العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ

«الوسط» تلتقي عميد المعتقلين السوريين عماد شيحا

«لايزال الأجمل من حياتك بانتظارك»

قضى عماد شيحا قرابة 30 عاماً من الاعتقال بدأت في ربيع العام 1975 بتهمة عضويته في المنظمة الشيوعية العربية، تنقل خلالها بين أهم السجون والمعتقلات إضافة إلى الكثير من فروع الأمن السورية، وبفعل المدة الطويلة التي قضاها عماد في الاعتقال، أطلق عليه لقب أقدم سجين سياسي في سورية.

«الوسط» زارت عماد شيحا لإجراء حوار معه بشأن بعض جوانب تجربته، لكنها ما استطاعت تجاوز الأجواء التي أحاطت بإطلاق سراحه والتي عكست اهتمام كثير من أصدقاء عماد شيحا وعائلته، وإحدى تعبيراتها جملة معلقة على باقة ورد تقول: «لايزال الأجمل والأنبل من عمرك بانتظارك».

وفرحة الأهل بعودة الغائب، ليست أقل احتفالية وترحيباً، الصغيرة عبير تحرص على الالتصاق بخالها حد الذوبان في مسامه، والأم التي انتظرت طويلاً جداً، كي ترى حبيبها العائد إلى الحرية، يصعب أن نميز في نظراتها بين الحزن والفرح.

كثير من الزوار يتأملون في وجه عماد شيحا بحثاً عن 30 عاماً من الاعتقال، لكن بحثهم سرعان ما تبدده تقاطيع وجه عماد التي لا تخلو من طيبة وبساطة، تحيطها ابتساماته ومجاملاته للحضور ممن يعرفهم أو لا يعرفهم، معقباً على بعض الحديث «لا يمكن أن نعيش في كابوس الماضي إلى ما لا نهاية، يجب أن نستيقظ منه»، ويضيف: «العمر يمضي، ما فات لا يمكن تعويضه، لكن هذا لا يمنع من أن أبدأ من جديد ضمن شروط الظروف الحالية للحياة».

وسط هذه الاجواء جاء حوار «الوسط» مع عماد شيحا:

ماهي الظروف التي أحاطت بالإفراجات الأخيرة؟

- تم نقل نحو 300 معتقل من سجن صيدنايا إلى الفروع الأمنية المختلفة، القسم الأعظم منهم من «الإخوان المسلمين» المحكومين بالسجن المؤبد، ومعظمهم قضى أكثر من 20 عاماً في المعتقل، وقضى الفترة الأكبر من اعتقاله في سجن تدمر قبل أن يتم نقله إلى صيدنايا، ومن المجموع كله، كان 217 معتقلاً كانوا موجودين في الأمن العسكري، بينهم 196 من الإخوان المسلمين والبقية تيارات مختلفة، وجرى إطلاق 85 معتقلاً منهم، وينتظر الإفراج عن الباقين في وقت قريب.

كيف تقيم الإفراجات الاخيرة؟

- أتمنى أنها بداية لإغلاق ملف الاعتقال السياسي في سورية، وأرى أن السلطة في مرحلة جديدة، وأتمنى ألا تكون الفرصة فاتت للبدء بمرحلة جديدة في حياة السوريين، وهذا يحتاج إلى جهد من السلطة والنخب الثقافية والسياسية الوطنية والديمقراطية، كي يثمر، ويسد باب الذرائع أمام التهديدات الخارجية، وأرى إذا توافرت النية الصادقة عند السلطة سيتحقق تغيير ما.

كيف تصف الأوضاع القائمة في سجن صيدنايا اليوم؟

- سجن صيدنايا اليوم هو الآن في أفضل حالاته، وحتى لحظة خروجي منه، فإن القسم الأول منه تم ترميمه وإصلاحه بشكلٍ أصبح معه يتمتع بمواصفات صحية عالية.

والمشكلات الأساسية تتعلق هناك بثلاث نقاط: الأولى صعوبات بحاجة إلى تذليل لتأمين الدواء بصورة منتظمة وتأمينه مجانياً للمعتقلين الذي لا يملكون ثمنه، والثانية تتعلق بنقل المعتقلين إلى المشافي، وهو ما يواجه عادة عوائق مختلفة، والنقطة الثالثة تتعلق بالزيارات، فالمعتقلون الذين حوكموا أمام المحاكم الميدانية، كانت زيارتهم ممنوعة نهائياً إلاّ باستثناءات خاصة، أما من حوكم أمام محكمة أمن الدولة، فكانت زيارتهم دورية كل شهر، لكن منذ سنتين ونصف، تم منع الزيارات نهائياً، ثم عادت الآن بشكل غير منتظم وضمن إجراءات معقدة.

بعد سنوات الغياب الطويلة كيف تنظر إلى المستقبل؟

- أود بدايةً أن استعيد علاقتي مع العالم، المرء يبني تصوره في السجن عن الحياة وعن نفسه، بشكل نظري ومؤقت، لابد من إعادة بناء التصور مع الحياة اليومية لفهم نفسي على أرض الواقع، وفهم العالم بكل متغيراته، وهذا يتطلب زمناً. من المستحيل أن يخرج المرء من عالم السجن حتى بعد سنوات من الإفراج عنه ويندمج في الحياة عميقاً وسريعاً، فيما عدا ذلك فإن هاجسي الأساسي بعد ترميم علاقتي مع الخارج، هو العمل

العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً