سجلت الصحف العربية أنه بعد أكثر من أربع سنوات وتحديدا 1559 يوما على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، اتفق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبومازن" ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون خلال قمة شرم الشيخ في إعلانين منفصلين لوقف النار في موازاة قرار مشترك لمصر والأردن بإعادة سفيريهما إلى "إسرائيل"، بعدما كان شارون وجه دعوة إلى القادة العرب إلى التطبيع والتعاون ضد ما أسماها القوى الأصولية. فتناولت الافتتاحيات العربية، بحذر قمة شرم الشيخ الرباعية وإذ أملت المصرية والأردنية، أن تؤدي القمة إلى انفراجات على مستوى الملف الفلسطيني واعتبرتها كسرا لجمود عملية السلام، وأثنت على اهتمام قادة بلديهما بالسلام في المنطقة، شيع المراقبون العرب الانتفاضة لكن بقي من أكد أن الشعب الفلسطيني سينتفض مجددا إذا رأى أي تفريط في حقوقه.
أما المعلق الذي انفرد في إشاعة التفاؤل على خلفية "الإنجاز الذي تحقق في شرم الشيخ" فكان رئيس تحرير "السياسة" الكويتية أحمد الجارالله، إذ رأى ان "نافذة الضوء بدأت تلوح في أفق شرم الشيخ".... وعزا كل هذا الإنجاز إلى رحيل عرفات الذي لم يكن موته موتا فيزيائيا بل موت نهج مؤلم بكامله!
وأكد رئيس تحرير "الأهرام" إبراهيم نافع أننا الآن أمام فرصة تاريخية لا تتكرر إذا أضاعها هذا الطرف أو ذاك. لكنه أكد ان على الإسرائيليين ألا يجعلوا المطالب الأمنية وحدها هي نهاية المطاف، فالمطلوب هو الدخول في مفاوضات سياسية.
ولاحظت "الأخبار" نجاح القمة في كسر جمود عملية السلام. ولفتت إلى ان أهمية هذا الاجتماع تكمن في أنه خطوة على طريق طويل من الصراع. ولعله بداية، لكنها سجلت كلمة لابد منها، وهي أن هذا المؤتمر هو حصاد جهد من الرئيس حسني مبارك الذي يحرص على أمن وسلام المنطقة من أجل استقرار وأمن العالم أجمع!
وأكدت "الجمهورية" أن عملية السلام عادت لتنطلق من شرم الشيخ. واعتبرت "الرأي" الأردنية، ان القمة هي خطوة على الطريق الصحيح. واللافت في أحداث الثامن من فبراير/شباط أنها أسست فعلا لمرحلة جديدة ليس من المبالغة القول إنها نوعية أيضا كونها لم تحدث منذ أربع سنوات وكونها تأتي في إطار مفاوضات وأجواء وتطورات يمكن وصفها بالإيجابية والحرص في الآن نفسه على عدم إضاعة الفرصة المتاحة والتي إذا لم تستغل فإنها ستفتح الباب على مصراعيه لمواصلة الدمار والخراب وسيادة منطق المتطرفين والارهابيين.
وأقر طاهر العدوان في "العرب اليوم" أن شرم الشيخ ركزت على الجانب الأمني، لكنه رأى انه إذا نجحت الهدنة فإن "خريطة الطريق" تكون لأول مرة أمام فرصة التطبيق، وعندئذ فقط يمكن وضع وعود بوش على المحك بالنسبة لإقامة دولة فلسطينية. وركز على ان كثيرا من المسئولية تقع الآن على الجانب العربي المشارك في القمة، فمن المهم أن ترتفع وتيرة التنسيق بين عمان والقاهرة ورام الله.
وإذ لفت حسن البطل في "الأيام" الفلسطينية، إلى ان تفاهمات شرم الشيخ بداية نهاية "حرب الانتفاضة" اعتبر ان التحليلات بدءا من اليوم الـ 1559 لاندلاع الانتفاضة، ستهجرها المصطلحات الفلسطينية "تهدئة وهدنة" وتلك الإسرائيلية "وقف العنف الفلسطيني ووقف العمليات الإسرائيلية"، وستبدأ بالتعامل مع مصطلح "وقف إطلاق النار"، ووصف البطل القمة بأنها تاريخية فعلا بصفتها الحقيقية، أي تعهدات متبادلة بوقف العنف ووقف العمليات العسكرية، معتبرا ان هذا ليس إنجازا قليلا، بل هو الخطوة الحقيقية الأولى باتجاه بدء تنفيذ "خريطة الطريق" فهي تبدأ بالشق الأمني، كما كان الأمر في أوراق وخطط المبعوثين الأميركيين ميتشل، وتينيت... وزيني. وإذ أكد انه لا ينبغي التقليل من إنجازات القمة لأن إنجازها الرئيس هو تفاهم فلسطيني إسرائيلي على ان وقف العنف المتبادل صار مصلحة متبادلة، علما ان الجانبين توصلا، بفضل الانتفاضة الثانية، إلى ان الدولة الفلسطينية مصلحة سياسية متبادلة. ولاحظ ان الانتفاضة كانت أقل الحروب حسما عسكريا، وأكثرها حسما سياسيا، لأن الفلسطينيين والإسرائيليين تغيروا أكثر مما تغيرت الشعوب العربية والشعب الإسرائيلي بعد جولات الحروب النظامية السابقة على "حرب الانتفاضة" بما فيها حرب لبنان.
وفي افتتاحية "الحياة الجديدة" كتب حافظ البرغوثي ليلاحظ ان قمة شرم الشيخ لم تخرج عن كونها احتفالية لكسر الجليد. فالمنتظر من القمة لم يكن كبيرا، إذ ان التجربة علمتنا ألا ننتظر الكثير من حكومة إسرائيلية تتحدث كلمة واحدة عن السلام ومئة عن الحرب. وأكد ان الإسرائيليين لو حسنت نواياهم لحسموا الأمر بسرعة... لكن حتى الآن لم نلمس حسما جديرا بالثقة كالالتزام الواضح بـ "خريطة الطريق" من دون أية تحفظات. ولاحظت "مانشيت" "الخليج" الإماراتية ان "شارون يعود من شرم الشيخ غانما" فقد أحرزت "إسرائيل" مكسبين مهمين أولهما الإعلان عن وقف المواجهات ما يشكل "نعيا رسميا" للانتفاضة، وثانيها قرار مصر والأردن إعادة سفيريهما إلى تل أبيب. وعلى رغم عودة شارون غانما إلا انها لاحظت انه طالب بالمزيد عبر اشتراطه تفكيك البنية التحتية للمقاومة.
وأكدت افتتاحية "الوطن" السعودية، ان "الانتفاضة ستبقى في خدمة شعبها"، لافتة إلى ان عسكرة الانتفاضة لم تكن خيار عرفات، بقدر ما كان خيار الشعب الفلسطيني، كما أن التخلي عن عسكرة الانتفاضة ليس خيار عباس... فبقدر ما تحقق الانتفاضة من انتصارات من خلال البندقية أو الحجر، تخدم قضية الشعب الفلسطيني وبرنامجه السياسي. وأكثر الظن أن ما وصل إليه "أبومازن" مع الفصائل في الاجتماعات الماراثونية يصب في إطار التنسيق الذي يخدم الشعب الفلسطيني وقضيته.
وقالت افتتاحية "السفير" ان أرييل شارون حقق أهم اختراق سياسي عربي في حياته بتتويج قمة شرم الشيخ له عضوا في نادي السلام الإقليمي من دون دفع أية "رسوم عضوية". وبدا لها واضحا أن القمة عبرت عن الاختلال الفاضح في ميزان القوى لمصلحة "إسرائيل" من دون أميركا، ومن خلال انتقال الدور العربي من موقع المساند للطرف الفلسطيني إلى موقع الوسيط.
ولاحظت "السفير" انه بعد أن حقق شارون هدف تلقي الدعوة لزيارة الأرض المصرية حصل على الإشارة بعودة السفيرين إلى تل أبيب. وأفسح ذلك المجال لشارون ليطلق دعوات السلام العامة إلى كل الزعماء العرب. فليس ثمة ما يخسره من هذه الدعوة التي لا تكلفه شيئا.
ولاحظت سحر بعاصيري في "النهار" ان النتيجة الملموسة الأسرع للقمة هي القرار المصري والأردني بإعادة سفيريهما إلى "إسرائيل". وسخرت معتبرة ان لا حاجة إلى التساؤل عن سبب العجلة المصرية والأردنية، لأنها رغبة أميركية لا تردها الدولتان... ورأت ان النتيجة الثانية الواضحة للقمة هي خدمة تبييض صورة شارون... وأكدت ان القمة كما تقرر لها وكما أعدت وكما جاءت نتائجها هي قمة أمنية بامتياز. لكن بعاصيري استدركت ان الأهم أن يترافق هذا مع وضوح في أفق الانتقال إلى العملية السياسية وهو أمر مطلوب من شارون أن يشرح موقفه منه
العدد 889 - الخميس 10 فبراير 2005م الموافق 01 محرم 1426هـ