العدد 2388 - الجمعة 20 مارس 2009م الموافق 23 ربيع الاول 1430هـ

أوباما يعرض على إيران حوارا قائما على الاحترام المتبادل

دعوة تاريخية لإنهاء 30 عاما من القطيعة ... وطهران تدرس الرد

وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما دعوة تاريخية مباشرة إلى الشعب الإيراني أمس (الجمعة) حثهم فيها على إنهاء عقود من العداء وعرض إجراء حوار «نزيه» مع الجمهورية الإسلامية.

وقال أوباما في الخطاب المسجل على شريط فيديو بمناسبة السنة الإيرانية الجديدة (النوروز) إن إدارته تتعهد «باتباع دبلوماسية تعالج مجموعة من القضايا التي نواجهها، والسعي إلى إقامة علاقات بناءة بين الولايات المتحدة وإيران والمجتمع الدولي». ووصف أوباما، في خروج كبير عن سياسات سلفه جورج بوش، الاحتفالات بأنها «موسم بدايات جديدة»، مضيفا أنه يرغب في بدء عهد جديد من «الحوار النزيه والقائم على الاحترام المتبادل».

و في أول رد فعل رسمي من جانب إيران على رسالة الرئيس الاميركي باراك أوباما قال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي فى ساعة متأخرة من مساء أمس (الجمعة) إنه يدرس عرض الرئيس الأميركي الوارد في الرسالة بإجراء محادثات مباشرة مع القيادة في طهران .

وأعلن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أنه «لطيف من واشنطن أن تستغل عيد رأس السنة الفارسية لتبعث رسالة سلام كهذه إلى إيران» .


ترحيب دولي بـ «روح القيادة الكبرى» التي أبداها الرئيس الأميركي حيال ايران

CNN:أوباما يعد إيران بـ«بـداية جديدة»... و«مكانة تستحقها» دوليا

الوسط - المحرر السياسي

قالت شبكة الـ «سي إن إن» الأميركية ان الرئيس الأميركي باراك أوباما فتح صفحة جديدة بإطلاق دعوة علنية للحوار مع ايران بعد ثلاثين عاما من القطيعة بين البلدين. واختار أوباما اختفالات الايرانيين بعد النوروز لإطلاق دعوته الموجهة الى الشعب الإيراني والى حكومة الجمهورية الإسلامية.

وكان أوباما قد وجه نداء مسجلا على شريط فيديو إلى إيران، أمس الجمعة، وعد فيه الجمهورية الإسلامية بـ “بداية جديدة” على أساس من “الاحترام المتبادل.” والرسالة التي أختار أوباما أن يوجهها الجمعة، الذي يصادف عيد النيروز وبدء السنة الإيرانية الجديدة، تمثل تحولا مثيرا في لهجة الخطاب الأميركي، بعد أن كان الرئيس السابق جورج بوش قد شمل إيران إلى جانب كوريا الشمالية والعراق في مصطلح «محور الشر».

وانقطعت القنوات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وايران في عام 1979 في أعقاب أزمة الرهائن الأمريكيين الذين احتجزتهم السلطات الايرانية آنذاك لمدة 444 يوما وانتهت الأزمة بتدخل قوات المشاة البحرية الأميركية.

وقال أوباما مخاطبا إيران “الولايات المتحدة تريد أن تتبوأ إيران المكانة التي تستحقها في المجتمع الدولي، وهذه المكانة لا يمكن أن يتم التوصل إليها عن طريق الإرهاب أو السلاح، وإنما من خلال حوارات سلمية تظهر العظمة الحقيقية للشعب الإيراني وحضارته.”

وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال الشهر الماضي إن بلاده ترحب بمحادثات مع الولايات المتحدة “في أجواء نزيهة واحترام متبادل.”

وتعتقد الولايات المتحدة، وعدد من الدول الأوروبية و«إسرائيل» أن طهران تسعى إلى امتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية، إلا أن إيران أكدت غير مرة أن “برنامجها النووي هو لأغراض سلمية فقط.”

وقال أوباما “لدينا خلافات خطيرة نمت مع مرور الوقت... إدارتي الآن ملتزمة بالدبلوماسية لعلاج مجموعة كاملة من القضايا المطروحة، والسعي لبناء العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران والمجتمع الدولي.”

واستدرك أوباما مخاطبا زعماء إيران “لكن هذه العملية لن تتعزز بالتهديدات.. نحن نسعى بدلا من ذلك إلى حوار يكون خالصا ويقوم على الاحترام المتبادل.”

وقد وزع البيت الأبيض شريط الفيديو مع ترجمات باللغة الفارسية ونشره في موقع البيت الأبيض الإلكتروني ليتزامن مع احتفال إيران بعيد النيروز (أول الربيع).


إيران ترحب بالمبادرة

وبثت شبكة «الجزيرة» التصريحات الايرانية التي رحبت بدعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما لبداية جديدة للعلاقات الثنائية بين الطرفين, لكنها طالبته في الوقت ذاته بأفعال ملموسة لتجاوز أخطاء الماضي, كما اعتبر الاتحاد الأوروبي العرض الأميركي “جيدا للغاية”.

وقال علي أكبر جوانفكر مساعد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد “نرحب برغبة الرئيس الأميركي في وضع حد لخلافات الماضي”. وأضاف أن واشنطن يمكن أن “تمد يد الصداقة من خلال التغيير الجذري لسلوكها”.

وأضاف جوانفكر أن “الأمة الإيرانية أظهرت أن بمقدورها نسيان السلوك المتسرع لكنها تنتظر خطوات عملية، مشيرا إلى أن أوباما تحدث عن التغيير لكنه “لم يتخذ أي خطوات ملموسة لإصلاح الأخطاء التي ارتكبت”.

وتطرق المسؤول الإيراني إلى العقوبات التي جددتها إدارة أوباما على بلاده لعام إضافي, قائلا إن “العقوبات غير المحدودة التي لا تزال قائمة والتي جددتها الولايات المتحدة هي خطأ وتنبغي مراجعتها”.


عرض جيد

من جانبه أعرب منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عن أمله في أن تفتح رسالة الرئيس الأميركي إلى إيران صفحة جديدة في فصل العلاقات مع طهران.

ووصف سولانا على هامش قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، دعوة أوباما بأنها “عرض جيد وإعلان مدروس للغاية”. وشدد المنسق على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على حل الخلاف مع طهران بشأن برنامجها النووي.

أما الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز فأعرب خلال تهنئة لإيران بمناسبة عيد النوروز عن يقينه بأن تعود “الصداقة الحميمة” لتسود العلاقات مع طهران.

وقال بيريز في رسالة وجهها عبر صوت إسرائيل باللغة الفارسية إن هناك “مكانة خاصة لإيران ولشعبها في تراث الشعب اليهودي, مشيرا إلى أن الملك الفارسي كروش الكبير هو الذي سمح للشعب اليهودي بالعودة إلى وطنه من المنفى في بابل وببناء الهيكل الثاني”.


ردود فعل إيرانية غير رسمية

وفي تعليقه على خطاب الرئيس الأميركي قال رئيس تحرير مجلة الوحدة الإيرانية عباس خامه يار لـ «الجزيرة» إن هناك يأسا لدى الإيرانيين من السياسة الأميركية, مضيفا أن أوباما اشترط على طهران عدم دعمها لما يسمى الإرهاب وهذا الشرط لن يقبله الإيرانيون.

وأشار إلى أن واشنطن رغم إعلانها بدء فتح صفحة جديدة فإنها لا تزال تدعم المعارضة الإيرانية المسلحة ولا تزال تحتجز الأرصدة الإيرانية، مؤكدا أن طهران تريد مواقف عملية من الجانب الأميركي.

ونقلت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء تصريحات للصحافي والمحلل السياسي الإيراني فرهاد بيزيشكي ، الذي استبعد أن يؤثر الانفتاح الأميركي الجديد الذي عكسته كلمة الرئيس الأميركي باراك اوباما للايرانيين على المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وقال “نذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما شدد في مناسبات عدة على ضرورة ان تعلق طهران برنامجها النووي ولكنني اعتقد ان ما جاء في كلام الرئيس الأميركي يعكس رغبة في المفاوضات” مشيرا إلى أن الموقف الجديد للإدارة الأميركية الجديدة لن يكون له وقع مباشر لصالح الاصلاحيين في الانتخابات الرئاسية الايرانية القادمة” حسب تعبيره.

ورأى بيزيشكي (وهو مراسل تلفزيون الشباب الإيراني في روما) أن الرسالة التي وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الشعب والحكومة في إيران “لم يتضح وقعها بعد على القيادة السياسية الايرانية لكن أول رد فعل صدر عن أحد مستشاري الرئيس أحمدي نجاد الذي قال ان عبارات الرئيس أوباما جيدة جدا لكننا لانزال بحاجة للأفعال” وأضاف “إن اهم ما تتطلع إليه القيادة الإيرانية من واشنطن هو ان تتخلى هذه الاخيرة عن سياستها المتعجرفة على المستوى الدولي وأن تعتذر عن الماضي لاسيما موقفها من حكومة مصدق حين أيدت الانقلاب عليه ثم دعمها لصدام حسين في الحرب العراقية الإيرانية” على حد قوله.

واعتبر الصحافي الايراني أن مضمون رسالة اوباما “تعكس انفراجا وجزء من سياسته للتغيير التي كان قد تحدث عنها إذ أن أراد التعبير عن انفتاح تجاه ايران حيث اعرب لأول مرة عن إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة “ وأضاف “مضمون الرسالة كان معدا بشكل جيد للغاية إذ بثت مترجمة باللغة الفارسية وحاول عمليا بذريعة تقديم التهنئة للايرانيين أن يظهر انه يعرف الحضارة والثقافة الايرانيتين وأنه يقدر الاسهام الذي قدمته للحضارة الانسانية وللعالم أجمع. بل واستشهد بقصيدة لأحد أبرز الشعراء الفارسيين، وهذا كان له معنى ثم قال عام سعيد باللغة الفارسية، مما يعد رسالة ايجابية للغاية للايرانيين عموما شعبا وحكومة” وأضاف “إن الانطباع الذي تركه لدينا هو نية صريحة بمراجعة العلاقات الأميركية الإيرانية” حسب تعبيره.


فرنسا ترحب

من جانبها رحبت الحكومة الفرنسية بدعوة اوباما الى فتح حوار دبلوماسي لتسوية الخلافات القائمة واعادة انضمام ولاعادة انضمامها في المجتمع الدولي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية ايريك شيفاليير في تصريحات للصحافيين “ندعم فكرة الدخول في حوار مباشر بعد مضي ثلاثة عقود من الزمن”.

وذكر ان فرنسا رأت “رسالة واضحة” في الرسالة التي بعثها الرئيس أوباما الى طهران وقال ان “هذه الرسالة قريبة جدا ومشابهة لما نقوله” معربا عن سعادة الحكومة الفرنسية العارمة بهذه الرسالة المباشرة.

وفيما يتعلق بتوجهات الدول الست التي تتناول ملف ايران النووي نحو فرض عقوبات دولية على طهران شدد شيفاليير على القول “ليس هناك اي اجراء رسمي يتعلق بفرض عقوبات في هذه المرحلة”.

ولاحقا أثنى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس (الجمعة) على بادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما حيال إيران.

وقال ساركوزي خلال مؤتمر صحافي في ختام قمة أوروبية في بروكسل «مضت سنوات ونحن ننتظر أن يلتزم الأميركيون مجددا في الملف الإيراني» كما في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

وأضاف «أنه نبأ سار»، في إشارة إلى قيام أوباما بخطوة تاريخية إذ توجه مباشرة إلى القادة الإيرانيين عارضا عليهم تخطي ثلاثين عاما من الخلاف.

وقال ساركوزي «أن يتخذ الرئيس الأميركي قرارا بالالتزام مجددا العمل من أجل السلام، فهذا أمر إيجابي تماما».


ألمانيا وإيطاليا: المبادرة منعطف تاريخي

وقالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، ردا على مبادرة أوباما «أعتبر أن رسالة الرئيس أوباما تعكس بالضبط ما أراده الأوروبيون على الدوام، وهو أن يقدم عرض لإيران وأن تقبل به على ما آمل». كذلك رحب وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني “بروح القيادة الكبرى” التي ابداها الرئيس الاميركي باراك اوباما في رسالة الانفتاح التي وجهها الى ايران واعرب عن امله في ان تستجيب طهران اليها. وصرح فراتيني لقناة «سكاي تي جي- 24 » من بروكسل حيث يشارك في القمة الاوروبية “اعتقد انه ابدى روحا قيادية كبرى”، في اشارة الى رسالة السلام التي وجهها اوباما ليلا الى شعب ايران وقادتها.

واضاف «انه تغير كبير (...) في الاتجاه الذي ترغبه ايطاليا». وقال «سنرى الخطوة التالية في لاهاي” التي تستضيف في اواخر الشهر مؤتمرا دوليا حول افغانستان وجهت الولايات المتحدة دعوة الى ايران للمشاركة فيه».

واضاف فراتيني «سنرى اذا سترسل ايران وزير خارجيتها منوشهر متقي، وهو ما اتمناه شخصيا لان ايران لديها تأثير كبير في افغانستان وتستطيع المساعدة، بشكل خاص في مكافحة مهربي المخدرات». وتفكر ايران حاليا في المشاركة في المؤتمر ولم تعلن ردها النهائي بعد. وسبق ان احجم النظام الايراني عن المشاركة في مؤتمر مشابه نظمته فرنسا في كانون الاول/ديسمبر.

وذكر فراتيني بان ايطاليا لطالما دعت الى مشاركة ايرانية واسعة في العلاقات الدولية. ودعت روما طهران الى المشاركة في مؤتمر وزاري لمجموعة الثماني مخصص لافغانستان في اواخر حزيران/يونيو في تريستي، شمال ايطاليا.

واكد فراتيني “سنقوم بما علينا” مشيرا الى ان الانفتاح على ايران ينبغي الا يتم على حساب “دراسة جدية للملف النووي” الايراني.


الاتحاد الأوروبي: رسالة بناءة جدا

ومن جهته، قال الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا «أعتقد أنها رسالة بناءة جدا». وتابع «آمل حقا أن تعير إيران اهتماما لما قاله الرئيس أوباما»، معتبرا أن هذه البادرة يمكن أن «تفتح فصلا جديدا في العلاقات مع طهران».

وانتهجت الدول الأوروبية حتى الآن سياسة مزدوجة في محاولة لإقناع إيران بالتخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم الذي تشتبه بأنه يهدف إلى صناعة السلاح الذري.

فهي تعرض من جهة على إيران تفعيل التعاون الاقتصادي والسياسي معها إذا ما أوقفت عمليات التخصيب، بموازاة فرض عقوبات عليها لمواصلتها برنامجها النووي الذي يثير جدلا.

وأفادت مصادر دبلوماسية أن الأوروبيين باشروا في الأسابيع الأخيرة وضع عقوبات جديدة «لدعم» عزم الإدارة الأميركية الجديدة على الحوار.

وأصدر مجلس الأمن الدولي حتى الآن ثلاث مجموعات من العقوبات في حق إيران بسبب نشاطاتها النووية الحساسة.


روسيا ترحب

ونقلت وكالة نوفوستي الروسية تصريج نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في مؤتمر صحافي في موسكو أمس أن روسيا ترحب بكلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما الى الشعب الإيراني.

فتعليقا على كلمة أوباما التي وجهها إلى الشعب الإيراني بمناسبة عيد نوروز، قال ريابكوف: “نرحب بذلك. فمن المهم بالنسبة لنا أن الإدارة الأميركية تسعي للقيام بخطوات للتوصل إلى اتفاق مع طهران في الميدان السياسي الدبلوماسي. وإننا نعتبر هذا الطريق الأمثل من وجهة نظر تبديد قلق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من تنفيذ إيران برنامجها النووي”.

وذكّر بأن قرارات مجلس الأمن الدولي وتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد عكست هذا القلق.

وأشار ريابكوف إلى أن “روسيا ترى أنه لا يمكن تقويم الثقة بالطابع السلمي البحت للبرنامج النووي الإيراني إلا بالطرق السياسية الدبلوماسية والجهود التي ترمي إلى الحوار مع إيران بالذات”.

وأكد أن روسيا لا تزال ترى أنه لا توجد إي مؤشرات لتحويل البرنامج النووي الإيراني إلى الأغراض الحربية.


المبادرة قد تنهي عقودا من العداء

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية من العاصمة الأميركية (واشنطن دي سي) آراء لخبراء قالوا فيها أن المبادرة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه إيران، والتي تمثلت في توجيه رسالة تلفزيونية خاصة متلفزة، الجمعة 20 مارس / آذار 2009، يمكن أن تمهد الطريق لإنهاء 3 عقود من التوتر بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.

وأضافوا أنه، بفتح المجال للحديث مع إيران، فإن أوباما يأمل في إحلال السلام والاستقرار في العراق وأفغانستان ولبنان وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، إضافة إلى مكافحة انتشار الأسلحة النووية.

فبعد الاطلاع على نص الرسالة التي وجهها أوباما إلى الإيرانيين وقادتهم بمناسبة عيد النيروز، الذي يحتفل فيه الإيرانيون بعامهم الجديد، يؤكد الخبير في منع انتشار الأسلحة النووية، ورئيس صندوق “بلاوشيرز” جو كيرينكيون أن “إيران دولة محورية في حل أصعب التحديات في السياسة الخارجية الأميركية”، مؤكدا أن “هذه التحديات متداخلة وأوباما يفهم ذلك”، ويضيف “نحن غير معتادين على ذلك، أي على رئيس له هذه السياسة الشاملة والمتكاملة والمتطورة”.

لكن أوباما “لا يشعر بحاجة إلى استعراض قوتها ورسم خط أحمر حول البرنامج (النووي) الإيراني”، بحسب كيرينكيون، الذي يقارن أسلوب أوباما والسياسات المتشددة التي اتبعتها إدارة سلفه جورج بوش، الذي صنف إيران في “دول محور الشر” إلى جانب العراق وكوريا الشمالية.

وقد يكون أوباما التزم بالعموميات، إلا أنه أشار إلى الاتهامات الأميركية بأن طهران تلعب دورا تدميريّا بدعمها المسلحين في العراق وأفغانستان المجاورتين، إضافة إلى لبنان والأراضي الفلسطينية.

فعلى سبيل المثال وفي معرض دعوته إيران إلى أخذ مكانتها في العالم بعد سنوات من العزلة، قال أوباما إنه “لا يمكن الوصول إلى ذلك من خلال الإرهاب والأسلحة، ولكن من خلال التحركات السلمية”، لكن النقطة الرئيسة في كلمته كانت دعوة مباشرة ومتواضعة لإنهاء ثلاثة عقود من العداوة بين واشنطن وطهران.

ويرى رئيس المجلس الإيراني الأميركي القومي كيرينكيون وتريتا بارسي، أن بادرة أوباما كانت لبقة، خاصة أنها خلت من التضخيم وتطرقت إلى المخاوف الإيرانية ووعدت بتغيير استراتيجي وليس تكتيكيا في العلاقات. وتوقع بارسي أن تطمئن القيادة الإيرانية، التي أفزعتها محاولات إدارة بوش تغيير نظامها الإسلامي، إلى أن أوباما سيقبل الطبيعة الإسلامية للجمهورية.

وتعليقا على عبارة أوباما بأن “الولايات المتحدة ترغب في أن تأخذ الجمهورية الإسلامية مكانها المناسب في المجتمع الدولي”، قال بارسي إن القيادة والشعب الإيرانيين سيرحبون بدعوة الرئيس الأميركي لوضع المكاسب على المدى البعيد فوق المكاسب القصيرة الأمد، وإنهاء العداوة المستمرة بين واشنطن وطهران. وأضاف أن أوباما “يشير إلى نية استراتيجية، وهو يتحدث عن هدف إقامة علاقات بناءة بين إيران والولايات المتحدة... كما أنه كان واضحا في أن الخلافات بين الدولتيين لا يمكن حلها من خلال التهديدات”.

ويدعو المجلس الذي يترأسه بارسي إلى التوصل إلى حل دبلوماسي بدلا من المواجهة بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقال بارسي إنه شعر بأن الرسالة التي حملها شريط فيديو “لا تتعلق بسعي الولايات المتحدة لتحقيق كسب تكتيكي بخفض التوترات على المدى القصير من أجل جعل إيران على سبيل المثال تساعد على استقرار أفغانستان المجاورة”.

وسبق أن أكدت إدارة أوباما برغبتها مشاركة إيران في المؤتمر الذي ترعاه الأمم المتحدة حول أفغانستان، ويجري في لاهاي في الـ31 من مارس/آذار، كما أن أوباما “يستخدم كلمات مهمة بالنسبة لإيراني مثل “الاحترام المتبادل”، فالإيرانيون يريدون أن يكونوا على طاولة المفاوضات متساوين مع الطرف الآخر”.

وبالنسبة لكيرينكيون فإن اللهجة التي تحمل احتراما في المبادرة تذكر “بالتحركات التي قام بها نيكسون تجاه الصين” عندما بدأ حوارا استراتيجيا مع بكين، وعزز ميزان القوى الأميركية مع الاتحاد السوفياتي. بدوره أشاد الخبير الإيراني في جامعة أستراليا القومية في كانبيرا حسين حيراني مجاهد برسالة أوباما، معتبرا أنها “أول وأهم قناة حوار بين البلدين والقيادتين.. وهي إيجابية تماما من كافة النواحي، إنها ما يريد الإيرانيون أن يسمعوه”.

وقال إن هذه البادرة تحمل إمكانيات تحسن طويل الأمد في العلاقات الأميركية والإيرانية، وكذلك حل المشاكل الإقليمية التي تعتبر إيران طرفا فيها.

إلا أنه حث إدارة بوش على إتباع هذه البادرة بدبلوماسية صبورة تجري خلف الكواليس والاستعداد للعقبات على طول الطريق في المفاوضات بين البلدين، وأضاف “أعتقد أن القيادة الإيرانية سترد بشكل إيجابي على تلك البادرة، ولكنها ستذكر الولايات المتحدة بحقوقها ومصالحها”.



مخاطبا الشعب الإيراني في عيد النوروز

أوباما يطرح مبادرة «تاريخية» للحوار مع إيران

واشنطن - وكالات

وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما دعوة تاريخية مباشرة إلى الشعب الإيراني أمس (الجمعة) حثهم فيها على إنهاء عقود من العداء وعرض إجراء حوار «نزيه» مع الجمهورية الإسلامية.

ورحب مستشار بارز للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بمبادرة أوباما إلا أنه حث واشنطن على الاعتراف بـ «أخطاء الماضي» وإصلاحها.

وقال أوباما في الخطاب المسجل على شريط فيديو بمناسبة السنة الإيرانية الجديدة (النوروز) إن إدارته تتعهد «باتباع دبلوماسية تعالج مجموع من القضايا التي نواجهها، والسعي إلى إقامة علاقات بناء بين الولايات المتحدة وإيران والمجتمع الدولي». ووصف أوباما، في خروج كبير عن سياسات سلفه جورج بوش، الاحتفالات بأنه «موسم بدايات جديدة»، مضيفا أنه يرغب في بدء عهد جديد من «الحوار النزيه والقائم على الاحترام المتبادل».

وقال أوباما إنه يرغب في «علاقات بناءة مع إيران» تمكنها من أخذ «مكانها الصحيح» في العالم في حال نبذت العنف وتبنت السلام. وأضاف «على مدى ثلاثة عقود كانت العلاقات بين بلادنا متوترة. لكن في هذه المناسبة نذكر العناصر الإنسانية المشتركة التي تجمع بيننا. ستحتفلون بالتأكيد بالعام الجديد بالطريقة نفسها التي يحتفل فيها الأميركيون بأعيادهم، بالتجمع مع الأصدقاء والعائلة، وتبادل الهدايا والحكايات والتطلع إلى المستقبل بروح متجددة من الأمل». والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين متوقفة منذ العام 1980 في أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية واحتجاز دبلوماسيين أميركيين رهائن لأكثر من عام.

وقال مستشار الرئيس الإيراني علي أكبر جوانفكر في رد فعل على رسالة أوباما «نرحب برغبة رئيس الولايات المتحدة وضع خلافات الماضي جانبا». وأضاف أن «على الإدارة الأميركية أن تدرك أخطاءها الماضية وتصلحها وذلك كوسيلة لوضع الخلافات جانبا». وأكد أن على أوباما «تجاوز الكلام والقيام بتحرك. وإذا أظهر أوباما استعدادا للقيام بعمل، فإن الحكومة الإيرانية لن تدير ظهرها له»، مدينا ما وصفه بـ «التوجهات العدوانية والعدائية والاستعمارية للحكومة الأميركية».

وقال وزير الطاقة الإيراني برويز فتاح إن رسالة أوباما «إيجابية» لكن يجب أن يتبعها «تحرك إيجابي». وقال فتاح على هامش مؤتمر المياه العالمي الذي يجري في اسطنبول إن «هذه الرسالة إيجابية... على رغم وجود بعض النقاط السلبية فيها».

وأضاف أن «القادة الإيرانيين سيقيمون بدقة هذه الرسالة. نعتقد أننا بحاجة، إضافة إلى الرسائل، إلى تحرك إيجابي من أوباما وكذلك من حكومته. بالإضافة إلى الأقوال نريد أفعالا».

وبدون الإشارة إلى الاتهامات الموجهة إلى إيران بدعم «الإرهاب» أو بشأن برنامجها النووي، قال أوباما إن «الولايات المتحدة تريد أن تأخذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية مكانها المناسب في المجتمع الدولي». وأضاف متوجها للإيرانيين «أنتم تملكون هذا الحق، لكنه يأتي بمسئوليات حقيقية ولا يمكن شغل هذه المكانة بالإرهاب ولا بالأسلحة بل بالتحركات السلمية التي تبرهن على العظمة الحقيقية للشعب والحضارة الإيرانية. مقياس هذه العظمة لا يتجسد في القدرة على التدمير، بل في قدرتكم على البناء والإبداع». وأكد أوباما على إمكانية «وجود فرص أكبر للشراكة والتجارة». وقال إن ذلك «مستقبل يتم التغلب فيه على الانقسامات القديمة وحيث تعيشون أنتم وكل جيرانكم في عالم أوسع في أمن وسلام أكبر».

ولم يذكر أوباما تخصيب اليورانيوم ولكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة لديها «أوجه اختلافات خطيرة نمت بمرور الوقت».

في غضون ذلك، تعهد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي في رسالة مسجلة نشرت أمس بمواصلة العمل النووي لبلاده قائلا «إن التقدم (النووي) في إيران في السنة الفارسية الماضية كان بارزا واستمراره سيحقق للدولة الإيرانية المزيد من الاعتراف والجدارة الدوليين».

وقال الخامنئي «إن خبراءنا المحليين نجحوا في تحقيق نجاح كبير في التكنولوجيا النووية رغم العقوبات الدولية وسوف يمهدون السبيل لمزيد من التقدم في هذا الخصوص».

وعكست الرسالة وفاء أوباما بوعده الذي قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية العام الماضي بتبني اسلوب الدبلوماسية والعمل مع إيران كما أظهرت تحولا كبيرا عن سياسات سلفه جورج بوش الذي رفض التعامل مع القيادات الإيرانية.

وفي عيد النوروز العام الماضي قدم بوش تحية موجزة بالعام الجديد ثم هاجم زعماء إيران في مقابلة مع صوت أميركا بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد التي تسببت في ثلاث جولات من عقوبات الأمم المتحدة.


تسلسل زمني للعلاقات الإيرانية الأميركية

في ما يلي المحطات الرئيسية في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة التي قطعت في العام 1980.

- 1953: انقلاب يطيح رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق، دبرته الاستخبارات الأميركية والبريطانية. دعمت القوى الغربية حكم شاه محمد رضا بهلوي الذي اعتمد على جهاز أمني يرعب الإيرانيين.

- 04 نوفمبر/ تشرين الثاني 1979: احتجاز دبلوماسيين في السفارة الأميركية في طهران من قبل طلاب إسلاميين طالبوا بإعادة الشاه محمد رضا بهلوي من الولايات المتحدة إذ كان يتلقى العلاج. وقبل سبعة أشهر من ذلك، في الأول من أبريل/ نيسان أعلن السيد روح الله الخميني قيام الجمهورية الإسلامية التي أصبح مرشدها.

- 07 أبريل 1980: قطع العلاقات الدبلوماسية بمبادرة من الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر. وأفرج عن آخر الرهائن الأميركيين في 20 يناير/ كانون الثاني 1981 يوم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب رونالد ريغن.

- 04 نوفمبر 1986: فضيحة «إيران غيت». الكشف عن زيارة مبعوث لريغن وتسليم أسلحة أميركية إلى طهران مقابل الإفراج عن الرهائن الأميركيين المحتجزين في لبنان.

- 03 يوليو/ تموز 1988: فرقاطة أميركية تسقط عن «طريق الخطأ» طائرة تابعة للخطوط الإيرانية من طراز «ايرباص» مما أسفر عن مقتل 290 شخصا.

- 26 فبراير/ شباط 1993: واشنطن تتهم طهران على إثر محاولة تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك (ستة قتلى ونحو ألف جريح).

- 30 أبريل 1995: واشنطن تفرض حظرا تجاريا وماليا على إيران.

- 19 يونيو/ حزيران 1996: الكونغرس الأميركي يتبنى قرارا يفرض عقوبات على الشركات التي تريد الاستثمار في قطاع النفط والغاز في إيران.

- 15 سبتمبر/ أيلول 2000: لقاء بين وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت ونظيرها الإيراني كمال خرازي على هامش اجتماع للأمم المتحدة بشأن أفغانستان في نيويورك.

- 07 أكتوبر/ تشرين الأول 2001: إيران تدين العملية العسكرية الأميركية ضد أفغانستان.

- 29 يناير 2002: الرئيس الأميركي جورج بوش يعتبر إيران والعراق في عهد صدام حسين وكوريا الشمالية «محورا للشر» يدعم الإرهاب.

- 17 يناير 2005: بوش يلمح إلى تدخل مسلح لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

- 08 أغسطس/ آب: طهران تعاود تخصيب اليورانيوم الأمر الذي أثار مشاكل مع القوى الغربية.

- 16 أغسطس: الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يستبعد أي علاقة مع واشنطن.

- 13 مارس/ آذار 2006: جورج بوش يتهم إيران بتسليح المتطرفين في العراق ويمدد العقوبات.

- 08 مايو/ أيار: رسالة من أحمدي نجاد إلى بوش يقترح فيها «وسائل جديدة» لتخفيف الاحتقان في العالم.

- 31 مايو: واشنطن تبدي استعدادها للمشاركة في محادثات متعددة الأطراف مع طهران إذا تخلت هذه الأخيرة عن برنامجها النووي.

- 06 سبتمبر: أحمدي نجاد يقترح على بوش حوارا خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة وواشنطن ترفض.

- 10 مارس 2007: تبادل الحديث بين السفيرين الأميركي والإيراني في بغداد خلال مؤتمر دولي بشأن استقرار العراق.

- 24 مارس: صدور القرار رقم 1747 الذي يشدد العقوبات التي فرضت على إيران نهاية العام 2006.

- 03/04 مايو: لقاء بين خبراء أميركيين وإيرانيين وتبادل حديث مقتضب بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الإيراني منوشهر متقي على هامش مؤتمر شرم الشيخ بشأن العراق.

- 25 أكتوبر/ تشرين الأول: الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على مصارف وعسكريين إيرانيين.

- 13 أبريل 2008: صحيفة بريطانية تنقل عن مساعد سابق لوزير الخارجية الأميركي أن دبلوماسيين سابقين وخبراء أميركيين التقوا جامعيين ومستشارين سياسيين إيرانيين «في أماكن عدة مختلفة، ولكن ليس في الولايات المتحدة ولا إيران» خلال الأعوام الخمسة الماضية.

- 07 نوفمبر: الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما يؤكد أنه على إيران «الكف عن دعم منظمات إرهابية» وأن إنتاج طهران أسلحة نووية «غير مقبول».

- 26 يناير 2009: أوباما يؤكد مجددا عزمه على تحقيق انفتاح للحوار مع إيران ويؤكد أنه سيمد يده لطهران إذا «لينت قبضتها».

- 28 يناير: الرئيس الإيراني يطلب من أوباما الاعتذار عن «الجرائم» التي ارتكبتها الولايات المتحدة ضد إيران وببدء قطيعة جذرية مع سياسة سلفه جورج بوش.

- 10 فبراير: أحمدي نجاد يؤكد أن إيران مستعدة للحوار لكن في إطار المساواة والاحترام المتبادل.

- 20 مارس: أوباما يتخذ مبادرة تاريخية بالتوجه إلى القادة الإيرانيين مباشرة ويعرض «حوارا نزيها ويرتكز على الاحترام المتبادل»، لكنه يؤكد أن طهران لا يمكنها استعادة مكانتها في الأسرة الدولية «بالإرهاب ولا بالأسلحة».

العدد 2388 - الجمعة 20 مارس 2009م الموافق 23 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً