دعا رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني نوابا إلى "تحليل رواتبهم"، وذلك بعد التنبيه إلى ظاهرة اختفاء بعض النواب بعد توقيعهم على سجل الحضور، وبقائهم في الجلسات لفترة، ومن ثم الانصراف إلى "قاعة الطعام". كما شبه الظهراني بعض النواب بـ "سوبرمان"، منوها "بمن يهاجم الحكومة أو وزرائها ثم يحب أنوفهم ويعتذر منهم، ويزورهم في مكاتبهم".
وذلك في الجلسة الاستثنائية الثانية التي عقدها المجلس أمس لمناقشة تقرير لجنته التشريعية بشأن المشروع بقانون لتعديل اللائحة الداخلية للمجلس، والتي طغت عليها المشادات والاتهامات الساخنة منذ انطلاقتها، إثر المشادة بين الظهراني والنائب عيسى المطوع بسبب طلب الأخير عرض جميع الرسائل على المجلس، الأمر الذي اعتبره الأول "تشكيكا في الرئاسة"، والمشادة بين النائبين جاسم عبدالعال وجاسم الموالي بعد اتهام الأخير للأول بـ "سرقة مقترحاته في وضح النهار". ناهيك عن اتهامات بعضها مبطنة أطلقها الظهراني للنواب بشأن مجاملة زملائهم والنفاق في التعاطي مع الحكومة، والتقصير في العمل، وذلك في الوقت الذي بدا فيه حليفا أو نصيرا للحكومة في عدد من المواقف، إذ دفع بشدة تجاه ترجمة الكثير من رؤاها في اللائحة الداخلية للمجلس، على رغم إشارات للتنبيه والتحذير أطلقها بعض النواب، انطلقت من عدة اعتبارات أبرزها خشية تعطيل العمل.
القضيبية - بتول السيد
أقر مجلس النواب في جلسته الاستثنائية الثانية أمس نصا يلزم الجهات الحكومية بتوفير البيانات والوثائق التي تتعلق بالموضوعات المحالة إليها من المجلس خلال مدة لا تتجاوز أربعة أسابيع من تاريخ إخطار الوزير المختص، وذلك خلال مناقشة توصية اللجنة التشريعية بشأن المادة 28 من مشروع قانون تعديل اللائحة الداخلية للمجلس، والتي حددت المدة بأسبوعين فقط.
فيما اكتفى النص الأصلي من المشروع بالإشارة الى تقديمها قبل أن تضع اللجنة تقريرها بوقت كاف. واختلف المجلس بهذا الشأن، إذ كانت الحكومة ورئيس المجلس خليفة الظهراني والنائب إبراهيم العبدالله مع "تمطيط" المدة، عوضا عن تحديدها، متوافقين في ذلك مع النص الأصلي للمشروع. وذلك وسط تحذيرات أطلقها عدة نواب نتجت عن الخشية من تمييع مسئولية التقصير أو التعطيل في العمل بين المجلس والحكومة.
وكان وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل نوه بأن لا حاجة لتحديد مدة معينة، متسائلا "كيف تودون أن توفر المعلومات خلال أسبوعين كما يتم التعامل مع الأسئلة الموجهة إلى الوزراء، وماذا لو لم يستطع الوزير الرد؟". مبينا أن ذلك الإجراء عرف غير موجود في البرلمانات ولا يستند الى دستور أو قانون، معتبرا أن النص الأصلي في المشروع "الوقت الكافي" أصح. طالبا رأي دائرة الشئون القانونية التي بين مديرها سلمان سيادي أن تحديد المدة يعد إضافة غير متسقة مع أحكام الدستور واللائحة الداخلية للمجلس. وأضاف الفاضل أن "التشريع سيكون قاصرا في حال عدم استناده الى معلومات أو إحصاءات حديثة وصحيحة، كما توجد بعض التقارير الناقصة لأسباب كثيرة - أفضل عدم مناقشتها - وهي ليست بسبب الحكومة".
من جانبه، اعتبر النائب علي مطر كلام الفاضل "اتهاما مبطنا" للنواب بأنهم يرفعون تقارير غير كاملة أو مبتورة. وأكد عبدالنبي سلمان أن هذا الكلام لا يستقيم مع الواقع المعاش، مستدلا بطلب اللجنة المالية معلومات عن الحساب الختامي منذ عدة أشهر لم تستلمها حتى الآن. ورفض "التمطيط غير المبرر" للحكومة، داعيا إياها الى "تجويد عملها" بما يضمن التعاون مع المجلس والرقي بالوضع التنموي والاقتصادي للبلد.
كما رأى علي السماهيجي في تحديد المدة ضمانا لعدم ضياع المسئولية، وخصوصا أنه توجد الكثير من المشروعات التي تعطلت لسنوات والحكومة لم ترد عليها حتى الآن، ولذلك كان ضد ان تكون المدة مفتوحة أو مطاطية ومن ثم تلام اللجان نتيجة عدم الانجاز. وكان حمد المهندي أشار أيضا الى التأخير في الحصول على البيانات الذي يطول لعدة أشهر، منوها بأن الواقع السياسي يقتضي ان تضع كل وزارة جهازا للاهتمام بالشئون البرلمانية. وتساءل عبدالعزيز الموسى "هل ما هو مقيد للجان مباح الى الحكومة؟"، منوها بأهمية تقييد الطرفين بتحديد الوقت، إذ إن "اللجان تعاني الكثير". وأبدى عيسى المطوع خشيته من تعطيل عمل اللجان في إعداد التقارير، مؤكدا أن تحديد المدة سيفضي الى ضبط عمل الحكومة مع المجلس ويجعله أكثر جدية. ومن جهته، قال عيسى أبوالفتح "ما نريده معلومات تتوافر بلمح البصر وليس لجان تحقيق". أما فريد غازي اعتبر مدة الأسبوعين - بحسب توصية اللجنة - طويلة، "لكوننا نعيش عصر الحكومة الالكترونية".
ويشار إلى أن رئيس المجلس خليفة الظهراني أكد أهمية الجودة فيما يحصل عليه المجلس من بيانات وتقارير، قائلا: "لم نصعب الأمور، لا نريد تقارير غير مدروسة تكتب فيها كلمتان، فبعض الدول - لن أسميها - خلطت الحابل بالنابل، وعليها أن ترقع وضعها الآن". مضيفا أن "التأخير في بعض الأحيان يكون المجلس سببا فيه وذلك في حال سكوته وعدم سؤاله، فالساكت مأكول حقه". وتساءل "لدينا لجان تطلب وقتا إضافيا حال عدم انتهائها، فماذا عن الحكومة؟". وأيده في ذلك النائب ابراهيم العبدالله حينما رأى ان تحديد المدة غير مناسب، إذ قد تحتاج بعض البيانات الى اسنادها بتقارير.
وقعت مشادة كلامية عنيفة بين النائبين جاسم عبدالعال وجاسم الموالي، اتهم فيها الموالي عبدالعال بسرقة مقترحاته، وذلك خلال مناقشة المجلس توصية اللجنة التشريعية بشأن المادة 21 من مشروع اللائحة الداخلية والتي بموجبها تستحدث لجنة دائمة سادسة تختص بالموازنة والحسابات. وبعد ان أشار عبدالعال الى المقترح، صرخ الموالي "هذه سرقة في وضح النهار، سرقة واضحة، هذا مقترحي أخذه جاسم عبدالعال وعممه على عشرين عضوا من دون ان يضيف اسمي الى القائمة"، وعاود مجددا "هذه ليست السرقة الأولى، فكذلك الحال بالنسبة الى مقترح المحافظات".
من جانبه، رد عبدالعال "يؤسفني هذا الكلام، فتلك أمور لا تحتاج الى عبقرية، ولا أن يفكر فيها الواحد حتى". واستمرت المشادة بينهما في وقت الاستراحة في صالة الطعام، والتي قال خلالها رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني النائب أحمد بهزاد مازحا إن لجنته ستأخذ على عاتقها دراسة ظاهرة السرقة في مجلس النواب.
وبشأن المادة 21 لم يوافق المجلس عليها، ولم يرفضها، ولم يقرر إعادتها إلى اللجنة التشريعية مجددا، وهذا ما دفع رئيس المجلس خليفة الظهراني إلى انتقاد المجلس في موقفه تجاه المادة قائلا "لا رفضتوها، لا وافقتوا عليها، لا تعاد الى اللجنة، وين نحطها؟ نحطها في "المرفاعة""، بمعنى نخزنها أو نجمدها في أداة تعلق لحفظ الأشياء تستخدم قديما
العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ