العدد 898 - السبت 19 فبراير 2005م الموافق 10 محرم 1426هـ

العجز التجاري الأميركي يطيح باحتمالات نمو الاقتصاد العالمي

بات العجز التجاري الأميركي الذي ارتفع إلى أعلى مستوى له خلال 220 عاما "617,7 مليار دولار العام 2004" حجر عثرة أمام الجهود الرامية إلى زيادة معدل الناتج المحلي الاجمالي الأميركي والعالمي العام الجاري.

ويرى محللون اقتصاديون أميركيون ان ارتفاع العجز التجاري الأميركي إلى معدلات قياسية للعام الثالث على التوالي يقوض احتمالات تحقيق معدلات نمو ملحوظة العام الجاري على رغم التراجع الحاد في قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى. وتشير الاحصاءات إلى ان معدل العجز التجاري الأميركي زاد إلى 5,3 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي العام الجاري. وبلغ أعلى عجز تجاري حققته الولايات المتحدة قبل حكم الرئيس جورج بوش 151,7 مليار دولار "نحو 3,1 في المئة" العام .1987

وأوضحت وزارة التجارة الأميركية أن العجز التجاري ارتفع العام الماضي مقارنة بالعام السابق عليه بنحو 24,4 في المئة العام الجاري نتيجة الارتفاع القياسي لأسعار النفط وزيادة العجز التجاري مع الصين بنسبة 30,5 في المئة ليصل إلى 162 مليار دولار. وانخفض العجز التجاري في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بنسبة 4,9 في المئة ليصل إلى 56,4 مليار دولار مقابل 59,3 مليار دولار في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

ويركز الديمقراطيون على العجز المتزايد في الميزان التجاري للتدليل على فشل سياسة الرئيس بوش المتعلقة بإبرام المزيد من الاتفاقات التجارية مع عدد كبير من دول العالم.

ويرى الديمقراطيون ان الاتفاقات التجارية التي وقعتها ادارة بوش مع الكثير من دول العالم أدت إلى خسارة سوق العمالة في الولايات المتحدة لنحو 2,7 مليون وظيفة خلال السنوات الأربع الماضية، وهو ما يعكس الممارسات التجارية غير العادلة من جانب الصين وشركاء واشنطن التجاريين.

وأشار السيناتور برون دورجان - ديمقراطي- الى ان الارتفاع القياسي للعجز التجاري العام الماضي يعتبر تدميرا للاقتصاد الأميركي، بينما قدم كل من السيناتور الديمقراطي هيلاري كلينتون والسيناتور بن كاردن تشريعا لمجلس الشيوخ يلزم الإدارة الاميركية بتطبيق خطة طوارئ في أي وقت يتجاوز فيه معدل العجز التجاري حاجز 5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي.

ويبرر الجمهوريون الارتفاع الملحوظ في العجز التجاري إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، مشيرين إلى ان العجز التجاري لا يعكس فقط الزيادة في كميات النفط المستوردة، بل الارتفاع القياسي في أسعاره أيضا.

وتشير الاحصاءات إلى ان معدل الصادرات الاميركية ارتفع العام 2004 بنحو 12,3 في المئة ليصل إلى 1,146 تريليون دولار "حجم الزيادة بلغت 125,6 مليار دولار" نتيجة انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى وهو ما وفر ميزة تنافسية للصادرات الأميركية في الأسواق الدولية.

وارتفع معدل الواردات الاميركية العام الماضي بنسبة 16,3 في المئة ليصل إلى 1,746 تريليون دولار.

ويمثل تراجع الدولار الاميركي - الذي فقد نحو 25 في المئة من قيمته أمام العملات الرئيسية الأخرى خلال السنوات الثلاث الماضية - مقابل اليورو والين الياباني فرصة مواتية لواشنطن لزيادة صادراتها وخفض معدلات العجز التجاري المتزايد فيها.

ويرى محللون ان واشنطن لا تبدي حماسا كافيا بشأن الاستجابة للمطالب الأوروبية في ضوء استفادة صادراتها من تراجع الدولار . وقال المحلل الاقتصادي الاميركي بيتر موريتشي ان واشنطن لا تبذل جهودا كافية للسيطرة على العجز في الموازنة والميزان التجاري ما ينعكس سلبا على النمو في منطقة اليورو ودول جنوب شرق آسيا.

وأشار معهد الدراسات الاقتصادية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له إلى أن تخفيض معدلات العجز التجاري المتزايد في الولايات المتحدة يستلزم مزيدا من التخفيض لقيمة الدولار أمام عملات شركاء واشنطن التجاريين. وأوضح الاقتصادي فريد فرجشتين أن معدل الانخفاض الجاري للدولار سيدعم الصادرات الأميركية بشكل جزئي، إلا انه لن يوفر زخما قويا للشركات الاميركية على المدى الطويل في حال عدم حدوث هبوط حاد في قيمة الدولار خلال الأشهر المقبلة.

وأضاف، ان العجز التجاري المتزايد بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين يهدد نمو الناتج المحلي الاجمالي الأميركي ويقلص معدل ثقة المستهلكين الاميركيين، إذ يمثل الانفاق الاستهلاكي نحو ثلثي حجم الناتج المحلي الاجمالي الاميركي البالغ حجمه عشرة تريليونات دولار.

وعلى رغم تراجع أسعار النفط في السوق الدولية أثارت توقعات عدد كبير من المحللين والمؤسسات الاقتصادية الدولية المتعلقة باحتمال زيادة معدل الفائدة في الولايات المتحدة لتتراوح ما بين 3,5 إلى 4 في المئة في نهاية العام 2005 المخاوف من تدني معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي في العالم وتأثر أسواق المال الأميركية والدولية بالتداعيات السلبية لرفع معدل الفائدة. ويرى محللون اقتصاديون أميركيون ان بنك الاحتياط الفيدرالي الاميركي الذي رفع معدل الفائدة بنحو ربع نقطة مئوية حديثا لتصل إلى 2,5 في المئة لم يستبعد زيادة الفائدة مرات عدة خلال اجتماعاته المقبلة للسيطرة على معدلات التضخم وزيادة مستويات الادخار التي وصلت إلى معدلات متدنية خلال العامين الماضيين نتيجة انخفاض معدلات الفائدة إلى أدنى مستوياتها خلال السنوات الأربعين الماضية.

وأوضح المحلل الاقتصادي دافيد بيرسون ان تحسن مؤشرات سوق العمل الاميركية والخوف من احتمال ارتفاع معدل التضخم سيدفعان بنك الاحتياط الفيدرالي إلى زيادة معدل الفائدة أكثر من مرة خلال العام .2005

وتوقع المحلل الاقتصادى كين كيم ارتفاع معدل الفائدة في الولايات المتحدة إلى ثلاثة في المئة في منتصف العام و3,5 في المئة في نهاية العام 2005 للسيطرة على معدلات التضخم.

وأشار إلى أن مستويات الأسعار ستشهد ارتفاعا خلال العام الجاري، إذ ستؤدي الزيادة في معدلات النمو إلى ارتفاع في الأسعار، إلا ان المنافسة الحادة بين الشركات سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها ستؤدي إلى تقليص تلك الزيادة في الأسعار.

وعلى رغم الانخفاض الحاد في قيمة الدولار وتراجع ضغوط أسعار النفط تتزايد التوقعات بتباطؤ نمو الناتج المحلي الاجمالي الاميركي خلال العام .2005

ويرى محللون أميركيون ان رفع معدلات الفائدة والحاجة إلى إجراء مزيد من التخفيضات الضريبية وتذبذب أسعار النفط ستبطئ من معدل نمو الاقتصاد الاميركي العام الجاري مقارنة بالعام .2004

وأشار المحلل مارك زاندي إلى أن المستهلك الأميركي لم يشعر بالتحسن الاقتصادي على رغم تحقيق معدل نمو بلغ نحو 4,5 في المئة العام 2004 الذي اتسم بتذبذب معدلات الانفاق الاستهلاكي بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وعدم توافر وظائف كافية في السوق الاميركية، موضحا ان مؤشرات سوق العمل العام الجاري ستكون الأفضل منذ العام .2000

وتوقع الاتحاد القومي للمحللين الاقتصاديين الاميركيين توفير نحو 2,2 مليون وظيفة العام ،2005 وهو ما سيؤدي إلى انخفاض معدل البطالة من 5,4 في المئة في نهاية العام 2004 إلى 5 في المئة بحلول نهاية العام الجاري، وأضاف ان العاطلين الاميركيين وخصوصا الذين فقدوا الأمل في الحصول على وظائف سيبحثون عن فرص عمل العام الجديد مدفوعين بالتقارير المتعلقة باحتمالات تقلص معدل البطالة إلى 5 في المئة، وأشار إلى ان عددا كبيرا من العاملين الاميركيين سيسعون إلى الحصول على وظائف ذات أجور عالية.

وأوضح محللون في مؤسسة جلوبال انسايت الاميركية ان الناتج المحلي الاجمالي الاميركي سينمو بنحو 3,5 في المئة العام 2005 مقابل 4,5 في المئة العام الماضي. وتوقعوا تراجع معدلات الانفاق الاستهلاكي نتيجة تلاشي الزخم الذي وفرته التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس بوش خلال فترة ولايته الأولى التي بلغت نحو 1,2 تريليون دولار علاوة على اتجاه بنك الاحتياط إلى رفع معدل الفائدة، الا أنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى ان معدل النمو سيصل إلى 3,4 في المئة العام 2006 و3,1 في المئة العام .2009 ومن ناحية أخرى، توقعت مؤسسة جلوبال انسايت ثبات معدل التضخم عند حدود 2,1 في المئة العام 2005 حال استقرار أسعار النفط، إلا انها أشارت إلى ان توقعاتها تلك ترتكز بصفة أساسية على عدم حدوث عمليات إرهابية في الدول المصدرة للنفط وخصوصا في الشرق الأوسط.

وأوضح المحلل الاميركي كارك تانينبم إلى أن معدلات التضخم ستشهد ارتفاعا قياسيا حال زيادة أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل، ما سيؤدي إلى نتائج سلبية تنعكس على الاقتصاد الاميركي في مقدمتها تراجع ملحوظ في معدلات الانفاق الاستهلاكي وارتفاع كبير في معدلات الفائدة لاحتواء الزيادة في معدل التضخم

العدد 898 - السبت 19 فبراير 2005م الموافق 10 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً