يبدأ الرئيس الاميركي جورج بوش ولايته الثانية على خلفية تفاؤل على الجبهة الاقتصادية وبامكانه ان يأمل في نهاية السنوات العجاف بالنسبة للاقتصاد الاميركي وان كان العجز وضعف الدولار يهددان النمو مع اطلاق مشروعات جديدة.
وتبدأ ولاية بوش الرئاسية الثانية في 20 من يناير/ كانون الثاني الجاري وسط مؤشرات اقتصادية جيدة.
فقد توافرت العام الماضي في سوق العمل وظائف جديدة "2,2 مليون في الاجمال" للمرة الأولى في خلال اربع سنوات.
كذلك بقي الاستهلاك مرتفعا بينما شهدت الصناعة التي كانت تعتبر الخاسر الأكبر في فترة الانتعاش، انتاجا متينا.
ويبدو ان الولايات المتحدة طوت فصل الصعوبات الذي بدأ في 2001 بانكماش اقتصادي تبعته اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول فضلا عن فضائح طالت شركات كبرى والحرب على العراق. وعلى رغم النقاط الايجابية لم تنقشع كل الغيوم التي تلبد الاجواء.
ويرى ريتشارد برنر الخبير في مؤسسة مورغان ستانلي ان "الولايات المتحدة ستواجه على المدى الطويل تحديات اقتصادية عدة ستحدد ملامح المجتمع الذي سنتركه لأولادنا".
فهناك أولا العجز في الموازنة الذي يزداد تفاقما ويسجل مستويات قياسية منذ وصول بوش الى البيت الابيض. وقد وعد بوش بخفضه الى النصف في غضون خمس سنوات لاسيما بفضل عصر كبير للنفقات، لكن تمتعه بغالبية برلمانية مريحة لن يحثه على اعتماد سياسة تقشف على الارجح.
فضلا عن ذلك فإن الحرب في العراق باهظة الكلفة، لذلك قد يطلب بوش مبلغا اضافيا قدره 80 مليار دولار لتمويلها في فبراير/ شباط. وهي مبالغ ستكون عبئا على الاجيال المقبلة.
والى العجز في الموازنة يضاف اختلال الميزان التجاري الذي سجل هو الاخر رقما قياسيا ويتوقع ان يبلغ نحو 600 مليار دولار في .2004 وهذا العجز المزدوج الذي يلقي بثقله على الدولار، يقلق الشركاء التجاريين الذين يتساءلون عما اذا كانت الولايات المتحدة تعيش فوق امكاناتها. لذلك يتعين على بوش التعامل بتأن وحذر مع انخفاض سعر صرف الدولار الذي لا يكف عن التراجع منذ ربيع .2002 فحتى الآن عرف البيت الابيض كيف يدير بهدوء انخفاض سعر العملة لكن نتائج اي تدهور قد تكون خطرة على الاقتصاد العالمي. الى ذلك ثمة مشروعات اخرى قيد الانتظار مثل تبسيط قانون الضرائب واصلاحات في قطاع الطاقة.
بيد ان قسما كبيرا من الملفات الاقتصادية يتعلق بالضمان الصحي ونظام التقاعد. فمع تقاعد جيل الطفرة السكانية "بايبي بوم" اعتبارا من العام 2008 ستجد الصناديق العامة نفسها في وضع خطر. ويشكل ذلك الورشة الكبرى امام الرئاسة الاميركية. ويريد بوش من خلالها تطبيق فكرته "مجتمع المالكين" الذي يمكن لكل فرد فيه التوفير في حسابات ادخار تطرح في البورصة ليستفيد منها عند تقاعده. لكن طرح هذه المدخرات في البورصة لا يثير حماسة الجميع، خصوصا بعد الفضائح التي طالت شركة انرون مثلا. والبعض قلق ايضا من تمويل المرحلة الانتقالية بين نظام التقاعد الحالي القائم على حصص متساوية ونظام الرسملة التي تقدر كلفتها بالفي مليار دولار.
وقال برنر "خلال فترة انتقالية طويلة ستكلف فكرة بوش مزيدا من المال لن يكون من السهل ايجاده في ظروف عجز كبير". وفي هذا الخصوص يصطدم بوش بتحفظات حتى داخل فريقه ما قد يجعل الاصلاحات موضوعا حساسا جدا
العدد 865 - الإثنين 17 يناير 2005م الموافق 06 ذي الحجة 1425هـ