على رغم توقعات الاقتصاديين السابقة باحتمال تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي العام الجاري، توضح المؤشرات الاقتصادية الأخيرة أن الاقتصاد الاميركي سيشهد مزيدا من التعافي مدفوعا بضعف قيمة الدولار الذي يلقي بتأثيره الإيجابي على تنافسية الصادرات الأميركية في الاسواق الدولية وعجز الموازنة والميزان التجاري.
ويتوقع محللون اقتصاديون تزايد معدلات الإنفاق الاستهلاكي ونمو سوق العقارات واستمرار معدلات التضخم عند مستوياتها المنخفضة وتحسن مؤشرات سوق العمل العام .2005
وأشارت المحللة الاقتصادية باربرة هاغنبوف الى أن الاقتصاد الاميركي سيحقق نموا العام الجاري مشابها للمعدل الذي تحقق العام 2004 على رغم التوقعات المتزايدة باستمرار رفع بنك الاحتياط الفيدرالي لمعدل الفائدة. وتوقعت تزايد الفجوة بين أجور العمال ذوي المهارات المنخفضة ونظرائهم ذوي المهارات العالية على رغم التقارير التي تعزز نمو سوق العمل العام الجاري، موضحة ان الصادرات ستشهد ارتفاعا ملحوظا العام 2005 بسبب الميزة التنافسية التي يوفرها الدولار الضعيف للمنتجات الاميركية في الأسواق الدولية الا أن تلك الزيادة لن تكون كافية لاحتواء العجز التجاري المتزايد.
وأوضح رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في ريتشموند جيفري لاكر أن الأوضاع الاقتصادية العامين الجاري والمقبل ستكون مشجعة على رغم تذبذب أسعار النفط وعجز الموازنة.
وعلى رغم التوقعات المتفائلة بشأن تحسن المؤشرات الاقتصادية الاميركية العام 2005 يحذر عدد من المحللين الاقتصاديين الاميركيين والدوليين من التحديات التي قد تنعكس سلبا على نمو الناتج المحلي الإجمالي الاميركي خلال العام الجاري، فأسعار الطاقة ليست مستقرة في السوق العالمية على رغم تزايد المعروض النفطي واعتدال فصل الشتاء في الولايات المتحدة وتوافر الوقود في ولايات الغرب منها.
وأوضح المحلل الاقتصادي الأميركي دافيد وايس أن المديونية العالية تهدد بتقليص معدلات الإنفاق الاستهلاكي علاوة على ان العجز المتزايد في الموازنة والميزان التجاري يهدد الاستثمار الاجنبي في الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن التوقعات المتعلقة بتراجع أرباح الشركات الأميركية العام الجاري والحرب المستمرة في مواجهة ما يسمى الإرهاب الدولي يمثلان أبرز التحديات التي يمكن أن تهدد نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي العام .2005
وتوقع محللون في مؤسستي ميريل لينش وغلوبال انسيت الاميركيتين ان يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاميركي إلى نحو 4 في المئة، وقال المحلل الاقتصادي دافيد كيلي: "إن الاقتصاد الاميركي سيواجه صعوبات في الربع الأول من العام الجاري الا ان الأداء سيتحسن في النصف الثاني من 2005".
وتتوقع مؤسسات اقتصادية أميركية ان يتراوح إجمالي عدد الوظائف التي ستوفرها الشركات الاميركية ما بين 175 ألفا و225 ألف وظيفة شهريا خلال العام 2005 مقابل 186 ألف وظيفة شهريا العام ،2004 وأوضح المحلل الاقتصادي دافيد وايس أن الزيادة في معدلات التوظيف العام 2005 ستكون مدفوعة بتحسن الأوضاع الاقتصادية وهو ما سيؤدي إلى تراجع معدل البطالة التي بلغت 4,5 في المئة العام الماضي، وتشير الاحصاءات إلى ان عدد الوظائف التي توفرت العام 2004 بلغ 2,2 مليون وظيفة الا ان معدل البطالة لايزال أعلى من المستوى الذي كان سائدا العام .2001
وتوقعت مؤسسات اقتصادية اميركية مثل ميريل لينش أن يبلغ عدد الوظائف التي توفرها المصانع الاميركية "التي فقدت نحو 3,3 ملايين وظيفة منذ العام 1998" نحو 10 آلاف وظيفة شهريا العام الجاري، ويحذر المحلل ريتشارد يامرون من أن زيادة معدلات التوظيف من جانب الشركات الاميركية العام الجاري قد لا تكون مقترنة بزيادة حجم الأجور الممنوحة لهم وخصوصا للعمال ذوي المهارات المنخفضة، وتوقعت مؤسسة "ايكونومي دوتكوم" الاميركية زيادة معدلات الأجور للعمال ذوي المهارات الفنية العالية في السوق الاميركية العام 2005 بينما ستشهد معدلات الزيادة في الأجور في قطاع التشييد تباطؤا.
ويمثل تراجع الدولار الاميركي "الذى فقد نحو 25 في المئة من قيمته أمام العملات الرئيسية الأخرى خلال السنوات الثلاث الماضية" مقابل اليورو والين الياباني فرصة مواتية لواشنطن لزيادة صادراتها وخفض معدلات العجز التجاري المتزايد، ويرى محللون ان واشنطن لا تبدي حماسا كافيا بشأن الاستجابة للمطالب الاوروبية في ضوء استفادة صادراتها من تراجع الدولار، وأشاروا إلى ان نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول منطقة اليورو سيتأثر سلبا بانخفاض الدولار أمام اليورو إلى أدنى مستوى له في 11 شهرا.
وأشار إلى ان مستويات الأسعار ستشهد ارتفاعا خلال العام الجاري إذ ستؤدي الزيادة في معدلات النمو إلى ارتفاع في الأسعار الا أن المنافسة الحادة بين الشركات سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها ستؤدي إلى تقليص تلك الزيادة في الأسعار
العدد 869 - الجمعة 21 يناير 2005م الموافق 10 ذي الحجة 1425هـ