تبادلت روسيا والولايات المتحدة الأميركية في الأيام الماضية مجموعة من الجواسيس، و لكن هناك فرق بين الجاسوس الناجح والجاسوس الفاشل، وهو الفارق الذي يبرر الاختلاف في طريقة استقبال روسيا للجاسوسين. عندما عاد الجاسوس السوفياتي رودولف أبل إلى موسكو العام 1962 بعد أن أفرج عنه في السجون الأميركية أغدقت عليه الأوسمة. ولكن ربما قوبل الجواسيس الروس الذين تم تبادلهم في فيينا مع جواسيس يعملون لحساب الولايات المتحدة بالسخرية والاستهزاء.
لوحت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليز» بمثل هذا الاستقبال قائلة إن الكرملين يستعيد «هواة» في حين أن الجواسيس الأكفاء الذين خدموا وطنهم جيداً و تم الكشف عنهم في أميركا لا يزالون رهن «غرف التعذيب الأميركية». ويرى أحد الخبراء المراقبين أن المخابرات الروسية ربما تخلت هذه المرة عن منح جواسيسها العائدين من الولايات المتحدة أوسمة ونياشين ولكن سيقدم لهم الرعاية رغم أنهم قد كشفوا وذلك للتأكيد على الأقل على أن الكرملين لا يخذل عملاءه.
وتردد أن محاميي الجواسيس اتفقوا مع السلطات الروسية قبل عودة الجواسيس على توفير مسكن مناسب لهم وكذلك صرف راتب بشكل منتظم وأن الخارجية الروسية وافقت على السماح بدخول أبنائهم وأصدقائهم و أقاربهم لروسيا من دون مشاكل. ومن المتوقع بشكل عام أن يحصل هؤلاء الجواسيس الروس على هوية جديدة وهو ما تعود غالبيتهم عليه خلال عملهم كجواسيس في الولايات المتحدة. ورأت خبيرة الدراسات السياسية في روسيا، سفيتلانا بانارينا أن هؤلاء الجواسيس لن يعملوا في المخابرات «وإن عملوا فسيقتصر عملهم على المخابرات الداخلية». وفي حديث مع التلفزيون الروسي قال أحد عملاء المخابرات الروسية الذي رفض ذكر اسمه: «سيخضع العملاء لفحص طبي طبيعي لدى وصولهم لروسيا ثم سيجرون مقابلة ليست عادية مع قياداتهم». واستبعد العميل أن يظل العملاء الروس العشرة على اتصال ببعضهم بعضاً، مضيفاً: «ليست لقاءات الفصول من سلوكيات الاستكشافيين». كما أكد العميل أن هؤلاء الجواسيس لن يظهروا في لقاءات إعلامية. كان الكثير من الروس يعرفون قبل الكشف عن فضيحة الجواسيس نهاية يونيو/ حزيران الماضي صوراً تلفزيونية لعملاء روس فاشلين على الأقل من خلال أفلام جيمس بوند. كما أن شخصية العميل الروسي «ماكس أوتو شتيرليتس» الخيالية والتي هزمت جميع خصومها واحداً تلو الآخر هي إحدى أكثر الشخصيات البطولية المحببة للروس. ولا يستبعد أصحاب مدونات إلكترونية في روسيا أن تصبح الجاسوسة أنا شامبان نجماً إعلامياً مشابهاً لهذه الشخصية. واحتفت الكثير من وسائل الإعلام في أنحاء مختلفة من العالم بهذه الجاسوسة الجذابة التي تبلغ من العمر 28 عاماً والتي تتماشى بشكل تام مع الصورة الشائعة في الغرب عن العميلة الروسية المتحضرة وعرفت خلال الأسابيع الماضية بـ «الفتاة الروسية الشقراء». ولكن يبدو أن أنا كوشتشينكو، وهو اسمها قبل الزواج، لن تظهر في البرامج الحوارية في التلفزيون. كما لا تريد «سمسارة العقارات» المشاركة في تأليف كتب عن المخابرات أو في أفلام حيث اضطرت قبل مغادرتها الولايات المتحدة للتعهد على عدم تسويق قصتها الشجاعة. وربما لم يكن هناك أيضاً طابع بريد باسمها. وكان الأمر مختلفاً تماماً بالنسبة لـ «العميل الخاص» أبل الذي شارك بشكل كبير في نقل أسرار نووية أميركية لروسيا.
العدد 2867 - الإثنين 12 يوليو 2010م الموافق 29 رجب 1431هـ