بدأت المصارف والمؤسسات المالية في البحرين شد الأحزمة بعد الخسائر التي منيت بها في الربع الرابع من العام 2008، والتي وصفت بأنها لا سابق لها، وشملت المصارف التقليدية والإسلامية على السواء؛ بسبب الأزمة المالية العالمية، على رغم أن معظم المصارف حققت أرباحا صافية مجزية تمت قبل حدوث الأزمة.
وبحسب الأرقام الرسمية التي نشرتها المصارف عند إعلان موازناتها للعام 2008، فإن معظم البنوك - إن لم يكن جميعها - تأثرت بالأزمة وخصصت مبالغ كبيرة لتغطية خسائر الاستثمارات والأصول التي هبطت أسعارها، وكذلك تخصيص مبالغ كبيرة لتغطية الديون المعدومة، أو تلك المشكوك في تحصيلها. وأفاد مصرفي مخضرم أن المصارف والمؤسسات المالية سواء في البحرين أو الدول المجاورة بدأت بـ «شد الأحزمة» والحد من المصروفات، من ضمنها إلغاء اتفاقيات تمويل كانت المصارف تقدمها لمؤسسات صغيرة، وتقليل الصرف على الإعلانات كإجراء وقائي؛ نتيجة التوقعات بهبوط النشاطات في المنطقة لنقص السيولة التي تعاني منها الأسواق.
وقد أغلقت الأسواق المالية في دول الخليج الست بانخفاض يعد الأسوأ في تاريخها، بعد الخسائر التي قدرت بنحو تريليون دولار. ويوصف العام 2009 بأنه سيكون الأسوأ منذ أكثر من نصف قرن.
ودفعت أزمة الائتمان مصارف قوية في البحرين إلى طلب أموال من الحكومات لكي تستمر في نشاطها، ودفعت بعض المصارف التي كانت تعتبر نفسها بمنأى عن الأزمة كذلك المسئولين إلى حمل حقائبهم والقيام بجولات في دول المنطقة بحثا عن السيولة اللازمة، بعد خسائر قدرت بنحو ملياري دولار.
إلا أن المصارف الإسلامية كانت أفضل حظا من مصارف تقليدية كبيرة وأخرى صغيرة؛ إذ أعلنت بعض المصارف التقليدية تحقيق خسائر في نهاية السنة الماضية، من ضمنها بنك الخليج الدولي المملوك إلى حكومات دول الخليج العربية، والذي تكبد 220,7 مليون دولار خسائر صافية في الربع الثالث من العام 2008، بعد تأثره بمخصصات قدرها 284,2 مليون دولار لتغطية مراكزه في أوعية استثمارات مهيكلة ومؤسسات مالية عصفت بها الأزمة المالية.
وكان البنك قد خسر 757,3 مليون دولار العام 2007 نتيجة أزمة الرهن العقاري عالية المخاطر في الولايات المتحدة، بعد تحقيقه أرباحا صافية في العام 2006 بلغت 255,5 مليون دولار.
أما المؤسسة العربية المصرفية، التي اضطرت إلى زيادة رأس مالها إلى ملياري دولار عن طريق إصدار حقوق بقيمة مليار دولار، فقد سجلت هي الأخرى خسائر كبيرة بلغت نحو 880 مليون دولار بسبب أزمة الرهن العقاري التي تحولت إلى أزمة ائتمان وانعدام الثقة بين المصارف.
وتعمل في البحرين، وهي المركز المصرفي والمالي الرئيسي في المنطقة، نحو 400 مؤسسة من ضمنها أكثر من 100 مصرف ومؤسسة مالية، تبلغ الموجودات فيها نحو 250 مليار دولار، في أكبر تجمُّع للمصارف في منطقة الخليج.
ويتحدث المسئولون في البنوك عن «سياسة تحفظ» بدأت في اتخاذها العام الجاري الذي يوصف بأنه سيكون الأسوأ نتيجة أزمة الائتمان التي بدأت في الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول العام 2008، وأدت إلى اختفاء مصارف عالمية وصناديق استثمار، وخسائر كبيرة بين المؤسسات والشركات، وامتدت آثارها إلى جميع الدول، بعضها يقف على شفا انهيار اقتصادي.
وذكر تقرير أن الكساد العالمي الذي يجتاح الأسواق بسبب أزمة الائتمان يمهد الطريق لإفلاس نحو 16 دولة، مثل لاتفيا، وأوكرانيا والمجر وعدد من الدول الأخرى التي تراكمت عليها ديون ضخمة وواسعة النطاق بسبب اختلال التوازن العالمي، وبالتالي أدت أزمة الائتمان العالمية إلى شل قدرتها المالية.
ويقدر اقتصاديون أن 13 تريليون دولار فقدت، إضافة إلى الخسائر الأخرى غير المنظورة جرَّاء الأزمة التي عصفت بالأسواق التي بدأت أولا في منتصف 2007 قبل أن تتحول إلى أزمة ائتمان في سبتمبر 2008، وأصبحت أزمة عالمية في نهاية العام الماضي.
وشهدت الأسواق في دول الخليج العربية مثل، دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، بعضا من عمليات تسريح العمال والموظفين.
لكن مصرفيين رأوا أن التحديات التي تواجهها دول الخليج العربية بسبب الأزمة العالمية وهبوط أسعار النفط تتمثل في عدم توافر التمويل اللازم، وكذلك انخفاض توافر خطوط الائتمان؛ الأمر الذي أدى إلى إلغاء أو تأجيل مئات المشروعات في الدول الست؛ لكن التأثير الذي أصاب دولة الإمارات العربية المتحدة ربما يعد الأكبر.
كما خفضت وكالات عالمية، تصنيف مؤسسات مالية ومصارف تعمل في المنطقة في الآونة الأخيرة.
وبيَّن تقرير أن الهزة المالية العالمية تسببت في فقد نحو 51 في المئة من مجموع القيمة السوقية لقطاع الخدمات المالية في العالم في العام 2008، ويعتقد أن الاضطراب في الأسواق المالية العالمية سيستمر إلى وقت طويل. وأفاد رؤساء تنفيذيون لمصارف عالمية في استطلاع أنهم لا يتوقعون انتهاء الأزمة المالية قبل العام 2010.
العدد 2387 - الخميس 19 مارس 2009م الموافق 22 ربيع الاول 1430هـ