العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ

موقف متأرجح من دور ومستقبل مؤسسات العمل المصرفي الإسلامي

صالح حسين "في أساليب ممارسة وإدارة السلطة في الشركات" "1 من 2"

بالإضافة إلى المقدمات والمراجع، يقع كتاب أساليب ممارسة وإدارة السلطة في الشركات: قضايا عامة من تأليف صالح حسين في تسع فصول تغطي موضوعات ذات علاقة بأساليب ممارسة وإدارة السلطة في الشركات، هي: أساليب ممارسة السلطة في الشركات، أهمية وجود نظام جيد لممارسة السلطة في الشركات، تعويضات ومكافآت أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، برامج الإحلال في الشركات، أساليب ممارسة السلطة في الشركات والديمقراطية، اللجان الفرعية لمجلس الإدارة، تدريب وتطوير أعضاء مجالس الإدارة، العمل المصرفي الإسلامي وأساليب ممارسته، دليل أساليب ممارسة السلطة. .. كثيرة هي الأمور التي يتطرق لها الكاتب، الذي ينجح في المزج بين السياسة الاقتصاد، وبين الفردي والمؤسساتي، ويسلط، من خلال ذلك، أضواء عين خبيرة على علاقات التأثير المتبادل بين الاستثمار الإدارة. مسح أفقي متكامل يشخص فيه المؤلف العلاقات المتشابكة بين أساليب ممارسة وإدارة السلطة في الشركات. هذا التناول الأفقي يشتت القارئ في بعض الأحيان ويكاد أن يصرفه عن بعض الأمور الجوهرية الغاية في الأهمية التي تحتويها دفتا الكتاب. لذاك حرصت خلال قراءتي للكتاب أن أكون انتقائيا بعض الشيء، فوقع اختياري على موضوعين مما تناوله الكتاب، الأول هو: العمل المصرفي الإسلامي وأساليب ممارسته، أما الثاني فهو: أساليب ممارسة السلطة في الشركات والديمقراطية. يمهد الكاتب للعمل المصرفي الإسلامي بتحديد أبرز معالمه، ويبدأ ذلك بتحديد حيزه في عالم المال والاستثمار وفقا للأرقام الآتية: تطور مجموع رأس المال المدفوع من 2,1 مليار دولار أميركي في العام 1998 إلى 3,5 مليارات دولار في نهاية العام .2003 كان مجموع حقوق الملكية في نهاية العام 2003 - 6,8 مليارات دولار أميركي مقابل 2,5 مليار تقريبا في العام .1998 كان مجموع الأصول في العام 1998 - 22,5 مليار دولار مقابل 49,5 مليار دولار في نهاية العام .2003 سجلت الودائع في نهاية العام 2003 حجما قدره 39,8 مليار دولار مقابل 17,2 مليار في العام .1998 تطور حجم الاستثمار من 19,5 مليار دولار في العام 1998 إلى 43,5 مليار في العام .2003 يستخلص الكاتب من هذه الأرقام أن العمل المصرفي الإسلامي "خلق واقعا لا يمكن تجاهله بل أجبر الجميع على الالتفات نحو أهميته والاستفادة من الفرص الواسعة التي خلقها". وانه "في فترة تعتبر نسبيا ليست طويلة استطاع أن يخلق قطاعا ماليا استفادت منه جميع الأطراف التي تتعامل معه من مساهمين وزبائن وجهات رقابية وحتى علماء الدين وهيئات شرعية." ولعل أهم ما ينتهي إليه الكاتب في هذا الاتجاه هو أنه شخصيا لا يجد "سببا قويا مقنعا أو حاجة ماسة لوجود العمل المصرفي الإسلامي - أو التمويل الإسلامي، كعمل مصرفي قائم بذاته ومستقل عن العمل المصرفي التقليدي" ويدعو بدلا عن ذلك إلى بناء "صناعة مصرفية جادة ومسئولة تراعي المصلحة العامة للمجتمعات التي تخدمها ضمن متطلبات المسئولية الاجتماعية". ويضع الكاتب علامة استفهام كبيرة تتحدى جوهر العمل المصرفي الإسلامي حين يقول "ولكن هل يستطيع العمل المصرفي الإسلامي اللحاق بالعمل المصرفي التقليدي، أم أن الموضوع لا يتعدى أسلمة الخدمات والمنتجات المصرفية التقليدية بكلفة عالية وكفاءة أقل لا يستفيد منها سوى الاستشاريون والمحامون والمحاسبون على حساب الزبون العادي الذي يدفع الثمن في الغالب من دون علمه بكلفة ما يدفع"! لكن من أهم ما جاء في هذا الفصل هو مقارنة الكاتب بين العمل المصرفي التقليدي والإسلامي، ووصوله إلى نتيجة مفادها عدم وجود فروق جوهرية بينهما، فنراه يقول "هناك الشكوك التي تصاحب بعض صفقات المرابحة التي قد تكون مماثلة للودائع المتبادلة بين المصارف التقليدية وأن هذه المرابحات لا تتعدى كونها قيودا دفترية وعقودا قانونية لإضفاء الطابع الإسلامي من دون وجود أي اختلاف يذكر بينها وبين ما يعمل به في المصارف التقليدية". ويحذر المؤلف من المصاعب والتحديات التي تواجه العمل المصرفي الإسلامي ويستعين في ذلك بدراسة أجرتها مؤسسة ارنست ويانغ Ernst & Young في العام 2004 عن البرامج والمنتجات المتعلقة بإدارة السيولة في المصارف المالية، ويستخلص الكاتب منها "وجود عوائق كثيرة تحد من حسن إدارة السيولة في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية" وينطلق الكاتب من ذلك كي يرصد تحديات المعايير المحاسبية التي تواجه العمل المصرفي الإسلامي بقوله: إن الفتاوى الشرعية التي تصدر من العلماء بشأن شرعية المنتجات لا تتعامل مع المعايير المحاسبية، إذ إن الشريعة نفسها لا تضع معايير محاسبية أو مالية. بعض المعايير العالمية قد لا تمت بصلة بالعمل المصرفي الإسلامي ولذلك يصعب تطبيقها بالطريقة نفسها التي تطبق بها لدى المصارف التقليدية. نتيجة لاختلاف المعايير المحاسبية فإن التقارير الختامية قد لا تعكس الصورة الحقيقية للمؤسسات المالية الإسلامية من حيث القيمة الدفترية والسوقية وعدم إمكان المقارنة بين الفترات المحاسبية المختلفة وغياب أسس الاستمرارية والثبات في تقييم الأصول والاستثمارات. ولتوضيح تلك الصورة يورد الكاتب بعض الأمثلة المقنعة التي تؤكد ما ذهب إليه في هذا الصدد. ويخلص إلى القول "ومن الطبيعي توجد هناك مجموعة أخرى من هذه الاختلافات التي يجب إيجاد الحلول لها إذا أرادت المؤسسات المالية الإسلامية العمل بشفافية أكثر". وفي السياق ذاته يتناول الكاتب مدى شفافية ممارسات المؤسسات المالية الإسلامية. لكن الأهم من ذلك كله هو معالجة الكاتب لمسألة "لجنة الرقابة الشرعية" في سياق مناقشته لمسألة "المؤسسات المالية الإسلامية وأساليب ممارسة السلطة" وهو جوهر هذا الفصل ولبه. ويطرح الكاتب الكثير من الأسئلة التي تمس جوهر صلاحيات ومن ثم سلطات تلك اللجنة ومن بين ما يبرزه في هذا الصدد قوله: من يكون المسئول الفعلي عن توجيه أنشطة المؤسسة وإدارتها اليومية، هل هو مجلس الإدارة أم الهيئة الشرعية التي لها الكلمة النهائية في أمور المؤسسة؟ عندما تتعرض المؤسسة لأي إخفاق مالي أو غير مالي فمن يمكن للمتضرر اللجوء إليه؟ وهل يمكن مقاضاة المتسبب مثل مجلس الإدارة أو الهيئة الشرعية؟ وهل يمكن مقاضاة الهيئة الشرعية؟ من المسئول عن الرقابة على عمل الهيئة الشرعية لكل مؤسسة مالية إسلامية؟ هل سيكون هناك مجلس أعلى في كل بلد للرقابة الشرعية؟ أم أن الهيئة الشرعية فوق النقد؟ أسئلة كثيرة وفي غاية الأهمية يوردها الكاتب في سياق تناوله لهذا الموضوع تستدعي وقوف من يتعاملون مع المصارف الإسلامية والاستفادة منها. لكن الكاتب، وعلى رغم كل ما أورده من ملاحظات بشأن تعقيدات ممارسة السلطة وازدواجيتها في مؤسسات العمل المالي الإسلامي يعود عندما يسرد اقتراحاته لتطوير العمل الإسلامي المصرفي والمالي إلى الدعوة إلى توحيد الهيئات الشرعية على مستوى البلد الواحد بدلا من تعددها، وحظر مشاركة أعضائها في أكثر من مؤسسة، وحصر صلاحياتها في الدائرة الاستشارية. ولعل هذا يفقد القارئ القدرة على قراءة أفكار الكاتب بشأن جدوى أو عدم جدوى العمل المصرفي الإسلامي، إذ يتركنا الكاتب من دون إجابة محددة.

* أساليب ممارسة وإدارة السلطة في الشركات: قضايا عامة Corporate Governance.

* تأليف: صالح حسين

* الناشر: اتحاد المصارف العربية. تاريخ النشر: يناير/ كانون الثاني .200

العدد 962 - الأحد 24 أبريل 2005م الموافق 15 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً