لعل من أبرز الملاحظات التي لوحظت في هذا المونديال وصول 3 منتخبات أوروبية إلى الدور نصف النهائي من البطولة من أصل 4 منتخبات، بينما بقي منتخب الأوروغواي وحيداً يحمل شعار أميركا اللاتينية بين منتخبات أوروبا، ولم يستطع الوصول للنهائي بعد خسارته من المنتخب الهولندي في الدور نصف النهائي، فأصبح نهائي البطولة للمرة الثانية على التوالي بين منتخبين أوروبيين بعد نهائي إيطاليا وفرنسا في مونديال 2006 في ألمانيا.
فبعدما توقع المتابعون مفاجأة كبيرة في هذه البطولة وخصوصاً بعد أن قدمت منتخبات آسيا وأميركا الجنوبية عروضاً رائعة، لكنها جميعاً خرجت خالية الوفاض، وتوقع آخرون نهائيا لاتينيا بين المنتخبين البرازيلي والأرجنتيني بعد أن حققا نتائج كبيرة في الدور الأول والثاني وتصدرا مجموعتهما بنجاح، لكنهما اصطدما بالواقع الأوروبي وخيبا الآمال بخسارة من المنتخب الهولندي والألماني على التوالي وودعا البطولة مبكراً.
وعلى رغم ذلك، فإن منتخبات آسيا وأميركا الجنوبية تستحق التقدير والإشادة، وخصوصاً المنتخبات الصغيرة منها التي استطاعت مجاراة المنتخبات الكبيرة ووقفت أمامها نداً صعباً لكن الخبرة حالت دون وصولها للمراحل المتقدمة، فهي قدمت مستويات ونتائج رائعة وملفتة للأنظار على رغم تواضع إمكاناتها ولعب معظم لاعبيها في الدوريات المحلية بعيداً عن أوروبا.
وأعتقد أن هناك عدة أسباب لهذا التفوق الأوروبي على منتخبات أميركا الجنوبية، وهذه بعضها:
أولاً: لعب معظم لاعبي منتخبات أميركا الجنوبية في بلادهم بعيداً عن الدوريات الأوروبية ونجومها، والفارق الكبير واضح بين الدوريات الأوروبية ودوريات أميركا الجنوبية.
ثانياً: عقلية لاعب أميركا الجنوبية تختلف كثيراً عن عقلية اللاعب الأوروبي، فمقومات النجاح في البطولة تتطلب العقلية المناسبة لهذه البطولة، وهذا غير موجود في لاعبي أميركا الجنوبية، وهذا من أبرز أسباب التفوق الأوروبي.
ثالثاً: تعود لاعبي المنتخبات الأوروبية على المنافسات والبطولات الكبيرة بعكس لاعبي منتخبات أميركا الجنوبية التي لا تمتلك الدوريات القوية أو البطولات الكبيرة.
رابعاً: طموح منتخبات أميركا الجنوبية (عدا البرازيل والأرجنتين) عادةً ما يتوقف عند الدور الثاني من البطولة، بينما طموح المنتخبات الأوروبية لا يقف عند ذلك الحد.
خامساً: الحوافز الموجودة في دول أوروبا تصل إلى أضعاف الحوافز الموجودة في منتخبات أميركا الجنوبية، وهذا بسبب الفارق في الإمكانات المادية بين الدول الأوروبية ودول أميركا الجنوبية.
سادساً: الرهبة والخوف من المنتخبات الكبيرة، فعندما يلتقي المنتخب الأميركي الجنوبي مع منتخب كبير نراه يسلم المباراة إليه ويظل طوال المباراة مدافعاً للخروج بأقل الخسائر، دون التفكير في الهجوم والتسجيل وتحقيق المفاجأة.
سابعاً: الفارق الكبير في المنشآت الرياضية بين دول أوروبا ودول أميركا الجنوبية، وهذا بسبب الفارق في الإمكانيات المادية.
على دول أميركا الجنوبية العمل على تطوير الدوري المحلي والبطولات اللاتينية، واحتراف اللاعبين في الدول الأوروبية أملاً في تقليص الفارق بين منتخبات أوروبا ومنتخبات أميركا الجنوبية مستقبلاً.
علي صالح الشهابي
العدد 2875 - الثلثاء 20 يوليو 2010م الموافق 07 شعبان 1431هـ