خلا تقرير التنمية البشرية للعام 2004 الصادر من برنامج الأمم المتحدة الانمائي من المفاجآت إذ تشير النتائج إلى استمرار تربع النرويج على عرش التنمية البشرية. أما على مستوى العالم الإسلامي فقد احتفظت بروناي دار السلام بالمركز الأول بحلولها في المرتبة 33 على مستوى العالم لكنها تأخرت مرتبتين عن العام 2003. أما البحرين فحافظت على موقعها الريادي من بين الدول العربية إذ احتلت الموقع رقم 40 لكن بتأخر ثلاث مراتب عن نتيجة العام 2003.
يُذكر أن تقرير التنمية يعتمد بشكل رئيسي على ثلاثة معايير في تقيمها للدول وهي: العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين وكذلك نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وفيما يلي تأملات سريعة في نتائج التقرير استنادا للمعايير الثلاثة.
أولا العمر: احتلت اليابان المرتبة الأولى في العالم في معدل العمر المتوقع عند الولادة إذ بلغ نحو 82 سنة. ويتراوح معدل العمر في حدود 80 سنة في الكثير من الدول الغربية مثل السويد وكندا. أما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي فأن أعلى عمر من نصيب الفرد الكويتي إذ بلغ معدله نحو 77 سنة. أما المستويات المتدنية فهي من نصيب القارة السمراء إذ يبلغ معدل عمر الفرد 32 سنة فقط في زامبيا.
ثانيا التعليم: تظهر الأرقام المنشورة إلى أن نجاح الكثير من دول العالم وبالتحديد العالم الغربي في القضاء على ظاهرة الأمية. على أقل تقدير بمقدور 99 في المئة من سكان نحو 20 دولة في العالم والذين تزيد أعمارهم من 15 سنة القراءة والكتابة. أما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي فأن نسبة المتعلمين هي الأعلى في البحرين إذ تبلغ نحو 89 في المئة. وساهمت هذه الصفة في تبوؤ البحرين المرتبة الأولى بين دول الخليج.
ثالثا دخل الفرد: تشير أرقام الناتج المحلي الإجمالي إلى أن أعلى دخل في العالم من نصيب الفرد في لكسمبورغ على أعلى دخل العالم إذ يقف في حدود 61,200 دولار أي 23,072 دينار بحريني. أما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي فإن المواطن الإماراتي يحصل على أعلى نصيب إذ بلغ 22,420 دولار في السنة (أي 8,452 دينار بحريني).
صنف التقرير 55 بلدا في العالم ضمن فئة تنمية بشرية عالية معظمها واقعة في قارة أوروبا. كما تمكنت أربع دول خليجية وهي البحرين والكويت وقطر والإمارات من أخذ المراتب الأخيرة نسبيا لهذه الفئة. ويلاحظ أن «إسرائيل» احتلت المرتبة 22 على مستوى العالم. ختاما السؤال الذي يطرح نفسه هو هل بمقدور البحرين مواصلة ريادتها للعالم العربي في ظل وجود منافسة من دول خليجية أخرى؟ كما أسلفنا فإن ثقل البحرين يكمن في تدني نسبة الأمية والتي هي في حدود 11 في المئة. بيد تتأخر البحرين عن الكويت في العمر الافتراضي عند الولادة وعن الإمارات في مستوى الدخل. ومن المتوقع أن تنجح إحدى الدول الخليجية خصوصا الكويت أو قطر في إزاحة البحرين عن تربعها على عرش التنمية بين الأقطار الخليجية وبالتالي العربية (نتائج دول مجلس التعاون هي الأفضل من بين كل الدول العربية). من المأمول أن تواصل الكويت تقدمها الاقتصادي وذلك بعد زوال خطر النظام العراقي السابق. من جهتها تحقق قطر تقدما ملموسا في الدخل وفي التعليم (نجحت قطر أخيرا في استقطاب جامعات أميركية إلى الدوحة). على كل حال المطلوب من الجميع في البحرين حكومة وشعبا العمل بيد واحدة للحفاظ والنهوض بمستوى التنمية البشرية في البلاد لما فيه صلاح العباد والبلاد
العدد 686 - الخميس 22 يوليو 2004م الموافق 04 جمادى الآخرة 1425هـ