العدد 823 - الإثنين 06 ديسمبر 2004م الموافق 23 شوال 1425هـ

مقترح «مجلس البحرين الطبي» يستهدف حماية المهنة وحقوق المرضى والمواطنين

هيئة مهنية تتوسط النقابة والحكومة والناس

الاقتراح الذي تقدم به عضو مجلس الشورى منصور العريض بشأن إنشاء «مجلس البحرين الطبي» حصل على ردود فعل مختلفة. فالمجلس الطبي - كمفهوم - مطبق في الدول المتقدمة مثل بريطانيا، ويلعب دوراً أساسياً في تنظيم مهنة الطب وتعزيز ثقة الناس بالمهنة لأنه يتضمن عضوية مواطنين عاديين يطلعون على مجريات الأمور في مهمة الطب والرعاية الصحية المقدمة للمواطنين وطرق التعامل مع تسجيل الأطباء ومعاقبتهم إذا خالفوا ضوابط المهنة.

وكانت وزيرة الصحة ندى حفاظ قد كشفت في 8 يونيو/ حزيران 2004 عن دعم الوزارة لإنشاء مجلس البحرين الطبي.

العريض قدم اقتراحا بقانون بإنشاء «مجلس البحرين الطبي» في 30 مايو/ أيار 2004 لإنشاء مجلس طبي له استقلالية وشخصية معنوية يعنى بشئون مهنة الطب في البحرين، وللعمل كجهة محايدة في القطاع الطبي من دون ان يكون تحت تأثير وزارة الصحة أو الأطباء، بما يعزز دوره المحايد، ويؤكد هدفه في حماية حقوق المرضى، والعمل على رفع مستوى الأداء الطبي في المملكة، ودعم الممارسة الطبية الصحيحة.

وقال العريض: «يأتي هذا المجلس تكميلا لكل من القوانين المنظمة لمهنة الطب والطب المعاون وما في حكمها، والمستشفيات الخاصة والمراكز الصيدلية، ونقل هذا القانون الاختصاصات الممنوحة لوزارة الصحة أو لوزير الصحة أو لإحدى اللجان أو الإدارات إلى المجلس ليباشرها المجلس بصفة مستقلة عن الوزارة بما يعزز صدقية العمل الطبي في المملكة، ولذلك فإن هذا الاقتراح يعد إضافة مهمة في هذه المرحلة التي تسعى مملكة البحرين فيها وفقا لتوجهات القيادة السياسية الحكيمة إلى جعل البحرين محلاً للسياحة العلاجية، وهذا إنما يأتي عن طريق إيجاد جهاز مستقل يرعى مصالح المرضى ويوجه الأطباء».

وأضاف: «على رغم استقلالية الجهاز الذي ينشئه هذا الاقتراح بقانون، فإن الصلات بين وزارة الصحة وهذا الجهاز أمر لا يمكن الاستغناء عنه، وذلك كون وزارة الصحة وعلى رأسها الوزير هي الجهة المعنية بالشئون الصحية في المملكة، وهي المسئولة عنها، ولا يصح اقتطاع هذه المسئولية كليا عنها ومنحها لجهاز آخر، وذلك فقد أوجد الاقتراح صلات وثيقة بين وزارة الصحة والجهاز، فجعل الجهاز تحت السلطة الوصائية لوزير الصحة الذي له ان يعترض على القرارات الصادرة عن المجلس خلال مدة معينة، غير ان اعتراض الوزير لا يحول دون ان يتمسك المجلس بقراره بغالبية وخصوصاً بعد مرور مدة معينة، لاستيفاء مفهوم السلطة الإدارية الوصائية، ولئلا يكون وزير الصحة مهيمنا على المجلس إذ لا جدوى من وجوده إذا كان القرار النهائي بيد وزير الصحة».

وتناول الاقتراح تنظيم هذا المجلس من حيث تشكيله المتوازن بين الفئات التي يحفظ المجلس مصالحها جميعا ويوفق بينها، ورئاسة المجلس، ومكتب المجلس، ثم اختصاصات المجلس في جلساته، ودور وزير الصحة في هذه العملية، مع محاولة فتح القنوات الأوسع مع وزارة الصحة والجهات الإدارية ذات العلاقة بما يحقق الأهداف التي نص عليها الاقتراح بقانون.

ومن اللجان الطبية التي اقترحها العريض في القانون هي لجنة التراخيص الطبية التي ينتقل إليها بموجب هذا الاقتراح اختصاص الترخيص للأطباء ومن في حكمهم، واختصاص الترخيص للمؤسسات الطبية الخاصة من مستشفيات خاصة وعيادات ومراكز صيدلية، وذلك وفقا للضوابط والأوضاع المبينة في القوانين المنظمة لها، ولما يصدره المجلس من قرارات، لتكون اللجنة هي المختصة بإصدار هذه التراخيص وسائر الاختصاصات المنصوص عليها في تلك القوانين بدلا عن وزارة الصحة.

وهناك لجنة شئون المرضى، وهي اللجنة المختصة وفقا للاقتراح لمعالجة شئون المرضى وشكاواهم، وتحمي مصالحهم وحقوقهم في العلاج، وذلك وفقا للضوابط التي بينتها المادة 21 من الاقتراح. وبيّن العريض «النظر لما يمكن أن يحمل هذا المجلس خزانة الدولة في موازنتها العامة، فإن هذا المجلس يعتمد على الرسوم التي يتقاضاها نظير الخدمات التي يقوم بها، كما يتلقى التبرعات والمعونات، أما ما يخصص له من موازنة الدولة، فسيكون عبارة عن تحويل بعض النفقات التي تخصص لوزارة الصحة بالاختصاصات المبينة في هذا القانون إلى المجلس، إذ ان الاختصاص سينتقل من وزارة الصحة إلى المجلس بما يتطلب معه فقط نقل ما يخصص للتنفيذ في وزارة الصحة للمجلس، وابتعد الاقتراح عن تحميل خزانة الدول المال الكبير، وكفاها عن تضخم عدد الموظفين بأن سمح لرئيس المجلس ان يطلب من وزير الصحة انتداب بعض موظفيه للقيام ببعض الأعمال، كما أجاز للمجلس، وبموافقة وزير الصحة، اسناد بعض الأعمال إلى موظفي وزارة الصحة منعا للازدواج والتضخم الوظيفي في مؤسسات الدولة».

وأكد العريض: «ان هذا الاقتراح يدعم التطور الطبي في المملكة، كونه يتحمل هذا العبء عن وزارة الصحة كونها وزارة لديها الكثير من المهمات في الحقل الصحي، وليتفرغ المجلس لبناء سياسة طبية متينة في البحرين تصان فيها حقوق كل من الأطباء والمرضى والمستثمرين في الحقل الطبي».

ويعمل المجلس بحسب المقترح على تحقيق عدة أهداف منها: حماية حقوق المرضى، ودعم الممارسة الطبية الصحيحة، وتشجيع الأداء الطبي، وتطوير القطاع الطبي في المملكة، وتعزيز صدقية العمل الطبي في المملكة، والتعامل مع الأخطاء الطبية بحيادية، وتنسيق العلاقة بين وزارة الصحة والأطباء والمرضى، وتشجيع السياحة العلاجية في البحرين.

غير أن رئيس جمعية الأطباء علي العرادي فاجأ الذين حضروا ندوة حوارية في 22 سبتمبر/ أيلول 2004 لمناقشة مقترح انشاء «مجلس البحرين الطبي» بانتقادات حادة للمشروع. وقال: «لقد فوجئت بإعلان من وزيرة الصحة عن المقترح وفوجئت بطرحه في مجلس الشورى من دون أية استشارة لجمعية الأطباء». ورد العريض «أن المشروع مسودة قابلة للتعديل»، فيما عارض المستشار القانوني لوزارة الصحة يحيى أيوب محمد الدعوة إلى «استقلالية المجلس»، وقال «ان كل المجالس في المملكة تتبع جهة الحكومة».

إلى ذلك قال الاستشاري صادق عبدالله ان فكرة إنشاء «مجلس البحرين الطبي» تستهدف «حماية المريض وتوجيه الطبيب» وقال «إن المجلس عبارة عن مجلس تشريعي تنفيذي يشترك فيه الأطباء والممرضون والصيادلة ويقوم بإعطاء التراخيص لكل من هذه المهن ويضع الضوابط لمختلف هذه التخصصات».

من جانبه قال المستشار القانوني في وزارة الصحة يحيى أيوب محمد «ان المشروع جيد ويعتبر ورقة عمل، ونحن مع التوجه إلى استقلالية أعضاء المجلس في أعمالهم، ولكننا ضد استقلالية المجلس بصورة كاملة إذ إن كل المجالس في البحرين تتبع جهات حكومية». وقال إن المشروع يتحدث عن مجلس طبي ولكن أكثر مواده تقتصر على إعطاء التصاريح، وتساءل لماذا لا يطلق عليه «المجلس الأعلى للتراخيص الطبية».

إلى ذلك قال رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري ان «مهمة المجلس الطبي في البلاد المتقدمة هي توفير قدر من الضمان للناس العاديين بعدم إساءة التصرف أو استغلال الأطباء لمهنتهم. تنظيم مهنة الطب لها متطلباتها الاختصاصية ولا يفهمها إلا الاختصاصيون، ولكن الناس تعرف أيضا اذا كانت تحصل على خدمة طبية صحيحة، لأنها تتعافى، أو تمرض، أو تموت. والتحقيق في القضايا المشتبه فيها يكشف غير الكفوئين كما يكشف الأشرار الذين يجب منعهم من مزاولة المهنة أو تعديل الأوضاع بحيث ترتقي المهنة إلى أفضل المستويات المقدور عليها في هذا البلد أو ذاك».

وقال «ان المجلس الطبي ليس بديلا عن النقابة، وليس تابعاً للحكومة، وإنما هو هيئة وسيطة بين الدولة «ممثلة في وزارة الصحة» والمجتمع «ممثلة في الناس»، والنقابة «حاليا جمعية الأطباء» لها دور في المجلس فيما يتعلق بتنظيم المهنة. أما رئاسة المجلس، فما دام الشخص الذي يتسلم المهنة معروف بقدراته واستقلاليته، فإنه لا مانع إن كان معينا «بعد استشارة المعنيين» أو منتخباً بطريقة ما».

وتحدثت «الوسط» إلى عدد من الأطباء وقال أحدهم (فضل عدم ذكر اسمه) «من المؤسف ان رئيس الجمعية يعارض مشروع مثل مجلس البحرين الطبي وهذا يعود بنا إلى المشكلات العقيمة التي سممت الوزارة والمهنة، لأن احتجاجه الرئيسي هو عدم اطلاعه على المشروع قبل أن تعلنه وزيرة الصحة، وهذا أمر شخصي وليس موضوعياَ».

وقال «ربما ان العرادي خلط بين النقابة والمجلس ولم يعرف الفرق بينهما».

وكان العرادي قد صرح في مطلع سبتمبر أن عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، يدعم توجه المهنيين لأخد أدوار قياديه في المجتمع وتحويل الجمعية إلى نقابة، قائلا: «لقد طرحنا القانون النقابي على مائدة الحوار، كما ناقشنا تطوير الجانب العلمي في الجمعيات لرفع كفاءة العاملين في المهنة الطبية». وكان ذلك قد جاء خلال استقبال جلالة الملك وفدا من جمعية الأطباء البحرينية بمناسبة انتخاب مجلس الإدارة الجديد في 7 سبتمبر، وقال العرادي: «لقد تفهم جلالة الملك دور الجمعية بشكل عام، وكان على الدوام مساندا إلى الجمعية وإلى قراراتها والبرامج التي تطرحها في سبيل النهوض بالمهن الطبية، ورفع كفاءة العاملين في القطاع الطبي، وأبدى استعداده التام لأي دعم يتطلبه النهوض بالجمعية. وطرحنا على جلالته فكرة إنشاء مركز للمؤتمرات والتعليم المستمر في جمعية الأطباء، ونتطلع إلى أن يكون مركزاً إقليمياً في المنطقة، وأن نلقى المساندة من اتحاد الأطباء العرب لرفع مستواه. ولقينا دعما كبيرا، وأبدى الملك استعداد ديوانه لدعم هذه الفكرة». ويبدو أن العرادي تشوشت لديه الصورة وسارع إلى معارضة المجلس من دون دراسة أو مراجعة جمعية الأطباء نفسها

العدد 823 - الإثنين 06 ديسمبر 2004م الموافق 23 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً