قال المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي جاسم المناعي ان الصندوق أولى أهمية كبيرة بالنسبة إلى موضوع إصلاح المالية العامة في الدول العربية الأعضاء وذلك كونه يشكل عاملا محوريا في تطوير القطاع المالي عموما منوها في هذا السياق ان الصندوق يعمل حاليا على عقد مؤتمر في الربع الأول من العام 2005 بشأن إصلاح المالية العامة ودوره في دعم اقتصادات الدول العربية على أن تضم هذه الفعالية خبرات عالمية وعربية إضافة إلى كبار المسئولين عن السياسات المالية في العالم العربي.
وقال ان من أبرز مهمات الصندوق دعم الاستقرار المالي والنقدي وتقديم الدراسات والمشورة للدول الأعضاء فيما يتعلق بأوضاعها الاقتصادية والسياسات التي تتبعها في هذا المجال. وذكر ان الصندوق يسهم في دعم عملية الإصلاح الاقتصادي العربي من خلال عدة أنشطة تشمل تقديم المعونة الفنية وتوفير الدعم المالي إضافة إلى تدريب الكوادر العاملة في الجهات الرسمية في الدول الأعضاء بهدف تنمية القدرات الوطنية وتعزيز إمكاناتها على رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية وإعداد برامج الإصلاح الاقتصادي سواء على المستوى الكلي أو المستوى القطاعي.
وبالنسبة إلى تقييمه للاتفاقات الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي قال انه انطلاقا من الأهمية القصوى للتعاون الوثيق بين الاقتصادات العربية ومن خلال مراجعة وتقييم مسيرة العمل العربي المشترك فإن دول مجلس التعاون الخليجي قطعت شوطا مهماً في مجال وضع الأسس الضرورية لانطلاقة اقتصادية قابلة للاستمرار. وأكد أن العمل الخليجي المشترك بلغ مرحلة متقدمة عقب بدء العمل بالاتحاد الجمركي في بداية العام الماضي وفي ضوء التحضير للاتحاد النقدي المزمع البدء به بحلول العام 2010، مؤكدا أن هذه الاتفاقات بالإضافة إلى انضمام جميع دول المجلس إلى منظمة التجارة العالمية بعد انضمام السعودية المتوقع قريبا كما أكد أنه يشكل خطوات متقدمة في مجال تهيئة هذه الاقتصادات للتعامل بفعالية مع التطورات الاقتصادية العالمية.
وعن أبرز الإنجازات التي قام بها الصندوق أخيراً أشار المناعي إلى أن حجم التمويل التراكمي الذي وفره برنامج تمويل التجارة العربية منذ بداية عمله حتى الآن بلغ نحو 2,3 مليار دولار أميركي، إذ يأتي هذا التطور نتيجة للسياسة المستمرة التي تتبعها إدارة البرنامج في تطوير النشاط لتعظيم الاستفادة من تسهيلات وخدمات البرنامج. ونوه الى أن مشروعات البرنامج المستقبلية وحرص الإدارة على التفاعل المستمر مع متطلبات الأسواق التي يعمل بها البرنامج. وتم إقرار عدد من الطليات الجديدة التي تهدف إلى تعزيز قدرة البرنامج على دعم التجارة العربية مثل المشاركة مع الوكالات الوطنية في التمويل المباشر للمصدرين والمستوردين وتوسيع نطاق عمل البرنامج من خلال تمويل الواردات من دول غير عربية من السلع الرأس مالية التي تحتاجها الصناعات التصديرية والإنتاجية في الدول العربية بالإضافة إلى التوسع في استخدام أدوات وطليات متنوعة لتمويل هذه العمليات بالإضافة الى ان إدارة البرنامج تعكف حاليا على وضع القواعد المنظمة لهذه الأنشطة لتنفيذها في المستقبل القريب.
وأضاف ان الصندوق يلبي احتياجات الدول الأعضاء في مجالات متنوعة مثل تقديم الدعم المالي لتصحيح العجز في موازين المدفوعات ولتمويل برامج التصحيح الهيكلي والتسهيلات الائتمانية التي يقدمها الصندوق للدول الأعضاء وتشمل إصلاحات مرتبطة بقضايا الاقتصاد الكلي، وكذلك إصلاحات قطاعية تتركز في المرحلة الحالية على القطاع الهيكلي للقطاع المالي والمصرفي. وهناك حاجة متنامية في الدول العربية للدعم في مجال التصحيح الهيكلي للقطاع المالي والمصرفي. إذ بلغ عدد القروض التي قدمها الصندوق في هذا المجال 13 قرضا من الـ 24 قرضا تم منحها للدول الأعضاء خلال الفترة منذ البدء بالعمل بهذا النوع من القروض العام 1998.
وقال المناعي ان جميع المعطيات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي بدأ مرحلة استعادة نشاطه بعد حال التعثر التي شهدها عقب انعكاسات الأزمة المالية التي بدأت في دول جنوب شرق آسيا منتصف العام 1997. كما تشير التوقعات إلى أن نسبة النمو العالمي للعام 2004 ستكون نحو 4 بالمئة على رغم ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الماضية وخصوصاً أن الاقتصادات الكبرى تلعب دور المحرك الأساسي لهذا النمو المتوقع. وأضاف المناعي في حديث صحافي أن الأداء الإيجابي المتوقع للاقتصاد العالمي هو رهن بعدم التعرض لخضات مثل ارتفاع كبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية أو حصول تقلبات حادة في أسعار الصرف العالمية وهو أمر قد ينتج عن النمو غير المتوازن بين الاقتصاد الأميركي والاتحاد الأوروبي وما قد ينجم عن ذلك من خلل في موازين المدفوعات بينهما على سبيل المثال بالإضافة إلى ذلك هنالك قلق من انعكاسات استمرار العجز في الموازنة الأميركية الأمر الذي يسهم أيضا في عدم استقرار سعر صرف الدولار بالنسبة إلى أسعار الصرف الرئيسية في العالم وتحديدا اليورو الأوروبي والين الياباني. وعما هو مطلوب من الدول العربية للحاق بركب التكتلات الاقتصادية أوضح المناعي ان المستجدات الاقتصادية والمالية والتجارية التي شهدتها الساحة الدولية خلال العقد الماضي وخصوصاً فيما يتعلق بتوجه جميع الاقتصادات إلى التكتل وتكثيف التعاون الإقليمي والدولي أفرز قواعد جديدة في أساليب التعاون الاقتصادي الدولي. ورأى أن المطلوب هو أن تولي الدول العربية الأهمية اللازمة لعملية التكيف مع المتغيرات المتلاحقة على الساحة الدولية وبشكل خاص فيما يتعلق بالمواثيق والمعايير الدولية في جميع المجالات المالية والتجارية ما يساعد هذه الدول على الاستفادة من المستجدات الدولية والتعامل بشكل فعال مع التكتلات الاقتصادية العالمية
العدد 724 - الأحد 29 أغسطس 2004م الموافق 13 رجب 1425هـ