صوّت أعضاء الكتل النيابية في جلسة النواب الاستثنائية أمس (الخميس) على رفض مشروع الموازنة العامة للدولة للعامين الماليين 2009/ 2010، وذلك بعدما وصلت المفاوضات الحكومية النيابية التي استمرت أربعة أشهر إلى طريق مسدود، بعد مطالبات النواب صرف علاوة الغلاء لمستحقيها، وزيادة الموازنات المرصودة لوزارات الصحة والتربية والتعليم والإسكان ومشروع البيوت الآيلة للسقوط، التي قوبلت برفض حكومي. وصوّت المجلس بالرفض بالإجماع على أبواب الإيرادات، والمصروفات المتكررة، ومصروفات المشروعات في الموازنة العامة وأحال مشروع الموازنة بصفة الاستعجال إلى مجلس الشورى. وقال رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية عبدالجليل خليل: «لو أن هناك منطقا لكان من الممكن أن نتفق جميعا على الحاجة إلى خفض المصروفات الأمنية على أساس منطقي وعادل، وقرار رفض الموازنة لم يأتِ استعجالا وإنما على إثر دراسة استمرت أربعة أشهر وبعد عقد 35 اجتماعا مع الوزارات والجهات ذات الصلة».
القضيبية - أماني المسقطي، حسن المدحوب
على رغم المفاوضات الحكومية النيابية التي استمرت مدة أربعة أشهر بشأن الموازنة العامة للدولة للعامين الماليين 2009/2010، والتي تركزت على مطالبات النواب باستمرار صرف علاوة الغلاء لمستحقيها، وزيادة الموازنات المرصودة لوزارات الصحة والتربية والتعليم والإسكان ومشروع البيوت الآيلة للسقوط، وهي المطالبات التي قوبلت برفض حكومي، أجمعت الكتل النيابية في جلستها الاستثنائية التي عقدت يوم أمس (الخميس) برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس غانم البوعينين، على رفض مشروع الموازنة، وإحالته بصفة الاستعجال إلى مجلس الشورى.
وصوَت المجلس بالرفض بالإجماع على أبواب الإيرادات، والمصروفات المتكررة، ومصروفات المشروعات في الموازنة العامة للعامين 2009/2010.
وقبل التصويت النهائي بالرفض، قال رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية عبدالجليل خليل: «لو أن هناك منطقا لكان من الممكن أن نتفق جميعا على الحاجة لخفض المصروفات الأمنية على أساس منطقي وعادل، وقرار رفض الموازنة لم يأتِ استعجالا وإنما على إثر دراسة استمرت أربعة أشهر وبعد عقد 35 اجتماعا مع الوزارات والجهات ذات الصلة».
وأضاف: «هناك خشية من مناقشة شركة ممتلكات لأن الشركات الرابحة مثل شركة ألمنيوم البحرين «ألبا» ستطبع بكل المصروفات الموجودة في طيران الخليج، كما أن الحكومة رفضت إعادة النظر في المشروعات، على الرغم من أننا قدمنا مبررات منطقية ومعقولة لوزارة المالية، وكانت لدينا خشية من دخول البلد في الركود الاقتصادي، وقرار الرفض اليوم هو قرار مسئول، ولا يمكن الموافقة على الموازنة من دون أن يكون لنا كسلطة تشريعية دور في صياغتها، كما أننا نحتاج إلى شفافية وصلاحية وتعاون أكبر من الحكومة».
وأكد خليل أن اللجنة المالية تعاملت بمرونة مع الحكومة للخروج بموازنة منطقية تعالج مختلف الجهات والأبعاد، وأنها كانت تسعى لأن تدرس الحكومة الموازنة بصورة مهنية ومن ثم تأخذ القرار الصائب بشأنها حتى لا تخرج بصورة مشوهة.
قال النائب السيد حيدر الستري في مداخلته إن وزير المالية يتخوف من مجرد الكلام عن تراجع الاقتصاد، لكن الحكومة وعلى رأسها وزارة المالية تطبق ما تتخوف منه، وذلك بسبب الغموض وغياب الشفافية، لافتا إلى أن ذلك هو ما يسبب هروب فرص الاستثمار الآتي من الداخل والخارج، فعلى سبيل المثال يمكن أن توفّر الحكومة الوفورات لعام 2008، فلو أفصحت عنها لكان ذلك كفيلا بتوفير الثقة التي ينشدها الوزير، لأن اقتصاد دول الخليج غالبا ما يتكئ على الوفورات التي تراكمت، لذلك اسأل كم هي الوفورات لعام 2008؟
وأضاف الستري، المواطن هو رأس المال الأكثر ربحا وإنتاجا وهو رأس المالي الحقيقي، لكننا نجد أن الموازنة بلا أولويات أي بلا تخطيط ولا سياسة وبالتالي بلا أهداف تنموية، وأعتقد أن الكل يتفق أن التعليم والصحة والبيوت الآيلة للسقوط وتوسيع الطبقة الوسطى هي الأولويات التي يجب أن تتصدر الاهتمام، لكننا نجد أن الموازنة قضمت 50 في المئة من موازنة البيوت الآيلة للسقوط، وأعطت وزارة التربية 10 في المئة فقط مما طلبته، أما الأزمة الإسكانية فإن الخشية فيها أن تلقي الحكومة أعباء هذا الملف على القطاع الخاص في ظل ما يعانيه من أزمة مالية لتتركها الحكومة تكابد الأزمة لوحدها.
وتساءل الستري عن موارد الهيئات التي لا تخصع للمساءلة والتي تبلغ موازنتها مجتمعة 380 مليون دينار.
وتحدث الستري عن الرمال التي بيعت من دون أن تدخل في الموازنة شيئا، مشيرا إلى أن هناك مليارا و800 مليون كانت ثمن بيع رمال لمشروعين فقط ؟ وسأل الستري أيضا هل أن ممتلكات تستثمر لمصلحة الدولة أم لمصالح أخرى؟ مضيفا لقد تراجعت موازنة المشروعات 50 في المئة وبذلك فمن الممكن أن تصنف البحرين بسببها من الدول الفقيرة، مطالبا بتخصيص موازنة لعام واحد بدلا من سنين، متسائلا هل موازنة السنتين مفيدة للبحرين، هل هذه موازنة حقيقية أم موازنة للتسلية؟!
وقال الستري: من المعروف أن مفهوم الموازنة يعني تحقيق التوازن، فكيف غاب ذلك عن هذه الموازنة اسمها ورسما، فالموازنة الأمنية بلغت 30 في المئة من دون الأرقام السرية للتسلح، هذا يجعلنا أمام سياسة عسكرة البحرين وهذه السياسة قضت على السياسة المتوازنة لمصلحة السياسة الحولاء، والنتيجة المنطقية أنه عندما تتضخم إمكانات هذه الجهة تتضخم أعمالها، ونحن أمام موازنة خطرة تقضي على أجواء الديمقراطية بنظرة مدججة بالسلاح، وقد رأينا ذلك في سترة، التي تعاني من عمل عدواني عليها دون أن يتمكن أي وزير من أن يوقفه، وحتى عندما حاول الوقوف موقفا مشرفا تم تهديده.
أبدى رئيس كتلة المستقبل النائب تقديره للظروف التي تمر بها دول العالم ومن ضمنها البحرين وذلك بسبب الأزمة المالية مثمنا دور الحكومة انتهاجها سياسة متوازنة في السياسة المالية والاقتصادية ما جعل اقتصاد البحرين قويا أمام هذه الأزمة، مضيفا، نحن متأكدون بأن الحكومة تقوم على رسم وتنفيذ السياسات المالية في إطار التوجهات العامة للقيادة الحكيمة، ونعلم كذلك بأن من أهم أولوياتها العمل على تعزيز الاستقرار المالي من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المالية المتاحة.
وطالب الدوسري بتوجيه الدعم الحكومي لمستحقيه، مكملا أعتقد بأن هذا الشعار قد تعودنا بأن نرفعه مع كل مشروع موازنة، ولكن هل هناك خطة وبرنامج لتنفيذ هذا الشعار؟ الله أعلم! حيث إن الدعم الآن يذهب للجميع الذي لا يستحق قبل الذي يستحق، ألا يعتبر هذا هدرا للمال العام؟
وتمنى الدوسري أن يكون هناك دعم أكبر للمشاريع الإسكانية وأن تكون هناك شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وكذلك تفعيل المبادرة الإسكانية الملكية بقيمة 20 مليون دينار سنويا، واستقلالها للحصول على تسهيلات مصرفية لهذه المشاريع والتي من ضمنها مشروع المدينة الشمالية، متسائلا هل ما تم اعتماده في هذه الموازنة من اعتمادات لتطوير التعليم والصحة، يضمن تحقيق الأهداف التي ذكرتها وزارة المالية في تقاريرها والتي من أهمها: رفع مستوى التعليم من خلال تطبيق وسائل التعليم الحديثة والتركيز على رفع كفاءة المعلمين وتوفير الدعم الكامل لتحسين ظروف العاملين في سلك التعليم ووضع معايير لتقييم وقياس جودة المؤسسات التعليمية والتدريبية في المملكة.
وطالب الدوسري بمساهمة الشركات القابضة والهيئات الحكومية في الإيرادات بنسبة لا تقل عن 50 في المئة من صافي الأرباح، مطالبا أيضا بالموافقة على الاعتماد المطلوب لاستمرار صرف علاوة الغلاء 50 مليون سنويا، مشيرا إلى أن الامتناع عن اعتماد 5 ملايين سنويا لمشروع البيوت الآيلة للسقوط سوف يؤدي إلى إيقاف مشروع رائد من أهم المشاريع التي أمر بها جلالة الملك.
واعتبر الدوسري رفض اعتماد المبالغ التي أقرتها اللجنة المالية والاقتصادية لتطوير التعليم والصحة دليل على عدم الجدية في تحقيق الأهداف المرسومة للقطاعين، لافتا إلى أن دعم موازنة الأمن بمختلف قطاعاته أصبح ضرورة حتمية نظرا للتحديات التي تواجهها المنطقة.
هدّد وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد بالانسحاب من الجلسة بعد أن وصف النائب سيد حيدر الستري سياسات الحكومة بالحولاء، إلا أنه ظل ساكتا أثناء مداخلة النائب إبراهيم بوصندل والتي رفع فيها علبة «فياجرا» زرقاء مشيرا إلى عبارة وزير المالية في الجلسة السابقة والتي قال فيها إننا - أي الحكومة - لسنا في حالة زواج مع النواب.
وقال النائب بوصندل في مداخلته بعد رفعه للفياجرا إن المواطن البحريني عنده أكثر من 45 ألف طلب من الوحدات السكنية، وإنه لو بنت الحكومة 2000 وحدة سكنية سنويا لاحتجنا إلى 22 سنة ونصف، في حين أن لدينا 8 آلاف طلب سنويا، مضيفا أما مخصصات التعليم والصحة فقد خفضت إلى النصف، وطلبت اللجنة زيادة مساهمة الشركة الوطنية القابضة للنفط من 52 إلى 84 دولارا إلا أن الحكومة لم توافق.
وقال بوصندل أشفق على الوزير لأنه بين المطرقة والسندان، فكم عدد الملايين من الرمال التي استنزفت من البحار، وكان بإمكان الحكومة أن تقدم بمشروع بقانون لتحصيل بيع الرمال إذا كانت فلسفتها فعلا تتجه لزيادة الإيرادات.
وعن شركة ممتلكات، فذكر بوصندل أن العائد منها هو 1.25 في المئة من أصول الشركة البالغة 4 مليارات.
وهاجم التضخم الحاصل في الوظائف الحكومية خاصة في المناصب العليا، مطالبا بعد ذلك بتمرير علاوة الغلاء رادا على ما قالته الحكومة إنها تتحفظ عليها لأنها موجهة للغني والفقير، مشيرا إلى الكهرباء الذي يستفيد منه الغني والفقير وحتى الأجنبي.
وأكد بوصندل أن مجلس النواب مهمته الشراكة مع الحكومة وهم ليسوا كتاب عدل يكتبون ويوقعون ما يملى عليهم، خاتما مداخلته بطرفة سياسية إذ قال: جاءني أحد النواب وقال لي إنه حلم في الليل عن موازنة الديوان الملكي، وأنه قيل له في الحلم إن من الأفضل عدم التطرق لها، فسألته من جاءك كان ملكا أو شيطانا؟! ليضج المجلس بأكمله بالضحك.
قال النائب عبدعلي محمد حسن إن موازنة الدولة مرآة تعكس برنامج عمل الحكومة، وكلما اتسم مشروعها بالصدق، والواقعية، والشفافية، والوضوح، وارتباطها باحتياجات الناس، وباستراتيجيات التنمية وبرامجها، أعطى ذلك مؤشرا على حسن التدبير، ورشد القرار.
وأضاف «نحن نريد لموازنة الدولة أن تراعي الظروف العالمية المتأزمة التي تعصف عصفا باقتصاديات الدول الكبرى، وتؤثر سلبا في اقتصاديات الدول الصغرى، لن نجادل حول هذه الظروف، ولأننا نمر بهذه الظروف، فإننا نريد لموازنة الدولة مزيدا من الترشيد، ومزيدا من التوجيه نحو الاحتياجات الحقيقية للناس الذين هم أصحاب هذا المال».
وعن انخفاض نسبة الإيرادات غير النفطية في الموازنة العامة، فقد كانت هذه النسب الفعلية أو المعتمدة في موازنة الدولة للأعوام 2004، 2005، 2006، 2007، 2008، 25.7 في المئة، 21.9 في المئة، 21.5 في المئة، 18.2 في المئة، 24.3 في المئة على التوالي، ولكن موازنة الدولة للعامين 2009 - 2010 قدرتها بـ 16.3 في المئة، و15.9 في المئة، متسائلا: «هل تعكس هذه الأرقام المبدأ الذي استند إليه مشروع الموازنة المتمثل في: (تنمية الإيرادات غير النفطية إلى مستويات كافية لتغطية جزء كبير من المصروفات)». وتابع «أعتقد أن اللجنة المالية كانت موفقة جدا عندما أصرت على رفع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية بزيادة 50 مليون دينار لكل سنة، وهي إضافة لا تشكل نسبة كبيرة في الإيرادات العامة، لكنها تعني شيئا، فهي تعني تحقيق المبدأ المشار إليه أعلاه».
وأردف حسن أن العائد الوارد في موازنة الدولة من استثماراتها المتعددة لا يمكن القبول به، فعلى أقل تقدير تمتلك الدولة ما يساوي 3 مليارات من الدنانير الموظفة في عمليات الاستثمار، وهي يمكن أن تدرّ ربحا بسيطا على أقل تقدير في السنة يساوي 120 مليون دينار إذا ما أودعت في مصاريف إسلامية بربح 4 في المئة سنويا، في حين أن الموازنة تقدر العائد بخمسين مليونا.
طالب النائب سامي البحيري بعدم المساس بموازنة القوى الأمنية وبتمرير علاوة الغلاء في الموازنة الحالية مشيرا إلى أن جميع نواب الشعب الأربعين قد ركزوا في برامجهم الانتخابية على رفع المستوى المعيشي للمواطن لذا فإننا نؤكد على أهمية تضمين الموازنة لعلاوة الغلاء في المصروفات المتكررة بحسب المبادرة التي اتفق عليها جميع أعضاء مجلس النواب كتلا ومستقلين، بتخصيص 50 مليون دينار لكل عام ولكل رب أسرة راتبه 700 دينار وأقل لاستمرار هذه العلاوة والتي أصبحت حقا مكتسبا للمواطن وأصبحت جزءا من مصروفاته الشهرية.
وأبدى البحيري اتفاقه مع اللجنة المالية بضرورة زيادة مصروفات مشاريع وزارة التربية والتعليم بمقدار 6 ملايين دينار لكل عام من أجل بناء مدارس في المناطق المحتاجة والجديدة وصيانة مباني المدارس القديمة وتطويرها والاهتمام بالتعليم وتطويره لما للتعليم من دور كبير ورائد في التنمية البشرية لبناء جيل واعد ومتعلم.
وشدّد البحيري على أن موازنة الديوان الملكي لم تكن سببا في رفض الموازنة فهي منظمة بحسب الدستور في المادة رقم 33 البند (م)، وإنما سبب الرفض كان بسبب عدم التوافق على زيادة الإيرادات النفطية وغير النفطية وعدم إدراج بعض المصروفات المتكررة، وعدم إدراج زيادة في بعض المشاريع. ورفض البحيري المساس بموازنة الجهات الأمنية قائلا في ذلك: لا يختلف اثنان على أن الأمن والاستقرار هما عاملان رئيسيان في دفع عجلة التقدم والتطور، لذا فإن دعمنا لموازنة الدفاع والداخلية سيحقق ما يصبو إليه المواطن من استقرار وعدالة وبهذا يشهر المواطن بالأمن والطمأنينة وخصوصا إننا نمر هذه الأيام بظروف وتغيرات دولية خطيرة وأن الظروف المحيطة بالمملكة والمنطقة غامضة.
القضيبية - أماني المسقطي، حسن المدحوب
اعتبر رئيس كتلة الوفاق في مجلس النواب الشيخ علي سلمان غياب موازنة الديوان الملكي عن الموازنة العامة للدولة، بأنه يعطي مؤشرات سلبية عدة، منها التأكيد على عقلية التصرف في المال العام على أنه ملك خاص، وغياب الشفافية في الموضوع المالي في تصرفات الحكومة، باعتبار أن الحكومة تقدم الإيرادات وتقرير بالمصروفات من دون أن تدرج في المصروفات موازنة الديوان الملكي، ما يعني أن موازنة الديوان قد جاءت من موارد لم تدرج في الإيرادات.
وأشار سلمان إلى أن غياب موازنة الديوان الملكي يعطي مؤشرا بأن مصروفات الديوان الملكي «فوق القانون» وهذا السلوك ومبرراته يتناسب مع حكومات القرون الوسطى وليس حكومة في القرن الحادي والعشرين.
وبيّن سلمان أن دولة الكويت يناقش فيها موازنة الديوان الملكي التي تقر ضمن الموازنة العامة، وأن المجلس الوطني في العام 1973 أقر موازنة الديوان الأميري بستة ملايين دينار في ذلك الوقت واستمر اعتماد هذه الموازنة حتى العام 2002، وهو العام الذي من المفترض أن تزداد فيه الشفافية وتزداد فيه المشاركة في صناعة القرار السياسي والمالي، بحسب سلمان، الذي أشار إلى أن رفض إدراج موازنة الديوان الملكي ناتجا عن الاستشارات الخاطئة التي يتلقاها جلالته من بعض المحيطين.
وتساءل سلمان عما أسماه بـ«المصروفات السرية» التي تذهب إلى المشروعات السيادية والاستراتيجية، ومشروعات التسلح والتطوير، وقال: «هل هناك في إداراتنا المالية للمال العام ما يسمى بالمصروفات السرية المشار إليها أو غيرها؟».
ورأى سلمان أن التحدي الحقيقي لأية حكومة هو زيادة الإيرادات بما يتناسب مع الفرص المتاحة، ويعتمد نجاحها أو فشلها في إيجاد بدائل وزيادة إيرادات الخزينة العامة من دون إرهاق المواطن ومن دون التأثير السلبي على الاستثمار، مشيرا إلى أن الاقتصاد واحد من أهم المقاييس للنجاح أو الفشل.
وسجل سلمان للحكومة تمكنها منذ مطلع السبعينيات في استقطاب المؤسسات المالية، وإنشاء عدد من الصناعات الثقيلة والمتوسطة وأهمها صناعة الألمنيوم وتكرير النفط ومشروع إصلاح السفن، ما أسهم في الناتج المحلي والموازنة بمدخولات إيجابية.
إلا أنه رأى أن الحكومة أهدرت فرصا كانت من الممكن أن تسهم بشكل جدي في زيادة الموازنة وتنوعها ومنها التخلي عن القطاع الزراعي، مؤكدا أن الحكومة ارتكبت الأخطاء الاستراتيجية نفسها التي ارتكبتها في الزراعة من خلال تدمير البيئة البحرية بسياسات الدفان وشفط الرمال غير المدروسة وبعدم حماية الثروة البحرية وعدم تشجيع وتوفير مناخ العمل المناسب حتى تنخرط أعداد جديدة للعمل في هذا القطاع.
وأضاف: «نتج عن هذه السياسة الخاطئة خسارة مليارات الدنانير في دورة الاقتصاد البحريني وخسارة عشرات الآلاف من فرص وظائف العمل ومئات الملايين من الدنانير من الدخل السنوي للخزينة العامة».
وردّ سلمان على كل من يقول بأن تلك السياسة تشجيع للاستثمار، قائلا: «جميعنا يعرف أن الدول الغربية في أوروبا وأميركا تأخذ ضرائب متصاعدة تصل إلى أكثر من 40 في المئة من أرباح تلك الشركات، في الوقت الذي تستقطب هذه الدول معظم الاستثمارات العالمية بما فيها الاستثمارات الخليجية والعربية والسبب في ذلك ما توفره هذه الدول من تنافسية السوق وشفافيتها والحماية القانونية التي تتمتع بها أنظمتها المالية».
وقال سلمان: «معظم دول العالم تملك ما نسبته 90 في المئة من مجمل أراضيها باعتباره ثروة من ثرواتها الطبيعية، أما المناطق المغمورة من أراضيها ومياهها الإقليمية فهي ملك الدولة 100 في المئة»، مشيرا إلى أن واقع الحال في البحرين يعد من الغرائب إذ تقتصر ملكية الدولة على 20 في المئة من اليابسة كما أشارت بعض التقارير غير الرسمية ومنها تقرير «ماكنزي»، وأن الغموض يلف ملكية الأراضي المغمورة وخصوصا المياه الضحلة القريبة من السواحل.
وأكد سلمان أن الإحصاءات البسيطة لعوائد بيع الأراضي المغمورة فقط يكشف مقدار التفريط والهدر في المال العام لصالح المتنفذين على حساب مصالح الدولة والشعب، مبينا أن مقدار ما تم دفنه ما بين العامين 2001 إلى 2006 والمقدر بـ29.6 كيلومترا مربعا، مع الأخذ بمتوسط سعر البيع التجاري لهذه الأراضي والذي لا يقل عن 20 دينارا للقدم، فإنه يدخل إلى الموازنة العامة للدولة ما يقارب 500 مليون دينار سنويا، يضاف إليها مئات الملايين التي وهبت ولم تردم بعد ومئات الملايين من الأراضي البرية التي تم تحويل ملكيتها من الحكومة إلى المتنفذين.
وقال سلمان: «الأمن أساس في التنمية، فلا تنمية من دون أمن، ولكن الأمن الحقيقي لا يأتي من الإجراءات الأمنية لوحدها، وإنما يأتي بالإضافة إلى العدل في الحكم، وبناء دولة المؤسسات والقانون، وفصل السلطات والاهتمام بالتنمية الاقتصادية الشاملة والدائمة»، مستشهدا بدولة قطر التي قلصت الإنفاق على الأمور العسكرية والأمنية وسرحت الجيش وحولته إلى شرطة داخلية وحولت الأموال إلى وزارات الخدمات والتنمية لتصبح من أغنى دول العالم وأكثرها استقرارا.
ودعا سلمان إلى ضرورة دارسة الاستراتيجية الأمنية المحلية بعقلية منفتحة وموضوعية، وإعادة توجيه الإنفاق الحكومي بشكل متوازن بين متطلبات الأمن ومتطلبات التنمية، قائلا: «أنا على ثقة بأنه يمكن توفير ما يقارب 150 إلى 200 مليون دينار سنويا من المصروفات الأمنية لتصب في صالح وزارات الخدمات من دون أن يتضرر أمن الوطن، بل سيتعزز أكثر من خلال رضا الناس عن التنمية والرخاء الذي سيجلبه هذا التحول في التفكير الاستراتجي لأمن البحرين».
سجل وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل اعتراضه على مداخلة رئيس كتلة الوفاق الشيخ علي سلمان، إذ قال: «لا تبخس دور الحكومة والخدمات التي قدمها رئيس الوزراء لهذه البلد، فصاحب السمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة هو رجل خدم البحرين لخمسين عاما، وكل تطوير أو إنجاز في البحرين وشهادة المنظمات الدولية بما حققه سموه في ظل موازنة ليست بالكبيرة مقارنة بدول أخرى هو دليل على ذلك».
أما وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة فأشار إلى أن تكوين صلاحيات الحكومة واضحة في الدستور، وأن محاولة القول إن قرارات الحكومة الموزعة بين يومي الأحد والخميس هو أمر صحيح ولا يخدم العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب.
أما بشأن موازنة الديوان الملكي، فقال: «محاولة الإشارة إلى أن أموال الديوان الملكي غير واضحة يسيء لنا جميعا، فكلنا نعمل في إطار الدستور».
رفض رئيس كتلة المنبر النائب عبداللطيف الشيخ مطالبات بعض النواب بتقليل المصروفات الأمنية، مؤكدا ضرورة تقوية الجانب الأمني لمملكة البحرين، وخصوصا مع تتعرض له البحرين من تهديد بين الحين والآخر من بعض دول الجوار.
أما بشأن المصروفات المتكررة ومصروفات المشروعات، فقال: «لجنة الشئون المالية حين قررت زيادة المصروفات المتكررة المتمثلة في علاوة الغلاء ودعم برنامج الإسكان ومصروفات المشروعات الأخرى، وهو ما رفضته الحكومة، إلا أنها سمحت لطيران الخليج بصفقة بقيمة 400 مليون دولار، ولكنها لم تدفع 100 مليون دولار لتغطية علاوة الغلاء».
كما أكد الشيخ ضرورة دراسة النظام الضريبي دراسة وافية، باعتبار أن الشركات ستحمل المواطن البحريني هذه الضريبة.
وأيّده النائب السلفي جاسم السعيدي الذي اعتبر أن الظروف الراهنة تستدعي النظر إلى الأمن باعتباره وسيلة للمحافظة على ممتلكات الدولة.
وقال: «عندما نناقش موازنة الدولة يجب أن نضع بالاعتبار أن جلالة الملك يعلم بكل ما يدور في بلده، ويجب عدم القول إن هناك أمورا تخفى عليه».
قال النائب الشيخ حسن سلطان إن المشاركة في إدارة أموال الدولة هي أقصى ما يصبو إليه هذا الشعب، إذ تشكل مناقشة الموازنة فرصة لنبين مدى صدقية الشعارات التي ترفعها الحكومة من قبيل التعاون والشراكة، والتي عادة، ترددها الحكومة وتتغنى بها، لكن المشهد اليوم الذي يرصده المراقبون وأبناء الشعب مليء بالخيبة والإحباط من الشعارات التي ترددها، واسترشد بكلام إبراهيم بوصندل: إن سر هذا التوحد على رفض الموازنة بين الكتل وحتى المستقلين هو خيبة أمل الجميع، فكلما حاولنا فتح باب أمل للمواطن، نجد الحكومة تغلق ذلك الباب، وكأنها تقول لنا قولوا ما تشاؤون وأنا ...... الأعلى.
وتساءل سلطان عما إذا كان ترشيد الإنفاق سيشمل ما تكلفه عمليات التجنيس في ظل هذا الوضع المالي، رغم أن التصريحات الرسمية تقول إن البحرين غير متأثرة بالأزمة المالية، بينما عندما نتحدث عن الموازنة هناك نسمع دائما أن هناك أزمة، مردفا التجنيس يكلف الدولة ملايين الدنانير، وأنا أتعجب أن «المالية» لا ترفض طلبا لأية جهة أمنية بينما ترفض طلبات الوزارات الخدمية.
وقال سلطان طوال هذه السنين المالكية لا توجد مدرسة واحدة بها وفيها 7000 نسمة، بينما نجد وزارتي الداخلية والدفاع مملوءتان بالأجانب والمواطن محروم من التوظيف فيها.
وأضاف من المفترض أن مجلس النواب هو من يضع السياسة المالية للبلد وهو من يضع الموازنة، لكن للأسف فإن المجلس لم يستطع أن يفرض دينارا واحدا في الموازنة، فهل هذا احترام لإراداة الشعب بينما تتغنى الحكومة بالتعاون، لذلك فإن الموقف الطبيعي هو أن نرفض الموازنة، وإذا كانت الحكومة تريد إرسال رسائل إيجابية للمستثمرين فنتمنى أن يعطى المواطنون أولا هذه الرسائل الإيجابية، «وإذا الحكومة مو قادرة تجيب بيزات ترى عندنا نواب أبطال مثل إبراهيم الحادي وعادل المعاودة يقدرون».
أبدى النائب سيدجميل كاظم استغرابه من كثرة الحديث والتوجيهات والتعليمات من مجلس الوزراء ووزارة المالية الداعية للترشيد في الإنفاق، وتعيين لجنة في كل جهة حكومية برئاسة شخص لا يقل منصبه عن مستوى وكيل وزارة مساعد لترشيد الإنفاق، وكذلك التوجيه إلى تجميد التوظيف والحوافز، وخفض نفقات التدريب والسفر، والاقتصار على المشتريات والاحتياجات الضرورية، مستدركا «إلا أن أيا من هذه التوجيهات والتعليمات إنما يخالف مشروع الموازنة قبل إقرارها»، وسأل: «إذا كان التقدير المعتمد في مشروع الموازنة لجهة حكومية ما 200 ألف دينار لتدريب الموظفين، وصدر القرار بخفض هذا الاعتماد إلى النصف، ألا يجب أن ينعكس هذا التوجيه بالخفض على أرقام الموازنة؟».
وأكمل «عادة ما ترتقي الدول في الشفافية، وخصوصا في موضوع الموازنات وتقديراتها، إلا أننا نجد أنفسنا في شح كبير في المعلومات، فبعد أن كانت تقدم مشروعات موازنات الأعوام 2003، 2004، 2005، 2006 متضمنة عددا من التفاصيل التي تجعل من السلطة التشريعية قادرة على اتخاذ القرار، فإن الموازنة قد تناقصت تفاصيلها سنة بعد سنة».
وعن موازنة الجهات الأمنية قال كاظم: «يلاحظ أن الإنفاق على الأجهزة العسكرية والأمنية قد بلغ تقديره في مشروع الموازنة ما يقارب 30 في المئة، أي 400 مليون دينار تقريبا، فهل هذا الإنفاق في باب النفقات المتكررة دون المشاريع ودون النفقات السرية في التسلح؟، هل هذا الإنفاق يناسب الأسس والمبادئ التي صدّرت بها الحكومة مشروع الموازنة؟».
وفي سؤال آخر قال كاظم: «ما هو المانع والمبرر الدستوري الذي يخول الحكومة عدم إدراج موازنة الديوان الملكي في مشروع الموازنة؟ ألا يشكك هذا الأمر في أن هناك موارد أخرى لا ترد في الموازنة العامة للدولة، وإلا فمن أين نفقات هذا الديوان التي نعلم ضخامتها، وكم هو تحديدا مقدارها؟ ألا يشير هذا التعتيم على هذه المعلومات إلى تساؤلات بشأن المال السياسي الذي يموّل من موارد معينة لا تظهر في الموازنة لأغراض سياسية داخلية بحتة كما هو الحال مع التقرير المثير؟».
أكد نائب رئيس لجنة الشئون المالية عبدالحليم مراد أن الحكومة لم توافق على أي اقتراح للنواب، وأن مواقف الحكومة ووزير المالية تجاه اقتراحات النواب كانت متصلبة ولا تستجيب لأدنى المطالب.
وقال: «لو كان الحديث عن حقوق المواطنين لتحدثنا عن الحد الأدنى من الرواتب، أما تقديم 50 دينار للأسر البحرينية فهو حل ترقيعي، ومع ذلك يرفض من قبل الحكومة، وكان من الواضح أن هذه رسالة واضحة من الحكومة بأنه ليس هناك تعاون على المستوى المطلوب معنا كنواب».
كما أشار مراد إلى أن باب المصروفات في الموازنة يحتاج إلى إعادة تحديد الأولويات، وخصوصا أن تخصيص 4 ملايين دينار من موازنة وزارة التربية والتعليم البالغة 7 مليون دينار ستذهب لمشروع جلالة الملك لمدارس المستقبل، على الرغم من تكدس المدارس بالفصول الخشبية والتي أثرت على مستوى أداء الطلبة.
ولفت مراد إلى أن وزارة الصحة لم تحصل سوى على 33 في المئة فقط من الموازنة المطلوبة، مبيناُ أن تقرير ديوان الرقابة المالية أكد عدم كفاية الموازنة المعتمدة لتغيير الأجهزة الطبية القديمة.
القضيبية - أماني المسقطي، حسن المدحوب
أثار تطرق عضو كتلة الوفاق النائب محمد المزعل إلى «الجنة الضريبية» للمستثمرين في البحرين لغضب وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، ما دفع بالمزعل إلى إصراره على عدم سحبها وإنما تحويلها إلى «جنة رسومية».
إذ قال المزعل في بداية حديثه: «البحرين تعرف جنة ضريبية للمستثمرين أكثر من غيرها، وكلما تحدثنا عن تخصيص مبلغ 10 دنانير عن كل عامل أجنبي، دائما ما يأتي الرد بأن ذلك يؤدي إلى هروب المستثمرين من البلاد، ولكن المستثمرين «غصب عنهم» سيأتون، ولن تُهربهم الـ10 دنانير التي أصبحت بعبعا لدى البعض، فلماذا نعتبرها بأنها ستقضي على الاستثمار وتهرب المستثمرين ورؤوس الأموال، وتصور المسألة بأن كل شيء سينهار في البلد بسبب هذه العشرة دنانير؟».
وأضاف: «لا يمكن أن نقبل بأن تكون البحرين جنة ضريبية للمستثمرين، وفي الوقت نفسه جحيما معيشيا للمواطنين، وإذا لم يعد هذا الاستثمار على المواطن بسعة الرزق والعيش فما الفائدة منه؟».
وحذر المزعل من انهيار الخدمات الصحية، وخصوصا بأن المقياس الذي تعتمده وزارة الصحة في عدد المراكز الصحية يتمثل بمركز صحي لكل 19 ألف مواطن، ما يعني الحاجة لما لا يقل عن 50 مركزا صحيا، بينما الواقع هو أقل من نصف هذا الرقم، متسائلا المزعل: «متى ستنشئ الحكومة 25 مركزا صحيا البحرين بحاجة إليها؟».
كما أشار المزعل إلى أن قطاع التمريض في البحرين يقوم بعبء مضاعف 3 مرات، باعتبار أن وزارة الصحة تعتمد مقياس 10 ممرضين لكل ألف مواطن، متسائلا عن موضوع توظيف 7 آلاف ممرض تحتاجهم وزارة الصحة.
أما وزير المالية فرد على المزعل بالقول: «الكلام عن الجنة الضريبية خطير جدا، ودافعنا عنه لأعوام، وهذا النظام يعني أن الدولة تفرض ضرائب على مواطنيها ولا تفرض على الأجانب ضرائب، ولذلك فإن تسميتنا بالجنة الضريبية من شأنه أن يضر بالمؤسسات المالية التي تمثل 25 في المئة من الناتج المحلي، ومثل هذا الحديث سيؤثر في المواطنين وليس في الحكومة».
إلا أن النائب عادل العسومي علق على مداخلة الوزير بالقول: «وزير المالية يتحمس في بعض الأمور ويقول إن عبارة الجنة الضريبية ستؤثر على القطاع الخاص، ولكننا نؤكد له بأن المزعل ليس خبيرا عالميا حتى تؤثر هذه العبارة على الوضع الاقتصادي».
أوضح وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة ردا على ما طرحه النواب من تساؤلات، أن الشركات التي تملك ممتلكات أصولها، لا تضمن كامل ربحيتها في الموازنة، وإنما تعمل على تشغيل أصولها وجزء من أرباحها في استثمارات متعددة، فيما يوزع جزء من الأرباح على المساهمين هو هنا الحكومة، مؤكدا أن الهدف من وجود شركة ممتلكات هو أن نطور الربحية والشفافية وندخل في مشاريع جديدة، وعندما نتكلم عن أرباح ممتلكات التي تملك الحكومة فيها نسبة فإن ديوان الرقابة يدقق هذه الأرباح ويتأكد منها.
وفيما يتعلق بالخصخصة فقد أكد الوزير أنها تزيد الرواتب وتزيد المنافسة، وتوفّر البدائل، وعن الإعفاءات الجمركية فقد أشار الوزير إلى أن هناك قانونا ينظم الإعفاءات الجمركية وهو الذي ينظم هذه الإعفاءات.
وفيما يتعلق بعدم وجود إيرادات تحصل من هيئة الكهرباء والماء رغم وجود مصروفات لها في الموازنة فقد لفت الوزير إلى أن ذلك مرده أن إنتاج الكهرباء يكلف الهيئة 21 فلسا للتعرفة، فيما تحصل الهيئة من بيعه 9.5 فلوس فقط، ويظل الباقي هو مقدار الدعم الذي توجهه الحكومة لهذا القطاع، وعليه فإن الحكومة لا تستلم إيرادات حقيقية من الكهرباء بل تضخ فيها أموالا حتى يستمر الدعم.
حسين: «المالية» قدمت أرقاما غير واقعية عن إيرادات النفط
ذكر عضو لجنة الشئون المالية النائب جاسم حسين أن اللجنة طلبت من الحكومة إجراء بعض التغييرات في الإيرادات النفطية وغير النفطية في موازنة الدولة، وخصوصا أن الأرقام تشير إلى أنه على رغم الحديث عن تنوع الاقتصاد، إلا أن الإيراد النفطي مازال هو المساهم الأول في إيرادات الدولة بنسبة 82 في المئة.
وقال: «وزارة المالية قدمت أرقاما غير واقعية في الإيرادات، واحتسبت مبلغ 60 دولارا لبرميل النفط، ولكننا في اللجنة قللنا حجم الإيراد النفطي بواقع 300 مليون دينار، لأنه من غير المعقول أن تصل أسعار النفط لهذا الحد في ظل الوضع الحالي، كما أننا طلبنا زيادة في قيمة مساهمة الشركة القابضة للنفط». وتابع: «الحكومة حددت مبلغ 1331 مليون دينار للإيراد النفطي في الموازنة، ولكننا في اللجنة قللناه إلى 1026 مليون دينار، حتى تكون موازنتنا واقعية، (...) وحين طلبنا في اللجنة تغيير إيرادات القطاع غير النفطي، ذكرت الحكومة أن مساهمة ممتلكات تساوي نسبة مساهمة الشركة القابضة، وهو غير معقول، وخصوصا أن شركة ممتلكات تملك جميع أصول الحكومة»، مؤكدا ضرورة أن تسهم الإيرادات غير النفطية بشكل نوعي في الموازنة بعد تأسيس شركة ممتلكات.
قال النائب عادل العسومي: «المشكلة لا تكمن في موازنة الديوان الملكي التي هي محل تقدير الجميع، ولكننا نقول للحكومة وافقي على علاوة الغلاء، وسنمشي الموازنة أسرع من صاروخ أرض جو، فهناك الكثير من الأمور التي لم نقتنع بها في الموازنة، لا في الإسكان ولا التعليم ولا الصحة ولا حتى الرياضة. ولكن يجب على الجميع أن يعلم بأن مصلحة المواطنين تصب في مصلحة القيادة، ونريد من يضع الموازنة أن يحس بما يريده الناس، وهناك أمور لا نريد قولها خوفا من أن تؤثر على موازنة الغلاء».
وأكد العسومي ضرورة عدم حرمان أي مواطن استفاد من علاوة الغلاء في العام 2008، وخصوصا أن الغلاء لم ينخفض إلى مستواه الطبيعي على عكس ما يروجه بعض المسئولين للتأثير على الموازنة وعلى علاوة الغلاء.
وقال: «وزير المالية يشير إلى تضرر القطاع الخاص من الغلاء، ولا شك أنه يقصد الهوامير في القطاع الخاص لا موظفيه، فالشعب البحريني وعلى الأخص العاملون في القطاع الخاص هم أكثر المتضررين منه، وموازنة الدولة يجب أن تخدم هذه الفئة، فحجم ضرر الهوامير ليس بحجم ضرر الفقراء»، مبديا استغرابه من عدم موافقة الحكومة على إعادة برمجة دعم السلع، على رغم استفادة الجميع من هذا الدعم فيما لو أقر.
وأيده في ذلك مقرر اللجنة المالية عيسى ابوالفتح، الذي أشار إلى أنه لو تم إعادة برمجة الدعم الحكومي فسيتم تحسين الأوضاع المالية للمواطنين، وقال: «وزير المالية دائما ما يطالب بتنويع مصادر الدخل، وهو من دعم «ممتلكات»، وما حدث أن هذه الشركة استخدمت الإيرادات في توجيه بعض الشركات الخاسرة، في حين أن مهمتها الرئيسية هي العمل على إعادة هيكلة الشركات القائمة».
اتهم النائب سيد عبدالله العالي الحكومة بتضليل النواب بمعلومات لا يعلم النواب عنها، مؤكدا أن الحكومة تمارس تهميشا واضحا بهذا الشأن، وإخفاء للعديد من المعلومات والبيانات وعدم اتباع الشفافية في تقديم المعلومات، التي تتطلب التوافق عليها بين السلطة التشريعية والحكومة، إذ لا يتعارض ذلك مع اختصاص الحكومة وحدها بإعداد الموازنة وعرضها على المجلس.
مضيفا للأسف فإن الحكومة تحجب معلومات مهمة، لكننا هنا لا نريد تبادل اتهامات أو تقديم تبريرات وإنما كنا نطمح في تزويد اللجنة بالقدر الكافي من المعلومات والشفافية في التعامل معها، مؤكدا أن التأخير في تقديم المعلومات المتعلقة بوفرة 2008 حتى مايو/ أيار أو عدم الشفافية في طرحها سيعقد مسألة إقرار الموازنة.
قال عضو كتلة الوفاق النائب عبدالحسين المتغوي: «يعز علينا أن يتوقف مشروع البيوت الآيلة للسقوط وهو مشروع جلالة الملك، وكذلك مشروع علاوة الغلاء الذي هو مشروع جلالته أيضا، فمتطلبات الأرقام التي دعا إليها النواب في الموازنة هي متطلبات الوزارات نفسها».
وتابع: «مشروعا البيوت الآيلة للسقوط وعلاوة الغلاء مشروعان حضاريان ويلامسان حاجة الفقير بشرف، فلماذا يتم تغييرهما الآن والأوضاع المالية مازالت كما هي؟ يجب أن تنتبه وزارة المالية والحكومة لمسألة حاجة الناس، ولسنا فرقتين متضادتين، كحكومة وشعب، وإن كانت الحكومة تنتظر الإخلاص من هذا الشعب فنحن ننتظره من الحكومة كذلك».
وطالب المتغوي الحكومة بأن تعيد حساباتها بشأن مشروعي الآيلة للسقوط والعلاوة، متوقعا ألا يوافق مجلس الشورى على تمرير الموازنة من دونهما.
خليل: 13 مشروعا معلقا في «الصحة»
أكد رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية عبدالجليل خليل أن اللجنة وجدت من خلال دراستها لموازنة وزارة الصحة أن مبلغ الـ 35 مليون دينار التي طلبتها الوزارة لمشروعاتها كان معقولا، إلا أن الحكومة خفضتها بنسبة 50 في المئة. وقال: «المراكز الصحية لا تبنى عبر وزارة الدولة ولكنها من خلال التبرعات، أما المشروعات التي رحلت منذ العام 2008 وحتى العام 2009 لم ولن تنفذ بسبب تقليص الموازنة، والقائمة تشمل 13 مشروعا، ومن بينها وحدة الموازنة القصوى وتحسينات قسم الحوادث والطوارئ في مجمع السلمانية الطبي».
كما أشار إلى أن اللجنة المالية طلبت معرفة الوضع المالي لشركة حلبة البحرين الدولية وشركة المشروعات السياحية، إلا أن وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة رد على اللجنة بأنه لم يتم الانتهاء حتى الآن من تحقيق حساباتهما المالية للعامين 2006/2007.
أبدى عضو كتلة الأصالة النائب خميس الرميحي تخوفا من أن يأتي يوم تفرض فيه رسوم على كل مواطن يخرج من بيته، في إشارة إلى ما ورد في مبادئ وأسس مشروع الموازنة بتنمية الإيرادات غير النفطية لتصل إلى مستويات لتغطية المصروفات.
وقال: «كما هو واضح فإن هذا المبدأ يتناول رسوم الخدمات المقدمة للمواطنين، وهذا المبدأ فيه رفع لبعض الرسوم والخدمات التي تفرضها الدولة، وهذا المبدأ مرفوض. كما أن عدم إدراج موازنة علاوة الغلاء في الموازنة يشكل تحديا كبيرا للمجلس، وخصوصا أن منح مبلغ50 دينارا للأسر البحرينية المستحقة هو مبلغ زهيد».
كما أكد الرميحي ضرورة دعم مشروع جلالة الملك للبيوت الآيلة للسقوط، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن يتوافر في الموازنة المبالغ الكافية لتحقيق الأمن المستتب في البحرين، باعتبار أن أية تنمية اقتصادية شاملة لا يمكن أن تتم من دون وجود أمن مستتب، وخصوصا بعدما مرت به البحرين خلال الأيام الماضية من تشكيك في عروبتها
العدد 2373 - الخميس 05 مارس 2009م الموافق 08 ربيع الاول 1430هـ