العدد 873 - الثلثاء 25 يناير 2005م الموافق 14 ذي الحجة 1425هـ

فضيحة تحكيم تهز سمعة الكرة الألمانية... ومراجعة مكثفة لمباريات الحكم هويزر

"الوسط" تكشف تفاصيل الواقعة... وتعرض ضحايا المؤامرة

قبل عام ونصف تقريبا على موعد بطولة العالم بكرة القدم التي ستستضيفها ألمانيا تواجه الكرة الألمانية خطر انتشار فضيحة لا مثيل لها تتعلق بالتأثير على نتائج المباريات. ويعتقد بعد الكشف عن دور عضو طاقم التحكيم التابع للاتحاد الألماني لكرة القدم روبرت هويزر البالغ 25 عاما من العمر والذي ينحدر من مدينة برلين أن جبلا كبيرا من الجليد إذا تعرض للذوبان قد يكشف عن فضيحة تحكيم من الطراز الأول ستضر كثيرا بسمعة كرة القدم الألمانية. وكشف التلفزيون الألماني كيف أن الحكم هويزر سعى إلى اتخاذ قرارات مثيرة للعجب في المباراة التي جرت بين فريق ها أس فاو هامبورغ أحد أبرز فرق الدرجة الأولى ضد فريق بادربورن أحد فرق الدرجة الثالثة في إطار تصفيات كاس ألمانيا. وسرعان ما تم توجيه اتهامات بالتلاعب ضد الحكم المذكور قررت إدارة فريق هامبورغ القيام بإجراءات قانونية لإلغاء نتيجة المباراة التي حرمه الحكم هويزر من الخروج منها فائزا. ويعتقد المراقبون أن دور الحكم هويزر وغيره من الحكام يفضح دورهم في التأثير على نتائج المباريات خدمة لمكاتب الرهان.

وتعتبر مباراة فريق هامبورغ أمام فريق بادربورن أبرز مثال على فضيحة التحكيم. إذ التقى الفريقان بتاريخ 21 أغسطس/ آب الماضي في مسابقة كأس ألمانيا على أرض بادربورن وبعد أن تقدم فريق هامبورغ بهدفين من دون مقابل راح الحكم هويزر يتعمد إصدار قرارات لترجيح كفة فريق الدرجة الثالثة الذي استطاع على إثر قرارين الحصول على تسجيل هدفين بعد حصوله على ضربتي جزاء، كما قام بطرد لاعب هامبورغ إيميلي مبنزا، ما أدى في النهاية لترجيح كفة بادربون الذي خرج من المباراة فائزا بنتيجة 4/،2 وكل هذا لأن حكم المباراة كان اللاعب رقم 12 في فريق بادربورن.

ولا يعتقد المراقبون أن الحكم هويزر أثر على نتيجة هذه المباراة فقط. إذ تجرى منذ يوم الاثنين مراجعة مكثفة لعدد من المباريات المهمة التي أوكل إلى الحكم هويزر إدارتها، إذ ليس من المستبعد أن يجري الكشف عن مخالفات أخرى من شأنها أن تلحق ضرر بسمعة الحكام الألمان في الملاعب الدولية، وخصوصا أنه حتى اليوم يحظى الحكام الألمان باحترام واسع. وأعلن الناطق الصحافي باسم اتحاد الكرة الألماني "دي أف بي" هارالد شتنغر أن الاتحاد سيجري تحقيقات مكثفة لمعاقبة أي حكم تسبب في التأثير على نتائج المباريات لسبب أو لآخر. وذكر التلفزيون الألماني أن الحكم هويزر أعلن استقالته من التحكيم لكنه سيخضع إلى ملاحقة قانونية، ما يعرضه للمحاكمة ومطالبته بتعويضات، كما قررت إدارة فريق هامبورغ التقدم باحتجاج ونقض لنتيجة مباراة الكأس ضد فريق الدرجة الثالثة بادربورن.

وصرح رئيس اللجنة المشرفة على إدارة مباريات الدوري الألماني فرنر هاكمان قائلا: "سنحقق بكل صغيرة وكبيرة وبكل قرار معرض للاشتباه بأنه لترجيح كفة فريق على آخر". وأضاف هاكمان يقول: "في حال ثبوت أن قضية الحكم السابق هويزر حال استثنائية فإنه لا خوف على سمعة الحكام الألمان وسيجري حصر الخسائر، أما في حال عدم ذلك فإنه ستكون للفضيحة أبعاد خطيرة وخسائر يصعب حصرها أو التنبؤ بها". لكن رئيس اتحاد كرة القدم الألماني غيرهارد ماير فورفيلدر كشف في تصريحاته على أنه من الناحية النفسية تعرضت سمعة الحكام الألمان إلى ضرر يصعب حصره بسهولة ومضى يقول إن الضرر لحق أيضا باتحاد الكرة الألماني وبالتحكيم بصورة خاصة. وكان اتحاد الكرة الألماني حصل على شهادة خطية من شاهد على الفضيحة كشف عن دور الحكم هويزر في التلاعب بنتائج المباريات لصالح مكاتب الرهان. وتم على الأثر استدعاء هويزر يوم الجمعة الماضي للمثول أمام لجنة مراقبة التحكيم التي يرأسها هورست هيلبرت لهدف الرد على الاتهامات الموجهة ضده. لكن هويزر أعرب عن استغرابه ورفضه الاتهامات التي وجهت إليه. غير أن الشاهد الذي حصل على ثقة المسئولين في اتحاد الكرة الألماني استطاع أن يكشف عن معلومات جديدة ورطت هويزر وتم فضحه وإثبات تلاعبه في عدد من المباريات. ووصف الرئيس التنفيذي لاتحاد الكرة الألماني تيو زفانزيغر لأول مرة عن خيانة فاضحة حين ظهر في برنامج الرياضة وقال إن الاتحاد يملك أدلة منذ يوم الجمعة الماضي على وجود تلاعب في قرارات التحكيم، وأن هناك مجموعة من الشهود الذين لا يشك أحد بقدرتهم على دراسة قرارات الحكام المتلاعبين ما يكشف بصورة يصعب الشك بها أن هويزر خدم مصالح مكاتب الرهان. ويرى المراقبون أن السرعة التي يعمل بها اتحاد الكرة الألماني وتأكيد أن هويزر حال استثنائية يرمي إلى توجيه رسالة للخارج بأن الحكام الألمان ليسوا عرضة للشراء. وهي محاولة لحصر الخسائر وخصوصا في ضوء استضافة بطولة العالم في صيف .2006 وليست هذه أول فضيحة تلاعب في مجال الرياضة عرفتها ألمانيا ففي عقد الثمانينات استقالت اللجنة الأولمبية الألمانية بعدما تبين أنها أوعزت بالتجسس على الحياة الخاصة لأعضاء اللجنة الأولمبية الدولية لغرض التأثير عليهم للموافقة على استضافة برلين الألعاب الأولمبية العام .2000 وقال زفانزيجر ان الاتهامات التي صدرت ضد هوزير خطيرة، كما أن عدد الشهود ضده كبير لكنه لم يكشف عن أسمائهم. هويزر الطالب البالغ 25 عاما من العمر كان من الحكام المنتظر أن يكون لهم شأن كبير في المستقبل. وعهد إليه في العامين الماضيين تحكيم أربع مباريات في مسابقة كأس ألمانيا وأحد عشر مباراة في مسابقات محلية. وعند مراجعة المباريات التي أشرف على التحكيم فيها تبين للشهود أنه في خمس مباريات على الأقل ثبت تعمده إصدار قرارات رجحت فريق ضد الآخر. وقال الناطق باسم اتحاد الكرة الألماني شتنغر إنه سيجري فحص جميع المباريات التي أشرف عليها هويزر، كما سيجري الحديث إلى المسئولين عن مكاتب الرهان وبالتأكيد التقدم بشكوى لدى الشرطة ومكتب المدعي العام.

من جانبه نفى هويزر الاتهامات الموجهة إليه وسارع للاستقالة من طاقم التحكيم التابع لاتحاد الكرة الألماني كما استقال من ناديه هيرتا برلين. وقال شتنغر إن تعجيل استقالة هوزير من هيرتا برلين عزز الشبهات ضده علما بأنه بعد استقالته من طاقم التحكيم التابع للاتحاد فإنه لم يعد بالإمكان دعوته للمثول أمام لجنة مراقبة التحكيم. لكن هويزر معرض للملاحقة القانونية بتهمة الاحتيال. ومن الأشخاص الذين تعرضوا لضرر مباشر كان المدرب السابق لفريق هامبورغ كلاوس توب مولر الذي اضطر بعد خسارة فريقه نتيجة تلاعب حكم المباراة أمام فريق الدرجة الثالثة للاستقالة من منصبه وحتم على إدارة فريق هامبورغ البحث عن مدرب جديد، كما لحق بالفريق خسائر مالية لخروجه مبكرا من مسابقة الكأس إضافة إلى خسائر رياضية. وقالت إدارة فريق هامبورغ إنها ستطالب بتعويضات ورفع قضية ضد هويزر. وقال رئيس نادي هامبورغ بيرند هوفمان: "حين أطلعني رئيس اللجنة المشرفة على مباريات الدوري على تفاصيل قضية الحكم هويزر تجمد الدم في عروقي". كما قال مدير نادي بادربورن ميشائيل بورن إن القضية مؤسفة.

وقال مدرب هامبورغ السابق توب مولر: بعد مرور 20 دقيقة على المباراة شعرت أن حكم المباراة مسلط ضدنا وأضاف: "لقد تسبب هذا الحكم في خسارتي وظيفة عملي. وقال رئيس نادي هامبورغ: لو فاز هامبورغ بتلك المباراة لما طلبنا من المدرب حزم أمتعته، وتسبب هويزر بخسائر لفريق هامبورغ والكرة الألمانية.

لكن غير معروف لماذا تقاعس اتحاد الكرة الألماني عن فتح تحقيق بما حصل في مباراة هامبورغ أمام بادربورن وخصوصا أن الصحف الألمانية كشفت أن الحكم هويزر كان خلال الاستراحة بين الشوطين في حجرة لاعبي فريق بادربورن وقال لهم: "العبوا كما لعبتم في الشوط الأول وسأتكلف بباقي المهمة". وفي نهاية أغسطس/ آب نفى رئيس لجنة الحكام التابعة لاتحاد الكرة فولكر روت تهمة تحيز هويز وجوده في حجرة لاعبي فريق الدرجة الثالثة. ومن ضحايا هوزير أيضا فريق اف سي سانت باولي، ففي اليوم الأخير لمباريات الدوري المحلي بتاريخ الخامس من يونيو/ حزيران الماضي ألغى هويزر هدفين صحيحين لفريق سانت باولي في شباك فريق براونشفايج لأسباب غير معروفة، وفي نهاية المباراة فاز فريق براونشفايج بنتيجة 3/.2 لم يفهم لاعبو براونشفايج أنفسهم سبب إلغاء الهدفين ضد فريقه. وفي مباراة أخرى على أرض سانت باولي أطلق هويزر صافرته لصالح فريق أوسنابروك الذي خرج فائزا بنتيجة 2/.3 والقضية مستمرة

العدد 873 - الثلثاء 25 يناير 2005م الموافق 14 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً