ستشترك الشعوب يوم الجمعة المقبل في العاشر من ديسمبر/ كانون الأولفي إطفاء 56 شمعة، إحياء لذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اصدر العام 1948 وسط توافق دولي، ليشكل وثيقة عالمية تتغنى بالحرية والكرامة والعدالة، والمساواة، والقضاء على جميع أشكال التمييز، إذ جاءت تلك الوثيقة الثلاثينية المواد رد فعل على الحربين العالميتين والدمار اللذين خلفتهما.
تجرنا ذكرى الإعلان العالمي إلى فتح كل الملفات الحقوقية المحلية العالقة (وما أكثرها)، تجرنا الذكرى إلى السؤال عن موقعنا من الإعلان، وما مدى مواءمة مواد الإعلان للتشريعات المحلية والقوانين القديمة؟! بأي ثوب هذا العام ستستقبل البحرين الذكرى؟! بثوب الحقوق المكفولة المزركش بالألوان الزاهية، أم بثوب الاعتقالات وخيبة الأمل والحداد؟!
تباينت طريقة احتفاء الجمعيات الحقوقية هذا العام بالذكرى، إذ تعد الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان لمهرجان مشي، في الوقت الذي يلملم فيها مركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل أوراقه الأخيرة، أما دائرة الحريات في جمعية الوفاق الوطني الاسلامية فستقوم باعتصام أمام مقر الأمم المتحدة بالتنسيق مع نحو تسع لجان حقوقية وجمعية حقوق الإنسان.
قال عضو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي بمناسبة مرور الذكرى: «استغلت الحكومة المسيرات الأخيرة لاقتراح قوانين، كقانون التجمعات، وحولته بصفة مستعجلة لمجلس النواب، ومن المعروف ان هذا القانون يتنافى بشكل صريح مع الاعلان العالمي الذي كفل حرية التنظيم والتجمع». مشيرا إلى أن البحرين أعلنت نيتها للانضمام للعهدين الدوليين «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، مبينا أن الانضمام للعهدين اللذين يستمدان روحهما من الاعلان يتطلب «تغيير القوانين والتشريعات، لا صوغ أخرى أسوأ من الأولى».
الحقوق السياسية
وأشار الى أن الحقوق العمالية تحسنت لحد ما إذ «تأسس اتحاد عمال البحرين بداية يناير/ كانون الثاني 2004، وانشأوا الاتحاد العام لعمال البحرين، إلا أن العاملين في القطاع الحكومي مازالوا محرومين من تشكيل نقاباتهم الخاصة ومحرومين من الانضمام للاتحاد العام لعمال البحرين».
وبيّن الدرازي أن مستوى البطالة مرتفع، يقابله تدنٍ في مستوى المعيشة «إذ تعاني 10 آلاف عائلة من الفقر».
وفيما يتعلق بالحقوق السياسية ذكر الدرازي أن «البرلمان لم يستطع ان يمرر أي قانون، وذلك بسبب ضعف صلاحياتهم في الدستور ومحاصرة المادة 45 من اللائحة الداخلية، كما أن البرلمان لم يستطع أن يعمل أي شيء في قضية هيئتي التقاعد والتأمينات على رغم الضجة التي اثيرت حولها».
وفيما يتعلق بالفساد والشفافية انتقد الدرازي تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير مبينا انه قد تطرق للاوقاف السنية والجعفرية «إلا أنه يتحدث عموماً في التفاصيل، ولم يبين مواقع الفساد ولم يركز عليها، ولم يقدم أي مسئول على انه فاسد».
وعن حرية التعبير بين أن «قضية صحيفة «الوسط» ونشرة الديمقراطي لاتزالان معلقتين في المحاكم».
وزارة العمل
وفي استعراض لأبرز التغيرات التي حدثت على الصعيد الحقوقي منذ 10 ديسمبر/ كانون الاول 2003 إلى 10 ديسمبر/ كانون الاول 2004، قال عضو مركز البحرين لحقوق الانسان المنحل إن «المملكة شهدت انتكاسة كبيرة، اذ حاولت السلطة ان تسنن قوانين جديدة مقيدة للحريات تحت مظلة السلطة التشريعية وهذه سابقة خطيرة».
ولفت إلى أن «ملف الشهداء وضحايا التعذيب لا يزال مفتوحا ولم نجد تحرك معنياً من قبل السلطة لجبر ضحايا التعذيب او مصالحة وطنية».
كما لاحظ أن هذا العام قد تميز «بدور وزارة العمل في التضييق على مؤسسات المجتمع، كسلطة تنفيذ لقانون الجمعيات اذ مارست التقييد والتهويل لهذه المؤسسات وقلبت المعادلة».
استقلال السلطة القضائية
واشار الى انتهاك اسماه «بالخطير» وهو ان «الشرطة تجاوزت حدود واجبها واستخدمت الضرب أثناء اعتقال موقوفي السيارات، ويجب على السلطة القضائية كسلطة محايدة ان تحقق في الادعاءات، وحتى الآن لم نجد النيابة العامة قد حققت قي الامر، وهذا يخدش من استقلالية وحيادية السلطة القضائية متمثلة في النيابة العامة التي من المفترض ان تكون سلطة من المجتمع وتخدم المجتمع».
واستدرك «وضعت السلطة القضائية هذا العام أمام امتحان في مدى استقلاليتها أثناء اعتقالها للناشط عبدالهادي الخواجة، والملاحظ والمتتبع لقضية الخواجة منذ الاعتقال حتى الافراج يلاحظ ان السلطة القضائية لم تكن مستقلة عن السلطة التنفيذية... كما لم نجد أي مبرر قانوني أو حقوقي لتوقيفه لمدة 45 يوماً». ونوه إلى إن «زج تهمة القذف والسب في متن لائحة الدعوى، يتطلب ان يرفع الشخص المضرور شكوى، وهذا ما لم يحصل، بل تم تحريك القضية تحت غطاء باب أمن الدولة حتى لا يتم زج المدعي في القضية بشكل مباشر»... «وهو ما أعطى القضية بعداً سياسياً».
واشار الى أن «الكثير من المواطنين محرومون من الجنسية على رغم مكوثهم على أرض المملكة سنوات طويلة، بينما نجد بعض الاصول من بلدان عربية مجاورة أو شقيقة تم تجنيسهم بالآلاف...» «ومثال على ذلك قضية الحاج صالح الستراوي، المحرومون أبناؤه من الجنسية لاتهام جدهم الحاج صالح بقيادة عملية انفصال سترة عن الحكومة!».
ونوه إلى أن ملف التمييز «مازال مفتوحا»، ولم يغفل الاشارة «بعض المبادرات والوعود من وزارة الداخلية».
الأمنيات
أما عضو دائرة الحريات في جمعية الوفاق محمود رمضان فقد بين أن مناه في ذكرى الاعلان تتلخص في عدة نقاط وهي:
1- إلغاء القوانين المقيدة للحريات «الجمعيات، التجمعات الجديد، قانون الاجتماعات العامة القديم، قانون الصحافة، قانون العقوبات».
2 - ضرورة مواءمة التشريعات الوطنية مع ما التزمت به المملكة من المواثيق الدولية.
3 - تحسين تعامل المعنيين بتطبيق القوانين مع المتظاهرين، فقد تم ضرب مسيرة «لبيك يا حسين»، كما تم ضرب معتقلي مسيرة السيارات أثناء اعتقالهم.
4 - عدم تدخل الجهاز التنفيذي في السلطة القضائية.
5 - معاقبة المسئولين عن انتهاكات حقوق الانسان، وإلغاء مرسوم بقانون 56.
6 - القضاء على صور الفقر المؤلمة.
7 - وقف عملية التجنيس المؤدية الى القضاء على الهوية الثقافية والاوضاع الاقتصادية.
8 - وقف دور وزارة العمل في تقييد مؤسسات المجتمع المدني.
10 - فسح المجال لحرية التعبير ووقف مضايقة وزارة الاعلام وشركة بتلكو للمنتديات الالكترونية.
الرف والطاولة
قال أحد الحقوقيين في حديث جانبي، متهكما «إنها ذكرى - ذكرى الاعلان العالمي - نقل القوانين القديمة والعتيقة من الرف إلى الطاولة»! ولم يفت ذلك الحقوقي أن يجهز ليوم الذكرى الملابس السوداء على ضياع الحقوق وشحنات الألم
العدد 820 - الجمعة 03 ديسمبر 2004م الموافق 20 شوال 1425هـ