«المسنون قادمون» هكذا تؤكد إحصاءات الخطة الوطنية للمسنين، وتؤكد أرقام الخطة أن «ملياري مسن في العالم مع انتصاف القرن الجاري، في كل عام يزداد عدد المسنين في العالم بنسبة اثنين في المئة (أي ان عددهم يزيد بسرعة تفوق معدل الزيادة السكانية).
عشرة في المئة من سكان العالم من المسنين، وفقا لإحصاءات العام 2000، ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 21 في المئة في العام 2050، معدل شيخوخة السكان في الدول النامية أسرع بكثير من الدول المتقدمة، وسيبلغ عدد المسنات في العالم أضعاف عدد المسنين».
قامت اللجنة الوطنية للمسنين في مملكة البحرين مسترشدة بالخطة العالمية للشيخوخة التي تم اعتمادها في مؤتمر مدريد العام 2002، وبالخطة العربية للمسنين التي اعتمدتها الدول العربية من العام 2002 إلى 2012 بوضع الخطة الوطنية للمسنين منطلقة من ثلاثة محاور رئيسية، التنمية في عالم آخذ في الشيخوخة، وتوفير الصحة والرفاه في سن الشيخوخة، وتهيئة بيئة تمكينية وداعمة لجميع الأعمار.
تضافر الجهود
تقول رئيسة اللجنة الوطنية الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة: «تقوم الخطة الوطنية على إبراز الأدوار والمسئوليات التي تطلع بها الجهات المعنية في القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة، ومع ضمان تضافر جهود كل جهة وفق اختصاصها من أجل تحسين وتطوير مجالات العمل الموجهة للمسنين، والاعتراف بالمساهمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمسنين، وهذا يعد أحد الأهداف المهمة التي تحرص الخطة على تحقيقها».
وخلال الحوارات والمداخلات التي تبادلها المشاركون في الورشة التدريبية لعمل الخطة الوطنية للمسنين التي أقيمت حديثا في دار بنك البحرين والكويت للتأهيل، كان سؤال «الوسط»: «هل يمكن أن تطرح خطة وطنية للمسنين وتناقش قضاياهم بمعزل عنهم؟».
الشيخة هند ترى أنه ليس من الطبيعي أن تناقش قضايا المسنين بمعزل عنهم، وإذا كانت اللجنة الوطنية تفتقد وجود المسنين، فهناك من يمثلهم، وتضيف «أثناء تشكيل اللجنة، أخذ في الاعتبار وجود ممثلي جميع الجهات ذات العلاقة بالمسن، واستكمالا لاجتماع الجمعية العالمية في مدريد، عقد اجتماع في العام الماضي في مالطا اعتمد على اختيار خبراء من كل دولة لوضع إجراءات الخطة، وتعد تجربة مالطا متميزة لكون المسنين يمتلكون لجنة دائمة في البرلمان، ومستشفى خاصاً بهم، ونحن نرسل المتدربين في رعاية المسنين إلى مالطا حتى نستفيد من تجربتهم وخبرتهم، وفي مالطا رأوا ان لابد أن تبدأ إجراءات الخطة الوطنية للمسنين بمشاركة المجتمع المحلي، ومشاركة المسن أيضا تم طرحها، ولذلك فنحن نحرص على وجود المسن أو ممثلين عنه حتى نستطيع تحقيق أهداف الخطة».
ظاهرة
وفي إطار بحثنا عن إجابة للسؤال المطروح ماذا أعددت الخطة لمسني المستقبل، وخطواتها نحو التنمية، حددت الخطة الوطنية الكثير من الإجراءات والأنشطة التي يتم من خلالها تحقيق الأهداف الخاصة بالقضية المطروحة، فقد رأت اللجنة ان المشاركة النشطة للمسن في المجتمع والتنمية سيتحقق من خلال الاعتراف بمساهمات المسنين في شئون الأسرة والمجتمع المحلي وتشجيع هذه المساهمات.
«شيخوخة السكان ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، إذ سيواكب الارتفاع في نسب كبار السن انخفاض في نسب الصغار»، هذا ما أعلنه ممثل وزارة الصحة في اللجنة الوطنية للمسنين فوزي عبد الله أمين، ويضيف «أكدت النتائج الرئيسية للتقارير العالمية أن شيخوخة السكان ظاهرة عالمية ودائمة ستؤثر على كل رجل وامرأة وطفل، وأن لها آثاراً كبيرة على جميع جوانب الحياة البشرية (...) والخطة الوطنية للمسنين لم تكتف بتحديد الأهداف أو الإجراءات وتحديد قضايا المسنين، بل أعدت أنشطة مختلفة يتم من خلالها تنفيذ الإجراءات، فعلى سبيل المثال بالنسبة إلى الاعتراف بالمساهمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكبار السن، طرحت الخطة الكثير من الأنشطة لتحقيق ذلك ومنها، التوسع في تأسيس الجمعيات المعنية بشئون كبار السن، وفي مراكز الرعاية النهارية، وإشراك كبار السن في اللجنة الوطنية لكبار السن ولجان الإعداد والتحضير للمساهمات والأنشطة المختلفة، وتمكينهم من إعداد أنشطة وبرامج ثقافية واجتماعية وتطوعية وغيرها».
لاب توب
تؤكد الإحصاءات أن متوسط أعمار البشر يقدر في العالم اليوم بـ 26 عاما، وأعلى نسبة للشباب بين السكان هي في اليمن إذ يبلغ متوسط العمر 15 عاماً، أما أعلى نسبة للمسنين فكانت في اليابان إذ يبلغ متوسط العمر 41 عاماً، ومن المتوقع بحلول العام 2050 أن يزيد متوسط العمر في العالم بعشر سنوات إذ سيرتفع إلى 36 عاماً، وسيصبح أعلى معدل للشباب بين السكان في ذلك الوقت في النيجر - بحسب المتوقع - إذ سيبلغ متوسط العمر 26 عاماً، ومن المنتظر أن تصبح أعلى نسبة للمسنين في إسبانيا.
هذه الأرقام تعكس مدى أهمية الاستعداد لاحتواء مسن المستقبل، وهذا الاستعداد لابد أن تسبقه سنوات من إعداد المجتمع ككل لتقبل مشاركة المسن هذا ما يؤكده ممثل وزارة شئون مجلس الوزراء في اللجنة الوطنية خالد عبدالغفار.
عبدالغفار يعلق «إن المتابعة لتنفيذ آليات الخطة الوطنية هي الوسيلة التي يمكن أن تحقق للمسن أعلى استفادة، وهذا يعني الاستعداد لمسن المستقبل ومشاركته في التنمية، وهناك مقولة مفادها «إذا أردت أن تقتل موضوعا أعطه للجنة»، ولذلك لابد أن تكون المتابعة وتوزيع المهمات من خلال اللجنة المختصة، كي لا يتشعب الموضوع إلى لجان مصغرة، فالمسن له احتياجاته وحتى نطالبه بالمشاركة في التنمية لابد أن نلبي له مختلف احتياجاته، ولا نقصرها على الرعاية الصحية، فالمسن في العام 2050 هو طفل اليوم ويجب أن نتعامل معه من خلال وسائل مختلفة عن تلك المتبعة في الوقت الحاضر، فلا نغفل حاجاته الذهنية التي تساعده على المشاركة في التنمية، وفي رأيي ان مسن المستقبل سيكون في حاجة إلى أن نوفر له (لاب توب)».
تشريع ملزم
ممثل الإدارة العامة للمرور الرائد محمد بن دينة له رأي يقول: «ما لم يكن هناك تشريع ملزم للقطاعات كافة، وخصوصاً الحكومية منها لتنفيذ الخطة الوطنية، ستتجمد هذه الخطة، ولن يستفيد منها مسن الحاضر أو مسن المستقبل»، ويرى أن للمسن حقوقاً على المجتمع ومن خلال الخطة الوطنية ستؤمن له هذه الحقوق.
ويزيد «الحقوق النفسية للمسن في البلدان النامية مفقودة بعض الشيء، وهذا بخلاف البلدان المتقدمة التي تحرص على الاهتمام بالصحة النفسية للمسن، ولذلك لابد أن نضع في الاعتبار التركيز على صحة المسن النفسية التي هي أساس في إعداد المسن للمستقبل والاستفادة منه في خطط التنمية».
اقتراحات
طرح المشاركون في الورشة اقتراحات مختلفة وبعض التعديلات على أنشطة الخطة الوطنية، طالبت مجموعات العمل بالتنسيق مع وسائل الإعلام ووزارة التربية والجهات المعنية لتنشئة الأطفال وتوعية الشباب بأهمية المساهمات الإنتاجية لكبار السن وتقدير دورهم، وبمشاركة ذوي الخبرة والكفاءة من كبار السن في اتخاذ قرارات تتعلق بقضاياهم، وبتفعيل دور الجمعيات القائمة والمعنية بكبار السن، وتقديم الدعم الفني والمادي لها، كما طالبت بوضع وتفعيل القوانين والتشريعات الخاصة بحقوق كبار السن، وتطويع الأنظمة المالية في المصارف والمؤسسات المالية لتوفير القروض لكبار السن بشروط ميسرة، وإنشاء مركز لتدريب وتطوير منتجات كبار السن لرفع مستوى الجودة، وصرف راتب شهري ثابت للمسنين غير العاملين أسوة بالدول المتقدمة.
ونعود لنطرح سؤالاً: هل ستظل هذه المطالبات مجرد أحلام؟ أم ستجد وسيلة ودرباً للوصول إلى واقع المسنين؟
العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ