أكد مدير فرع إفريقيا والشرق الأوسط لمؤسسة الشفافية الدولية موزونك كودي لـ "الوسط" أن البحرين ممثلة في الجمعية البحرينية للشفافية تعتبر نقطة انطلاق لتأسيس فروع ومجموعات عمل للشفافية في دول الخليج، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن ينضم كل من الكويت والعراق للعمل في الإطار ذاته.
وقال: "إن الشفافية الدولية بصدد تقديم دعم مادي للجمعية البحرينية لانشاء مقر خاص بها وتوفير كوادر وظيفية متخصصة فيها، وأيضا للقيام بنشاطات أكثر على صعيد مكافحة الفساد والتي قد يكون الدعم المادي عائقا أمام عملها"، مشيدا بدورها في انتخابات ،2002 وبدورها التوعوي في اطار الاتفاقات الصادرة عن الأمم المتحدة، وأيضا استفادتها من تجارب الدول العربية والعكس.
الوسط - أماني المسقطي
أكد المشاركون في ورشة "أقلمة النسخة العربية من كتاب المرجعية لمنظمة الشفافية الدولية"، أن الفساد يعتبر أقل جريمة يتم الابلاغ عنها من بين كل الجرائم، مرجعين أسباب انتشار ظاهرة المحاباة والشللية في المؤسسات العربية والبيئات الادارية التنظيمية، إلى عجز المؤسسات الحكومية عن تقديم الخدمات المناطة بها بسبب البيروقراطية والترهل الوظيفي وقلة الكفاءة ما يدفع المواطنين إلى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات.
واعتبروا أن المواطنين نادرا ما يلجأون إلى الاعلام لطرح مشكلاتهم الحقيقية، بسبب افتقاد الصحافة صدقيتها وابتعاد الناس عن متابعتها، وبالتالي انخفاض مبيعاتها.مشيرين إلى أن الابلاغ عن حالات الفساد يتم دون جدوى كبيرة، وإن ذلك يعود سواء لاثارة الأمر بطريقة غير ملائمة، أو مع أشخاص غير مناسبين، إما لافتقادهم للصلاحيات أو لانخراطهم أصلا في الفساد.
جاء ذلك خلال فعاليات اليوم الثاني من ورشة العمل الثالثة من نوعها المنظمة من قبل مؤسسة الشفافية بالتعاون مع الجمعية البحرينية للشفافية أمس في قاعة أوال في فندق الخليج، لتعريب وأقلمة كتاب المرجعية الدولية للشفافية، وتختتم فعالياتها اليوم الأربعاء. وذلك بمشاركة عدد من البرلمانيين والأكاديميين وممثلي معاهد البحوث والناشطين في مجال حقوق الانسان والاعلاميين، وبحضور ممثلو الفروع الوطنية لمؤسسة الشفافية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.أنيطت بهم مهمة تعريب وترجمة الكتاب المقسم إلى ثمانية وعشرين فصلا، ونشر بعشرين لغة.
وأكد رئيس الجمعية البحرينية للشفافية جاسم العجمي خلال تعرضه للفصل الثامن والعشرين من المرجعية الذي يتناول في محتواه "الدراسات الاستطلاعية كأدوات قياس التقدم"، بأن الفساد يعتبر أقل جريمة يتم الابلاغ عنها من بين كل الجرائم، مبينا أنه نظرا للتكتم والمصلحة المشتركة بين مرتكبيه، فإنه يصبح من الصعب قياس مستويات الفساد. وقال: "من دون القياس يصبح من الصعب جدا تقييم المجالات التي تتميز بصعوبة خاصة، أو التحقق مما إذا كانت برامج الاصلاح تترك أثرا ايجابيا على أرض الواقع"، مشيرا إلى أنه أصبح الأن هناك اعتراف بأن بعض انواع الدراسات الاستطلاعية هي أداة مثالية في سياق احتواء الفساد والسلوك غير المشروع على رغم الانتقادات التي يمكن أن توجه إليها في مراحلها المختلفة وخصوصا مرحلتي التصميم والتنفيذ.
وأشار إلى أنه على رغم دور القطاع الخاص النشط في الفساد الكبير في مجالات التجارة العالمية أو القطرية، غير أن الدراسات أثبتت بأن رجال وسيدات الأعمال على استعداد لأن يشاركوا في المسوحات الميدانية الهادفة لتحديد مستوى إدراك الفساد.
فيما أكد ممثل الفرع الفلسطيني للمنظمة عزمي الشعيبي في ورقة لهديل رزق ناقش فيها الفصل الحادي والعشرين من المرجعية، الذي تناول موضوع "تعارض المصالح، المحاباة والشللية"، أن المحاباة والشللية في العالم العربي تميز أيضا ضد النساء، وقال: "تستثنى النساء غالبا من الخدمات أو يضطررن للاستعانة بقريب رجل ما يخل بحقوق المواطنة المتساوية بين الرجال والنساء، وفرص كل منهم في الحصول على خدمات عن طريق الواسطة والمحسوبية والزبائنية".
وأرجع الشعيبي انتشار ظاهرة المحاباة والشللية في المؤسسات العربية والبيئات الادارية التنظيمية، إلى تأثير القيم الاجتماعية السائدة واعادة انتاجها من دون استجابة للمتغيرات الحديثة، وانتشار الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة التي تمر بها بعض الدول العربية والتي تؤدي إلى شح المصادر اللازمة لخلق فرص العمل، أو لأداء الخدمات الموكلة للدولة، مضيفا عليها عجز المؤسسات الحكومية عن تقديم الخدمات المناطة بها بسبب البيروقراطية والترهل الوظيفي وقلة الكفاءة ما يدفع المواطنين إلى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات.
ومن جهته أشار الأستاذ في جامعة القاهرة أحمد الصاوي إلى أن وقائع حالات الفساد التي تم الكشف عنها في معظم البلدان العربية، تماما كما في دول العالم، إلى أن ثمة موظفين كانوا على علم بها قبل وقوعها، مبينا أنه فيما أغمض أغلبهم العين لأسباب مختلفة، قام بعضهم بما وصفه "بنفخ الصفارة" والابلاغ، مؤكدا أن ذلك كان دون جدوى كبيرة سواء لاثارة الأمر بطريقة غير ملائمة، أو مع أشخاص غير مناسبين، إما لافتقادهم للصلاحيات أو لانخراطهم أصلا في الفساد. فيما أشارت الباحثة هدى النعيمي خلال مناقشتها للفصل الرابع والعشرين من المرجعية التي تناولت فيها الحديث عن "الحق في الوصول إلى المعلومات"، إلى أنه بموجب قانون حرية المعلومات فإنه يحق للمواطن أن يطلب نسخا من الوثائق المراد الاطلاع عليها، مبينة أن الكثير من قوانين حرية المعلومات تنص على جواز الكشف عن بعض المعلومات لانطباق شروط الاستثناء عليها، إذ أشارت أنه يتم تقيم نسخة من الوثيقة محذوفا منها المعلومات المستثناة لا أن يرفض الوصول إليها.
وقالت: "إن ذلك يشير إلى أنه ينبغي أن تطرح الاستثناءات بدقة من أجل تجنب تضمينها مواد لا تضر بالمصلحة العامة"، وذكرت أن الكشف عن المعلومات قد ينطوي على ايجابيات تفوق السلبيات، مشيرة بذلك إلى أن تكون بعض المعلومات خاصة بطبيعتها لكنها في الوقت ذاته تكشف أعلى درجات الفساد في الحكومة، منوهة إلى أنه حين تكون المصلحة المتحققة من الكشف أعظم من الضرر على القانون، فإنه لا بد أن يؤمن الكشف عليها.
فيما أشار ممثل الفرع الأردني لمنظمة الشفافية الدولية باسم صكجها خلال عرضه للفصل الرابع عشر من المرجعية الذي يتناول "وسائل إعلام حرة مستقلة"، إلى أنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة بشأن أعداد الصحافيين العرب، مبينا بأنها تتراوح بين نحو عشرة آلاف صحافي في مصر واثنين وثلاثين في الامارات العربية المتحدة، مبينا أن عددهم في العالم العربي ككل لا يتجاوز العشرين ألفا، وهو ما وصفه صكجها بأنه رقم هزيل في ظل المعطيات الدولية، مشيرا إلى وجود صحافي عربي واحد لكل مئة وخمسة وعشرين ألف مواطن.
وأكد أنه من تقديرات "اليونيسكو" فهناك خمسون مشتريا عربيا لصحيفة يومية من كل ألف مواطن، معتبرا إياه بأنه رقم هزيل مقارنة بالدول المتقدمة التي تصل في اليابان إلى نحو خمسمئة بالألف. وقال: "كل ذلك أفقد الصحافة صدقيتها وأبعد الناس عن متابعتها لتنخفض ارقام مبيعاتها، ولهذا فنادرا ما يلجأ المواطنون إلى الاعلام لطرح مشكلاتهم الحقيقية"
أبدى المشاركون في ورشة "أقلمة النسخة العربية من كتاب المرجعية لمنظمة الشفافية الدولية"، عدة ملاحظات بشان الجلستين الأوليتين للورشة، إذ اكدوا على ادخال مفهوم المواطنة والاعتماد عليه كنقطة انطلاق باعتبار المواطن هو اصل التفويض، إضافة إلى ضرورة أن يكون هناك نموذج جيد للشركات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني وحتى الادارات الحكومية يروج له، مشددي على أنه عند الحديث عن المجتمع المدني وباعتبارات الواقع العربي، فإنه من الوارد - وفق ما أكد المشاركون - أن يندرج تحت هذا المسمى كل الأحزاب السياسية والشركات الخاصة ووسائل الاعلام والنشر. كما أشار المشاركون إلى ضرورة ان يتم التنسيق بين عمل المؤلفين في الفصول المتقاربة بحيث يبدأ بذلك منذ الآن لمحاولة الوصول إلى صيغ موحدة، وربما إدراج بعض الفصول في فصل واحد، منوهين ضرورة ألا يقتصر كتاب المرجعية على كونه دليلا ارشاديا للنشطاء للقياس عليه، وانما أيضا بالامكان الاعتماد عليه كدليل للمتخصصين لصوغ أدلة تدريبية لتأهيل النشطاء. كما أكدوا على ضرورة اعطاء اولوية خاصة للاعتبارات الثقافية ولا سيما في مجال تسييد ثقافة الفساد وإفساد الأخلاق بسبب تدني الأجور والرواتب الحكومية على سبيل المثال، لافتين إلى ضرورة المراعاة عندد اعادة كتابة الفصل الخاص بالجمعيات الأهلية إلى أن ثمة خطط لاستيعاب هذه الجمعيات في الأطر الحكومية أو تحييدها عن طريق تعيين النشطاء فيها في مناصب حكومية رفيعة، فضلا عن سعي بعض الأحزاب الساسية لتوظيف الجمعيات لخدمة اهدافها ولا سيما في اوقات الانتخابات
العدد 901 - الثلثاء 22 فبراير 2005م الموافق 13 محرم 1426هـ