أظهر الجمهور التونسي مرة أخرى مدى وفائه لمنتخباته الوطنية في الألعاب كافة، ولم تشذ بطولة العالم في كرة اليد التي تختتم في فبراير/ شباط الجاري عن هذه القاعدة إذ يحتشد أكثر من ألف متفرج خلال لقاءات «نسور قرطاج» على مدرجات ملعب رادس المغلق في مدينة نوفمبر الرياضية التي تبعد سبعة كيلومترات فقط عن وسط العاصمة (تونس).
وتعتبر النسبة كبيرة في ملاعب كرة اليد ليس على الصعيد العربي فقط بل إنها تضاهي النسبة في الملاعب الأوروبية إذ تحظى اللعبة بشعبية كبيرة.
وكانت هذه الظاهرة رافقت بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة التي استضافتها تونس قبل عام بالتحديد وساهمت الأجواء الرائعة في المدرجات بالإضافة إلى الجهود التي بذلها اللاعبون في الميدان إلى إحراز الدولة المضيفة اللقب للمرة الأولى في تاريخها.
ويعتبر الجمهور المحلي بحق اللاعب الثامن في المنتخب وهو لا يهدأ بتشجيع لاعبيه منذ إطلاق الحكم صفرة البداية وحتى نهاية المباراة رافعا الأعلام الوطنية ومردداً أناشيد الحماس.
واجتمعت مقومات النجاح من تنظيم بعيد عن الأخطاء إلى مشاركة أقوى المنتخبات العالمية، والاهم من كل ذلك النتائج الباهرة التي يحققها المنتخب التونسي، وتصدره لمجموعته في الدور الأول أمام فرنسا والدنمارك واليونان التي لها باع طويل في اللعبة حتى انه الوحيد الذي لم يخسر أية مباراة حتى الآن.
ويعتقد من يجلس على أحد مقاعد ملعب رادس الذي يستضيف جميع مباريات تونس، انه داخل ثورة ممزوجة بالموشحات الاندلسية، والإبداعات الرياضية من وسام حمام وزملائه، بحيث تساهم مساحة الملعب الصغيرة قياساً إلى ملاعب كرة القدم باقتراب المشجعين من اللاعبين ومساهمتهم بخلق أجواء رائعة ستبقى في ذاكرة الجماهير الرياضية التونسية إلى الأبد.
ويعزو خبير التحكيم الدولي في كرة القدم ناجي الجويني سبب الزحف الجماهيري إلى الملاعب كون كرة اليد هي اللعبة الثانية في تونس من حيث الشعبية بعد كرة القدم. وقال الجويني في تصريح لوكالة «فرانس برس»: «من الواضح للعيان وجود العائلات التونسية على المدرجات، فيمكنكم رؤية الكهل والشاب والطفل وربة المنزل، وهذا أمر صحي للرياضة في أية دولة، وما يساهم في انتقال العائلات لمتابعة المباريات هو تراجع حملات الشتائم بين الجماهير». وعلى عكس المدن التي تشهد ازدحاماً في فترات النهار ويلفها السكون في الليل، تنعم رادس المدينة الخضراء بهدوء الأرياف، بيد أنها تتحول في أمسيات المباريات التونسية إلى منارة مكتظة بالجماهير التواقة إلى المزيد من الانتصارات على الفرق الأوروبية المحتكرة لألقاب كرة اليد. وتبدو علامات الرضا واضحة عند المنظمين للحشود الجماهيرية المواكبة، وأبرزها الجمهور المتابع للنرويج وكرواتيا وألمانيا وفرنسا الذي زحف بكمية هائلة نظراً إلى قرب المسافة بين تونس والقارة العجوز. وعلى خلاف معظم البطولات المقامة على الملاعب العربية والتي تبقى مدرجات ملاعبها شبه خالية، تواجه الجماهير صعوبة بالغة لشراء تذاكر مباريات المنتخب التونسي التي تنفذ بعد ساعات قليلة على طرحها في الأسواق
العدد 882 - الخميس 03 فبراير 2005م الموافق 23 ذي الحجة 1425هـ