نعيش في اقتصاد «معولم»، يتطلب من الشركات أن تتأكد من أن قادتها يتمتعون بالمهارات لإرضاء الزبائن على أساس جغرافي جديد. وبما أن القيادة تشكل إحدى الطرق القليلة الباقية للمحافظة على تقدّم تنافسي، فيجب أن يدعم المحترفون في هيئة المستخدمين وينموا قادة بإمكانهم مواجهة التحدي بجرأة. «رون كوبروسكي» من مؤسسة «فوروم» يتحدث عن كيفية تصميم برنامج تنمية القيادة الذي يعنى بالإطار العالمي الجديد كلياً ويقول: «بما أنني عملت في الميدان العالمي لأكثر من 25 سنة، أجد أن قسماً من المتعة في هذا العمل يأتي من العطش الذي يظهره المحترفون في قطاع التجارة بالأساليب والأفكار الأميركية: نجاح السوق الحرة لدينا، أفكارنا بشأن الإدارة والقيادة، سياسات هيئة المستخدمين التي تركز على أهمية الموظفين في الشركة. غير أننا نلاحظ اليوم تحولاً بسيطاً عن أميركا ومفاهيمها، يعود بغالبيته إلى فضائح الشركات الحديثة والركود الاقتصادي وعدد الشركات التي تصرف الموظفين أو تقفل مصانع محلية، بالإضافة إلى الاستثمارات ورؤوس الأموال التي يتم تحويلها بسرعة لذلك نسأل كيف تقوم الشركات الأميركية - وفي حالات كثيرة شركات من البلدان المتطورة - بإنشاء مقاربة تنمية قيادة تتناسب مع جو التجارة الحالي المضطرب، وتتناول كل انحراف ثقافي يمكن أن يحد من قيمة التنمية فتتخطاه؟ يتناول هذا المقال بعض المبادئ التي وجدتها ناجحة في جعل التدريب على القيادة وتنميتها تنجح في شركة عالمية».
التحدي الثقافي
يقدم تطبيق برنامج تنمية القيادة على أساس عالمي مجموعة فريدة من التحديات، وهذا أمر شهدته مباشرة في حالة زبون واجهتنا حديثاً. فقد اجتمعنا أنا وبعض الزملاء من «فوروم» بفريق يمثل الزبون للمساعدة في التخطيط لتطبيق نظام تعليم مكيف حديثاً.
عقدنا اجتماعاً تصميمياً في باريس حضره أشخاص من ألمانيا، المملكة المتحدة، هونغ كونغ، البرازيل، فرنسا، إيطاليا والولايات المتحدة. وفي نهاية اليوم الأول، بدأت مساعدتنا بتلخيص قراراتنا واتفاقاتنا. وتلت صوغ الاتفاقات مناقشة حامية بشأن ما فهمناه وما التزمنا به. فاكتشفنا سريعاً أن افتراضاتنا بشأن اللغة والمعنى والمضمون أدّت إلى فهم التزاماتنا بطرق مختلفة جداً، مع أننا ظننا جميعاً أن مفهومنا للأمور واحد عند نهاية النهار. ولو لم نكتشف أن «عدساتنا الثقافية» شوّهت مفهومنا، لذهب العمل الذي أنجزناه في هذا الاجتماع سدىً.
كيف تحصل الشركات على مرادها عندما تتعامل مع ثقافات متعددة؟ كيف يمكنها تجنّب الحالات التي لا تحصى إذ يحصل ضياع الوقت؟ فالعمل الذي أنجزناه في «فوروم» يظهر أن أفضل طريقة للتعامل مع التطبيق الشامل ليست واحدة، إذ يمكن لمبادئ أساسية متعددة أن تزيد من احتمال النجاح. وحددنا مبادى أساسية لتنمية ناجحة للقيادة الشاملة، منها ما يأتي:
اعتماد الوضوح في سبب تطوير القادة
يجب أن يكون أي مجهود لتنمية القيادة واضحاً فيما يتعلق بهدفه. غير أن هذا الوضوح يكون بالإجمال دقيقاً بهدف الحفاظ على المصادر وتنفيذ تغيير سريع وتأمين تركيز دقيق كشعاع الليزر. نجد مقاربات عامة ثلاث لتنمية القيادة، كلها تتعلق باستراتيجية التجارة، ولكن اختيار المقاربة التي يجب استعمالها يعتمد على أنواع تصرفات القيادة والخطوات اللازمة. وهذه المقاربات وأساسها المنطقي هي:
- في التغيير الاستراتيجي، يجب أن تكون تنمية القيادة الشاملة مبادرة إدارية يرافقها التخطيط اللازم لتكون متينة في البلدان كافة.
- يتطلب كذلك إرساء ثقافة الشركة بعض عناصر المبادرات الإدارية التي يديرها مقر الشركة. ولكن لتكون ناجحة، يجب أن تتخطى نشاطات إرساء الثقافة العناصر الثقافية الوطنية واللغوية. وغالباً ما تكون مقاربة التنمية هذه بحاجة لتكييف دستور الشركة مع الواقع المحلي.
- أما المقاربة الثالثة، فغالباً ما تتضمن مزيجاً من البرامج الجوهرية ومبادرات محلية متعددة. وهي مركزة على الشركة أكثر بكثير من السابقتين وتناسب إجمالاً التكييف المحلي.
اللجوء إلى مساهمة الزبائن لتحقيق التنمية
تستجيب الشركات في أقطار العالم الأربعة مع توقعات الزبائن وطلب خدمة أفضل ومنتوجات أكثر جودة. وتنشأ المنافسة من أماكن غير متوقعة وتنتقل إلى أسهم السوق. كما ان التكنولوجيا تحول طريقة تواصل الشعوب، اجتياز الحدود بسرعة لم نشهد لها مثيلاً من قبل.
لذلك تزداد الحاجة إلى تصميم تنمية القيادة بطريقة تؤمن المهارات والقدرات التي تميز الشركة في هذه السوق العالمية التنافسية. وأفضل طريقة للتأكد من حصول ذلك تكون من خلال مراقبة الزبائن من جميع المناطق التي تعمل فيها الشركة، ودمج هذه المعلومات مع تصميم تنمية القيادة.
نذكر على سبيل المثال شركة خدمات مالية نعمل معها، تجري المقابلات مع الزبائن كجزء من التحليل الأولي للحاجات قبل البدء حتى بتصميم تنمية القيادة. كما أن هذه الشركة تتأكد من أن فرق التصميم تضم أشخاصاً لديهم خبرة في الزبائن من بلدان مختلفة. وتُدخل شركة أخرى عملنا معها «صوت الزبون» إلى تنمية القيادة لديها، سواء بشكل مباشر أو من خلال شريط الفيديو. هذا ما يساعد المشاركين على سماع ما هو مهم لمقوماتهم العالمية بطريقة خاصة وصادقة.
إشراك الشبكة
إن كنت تقوم بإنشاء برنامج تنمية القيادة للبائعين، فعليك إذاً أن تشرك البائعين في العملية، وهم من يتلقى هذا البرنامج. ويطبق هذا الأمر أيضاً على من يهتمون بخدمة الزبائن والمديرين وأصحاب المشروعات. يساعد الالتزام المبكر على إنشاء ملكية تصميم تنمية القيادة ونتائجه. ويساعد إشراك الشبكة كذلك على إيجاد حلول للمشكلات الناتجة عن الفروقات بين سوق وأخرى.
واستضفنا حديثاً مؤتمراً لإداريي تنمية القيادة من شركات في شمال أميركا تواجه تحديات تطبيق تنمية القيادة العالمية. لم يتكلموا عن «الأهداف النهائية» و«التعليمات الخاصة بالمعايير» كما كانوا يفعلون منذ عقد مضى. ولكنهم رجال أعمال ركزوا نقاشهم على مسائل كالكلفة والإنتاجية وإيرادات الاستثمار ومحركات السوق، أي أنهم ركزوا باختصار على الأساس. ومن الواضح أن تصميم تنمية القيادة لا ينجح عالمياً إلا عندما يساعد الأشخاص على تحسين أدائهم في عالم يزداد فيه التنافس
العدد 820 - الجمعة 03 ديسمبر 2004م الموافق 20 شوال 1425هـ