شكل مجلس النواب في جلسته أمس لجنة تحقيق برلمانية في مشكلة الغاز المنتشر في قرية المعامير، إذ مر طلب تشكيل اللجنة على رغم حشد الحكومة ثلاثة من وزرائها، هم: وزير النفط، وزير الصناعة، ووزيرة الصحة، إضافة إلى رئيس شركة نفط البحرين، وذلك لتبرئة ساحة الحكومة من التلوث، إلا أن ذلك لم يغير في نتيجة التصويت على اللجنة والذي جاء بالإجماع. وكانت الحكومة بذلت جهودا مضنية، لثني النواب عن تشكيل اللجنة، وقبل التصويت نفى وزير النفط الشيخ عيسى بن علي آل خليفة نفيا قطعيا هذا التلوث، تلاه رئيس مجلس إدارة بابكو مصطفى السيد الذي أكد أن الدخان المنبعث من شركته ناتج عن نار مصطنعة يتدرب عليها الموظفون لمواجهة الطوارئ والحريق، وليس غازا كما صوره الناس والصحف، وأعقبه وزير الصناعة حسن فخرو، الذي ذكر أنه قام بزيارة لمنطقة المعامير الأحد الماضي ولم يشم رائحة غاز، ولم تقف عيناه على ما يستدعي القلق. ولم تقف حملة تبرير ما حدث في المعامير إلى هذا الحد، بل إن وزيرة الصحة ندى حفاظ هي الأخرى أكدت أن الطفح الجلدي الذي عاينه أطباء مجمع السلمانية الطبي، ليس من دليل علمي على أن سببه تلوث كيماوي.
إلى ذلك، أقر مجلس النواب مشروع قانون صندوق الزواج المقدم من مجلس الشورى بعد إجراء عدد من التعديلات عليه، ويقدم هذا الصندوق منحة مالية لا تقل عن ألف دينار بحريني ولا تزيد على ألفي دينار بحريني.
أكد رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في لقائه جمعية الصحفيين أمس أن الأرقام التي تنشرها الصحف عن عدد الحالات المتأثرة من تسرب الغاز في منطقة المعامير ليست دقيقة، وقال: "لا يوجد مكان في العالم يخلو من المشكلات، لكن المهم أن نعرف كيف نحتوي مشكلاتنا وكيف نتعامل معها وكيف نضع لها الحلول المناسبة في أسرع وقت ممكن، بما يضمن حياة كريمة وصحيحة وصحية لكل مواطن".
القضيبية - عقيل ميرزا
أجمع مجلس النواب على تشكيل لجنة تحقيق في تلوث منطقة المعامير، إذ تم تشكيل اللجنة من النواب أحمد حسين، أحمد حاجي، عبداللطيف الشيخ، غانم البوعينين، محمد حسين الخياط، ويوسف الهرمي، ومن المتوقع أن يرأس اللجنة النائب أحمد حسين.
جاء ذلك في جلسة مجلس النواب أمس إذ بذلت الحكومة جهودا مضنية لثني النواب عن تشكيل هذه اللجنة إلا أن النتيجة جاءت على عكس ما تشتهي الحكومة، على رغم أنها حشدت عددا من ممثليها لتوضيح وجهة نظرها، ومنهم وزير الصناعة حسن فخرو، ووزير النفط الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، ووزيرة الصحة ندى حفاظ، ورئيس شركة نفط البحرين مصطفى السيد.
وبدأت الجلسة بجدل نيابي واسع بشأن فسح المجال للحكومة بالإدلاء بوجهة نظرها في الموضوع، واعتبر نواب أن وجهة نظر الحكومة لا داعي لسردها، ويمكن أن تبديها في لجنة التحقيق التي سيصوت عليها المجلس، بينما اعتبر نواب آخرون أن من حق الحكومة أن تبين ما تريد تبيينه، وأن توضح وجهة نظرها في تشكيل لجنة التحقيق، ومن ثم يتم التصويت على تشكيل اللجنة، وبذلك تم إعطاء الحكومة وقتا مفتوحا لإبداء وجهة نظرها.
بدأت الحكومة الدفاع عن موقفها بكلمة وزير النفط الذي أكد فيها حرص الحكومة على سلامة البيئة، وان كل مشروعاتها خاضعة إلى معايير بيئية سليمة متفق عليها عالميا.
وزير النفط: لا علاقة لبابكو بتلوث المعامير
كما نفى وزير النفط نفيا قطعيا علاقة شركة نفط البحرين بالتلوث الذي تتحدث عنه الصحافة، والناس وقال "لكل صناعة نسبة من التلوث، وبابكو ليست استثناء من ذلك، ولكنها ملتزمة بمعايير بيئية دولية، وان الدوائر المختصة في الشركة أكدت عدم وجود أية علاقة على الإطلاق بين الطفح الجلدي، وبين انبعاث غاز من شركة نفط البحرين".
وأضاف وزير الصناعة أنه "يتم أخذ عينات دورية من الغاز والبخار المنبعثين من الشركة لفحصهما والتأكد من سلامتهما، وعدم خطورتهما" مشيرا إلى أنه سيتم التعاون مع جهاز البيئة للوصول إلى الحقيقة بأسلوب علمي، مؤكدا التزام الشركة بما تقرره شئون البيئة.
السيد: الدخان هو بفعل التدريب ضد الحريق
أما رئيس شركة بابكو مصطفى السيد فقد بدأ دفاعه ببرامج شركة نفط البحرين في حماية البيئة، وكيف أن الشركة تولي اهتماما بالغا بالبيئة، ما أثار تحفظ النواب معتبرين ما بدأ به السيد هو خارج الموضوع، وطالبوه بالدخول في صلب المشكلة وهي مشكلة تلوث المعامير، وبعد أخذ ورد سمح الظهراني للسيد مواصلة مداخلته مطالبا إياه بالاختصار ما أمكنه ذلك.
واستأنف السيد مداخلته في الدفاع عن سياسة بابكو البيئية، وكيف أنها تخضع لمعايير دولية، وان الشركة لا يمكن أن تدشن مشروعا من دون موافقة الجهات البيئية التي تتأكد من سلامة المشروع بيئيا، موضحا أن السلامة هي أهم ما يشغل إدارة بابكو وان إنجازها في هذا الأمر يشهد لها.
وأكد السيد أن الدخان الذي نشرت عنه الصحف وهو ناتج من نار مصطنعة يتدرب عليها الموظفون لمواجهة الطوارئ والحريق، وليس غازا كما صوره الناس والصحف.
وزير الصناعة: لا يوجد ما يقلق في المعامير
من جهته قال وزير الصناعة حسن فخرو انه كان في زيارة يوم الأحد الماضي إلى منطقة المعامير، ولم يكن فيها ما يقلق أبدا وقال "تفقدنا المنطقة، ولم نجد أي شيء يستدعي القلق، بل لم تكن هناك أية روائح، وان المصفاة موجودة منذ ما يقارب ستين عاما ولم نستنشق ما يستدعي القلق، أما بالنسبة إلى المصانع المحيطة بالقرية فغالبيتها مصانع لا تعد ملوثة مثل مصانع مواد البناء، ومصانع الألمنيوم وغيرها من الصناعات الخفيفة".
وزيرة الصحة: لا دليل على التلوث الكيماوي
إلى ذلك نفت وزيرة الصحة ندى حفاظ التوصل إلى ما يدل على أن الطفح الجلدي سببه تلوث كيماوي وقالت "منذ أن سمعت وزارة الصحة بما يحدث في المعامير قامت بمتابعة الموضوع أولا بأول، ومازالت تتابع ذلك، وحتى اليوم "أمس" تم معاينة 25 شخصا عليه آثار الطفح الجلدي ومازال المزيد على قائمة الانتظار، إلا أنه لم يستطع الأطباء في الوزارة تحديد ما إذا كان ذلك نتيجة تلوث كيماوي أولا، مشيرة إلى أنه ومن خلال الكشوفات الطبية لا دليل على أنه تلوث كيماوي. ونفت وزيرة الصحة أن تكون سترة هي الأولى في معدل الإصابة بالسرطان، مؤكدة أن المنطقة الأولى هي المنامة.
بدأ النائب أحمد حسين الذي تقع المعامير ضمن دائرته مداخلته بالإشادة بأمر رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، بتشكيل لجنة تحقيق، قائلا: "إننا لا نقلل من قدرة أبناء الوطن ولا نحط من شأنهم ولا نشك في نزاهتم... إلا أن تصريحات المسئولين ومحاولتهم للتقليل من خطر المشكلة وطمسهم لما يجري في المعامير والقرى المجاورة ولد لدينا شعورا بأن مشكلة كهذه يتعرض لها جزء من شعب مملكة البحرين لم توقظ ضمائرهم، ولم تحرك مشاعرهم ما خسره هذا الجزء من الوطن من أرواح أناسه وثروته".
وأضاف "في الوقت الذي نسعى فيه جاهدين إلى تعزيز مكانة المملكة الطبية، تخرج علينا وزارة الصحة بتصريح تنفي فيه حدوث إصابات، كما يقلل بعض أطبائنا المحترمين من حالات الإصابة بالسرطان، على رغم علم الجميع أن عمليات التشغيل تولد انبعاثات غازية لها علاقة مباشرة بالإصابة بالأمراض السرطانية وما تعرض له الأهالي من حساسية في الجلد والعين. وكما يقول القانونيون إن هناك علاقة سببية بين المضرور والسبب، كما أن تقرير الهيئة العامة للبيئة والحياة الفطرية الذي نشر قبل شهرين تقريبا، أكد أن نسبة التلوث بالمعامير تصل إلى 90 في المئة، بما يعني أنها تفوق الأرقام والمعايير الدولية، وقبل أيام صدرت تصريحات تنفي حقائق علمية".
وأردف قائلا: "أما أحد الأساتذة فيصف المنكوبين والناشطين في مجال البيئة والصحافيين والكتاب بأنهم متعصبون في أطروحاتهم، ويبرر ما حدث للمعامير بسبب الانقلاب الحراري في الجو أو بسبب الانبعاثات من عوادم السيارات ثم ارتدادها للأرض ثانية، إلا أن حسن الحظ كان حليف المعامير. فلهذه الأسباب وغيرها، نرجو أن تكون اللجنة التي سيشكلها مجلس الوزراء حيادية".
وقال: "نقول لهؤلاء، أصحاب التصريحات: سيذكركم التاريخ بهذه المواقف، ومع كل ما صدر عنهم فإني أدعوهم إلى العيش في المعامير وسأتكفل وأتحمل كلف معيشتهم، وأتمنى لأسرهم المصونة وأبنائهم الأعزاء ألا يصابوا بسوء. وفي هذا المقام، أوجه الشكر إلى وزير النفط الأخ الشيخ عيسى بن علي آل خليفة على مواقفه ومبادراته بخلق جو من الشراكة بين الشركات، وأثمن دعمه لكل المشروعات البيئية والاجتماعية التي يدعمها في المنطقة، والشكر أيضا لكل غيور وقف وساند مطالبنا بتحسين الوضع البيئي، وان وقفتهم ستظل محفورة في ذاكرتنا وسننقلها بمذكراتنا إلى أجيالنا".
وختم قائلا: "لم نقصد الإساءة بحركتنا لأي من عناصر الاقتصاد في مملكتنا، كما حلا لأحد الكتاب أن ينسب إلينا، نحن احترمنا كل المنشآت والمصانع على رغم علمنا بما ترتكبه من خطأ بحقنا وبحق ثرواتنا الطبيعية، وسؤال أوجهه إلى هذا الكاتب: كم شجرة غرستها هذه الشركات في القرية على مدى سبعين سنة؟ وما المشروعات البيئية التي نفذتها؟"، داعيا النواب إلى الدخول إلى موقع "أخبار البيئة" بالكويت للاطلاع على حجم الملايين التي ترصدها الشركات المجاورة، متسائلا: ما نصيب قرى الدور وعسكر وجو والمعامير والرفاع والنويدرات وسترة ومدينة عيسى من هذه الملايين... والجواب: صفر؟
الوسط - علي العليوات
استقبل مجمع السلمانية الطبي يوم أمس "الثلثاء" نحو 22 شخصا من أهالي منطقة المعامير، وذلك في إطار خطة مشتركة مع المجلس البلدي في المنطقة الوسطى لفحص نحو 80 شخصا من أهالي المعامير بهدف التأكد من عدم إصابتهم بأية مواد كيماوية.
وقال رئيس قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي نبيل الأنصاري لـ "الوسط": "إن الحالات التي راجعت السلمانية يوم أمس كانت، منها ثلاث حالات تراجع السلمانية للمرة الثانية، وقد أظهر التشخيص وجود حالات جرب، والتهاب فيروسي في العيون وطفح جلدي"، مؤكدا أن "نتائج التشخيص لا يوجد بها دليل على وجود تلوث".
وأضاف "في حال وجود أية مؤشرات على وجود أعراض بسبب التلوث، فإن الأمر سيرفع مباشرة إلى قسم الصحة العامة الذي سيقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة".
من جانبه، قال ممثل الدائرة في المجلس البلدي في المنطقة الوسطى عباس محفوظ: "إن المجلس البلدي في المنطقة الوسطى قام بالتنسيق مع صندوق المعامير الخيري لتسجيل الحالات المرضية بين الأهالي، ووصل عدد الحالات التي سجلها الصندوق إلى نحو 80 حالة"، منوها بأن "الحالات من فئات عمرية مختلفة".
وأضاف أن "الحالات التي سجلها صندوق المعامير الخيري تتنوع بين التهابات في العيون، أمراض جلدية، واحمرار وحساسية والتهابات رئوية، كما تشمل هذه الحالات النساء اللاتي أجهضن حملهن بسبب تأثيرات التلوث كما شاع بين الأهالي".
وذكر محفوظ أنه "يتم التنسيق في الوقت الحالي مع رئيس قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي نبيل الأنصاري من أجل استقبال جميع الحالات في عيادة خاصة بقسم الطوارئ في السلمانية، وتشخيصها وعلاجها من قبل اختصاصيين في مجمع السلمانية الطبي".
وتهدف هذه الخطوة، بحسب محفوظ، إلى "الوقوف على طبيعة هذه الحالات وتشخيصها بشكل دقيق، ومحاولة ربط الأعراض الموجودة بين الأهالي بالتلوث المنتشر في منطقة المعامير بسبب انبعاث الغازات".
وأيد محفوظ تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في تلوث منطقة المعامير، قائلا: "يجب ألا يركز عمل اللجنة على الإصابات المرضية الحالية وارتباطها بوجود أو عدم وجود تلوث، لأن ذلك توجه خاطئ، فمن المفترض أن يكون التركيز على إجراء دراسة للتحقق من وجود هذه الملوثات في الجو ومعرفة مصادرها، ويجب على وزارة الصحة تزويد هذه اللجنة بإحصاءات عن الحالات المزمنة التي مرت بها منطقة المعامير خلال العشرين عاما الماضية، ومقارنة هذه النسب مع حالات من مناطق أخرى في مملكة البحرين".
وأشار ممثل الدائرة في المجلس البلدي في المنطقة الوسطى إلى أن "أهالي المعامير يتحدثون عن وجود حالات سرطانية والتهابات رئوية وأمراض التخلف العقلي".
وأكد محفوظ "ضرورة تركيز الجهات الرسمية على الواقع والالتفات إلى صرخات الأهالي، والقيام بوضع أجهزة لقياس حجم التلوث في منطقة المعامير، وإجراء دراسة للتعرف على مدى ارتباط الأمراض المزمنة بالتلوث".
من ناحيته، ذكر ممثل الدائرة الخامسة في المجلس البلدي في المنطقة الوسطى إبراهيم حسن إسماعيل أن "الفحوصات التي أجراها أهالي المعامير في مجمع السلمانية الطبي يوم أمس بعضها يجرى للمرة الثانية بسبب وجود الأعراض ذاتها ولعدم وجود تحسن لدى المرضى بعد الزيارة الأولى للطبيب".
وبحسب إسماعيل فقد "رفض بعض المرضى أن يتم فحصهم من أحد الأطباء، معللين بأنه تم فحصهم من قبله من دون أن تتحسن حالتهم الصحية"، وأشار إلى أن "بعض الأهالي يشكون من وجود تضارب في النتائج التي يخرج بها الفحص من طبيب إلى آخر، وهو ما يقلل من ثقة المرضى بالأطباء".
إلى ذلك، قال جاسم حسن أبودهوم "والد أحد الأطفال الذين راجعوا مجمع السلمانية الطبي يوم أمس": "مع تفاقم مشكلة التلوث في منطقة المعامير بسبب انبعاث الغازات، اكتشفت ظهور حبيبات بنية في جسم طفلي البالغ من العمر أربع سنوات، وقد أخذته إلى مركز سترة الصحي وبعد الفحص قالوا إنه غير ناتج عن التلوث، وعند نقله إلى مجمع السلمانية الطبي قالوا إنه مصاب بالبكتيريا". وأضاف أبودهوم "عند مراجعتنا مجمع السلمانية الطبي مساء أمس قال الاختصاصي إن طفلي يعاني من التهاب جلدي".
وعلمت "الوسط" أن إحدى النساء عانت من أعراض معينة خلال الأيام الماضية، وراجعت مجمع السلمانية الطبي ووصف لها الأطباء نوعية معينة من الدواء، غير أن حالتها ازدادت سوءا، ما حدا بزوجها أخذها إلى طبيب خاص الذي منعها من استخدام الدواء الذي وصفه لها الأطباء في السلمانية، وقد تحسنت حالتها بعد أن وصف لها الطبيب الخاص دواء آخر
العدد 971 - الثلثاء 03 مايو 2005م الموافق 24 ربيع الاول 1426هـ