طالب عالم في الشريعة الإسلامية المصارف المركزية في الدول الإسلامية بالتقيد والالتزام بالمعايير الشرعية والمحاسبية التي تصدرها هيئة المحاسبة والمراجعة للمصارف والمؤسسات الإسلامية ومقرها البحرين لسد الفجوة بين المصارف الإسلامية في مختلف الدول بالنسبة إلى الفتاوى التي تصدرها الهيئات الشرعية المختلفة.
وقال عضو الهيئة الشرعية بمؤسسة نقد البحرين الشيخ نظام يعقوبي «الآن نحن نطالب المصارف المركزية بالتقيد بالمعايير الشرعية والمحاسبية التي أصدرتها هيئة المحاسبة والمراجعة، ولو حصل هذا في جميع الدول الإسلامية - أي أن الجهات الرقابية ألزمت بهذه المعايير - لزال الخلاف تماما».
وأضاف يقول في حديث إلى «الوسط» على هامش اجتماع المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الذي دام يومين «الهيئات الشرعية ليس بينها خلاف كما يقال. أنا أطالب جميع الهيئات المركزية والمصارف المركزية في الدول الإسلامية أن تستفيد من معايير هيئة المحاسبة والمراجعة وأن تجعلها قانونا واجب التطبيق على البنوك والمؤسسات الإسلامية».
ومضى يقول إن ذلك سيساعد على إزالة الفرق بينها وأن «هيئة المحاسبة والمراجعة لديها لجنة شرعية مكونة من 15 فقيها وهؤلاء من مختلف التوجهات والمذاهب وهم الذين أقروا هذه المعايير وليس بينهم خلاف وإنما الخلاف بين هذه البنوك والمؤسسات المركزية وهي التي يجب أن تفرض هذا الأمر».
كما قال إن الحديث عن الاختلاف بين الهيئات الشرعية مبالغ فيه وأن الهيئات في مجموع فتاواها متناسقة ولا يوجد إلا خلاف بسيط وهذا خلاف مشجع «لأنه خلاف يدعو إلى الاجتهاد والبحث والتنظير».
ورد على سؤال عن عدم وجود نظام موحد فقال «في كل الجهود الإنسانية هناك اجتهادات مختلفة وظروف مختلفة تخضع لها كل مؤسسة وحتى البنوك التقليدية لا يوجد لديها نظام موحد يجبرها على كل الأمور. ضبط هذه الأمور يأتي عن طريق الرقابة المركزية».
ولدى كل مؤسسة مالية ومصرف إسلامي هيئة شرعية ومحاسبية خاصة بها وتقوم بمراجعة والتصديق على الاستثمارات بعكس المصارف التقليدية التي تلتزم لديها نظام غربي ملزم.
وتقول هيئة المحاسبة والمراجعة إن المعايير المحاسبية والشرعية مطبقة في بعض البلدان الإسلامية من ضمنها البحرين ولكنها لاتزال غير مطبقة في الدول الأخرى وتسعى المؤسسة إلى تطبيقها على جميع المصارف والمؤسسات الإسلامية.
وتحدث يعقوبي عن التحديات التي تواجهها المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية المنتشرة في العالم، فقال: إن المصارف الإسلامية «كغيرها تواجه تحدي التطوير والرقي إلى الأفضل وتحدي التنافس إذ إن المؤسسات العالمية الكبرى بدأت تتعلم فن الصناعة المصرفية الإسلامية وبدأت تنافس المؤسسات المالية الإسلامية الصغيرة».
وأضاف يقول «كما أن التحدي الآخر هو الاندماج لأن العالم الآن وفي المستقبل لا مكان فيه إلى الهيئات والمصارف الصغيرة والمؤسسات المالية الصغيرة وإنما الفرص المتاحة ستكون إلى المؤسسات الكبيرة ذات رأس المال الضخم والقدرة الفائقة على مواجهة التحديات والدخول في المخاطر والاستثمارات».
كما طالب يعقوبي الفقهاء وأهل العلم بمواصلة البحوث «والحضور في الندوات والمنتديات حتى تتسع آفاقهم». واستشهد يعقوبي بقول الإمام علي «أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد» إذ إن طلب العلم لا يتوقف «والإنسان الذي يظن أنه بلغ من العلم درجة بحيث لا يحتاج إلى التعلم فهو جاهل».
وقال يعقوبي «نحن بحاجة دائمة إلى التعلم وبالذات الفقهاء العاملين في الهيئات الشرعية ليطوروا علومهم الخاصة بالاقتصاد والتمويل والاقتصاد المعاصر وبالقوانين المختلفة في الدول المختلفة التي تعمل فيها مؤسساتهم والتحدي هو (كيفية) أن نوجد جيلا من الفقهاء والعلماء الذين لديهم اطلاع ليس فقط على العلوم الشرعية التقليدية ولكن بالإضافة إلى ذلك لديهم اطلاع واسع على اللغات والقوانين في مختلف الدول وعلى نظام الاقتصاد والتمويل المعاصر، هذا هو التحدي الذي نواجهه الآن».
وتطرق إلى التمويل الإسلامي فقال «إن أساس التعاقد في المؤسسات المالية الإسلامية ليس قائما على الإقراض والاقتراض وإنما قائم على البيع والشراء والاستصناع والإجارة وغيرها، بينما أساس التعامل في المؤسسات التقليدية مبني على قروض الإقراض والاقتراض».
وقال إن على المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية أن تبرز إلى الجمهور هذه الفروق بين عقودها وبين عقود المؤسسات المالية الأخرى وأن تكون أيضا أسعارها معتدلة ومنافسة وهذا لا يتم إلا إذا كثرت المؤسسات الإسلامية وحصل بينها التنافس، أي قانون العرض والطلب.
وتعمل المصارف والمؤسسات الإسلامية طبقاً للشريعة التي تحرم الربا بينما يتركز عمل المؤسسات والمصارف التقليدية على الفائدة وهي أساس نظام العمل المصرفي الغربي.
وتطرق يعقوبي إلى المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الذي أنهى أعماله في المنامة أمس الاثنين فقال «إنه فرصة للقاء واكتشاف ما يستجد من هذه المعاملات وتلاقح الأفكار بين المحاضرين ومقدمي الأوراق والجمهور».
الوسط- المحرر الاقتصادي
جرى نقاش طويل ومفيد بين المشاركين في المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الذي اختتم أعماله أمس الاثنين وحضره أكثر من 500 مصرفي ومهتم بالخدمات المصرفية الإسلامية والجمهور في خطوة هدفت إلى إزالة العراقيل التي قد تحول دون التطور السريع لهذه الصناعة المهمة والحديثة.
واقيم المؤتمر السنوي في المملكة التي تضم أكبر عدد من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في العالم وتبلغ 26 بينما ارتفعت الموجودات فيها إلى نحو عشرة مليارات دولار في نهاية العام 2003 للسنة الحادية عشرة على التوالي.
وأعدت شركة ماكينزي وشركاه للاستشارات الاستراتيجية العالمية تقريراً عن المنافسة وهو أول برنامج بحث عالمي يشتمل على تقييم لأداء المصارف الإسلامية الكبرى وتحليلا مقارنا للارتباط بين الاستراتيجية والأداء الفعلي.
وتطرق التقرير بالتحليل أهم مؤشرات الأداء مثل الربحية والسيولة وجودة الأصول والتحديات التي تواجهها المصارف الإسلامية.
وحضر المؤتمر الذي سبقه ورشة عمل لمدة يوم واحد متحدثون ومحاضرون من برايس ووترهاوس كوبرز وشركة ماكينزي وجولدمان ساكس انترنشيونال ومؤسسة نقد البحرين ودار المال الإسلامي ومؤسسة الصناديق الشرعية والتكافل الدولية والبنك الأهلي التجاري السعودي ومرفأ البحرين المالي وموجوعة سامبا المالية وبنك الشامل وإيرنست ويونغ وميسيس للخدمات المصرفية ونورتون روز.
وناقش المؤتمر مختلف الأمور التي تساعد على تطوير ونمو العمل المصرفي الإسلامي في العالم والتحديات التي يواجهها خصوصاً بعد الحوادث التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة خصوصاً الهجوم على الولايات المتحدة الأميركية.
ويقول بعض المحاضرين إن العالم الإسلامي يحتاج إلى التواصل عبر عدة قنوات مع الدول الأخرى وجعلهم فهم الصيرفة الإسلامية حتى يمكنهم من دخول أسواقها إذ تشير أرقام أن 64 في المئة من الأميركيين يفضلون إجراء معاملات مع الدول العربية والإسلامية في الوقت نفسه الذي قال فيه 25 في المئة أن إجراء معاملات مع الدول العربية ليس في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية.
وقامت حملة شرسة ضد الإسلام والدول العربية بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول العام 2001 على معالم واشنطن وهو الأمر الذي أدى إلى سحب كثير من الاستثمارات العربية والإسلامية من الأسواق الأميركية والأوروبية.
ويقول مصرفيون إن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية تحتاج إلى القيام بحملة قوية في الدول الأوروبية بصفة عامة والولايات المتحدة بشكل خاص لتوضيح الخدمات المصرفية الإسلامية ووضع النقاط على الحروف وسط هجمة قوية من قبل المعادين للإسلام والدول العربية.
كما يقولون إن المصارف الإسلامية تكون عادة عرضة إلى المخاطر الائتمانية أكثر من المصارف التقليدية وأن ضعف رؤوس أموالها سبب آخر من الأسباب التي تحول دون المنافسة أو تحصل على ثقة المقترضين ولهذا يلجئون إلى المصارف التقليدية.
كما تطرق إلى المنتجات الإسلامية والتركيز على منتج واحد على رغم وجود العديد من المنتجات التي يمكن أن تغطي طلبات الإقراض
العدد 830 - الإثنين 13 ديسمبر 2004م الموافق 01 ذي القعدة 1425هـ