حفل العام 2004 بـ «إنجازات» رياضية في بعض الدول العربية و«خيبات أمل» في بعضها الآخر على ضوء النتائج التي تحققت خصوصا في الدورة الأولمبية السابعة والعشرين التي استضافتها أثينا في أغسطس / آب الماضي.
وحقق الإنجازات أبطال كان يتوقع لهم أن يتوجوا فتألقوا وتوهجوا وعانقوا الذهب الأولمبي، وخاب أمل الذين كانوا يسعون إلى تحقيق نتائج أفضل من سيدني 2000 بعد أن سقطوا في الامتحان على ارض بلاد «الإغريق» خصوصاً ألعاب القوى في دول الخليج.
وأقيمت الدورة العربية من 24 سبتمبر/ أيلول إلى 8 أكتوبر / تشرين الأول في الجزائر في ظل خسوف أو ربما كسوف أحدثته شمس الأولمبياد الذي كان انتهى قبل 3 أسابيع وتجمع فيه أبطال العالم بمن فيهم العرب، فحجب النور عن التظاهرة العربية التي كانت بحد ذاتها خيبة أمل.
ومن الطبيعي أن يحجب العرس الاولمبي الاهتمام، ومنه الإعلامي خصوصاً على الأقل، عن العرس العربي نظرا لقصر الفترة الفاصلة بينهما فضلا عن الإشباع الصحافي والإعلامي في أثينا والإرهاق الذي أصاب الرياضة والرياضيين على حد سواء فكانت المشاركة بالصف الثاني ومن دون وباللذين لم يحققوا معايير المشاركة الأولمبية.
والجميع كان يعرف مسبقا بمن فيهم المنظمون الجزائريون أن الدورة العربية العاشرة لن تلقى الاهتمام الكافي كسابقاتها، وتحديداً منذ إعلان موعدها الجديد بعد تأجيلها أكثر من عام بسبب الزلزال المدمر الذي ضرب الجزائر وذهب ضحيته أكثر من 10 آلاف شخص علاوة على الخسائر المادية الكبيرة.
رياضيا، تلألأ في الجزائر أكثر من نجم وفي المقدمة منهم السباح التونسي أسامة الملولي المعروف دوليا (ذهبية وبرونزية في بطولة العالم الصيف الماضي في انديانابوليس الأميركية) وأولمبيا وأفضل رياضي في بلاده للعام الثاني على التوالي، والسباحة المصرية سلمى زينهم والعداءة الجزائرية بايا رحولي وهي معروفة دوليا أيضا، وفرضوا أنفسهم في الرياضات التي شاركوا فيها.
وتصدرت مصر الدورة برصيد 170 ميدالية (81 ذهبية و41 فضية و48 برونزية)، وجاءت الجزائر المنظمة في المركز الثاني برصيد 229 ميدالية (74 ذهبية و77 فضية و78 برونزية)، فيما حلت تونس في المركز الثالث ولها 142 ميدالية (48 ذهبية و42 فضية و52 برونزية).
وكان الملولي النجم المطلق في منافسات السباحة وبين الرجال لأنه الأكثر تتويجا (6 ذهبيات و4 فضيات وبرونزية واحدة)، بينما كانت الشابة زينهم (18 عاما) الأكثر تتويجا لدى السيدات (6 ذهبيات وفضيتان) وأكدت أحقيتها بخلافة مواطنتها الشهيرة رانيا علواني التي حققت نتائج رائعة في الدورات العربية وجمعت نحو 20 ميدالية في دورتي بيروت 1997 وعمّان 1999.
وحصدت رحولي 4 ذهبيات وكانت قريبة من الخامسة لولا الخطأ الذي ارتكبته في سباق التتابع 4 مرات 100م، كما لم يشذ مواطنها سليم ايلاس، حامل برونزية بطولة العالم 2002 في موسكو، عن القاعدة وأحرز 4 ذهبيات في منافسات السباحة أيضا.
ووزعت 1023 ميدالية في الدورة وسجلت فيها حال منشطات واحدة كان لليمني عدلي محمد غانم، بطل وزن 54 كلغ في التايكواندو.
عام إنجازات الكروج
أولمبيا، تراجعت غلة العرب من 14 ميدالية في أولمبياد سيدني قبل أربع سنوات إلى 10 في أثينا مع تحسن في نوعية المعدن إذ تضمنت 4 ذهبيات (مقابل واحدة في سيدني) منها اثنتان للنجم المطلق العداء المغربي هشام الكروج، وشهدت الدورة أيضا طفرة مصرية بعد غياب 20 عاما، وتدوين اسم الإمارات في السجلات الاولمبية لأول مرة في تاريخها عبر بطل الرماية الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم.
وكان العام 2004 بالفعل عام الكروج فحقق «إنجازا مزدوجا» في سباقي 1500 م و5 آلاف م وعوض اخفاقيه السابقين في أولمبيادي اتلانتا 96 وسيدني 2000ر وبات ثاني عداء في التاريخ يحقق هذا الإنجاز في دورة واحدة بعد الفنلندي الشهير بافو نورمي العام 1924 في دورة باريس.
وتفوق الكروج بجرأته وتصميمه على العملاقين الإثيوبي بينينيسا بيكيلي حامل الرقم القياسي لسباقي 5 آلاف و10 آلاف م، والكيني ايليود كيبتشوغ بطل العالم في السباق الأخير، وحقق في مدى خمسة أيام ما عجز عنه في 8 سنوات لا سيما انه خاض سباق 5 آلاف م للمرة الأولى هذا العام، ولم يخلد للراحة بعد فوزه بسباق 1500 م إلا اقل من 24 ساعة قبل المشاركة في تصفيات السباق الأول.
ونال الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم شرف أن يكون أول إماراتي يمنح بلاده ذهبية في الألعاب الاولمبية عندما فاز بمسابقة الحفرة المزدوجة (دبل تراب) معادلا الرقم الاولمبي الذي كان بحوزة الاسترالي مارك راسل بعد أن أصاب 189 طبقا من أصل 200.
ويعتبر ما حققه الشيخ أحمد (41 عاما) إنجازا لأنه بدأ التدريب من اجل المنافسة في المحافل الرياضية الدولية عندما كان في منتصف الثلاثينات في وقت يعتزل فيه كثيرون من الرياضيين.
وقرر احمد بن حشر الاعتزال بعد أثينا احتجاجا على عدم الاهتمام برياضة الرماية لكنه تراجع عن قراره بعد تدخل المسئولين والوعود الكثيرة بإحداث التطور المنشود.
خيبة أمل خليجية
وباستثناء الإمارات، خاب أمل الدول الخليجية في الأولمبياد خصوصا السعودية، فبعد فضية هادي صوعان قبل أربع سنوات في سباق 400 م حواجز وبلوغ حمدان البيشي نهائي سباق 400 م وحسين السبع نهائي مسابقة الوثب الطويل، فشل صوعان والبيشي في بلوغ السباق النهائي، في حين لم يشارك السبع لاتهامه بتناول مواد محظورة.
وخيب العداء البحريني رشيد رمزي الآمال المعقودة عليه في سباق 1500 م خصوصاً أنه هزم الكروج في لقاء روما الدولي وحل في المركز الأول ما جعله بين المرشحين لاعتلاء منصة التتويج، لكنه فشل حتى في بلوغ السباق النهائي.
وحل القطريان موسى عبيد عامر وخميس عبدالله في المركزين الرابع والخامس عشر على التوالي في سباق 3 آلاف م موانع، وأفلتت برونزية مسابقة السكيت في الرماية من مواطنهما ناصر العطية بعد أن أصاب 147 طبقا من اصل 150 ليتعادل مع راميين آخرين فخاضوا جولة فاصلة خرج منها أولا الأميركي ثم القطري وكان المركز الثالث من نصيب الكوبي.
ولم يثبت أي من المشاركين الجزائرين وجوده في أثينا، وحققت مصر «طفرة» بعد سبات استمر 20 عاما ابتعدت خلاله نهائيا عن منصات التتويج فأحرزت خمس ميداليات منها ذهبية تاريخية جاءت بعد غياب 56 عاما عن طريق مصارعها كرم جابر إبراهيم الذي اختير أفضل مصارع في الدورة.
وكانت مصر تبحث عن ميدالية من أي نوع للمرة الأولى منذ أن أحرز محمد رشوان فضية الوزن الثقيل في الجودو في أولمبياد لوس أنجليس 1984.
وفرضت الملاكمة المصرية نفسها أيضا من خلال إحراز فضية وبرونزيتين، ودخلت مصر أيضا سجلات رياضة التايكواندو للمرة الأولى بواسطة تامر بيومي الحاصل على ميدالية برونزية.
وفي كرة القدم، كانت الحال أفضل فلفت المنتخب العراقي الاولمبي نظر الجميع بعروضه الرائعة ولم يتوان رئيس الاتحاد الدولي جوزف بلاتر عن متابعة ثلاث من مبارياته مشيدا بالروح القتالية للاعبيه واصفا إياه بأنه «منتخب المستقبل».
وضرب المنتخب العراقي بقوة في مباراته الأولى فحقق نتيجة لافتة بفوزه على البرتغال 4/2 اتبعه بفوز مستحق على كوستاريكا 2/صفر وضعه في ربع النهائي.
واجتاز عقبة استراليا في ربع النهائي ليصبح على مشارف منصة التتويج لكنه خسر في نصف النهائي أمام البارغواي، ثم أمام ايطاليا في مباراة المركز الثالث. ويحسب لتونس إحرازها كأس أمم إفريقيا على أرضها وللمغرب لقب الوصيف، ولقطر كأس الخليج التي نظمتها ولعمان لقب الوصيف، فيما فقدت مصر والسعودية كثيرا من هيبتهما الكروية واستمر انحدار مستوى ونتائج المنتخب الجزائري
العدد 843 - الأحد 26 ديسمبر 2004م الموافق 14 ذي القعدة 1425هـ