تفاقم انتشار ظاهرة الباعة الجائلين في محافظة العاصمة وبالتحديد في منطقة المنامة خلال الأشهر القليلة الماضية، الأمر الذي تسبب في مزاحمة الكثير من التجار الذي أبدوا استياءهم في اتصالات وردت لـ «الوسط» من دور الجهات المعنية في تطبيق القانون والقرارات المتبعة في هذا المجال، وهي بلدية المنامة، وزارة العمل (هيئة تنظيم سوق العمل) ووزارة الداخلية ممثلة في إدارة الهجرة والجوازات.
وبحسب آخر الإحصاءات البلدية، فإنه يتم رصد أكثر من 2000 مخالفة خلال شهر واحد فقط للعمالة السائبة الجائلة وهي تبيع في شوارع المنامة، ما يؤثر بشكل كبير على البحرينيين أصحاب المحلات.وقد انتشرت ظاهرة الباعة السائبة (الجائلة) بالشكل الذي يسبب انتشار الحوادث في الشوارع، وتفشي الأمراض نتيجة بيع المواد الغذائية والفواكه المكشوفة التي تفتقر إلى الضمانات الصحية المطلوبة، ومن الملاحظ أن انتشار الباعة السائبة يسبب إرباكا كبيرا في حركة السير أمام إشارات المرور وفي الشوارع العامة».
ووفقا لرئيس مجلس بلدي العاصمة ممثل الدائرة الثانية مجيد ميلاد رحمة، فإن غالبية الباعة هم من غير المرخص لهم، وأن ما يزيد الأمر سوءا هو توجه بعضهم عند مصادرة بضائعهم إلى إخفاء وتخزين منتجاتهم في أماكن قذرة جدا مثل مناطق قرب تراكم نفايات الحاويات وفي الممرات الضيقة وفي البيوت المهجورة، أو في بيوتهم السكنية بطرق غير لائقة صحيا حتى لا يتم كشفهم عن طريق البلدية».
وأضاف ميلاد في تصريحه لـ»الوسط» أن «غالبية المجالس البلدية اتخذت قرارات في تنظيم ملف الباعة الجائلين، وأن المهم حاليا هو تفعيل تلك القرارات والقوانين المتوافرة في هذا الجانب».
وطالب ميلاد الجهات المعنية بأن تلتزم تجاه المسئوليات الملقاة عليها في هذا الجانب، وأن تنظم حملات تفتيشية مستمرة».
هذا وعند التعمق بداخل سوق المنامة تحديدا، تنتشر فرشات الفواكه والخضراوات، التي يتعذر على فريق البلدية، مصادرتها أو حتى ضبطها بالكامل، ففي الوقت الذي يضبط فيه المفتشون ثلاث أو أربع فرشات، هناك الكثيرون الذين يتمكنون من الهرب، ومنهم من يترك بضاعته، ومنهم من يمكنه الهرب بها، لكن اللافت أن أغلب هذه الخضراوات والفواكه تعرض بصورة غير صحية تماما، ففضلا عن كونها مكشوفة لعادم السيارات والحشرات، نجد أن ارتفاع درجة الحرارة، يؤثر سلبا على سلامة المعروض، وهو ما تؤكده وزارة الصحة في حملات التوعية بشأن السلامة الغذائية.
ويشكل هذا الشارع، الواقع وسط المنامة القديمة، نموذجا حيا لاستفحال ظاهرة الباعة الجائلين، إذ يضم على جانبيه محلات تجارية، يفترش أغلبها جانبا من الطريق لعرض بضائعهم، لدرجة يصعب معها المرور على الأقدام، ومن ثم تصبح حركة السيارات مستحيلة في الشارع، الذي تحول بأكمله إلى معرض لبيع الخضراوات والفواكه إلى جانب بعض الملابس والأقراص المدمجة، لدرجة أن الشارع بات أشبه بالسوق الشعبي.وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلى أن المادة (14) من قانون إشغال الطرق العامة الصادر بمرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1996 قد أجاز للبلدية إزالة الأشغال بالطرق الإدارية على نفقة المخالف إذا كان الإشغال غير مرخص ومخلاَ بمقتضيات التنظيم، أو الأمن العام أو الآداب العامة أو الصحة العامة أو حركة المرور أو جمال تنسيق المدينة أو القرية.
هذا وشدد عدد من التجار في السوق المحلي على الزبائن بضرورة الانتباه إلى الطرق والأساليب التي يتحايل بها الباعة الجوالة الآسيويون، متمنين التماس دور إيجابي من بلدية المنامة في هذا الموضوع. واعتبر التجار الباعة الجائلين أنهم يتخذون كافة أشكال التحايل والخداع في الكثير من السلع والبضائع التي يوفرونها. فضلا عن وجود أدلة وإثباتات تؤكد ذلك. وذكروا أن انعدام ثقة المستهلك في التجار البحرينيين والسلع والبضائع التي يقدمونها راجعة بشكل رئيسي إلى انتشار العمالة السائبة في السوق.
وقال تاجر الخضراوات والفواكه محمد سلمان إنه «بعد فقد المستهلك البحريني الثقة في التعامل مع أصحاب المحلات التجارية التابعة للآسيويين، بات ينعكس ذلك أيضا على التاجر البحريني، وذلك على رغم أن الكثير منهم لا يزال متمسكا بأساليب البيع والشراء الصحيحة والعادلة»، موضحين أن «أساليب تصريف البضائع والسلع وبيعها بالطرق الملتوية، ومحاولة التصيد في الماء العكر جعلت الزبون يشكك في التاجر البحريني أيضا».
وعلى الصعيد نفسه، أضاف سلمان «أنه لا يمكن أن يكون هناك مشروع تطوير فعلي شامل للسوق والاقتصاد البحريني، من دون الالتفات إلى الكثير من الأمور الثانوية والمهمة المتعلقة بوضع السوق في الوقت نفسه؛ لأن تطوير واجهة السوق من دون حل مشكلاتها الرئيسية لا يرجع بفائدة ملموسة عليها. منوهين إلى أن ارتفاع أعداد العمالة السائبة وانتشارها بكثرة في الأسواق الشعبية خصوصا اتضح بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية تزامنا. مشددين على ضرورة اهتمام الجهات المعنية بالأمر بشكل وتطبيق القانون.
ومن جانبه، تحدث الجزاف عبدالحسين علي ممن التقت بهم «الوسط» وقال: «أصبح من الصعب جدا التفريق بين المستثمر وبين العامل الوافد؛ لأن العامل الأجنبي يتحوّل إلى تاجر بأساليب ملتوية وغير قانونية عن طريق الشيكات المؤجلة والمضاربات والسرقة وما شابه ذلك في ظل غياب الرادع الحقيقي من قبل الجهات المعنية».
العدد 2398 - الإثنين 30 مارس 2009م الموافق 03 ربيع الثاني 1430هـ