كأس الخليج لكرة القدم، مناسبة عظمى ينتظرها أهل الخليج وكثير من الدول العربية الأخرى مرة كل سنتين.
يلتف غالبية سكان الوطن العربي إن لم يكن كل محبي لعبة كرة القدم فيه حول شاشات التلفزيون لمتابعة ما يدور في أروقة هذا الموروث التاريخي حتى ولو بداعي حب الاستطلاع لا من منطلق حب اللعبة تحديداً أو الرياضة عموماً.
وظلت دورة كأس الخليج الحدث الرياضي الأكبر في المنطقة حتى ولو أكد البعض أنه فَقَد أهميته وبريقه في الدورات السابقة نتيجة تدني المستويات الفنية للمنافسات ذاتها والعزوف الجماهيري عن حضور المباريات في الملاعب.
وكانت أصوات كثيرة نادَت بإلغاء دورات الخليج بعد أن أدت مهمتها وحققت أهدافها المعلنة مسبقاً في تحقيق طفرة نوعية للكرة الخليجية أهّلتها للقفز من فوق الأسوار المحلية والانخراط في المنافسات القارية والعالمية وهو ما حدث فعلاً.
ونادى رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم القطري محمد بن همام بإشراك منتخبات سورية ولبنان والأردن في دورات الخليج بعد أن دخلتها اليمن منذ الدورة الماضية وذلك بهدف تنشيطها وإضافة مزيد من الإثارة على أحداثها.
بيد أن كل هذه الأمور وجدت رفضاً قاطعاً سواء من اللجنة المنظمة لدورات كأس الخليج المنبثقة عن مجلس التعاون لدول الخليج العربي أو في الشارع الرياضي الخليجي الذي تمسك بإرثه الرياضي.
وفي محاولة لإدخال بعض الإثارة على هذا الحدث المهم، تقرر إقامة منافسات في ثلاث لعبات أخرى هي: كرة السلة، كرة اليد والكرة الطائرة اعتباراً من الدورة السابعة عشرة التي انطلقت يوم أمس وتستمر حتى 24 ديسمبر/ كانون الأول الجاري في العاصمة القطرية الدوحة.
لكن حتى هذا الحل لم يجد صدى واسعاً في الشارع الرياضي الخليجي، وانقسم المحبون للرياضة في المنطقة بين مؤيد ومعارض.
ولعبت دورات الخليج منذ انطلقت العام 1970 في البحرين دوراً أساسياً في تطوير كرة القدم في المنطقة وساهمت بشكل كبير وفعّال في وصول منتخبات خليجية عدة إلى كبرى المحافل الدولية.
تأهلت الكويت لنهائيات كأس العالم العام 1982 في إسبانيا والعراق لمونديال العام 1986 في المكسيك والإمارات لمونديال العام 1990 في إيطاليا والسعودية لنهائيات أعوام 1994 و1998 و2002 في الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية واليابان على التوالي.
كما وصلت قطر والسعودية والعراق إلى نهائيات مسابقة كرة القدم في دورات الألعاب الأولمبية. وحقق العراق إنجازاً مهماً بحصوله على المركز الرابع في الدورة التي أقيمت الصيف الماضي في أثينا، وهو المركز الذي سبقه إليه المنتخب المصري العام 1964 في دورة طوكيو.
وستكون منافسات كأس الخليج السابعة عشرة حدثاً غير عادي لأسباب كثيرة، في مقدمتها أنه سيشهد بداية دخول ألعاب أخرى غير كرة القدم على أمل أن تنجح هي الأخرى في التمرد على المحلية والوصول إلى العالمية من خلال هذه الدورات.
كما أن عودة العراق إلى الحظيرة الرياضية الخليجية بعد انقطاع 14 عاماً وتحديداً في أعقاب غزو الكويت في أغسطس/ آب العام 1990 يمثل حدثاً كبيراً آخر فضلاً عن مشاركة اليمن للمرة الثانية على التوالي.
وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها ثمانية منتخبات في دورات الخليج، ما دفع المنظمون إلى اعتماد نظام المجموعتين.
وزعت المنتخبات الثمانية على مجموعتين ضمت الأولى قطر، الإمارات، العراق وعمان، والثانية السعودية، الكويت، البحرين واليمن.
ومن جديد هذا الحدث الخليجي أيضاً أنه يمثل اختباراً جدياً وحقيقياً لمنتخبات السعودية، الكويت والبحرين التي تأهلت للمرحلة الحاسمة من التصفيات القارية المؤهلة لنهائيات كأس العالم المقبلة العام 2006 في ألمانيا.
وتقع على عاتق هذه المنتخبات مسئولية ضخمة، إذ عليها أن تثبت للآخرين أنها قادرة على مقارعتهم في تصفيات كأس العالم وتحقيق حلم العرب في تأهل أكثر من منتخب عربي من قارة آسيا للنهائيات العالمية، وهو ما لم يحدث من قبل.
وإذا أردنا أن نعرف كم هو كبير هذا المهرجان فيكفي أن نعلم أن عدد الإعلاميين المعتمدين لتغطية فعاليات (خليجي 17) تجاوز الألف نصفهم على الأقل جاءوا من خارج الدوحة. برمج ملايين الخليجيين أوقاتهم ليتفرغوا لمشاهدة مباريات مسابقة كرة القدم خصوصاً. ومن لم يستطع الحصول على إجازة ليتفرغ لها كلها، تمكن بطريقة أو بأخرى من أن يضمن حريته أثناء المباريات التي يخوضها منتخب بلاده.
فأي نشاط إنساني آخر قادر على أن يجمع شمل أهل الخليج كله حول مناسبة واحدة، سوى دورات كأس الخليج لكرة القدم والألعاب المصاحبة
العدد 827 - الجمعة 10 ديسمبر 2004م الموافق 27 شوال 1425هـ