في صدر صفحتها الأولى في عدد الاثنين تحت عنوان «بكثير من الألم والأسف والحزن ننشر هذا الخبر... الأستاذ عبدالكريم غلاب يستقيل من العلم ومن حزب الاستقلال» أنه «تلقينا، في أسرة صحيفة «العلم»، بألم كبير نازلة استقالة الأستاذ عبدالكريم غلاب، من إدارة «العلم» ومن حزب الاستقلال. وإذ ننشر خبر الاستقالة كما أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، نؤكد اعتزازنا في أسرة «العلم» وتضامننا المطلق مع الأستاذ غلاب الذي مثل منذ خمسين سنة ضمير صحيفتنا المناضلة ورائد أسرتها والأسرة الصحافية الوطنية في بلادنا، في الدفاع عن حرية الوطن وقيم الديمقراطية والعدالة، بقلم لا يلين، وروح مقاومة لا تعرف التراجع»،معلنة رفضها «هذه الاستقالة وتمسكها الدائم به قائدا وراعيا لقيم لا تبلى».
وخلال اجتماعه الأخير بهيئة التحرير إذ أعلن استقالته أشاد غلاب بالصحافيين والعاملين في اليومية التي بدأت في الصدور بتاريخ 11 سبتمبر/ أيلول العام 1946 مؤكدا احترامه الكبير «لجهودهم واعتزازه بتضحياتهم، وحضّ أسرة الصحيفة على مواصلة النضال في النهج الذي أكسبها احترام المغاربة وحبهم منذ أكثر من نصف قرن».
وكانت «العلم» نشرت السبت الماضي تقريرا ينفي أية علاقة للزعيم النقابي عبدالرزاق أفيلال (زعيم الاتحاد المغربي للشغل) الذي يتبع لحزب الاستقلال مع المحافظ السابق في الدار البيضاء العفورة وعمدة الدار البيضاء عبدالمغيث السليماني، حين كان أفيلال رئيسا لمجلس بلدية «عين السبع» في الدار البيضاء عدة دورات. وقالت مصادر مطلعة إن التقرير نشر بإيعاز من أفيلال إذ ورد فيه أن دوافع العفورة والسليماني «انتقامية» بعد اتهامات المسئولين المعتقلين حاليا والمحسوبين على وزير الداخلية السابق إدريس البصري المعتكف حاليا في العاصمة الفرنسية باريس على رغم انتهاء صلاحيته
العدد 679 - الخميس 15 يوليو 2004م الموافق 27 جمادى الأولى 1425هـ