شقّت القوات التي يقودها الجيش الأميركي أمس طريقها عبر «نصف الفلوجة»، واستولت على مجلس البلدية وخسرت 11 جندياً أميركياً وجنديين عراقيين. وقال بيان «تم تدمير معاقل محصنة للمتمردين داخل وحول المدينة». وأضاف الجيش الأميركي أن طائرات قصفت مسجداً بعد أن تعرضت قواته لنيران مسلحين داخله. وقال إن «المتمردين كانت لهم سيطرة فعلية على المنطقة وميزة تكتيكية، مما لم يترك خياراً سوى الاشتباك معهم».

من جانبه أعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي، النقيب ثائر أن «مجموعات كبيرة» من المسلحين تجري «اتصالات للاستسلام». وأضاف أن «الحكومة بدورها راغبة في شمول هؤلاء بالعفو العام بعد أن تأكدت أنهم لن يرتكبوا جرائم كبرى». وقال وزير شئون المحافظات وائل عبد اللطيف: «في الإجمال ألقي القبض على 127 إرهابياً خلال اقتحام مستشفى الفلوجة». وأفادت هيئة علماء المسلمين، عن مقتل العضو الشيخ عبدالوهاب إسماعيل الجنابي في الهجوم. وقال الجيش العراقي إنه عثر على «منازل لذبح الرهائن» استخدمها خاطفون متشددون في الجزء الشمالي من المدينة وسجلات بأسماء الرهائن.

ومساءً أعلنت جماعة مسلحة مجهولة الهوية عن اختطاف 20 جندياً من الحرس الوطني العراقي في الفلوجة، وأكدت أنها لن تقتلهم.

إلى ذلك قال شهود عيان إن أصوات طلقات وانفجارات ترددت في الموصل وفرضت السلطات حظراً للتجوال، وأغلقت جسوراً في محاولة لمنع انتشار أعمال العنف. وأفادت الشرطة أن خمسة أشخاص بينهم ثلاثة شرطة وأحد عناصر الحرس الوطني ومقاول أجنبي قتلوا في المدينة. كما اندلعت مواجهات في بيجي على رغم فرض حظر التجوال اثر أعمال عنف أوقعت عشرة قتلى و30 جريحاً. وقال مصدر إن انفجاراً وقع قرب دورية للشرطة في شرق بغداد قتل سبعة أشخاص. وفي خضم هذه التطورات أعلنت السفارة العراقية في فرنسا أن الرئيس غازي الياور سيصل إلى باريس في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري في زيارة رسمية تستغرق يومين، تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك.

من جانب آخر يتوجه رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير اليوم إلى واشنطن لإجراء محادثات مع الرئيس الأميركي جورج بوش تتركز على الوضع في العراق في وقت يؤمل من دولتيهما التحرك لإحراز تقدم في الشرق الأوسط. من ناحية أخرى قبل بوش استقالة وزيري العدل جون اشكروفت والتجارة دون ايفانز في أول تعديل يجريه على ادارته بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية.

جماعة مجهولة تهدد بقتل أقارب علاوي في حال لم يتوقف الهجوم

الجيش الأميركي يتوقع السيطرة على الفلوجة خلال 48 ساعة

غزة، بغداد، عواصم - الوسط، وكالات

أعلن مصدر عسكري أميركي في الفلوجة أمس أن القوات الأميركية ستسيطر على المدينة خلال 48 ساعة إذا جرت العملية كما هو مقرر. وقال: «سنحتاج إلى عشرة أيام على الأقل لتطهير» جيوب المقاومة. كما ذكر ضابط أميركي رفيع المستوى أن «قوات التحالف باتت تسيطر على 70 في المئة من الفلوجة وهناك بعض الجيوب التي مازالت تقاوم والعدو يعيد تجميع قواته جنوب المدينة».

وأضاف أن «المقاومة التي واجهتنا عموماً لم تكن منظمة كما كنا نعتقد. ونواجه حالياً مقاومة في بعض مناطق وسط المدينة والجزء الجنوبي منها». ومن جهته، أكد المتحدث العسكري فرنسيس بيكولي «السيطرة على ما بين 60 و70 في المئة من الفلوجة، موضحاً أن العمليات مستمرة من شارع إلى شارع ومن منزل إلى منزل في المناطق الخاضعة للسيطرة الأميركية بهدف التأكد من خلوها من المقاتلين».

وقال مراسل «فرانس برس» إن المواجهات مستمرة في الأحياء الشمالية إذ لايزال دوي القصف بمدفعية الدبابات مسموعاً. وأوضح صحافي من «فرانس برس» يرافق القوات الأميركية أن المارينز شنوا بين 10 و15 غارة جوية صباح أمس.

وأفاد شهود أن القصف خلف العشرات من القتلى مازالت جثثهم منتشرة في الشوارع وخصوصاً في أحياء الجولان ونواب الضباط والمعلمين والعسكري. وأعلن الجيش الأميركي أن 11 جندياً أميركياً وجنديين عراقيين قتلوا منذ بداية الهجوم. وأضاف بيان أن «رسميين قالوا ان 9 جنود وأعضاء في وزارة الداخلية جرحوا أيضاً في الساعات الـ 24 الماضية».

وخاض مشاة البحرية الذين تعززهم الطائرات معارك ضارية فيما قال مسئولون ان خاطفين احتجزوا 3 من أقارب رئيس الوزراء إياد علاوي وهددوا بقتلهم إذا لم يتوقف الهجوم. وقال المتحدث باسم الحكومة جورج سادة ان ابن عم علاوي وزوجته وعضوا أخر بالعائلة خطفوا من منزلهم في بغداد الثلثاء.

ولم يذكر مزيداً من التفاصيل عن ملابسات خطفهم ولكن مصدراً في الشرطة قال ان معركة قصيرة بالأسلحة النارية نشبت عند المنزل قبل خطف الثلاثة. وتبنت جماعة مجهولة تطلق على نفسها «جماعة أنصار الجهاد» في بيان نشر على الانترنت عملية الخطف وهددت بقتلهم إذا لم يتم وقف الهجوم في غضون 48 ساعة.

وحددت المجموعة شروطها بأنها «إطلاق جميع أسرى العراق الحبيب من النساء (...) ومن الرجال وفك الحصار والهجوم على مدينة العزة والكرامة الفلوجة».

وشنت الطائرات الأميركية غارات على الفلوجة وسط قتال ضار بين القوات الأميركية والمقاتلين. وقال مراسل لـ «رويترز»: ان نيران الأسلحة الآلية وقذائف المورتر والصواريخ هزت المدينة فيما شنت الطائرات غارات عدة على حي الجولان بعد 15 دقيقة. وكان الدخان يتصاعد من منازل تقع وراء محطة السكك الحديد التي تم الاستيلاء عليها إذ أقام مشاة البحرية والقوات العراقية قاعدة لهم.

وقال الميجر كلارك واطسون من منطقة يرى مشاة البحرية أنها معقل موالين لصدام تلقوا تدريباً عسكرياً «وصلنا إلى وسط حي الجولان». وقال لـ «رويترز»: «توغلنا مسافة أربعة كيلومترات، لكن من السابق لأوانه القول بأننا نسيطر عليها». وأضاف «سيستغرق هذا وقتاً لأنه ستكون هناك دائماً جيوب للمقاومة».

وفي وقت لاحق أطلقت طائرات مروحية صواريخ على أهداف في حي الجولان قبل أن يدخله مشاة البحرية. وسقطت قذيفة مورتر بالقرب من محطة السكك الحديد ودوت أصوات نيران الأسلحة الصغيرة فيما أطلقت المدفعية قذائفها على فترات متقطعة على المنطقة المكتظة بالمباني. وقال واطسون ان المقاتلين يردون على إطلاق النار لكن ليس بالشدة المتوقعة.

وواجه علاوي غضب السنة في مأدبة إفطار رمضانية أمس. وقال أحد المراسلين ان عدنان الدليمي وهو مسئول سني في وزارة الشئون الدينية حثه قبل الإفطار قائلاً: «يتعين عليك أن توقف القتال لمدة أربع أو خمس ساعات». وأضاف «يوجد كثير من الجرحى الذين يحتاجون إلى رعاية. امنحهم وقتاً لإنقاذ الجرحى. يوجد مدنيون قتلوا في الفلوجة. أنت مسئول عن حياتهم أمام الله».

ورد علاوي بقوله: «كما تعلمون فقد حاولنا كل بديل قبل اللجوء إلى القوة العسكرية». وأضاف «لا يوجد شيء لدينا ضد المدنيين في الفلوجة... انهم أبناء هذا البلد».

وأعلن مسئول كبير في الجيش الاميركي أن قادة متمردين منهم الزرقاوي غادروا على الأرجح الفلوجة. وقال الجنرال توماس ميتز في البنتاغون أن الزرقاوي لم يعد موجوداً في المدينة.

كما أكد الرئيس الأميركي جورج بوش أن القوات المتمردة في الفلوجة لن تتمكن من منع عملية بسط الديمقراطية في العراق. وقالت حركة «حماس» أن ما يجري هو تكرار لجرائم ومجازر الاحتلال لكن بصورة أشد بشاعة.

مظاهرات في تكريت والحويجة

وفي رد الفعل الداخلي شارك المئات من العراقيين في مظاهرات احتجاج على الهجوم، فقد تظاهر نحو 300 في تكريت للتنديد بالعمليات، واتهموا الحكومة بأنها «أعطت الضوء الأخضر للأميركيين لقتل العراقيين».

وفي قضاء الحويجة تظاهر المئات من سكان المنطقة، وردد المشاركون هتاف «بالروح بالدم نفديك يا فلوجة» كما حملوا لافتات تستنكر سياسة الحكومة ومشاركة القوات العراقية في الهجوم.

وانتشر مسلحون في شوارع الموصل في حين قبع رجال الشرطة في مراكزهم. وسبقت عملية الانتشار اشتباكات دامت أكثر من ساعة بين جنود أميركيين ومسلحين في حي الوحدة. كما أعلن قائد شرطة بيجي أن ثمانية عراقيين قتلوا وأصيب 25 آخرون في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة خلال مواجهات عنيفة بسبب ما يحدث في الفلوجة.

وأعلن قائد الحرس الوطني في كركوك مقتل 6 من عناصر الحرس في انفجار عبوتين ناسفتين بفارق زمني مدته 20 دقيقة لدى مرور دوريات. ولقي جندي أميركي حتفه وأصيب آخر في انفجار قنبلة شمال بغداد. وقال مصور ان عربة أميركية من طراز همفي انقلبت على جانبها في بغداد بعد أن أطلق قناص النار على السائق.

إصابة طائرة نقل أميركية

وأصيبت طائرة نقل أميركية من طراز «سي 130» تقل 60 جندياً بصاروخ ما أدى إلى هبوطها اضطرارياً شمالي العراق بعد اشتعال النيران في أحد محركاتها. كما كشفت محطة أميركية أن تشارلز دويلفر الذي يقود عمليات البحث عن أسلحة الدمار الشامل نجا من الموت عقب محاولة اغتيال تعرض لها هذا الأسبوع.

الصليب الأحمر قلق على مصير الجرحى

جنيف - أ ف ب

عبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساء الثلثاء عن «قلقها العميق» على مصير الجرحى في الفلوجة الذين أفادت معلومات أنهم لا يستطيعون تلقي علاج طبي ملائم. وفي بيان في جنيف، أوصت اللجنة الدولية «المتحاربين بتأمين العناية للذين يحتاجون إليها سواء كانوا أصدقاء أو أعداء» وضمان وصول المعدات الطبية وتأمين عمل الآليات من دون عراقيل وفي أي وقت.

كما طلبت اللجنة التي أرسلت في 18 أكتوبر/ تشرين الأول مساعدة طبية وإنسانية عاجلة إلى الفلوجة، من كل أطراف النزاع تسهيل مرور القوافل التابعة لها وتسليم مساعداتها إلى المدنيين المتضررين من النزاع. وقالت إن آلاف المدنيين الذين فروا من المدينة ولجأوا إلى قطاعات مجاورة يحتاجون إلى المساعدة