تسعى دول الخليج العربية إلى تنويع مصادر الدخل فيها منذ نحو ثلاثة عقود من خلال تطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي ومن ضمنها القطاع السياحي وخصوصاً بعد نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في استقطاب الشركات والاستثمارات الأجنبية وتحولها إلى مركز سياحي وتجاري مهم.
ويبدو أن التوجه الخليجي له ما يبرره من الناحية الاقتصادية، فقطاع السياحة من أكثر القطاعات ديناميكية وتأثيراً في القطاعات الاقتصادية الأخرى، إذ إن نمو هذا القطاع يتطلب استثمارات كبيرة في البنية الأساسية وان تطوير المرافق السياحية وتنوعها يسهم في نمو الطلب على السلع والخدمات بما في ذلك المنتجة محلياً.
وبينت دراسة لمصرف الإمارات الصناعي أن عدد الفنادق العاملة في دول مجلس التعاون ارتفع بنسبة 52 في المئة في غضون السنوات الأربع الماضية ليصل إلى 1482 فندقاً في العام 2003 مقابل 978 فندقاً في العام 1999.
ويتوقع أن يرتفع العدد مرة أخرى بنسبة كبيرة تصل إلى 47 في المئة في العام 2010 وبمعدل نمو سنوي يبلغ 6,7 في المئة ليصل العدد الإجمالي إلى 2175 فندقاً في العام 2010، في الوقت الذي تملك فيه دول المجلس مقاومات سياحية مهمة لم يتم استغلالها بالكامل فهناك الخدمات والبنية الأساسية والشواطئ والمنتجعات.
وقال «تعتبر دول المجلس من البلدان القليلة التي تتوافر لديها نواح سياحية متنوعة بصورة نادرة، فهناك السياحة الدينية متمثلة في أماكن العبادة المستمرة طوال العام والسياحة التسويقية والترفيهية من خلال مهرجانات التسوق. كما تطورت في سنوات العقد الماضي وخصوصاً في دولة الإمارات سياحة المؤتمرات والمعارض العالمية».
وأضاف «لقد أدت هذه التطورات إلى وضع استراتيجيات تتيح استيعاب التغيرات الجارية في قطاع السياحة الخليجي وتنمية الطاقات الاستيعابية للمرافق العامة بما في ذلك الطاقة الاستيعابية للمطارات وشركات الطيران الوطنية».
ولدى دولة الإمارات في الوقت الحاضر أربع شركات طيران ومن المتوقع أن ترتفع إلى خمس شركات طيران في العام 2015، وان ترتفع الطاقة الاستيعابية للمطارات من 30 مليون راكب في العام 2003 إلى 80 مليون راكب في الإمارات في العام 2015. وتعتبر طيران الخليج الناقل الإقليمي وهي مملوكة للبحرين وسلطنة عمان والإمارات.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد شركات الطيران في السنوات العشر المقبلة إلى 11 شركة من 8 شركات الآن، إذ تكتسب شركات النقل الرخيصة المزيد من الأهمية وخصوصاً أنه يتوقع أن تتطور حركة النقل الجوي بين دول المجلس من خلال الرحلات الخاصة بعد تطبيق التأشيرة الخليجية المشتركة بين دول المجلس.
كما يتوقع أن يرتفع عدد المسافرين في المطارات الخليجية بنسبة 186 في المئة وخصوصاً أن هناك عملية ترويج سياحية خليجية كبيرة في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية.
وقال المصرف «ستكون لذلك انعكاسات اقتصادية كبيرة ستطال مرافق وقطاعات رئيسية. كما ستزداد حدة المنافسة بين الشركات والمؤسسات الإقليمية العاملة في قطاع الخدمات إلا أن الاستنتاجات العامة تشير إلى إمكان نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية عموماً وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي».
ونتيجة لذلك سيشهد قطاع البناء والتشييد والعقارات نمواً ملحوظاً لتلبية متطلبات القطاع السياحي والمرافق العامة وخصوصاً بعد السماح بالملكية العقارية للأجانب في الكثير من دول المجلس الست، وقد ارتفعت أسعار العقار في معظم الدول وبلغت نحو 400 في المئة في بعضها في الآونة الأخيرة.
ونظراً إلى ارتفاع الطلب على السلع والخدمات ستزداد الواردات، بالإضافة إلى الزيادة السكانية المستمرة في دول المجلس فإن ارتفاع عدد السياح سيؤدي إلى زيادة الطلب المحلي عموماً وستتوافر إمكانات لتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي يمكن أن تلبي بعض الاحتياجات الخاصة بالقطاع السياحي.
وقال المصرف «ستشكل هذه التطورات دعماً إضافياً للموازنات السنوية لدول المجلس من خلال زيادة العائدات من الرسوم بما في ذلك رسوم الفنادق ورسوم المغادرة المطبقة في دول الخليج كافة». ويتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي من 4 في المئة في المتوسط في الوقت الحاضر إلى 8 في المئة في العام 2015.
وقال صحيفة المصرف إن تقديم المزيد من التسهيلات في مجال التأشيرات وتوحيدها وتطوير خدمات الحكومة الالكترونية سيزيد من الإقبال السياحي على دول المجلس.
وعلى رغم أن هناك الكثير من المناطق السياحية العريقة في الشرق الأوسط فإن ما يميز دول مجلس التعاون الخليجي هو وجود بنية أساسية متطورة وخدمات راقية وأوضاع اقتصادية وسياحية مستقرة تتيح تنمية القطاع الاقتصادي المهم
العدد 786 - السبت 30 أكتوبر 2004م الموافق 16 رمضان 1425هـ