العدد 725 - الإثنين 30 أغسطس 2004م الموافق 14 رجب 1425هـ

حمّى العودة إلى المدارس تبدأ باكراً

على خلاف السنوات الماضية

بدأت حمى العودة إلى المدارس تغزو الأسواق مبكرة هذا العام، تهافت أولياء الأمور على محلات بيع الزي المدرسي، والقرطاسية، والأحذية، والخياطة، كما يفعلون كل عام، ونتيجة دروس الازدحام التي تعلموها في الأعوام الماضية قررت أكثر العائلات البحرينية أن تغزو الأسواق للانتهاء من مشوار الشراء الشاق.

في هذا الشهر تفشل كل وسائل التحكم في الموازنة، وتعتبر موازنة الأسرة من أهم الاختبارات التي تواجه الزوج والزوجة مع أول كل شهر، إذ تحتاج إلى مجهودات كبيرة ليتم ضبطها بما يغطي جميع احتياجات الأسرة، وبما يضمن توفير فائض شهري لعمل مدخرات تساعد الأسر على تأمين حياتها، ومع ارتفاع أسقف الاستهلاك للناس في المنطقة العربية، وكذلك اشتعال الأسعار، أضحت الكثير من الأسر - خصوصاً الطبقة المتوسطة - تعاني عجزاً مزمناً في الموازنة.

وتؤكد الدراسات أن بند التعليم يمثل 10 في المئة من موازنة الأسرة العربية، وإن كان البعض يرى أن هذه نسبة متواضعة وأن التقدير الواقعي قد يصل إلى 30 في المئة، ويشمل هذا البند نفقات الأسرة البحرينية على المستلزمات المدرسية، والتي تزيد يوماً بعد يوم وتتنوع في الوقت نفسه الذي لم يرتفع فيه دخل الفرد.

والسؤال هنا: ماذا تفعل الأسرة أمام الإغراءات المتواصلة من قبل التجار مع بداية كل عام دراسي، إذ يحرص التجار على التفنن في جذب الزبائن، باعتبار أن الطفل هو المحرك الرئيسي لمؤشرات العرض والطلب، وهو أكبر وسائل الضغط على الوالدين، ومن هذا المنطلق يتعمد التجار إلى إلقاء كل الإغراءات الممكنة حوله ليقع في الفخ المنصوب، وتدخل الشخصيات الكارتونية كوسيلة لتجميل السلع المدرسية، وكعامل مؤثر على الطفل، ولأن الشخصيات الكارتونية تتغير، وكل يوم هناك جديد، فجميع الالتزامات المدرسية وخصوصاً الحقائب، لابد أن تواكب هذه المتغيرات باعتبار أن الطفل يحرص على أن يمتلك الجديد، ليحقق رغبة التفوق على زملائه.

فوق الاحتمال

أمام أحد محلات القرطاسية همت أم راشد مصطحبة أطفالها الثلاثة لشراء المستلزمات المدرسية، عندما أوقفناها لنتحدث إليها، ولنعرف كم تنفق سنويا على مستلزمات المدارس، قالت: «الحقيقة لا أحدد موازنة للمستلزمات المدرسية، بالنسبة إلى الزي المدرسي فهذا يتوقف على مدى استهلاك أولادي لملابس العام الماضي، غالبا ما يكونوا قد استهلكوا كل أزيائهم السابقة، في حالات نادرة يتبقى زي واحد، أو حذاء لايزال لم يستهلك، فقد أكون قد اشتريته لهم في نهاية العام الدراسي، وفي هذه الحالة ربما أوفر بضعة دنانير، ولكن تبقى النفقات فوق طاقة الاحتمال.

وتواصل: أحرص في كل عام أن أبدأ الجولة الشرائية للمدارس مبكرا حتى لا أدخل في دوامة الازدحام، ولكنني أؤجل شراء الحقائب المدرسية لأن أولادي يعشقون شراء أحدث الصيحات، ولذلك ننتظر حتى تعرض كل المحلات حقائبها، ثم نذهب لشراء الأفضل من وجهة نظر الأولاد.

تحدثت بعدها فاطمة محمد حسين، وهي أم لثلاثة أبناء قائلة إنها تتبع سياسة معينة في شراء حاجيات المدرسة على مدى شهور وليس مع اقتراب موسم العودة إلى المدارس كما يفعل الغالبية، تقول فاطمة: «اشتري الحاجيات على دفعات، وكلما وجدت أموراً تصلح اشتريتها وأبقيتها على جانب طوال الإجازة الصيفية، كما أنني اهدي أطفالي عندما يقومون بأمور جيدة وتصرفات سليمة هدايا عبارة عن قرطاسية، وعندما أسافر أعود بهدايا تفيدهم في المدرسة، كما أنني استغل مواسم التخفيضات لشراء الأشياء المتبقية حتى لا تتكدس الطلبات وترهق موازنة شهر واحد، أوزعها على كل الشهور لأتفادى الزحام مع اقتراب موعد العودة إلى المدارس».

وتنصح فاطمة الأمهات باتباع طريقتها في التحضير لكل المناسبات كالأعياد مثلا لأن ذلك يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال

لعبة السوق

ويؤكد نائب المدير العام لفندق بيسان تاور خالد القطان أن نفقات بداية العام الدراسي ترهق موازنة الأسرة إرهاقا كبيرا، ويقول: «المشكلة لا تكمن في مصروفات المدارس الخاصة التي نلحق بها أولادنا ولكنها تتجاوز إلى نفقات جميع المستلزمات الدراسية التي يحتاجها الأبناء مع بداية كل عام دراسي، وقد يقول البعض: لماذا نلحق أولادنا بمدارس خاصة إذا كانت موازنتنا لا تحتمل هذه المصروفات؟، في رأيي إننا لا نملك بدائل أخرى، فالتعليم الحكومي في البحرين لا يحقق المستوى العلمي الذي يمكن أن يمنح المرء في المستقبل فرصة العمل في الوظائف التي تتيح له حياة كريمة، إذاً فهذه المصروفات هي مفروضة علينا ولم نخترها بإرادتنا، ثم إن القنوات الفضائية تطل علينا من كل مكان، وكل قناة تتنافس لتعلن الكثير من الإعلانات التجارية التي تغسل عقول أطفالنا بالشخصيات الكارتونية الوهمية، ويتبارى التجار بعرض مختلف المستلزمات المدرسية تحمل صوراً لهذه الشخصيات، وندخل نحن من دون قصد لعبة السوق والمنافسة، ونحن نحرص على الشراء مبكرا خوفا من ضياع الموازنة».

تقسيم الموازنة

وأشارت نجلاء عبدالحميد - مدرسة تربية رياضية - إلى أن بداية العام الدراسي تستولي على كل موازنة الأسرة، وتقول: «هذا ما يحدث من دون مبالغة، نعم كل موازنة الأسرة، حتى انني لا أشتري سوى الضروريات فقط من مؤونة الشهر، وأخصص الباقي لشراء مستلزمات المدارس، ففي كل عام ترتفع الأسعار ويكثر العرض، ولا يكفي زي مدرسي واحد للأولاد أو البنات، لابد أن نوفر لهم اثنين على الأقل، فكيف لا تختفي الموازنة؟».

وتواصل: «أحاول توفير بعض المال لافتتاح المدارس، ولكن من منا يستطيع ضبط موازنته؟ من منا يستطيع أن يحدد موازنة مع احتياجات لا بد منها، كل ما نستطيعه هو تقسيم الشراء على شهور متعددة حتى لا نشعر بحجم المصروفات، هذا العام قمت بالشراء مبكراً تجنباً للزحام».

القرطاسية والخياطة

محلات القرطاسية كانت أقل ازدحاما من محلات الخياطة والسبب كما قال محمد جواد: «إن الناس لا يقبلون هذه الفترة إلا على شراء الحقائب المدرسية أما فيما يختص ببقية أدوات القرطاسية فهذا يصاحب الأسبوع الأول من بداية العام الدراسي، عادة ومع الأيام الأولى من بدء الدراسة تنهال علينا أعداد كبيرة من الطلبة، وأولياء الأمور لشراء أدوات القرطاسية، وفي كل عام تتطور أدوات القرطاسية وتعرض أشكال جديدة تجذب الأطفال، وغالبا يجذب الطفل الشكل، في الوقت الذي يهتم الطالب في المرحلة الإعدادية والثانوية بالجودة».

في محلات الخياطة التقينا بالخياط أحمد صديق الذي علق قائلا: «في هذه الأعوام تأتي الأمهات لتفصيل الزي المدرسي لبناتهن مبكرا، فهن يعملن حساباً لسفرهن أو الازدحام الذي يكون عادة قبل افتتاح المدرسة، ونحن نتفرغ لخياطة الزي المدرسي ونؤجل الملابس الأخرى حتى تنتهي فترة الذروة بعدها نعود لنمارس عملنا بشكل طبيعي، يتراوح سعر خياطة (المريول) بين ثلاثة دنانير ونصف الدينار ونتسلم الموديل المطلوب من الزبائن وفقا لما تحدده المدارس».

الحقيبة المدرسية

وكانت الصناديق الخيرية في البحرين بدأت منذ العام الماضي في العمل على مشروعات الحقيبة المدرسية والمساعدات المالية التي تقدم للطلبة المحتاجين، أسوة بالجمعيات الخيرية والشركات التي خطت هذه الخطوة قبل ذلك، في حين أقامت بعض الصناديق الخيرية معارض للقرطاسية بأسعار مخفضة، ووزعت بعضها كوبونات بمبالغ تصل إلى عشرين ديناراً على الطلبة المحتاجين لشراء المستلزمات المدرسية، وكان هذا المشروع أحد الحلول التي طرحت لمساعدة الطلبة، سبقتها في ذلك الكثير من البلدان العربية، إذ إن بعض الشعوب العربية تعاني بشكل عام من مشكلات الفقر والتي بلغت نسبتها 60 في المئة وهذا الفقر ينعكس على جميع مناحي الحياة وبالذات شريحة الطلاب والطالبات في مختلف المراحل التعليمية (طلاب المدارس، طلاب الجامعات) إذ لا يجد معظم الطلاب ما يغطي نفقات الدراسة وخصوصاً طلاب الجامعة الذين يعتبرون من أكبر المعانين في هذا الإطار وذلك نظرا إلى الكلفة العالية للدراسة وعدم وجود دخل يغطي تلك النفقات خصوصاً إذا ما علمنا أن نسبة البطالة في بعض تلك البلدان تزداد يوما بعد يوم ما يدفع الأسر إلى استخدام وسائل مختلفة لتأمين الرسوم الدراسية لأبنائها، فقد أكدت آخر الدراسات المتخصصة أن 46,5 في المئة من الأسر العربية التي لديها طالبات أو طلاب جامعيون اضطرت إلى بيع ما تملك لتأمين تعليم بناتها وأبنائها مشيرة إلى أن 61 في المئة من تلك الأسر باعت ما تملكه من الذهب و87 في المئة باعت بعض الأجهزة المنزلية. وبعض الطلاب اضطروا إلى العمل بجانب الدراسة.

ماذا يحدث مع الحقيبة المدرسية؟

إن الحقيبة المدرسية مع محتوياتها تزن ما بين (25 و40 في المئة) تقريباً من وزن الطفل الذي لم يشتد عوده بعد لحمل مثل هذا الثقل، ما أثار انتباه الأطباء وخوفهم على جيل الغد المعرض للكثير من الأمراض، الأمر الذي يؤدي إلى تخلف الأطفال عن مدارسهم سواء لضرورة تقديم العناية والمعالجة الصحية لهم أو بسبب ملل الأطفال أنفسهم وتعبهم من حمل تلك الأثقال الإلزامية.

مضار الحقيبة المدرسية

يرى الأطباء أن حمل ثقل زائد في الحقيبة المدرسية يعرض الأطفال لآلام في الرقبة والذراعين والكتفين والظهر وحتى القدمين.

وقد تسبب أحياناً ضغطاً على القلب والرئتين نتيجة تشوه الهيكل العظمي والعمود الفقري الذي يصبح على شكل حرف مما يستلزم عملا جراحيا ولذلك يحذر الأطباء من حمل الأطفال لتلك الحقائب الثقيلة خصوصاً على أحد الكتفين، إذ إن احتمال إصابتهم بأمراض الظهر حينها 30 في المئة في حين أن الاحتمال يتناقص إلى 7 في المئة فقط في حال حملها على كلا الكتفين.

كما أن حمل الحقيبة على كتف واحدة يسبب انحناء جانبيا وقد يؤدي إلى سير الطفل بطريقة غير طبيعية ومختلة.

ومن نتائج الثقل الزائد في الحقيبة المدرسية أنه يؤدي إلى استدارة الظهر إلى الأمام أو تحدبه ما يؤثر على شكل الجسم بصورة عامة وعلى العظام والجملة الحركية بصورة خاصة.

وما يزيد من رعب الأطباء والأهل هو أن مضاعفات المرض قد لا تظهر بشكل آني في مرحلة الطفول

العدد 725 - الإثنين 30 أغسطس 2004م الموافق 14 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً