اتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" قرارا الأسبوع الماضي في حق المنتخبين الإيراني والكوري الشمالي اللذين يلعبان في مجموعة منتخبنا الوطني نفسها في تصفيات كأس العالم. وبموجب هذا القرار سيلعب المنتخب الإيراني أولى مبارياته في الجولة الثانية من التصفيات أمام المنتخب الكوري الشمالي بحضور 50 ألف متفرج فقط في ملعب "أزادي" بإيران الذي يتسع لأكثر من 100 ألف متفرج. وجاء هذا القرار من الفيفا عقابا للاتحاد الإيراني للكرة الذي لم يتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة للجمهور خلال مباراة المنتخبين الإيراني والياباني في الجولة الثانية من الدور الأول للتصفيات، ما تسبب في مقتل 5 مشجعين من الجمهور الإيراني نتيجة التزاحم أثناء الخروج من الملعب الذي امتلأ بأكثر من 120 ألف متفرج. وسيسمح للجماهير الإيرانية بالحضور بشكل كامل في مباراتها الثانية أمام منتخبنا الوطني.
من جهة أخرى فإن الفيفا قرر نقل مباراة اليابان وكوريا الشمالية إلى بلد محايد لم يحدد بعد عقابا للمنتخب الكوري الذي قامت جماهيره بحوادث شغب بعد مباراتها مع المنتخب الإيراني في الجولة الأولى من التصفيات.
وأثار هذا القرار الكثير من علامات الاستفهام وخصوصا أن اليابانيين كانوا يرفضون اللعب في كوريا الشمالية من إعلان القرعة وجاء قرار الفيفا الأخير تتويجا للجهود الاستثنائية التي بذلها الاتحاد الياباني والشركات اليابانية لاستصدار مثل هذا القرار الذي سعوا له منذ البداية. بل إنهم لم يكتفوا بذلك، إذ إنهم بدأوا من الآن حملتهم لثني الفيفا عن نقل المباراة إلى الصين على رغم مطالبة الكوريين الشماليين بلعب المباراة في بكين إذا لم تلعب في العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانع. ويبدو أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" في طريقه للانصياع للمطالب اليابانية من خلال الموافقة على نقل المباراة إلى ماليزيا أو سنغافورة.
كل الظروف المحيطة بقرار الفيفا الأخير تدل على وجود أيد خفية عملت على استصدار مثل هذا القرار وخصوصا بعد التصريح الشهير لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري سيب بلاتر بأن الفيفا سيتخذ قرارا بنقل المباراة قبل أن تجتمع لجنة الانضباط في الفيفا وهي الجهة المختصة باتخاذ مثل هذه القرارات.
وتلعب الشركات اليابانية دورا كبيرا من خلال الأموال الهائلة التي تنفقها على الدعاية والإعلان في مجال كرة القدم، كما أن هناك الكثير من الجماهير اليابانية القادرة على السفر خلف منتخبها في البطولات العالمية وصرف الأموال الكثيرة التي تعود بالدخل على الدول المضيفة للبطولات. كما أن وسائل الإعلام المالية مستعدة لدفع الملايين من أجل نقل مباريات منتخبها الوطني وهي حريصة كل الحرص على ظهور إعلاناتها في الملاعب العالمية التي يلعب عليها المنتخب الياباني.
من هذا المنطلق يمكننا أن نفهم مدى حرص الفيفا على وجود المنتخب الياباني في كأس العالم، إذ يعتبر الأخير من عوامل نجاح البطولة العالمية وخصوصا من الناحية المالية على اعتبار أن اليابان ثاني أقوى اقتصاد في العالم.
كل ذلك يضع أكثر من علامة استفهام على قرار الفيفا الأخير وخصوصا أن آثاره السلبية ستنال منتخبنا بالتحديد على اعتبار أن "الأحمر" البحريني أبرز المنافسين للمنتخب الياباني على بطاقة التأهل. وبنظرة حسابية بسيطة سنجد مدى الفارق الذي حصل عليه اليابانيون بهذا القرار.
إذ يملك المنتخب الياباني 6 نقاط يحتل بها المركز الثاني في المجموعة بينما يمتلك منتخبنا 4 نقاط. وفي حال فوزنا على اليابان في مباراتنا المقبلة سيصبح رصيدنا 7 نقاط في المركز الثاني ويبقى اليابانيون على رصيدهم السابق ويتراجعون إلى المركز الثالث. وسيلتقي منتخبنا بعدها مع المنتخب الإيراني في طهران في مباراة صعبة يستطيع منتخبنا فيها الخروج بالتعادل على أقل تقدير. بينما كان من المفترض أن يخوض المنتخب الياباني مباراة صعبة جدا في بيونغ يانغ الشيوعية المعادية لليابانيين سيكون الفوز فيها لليابان صعبا جدا إن لم يكن مستحيلا وخصوصا في ظل الدعم الكبير الذي سيلقاه المنتخب الشمالي من جمهوره. وحتى لو خسرنا من إيران في طهران وتعادل اليابان مع كوريا فإن المنتخبين سيتعادلان برصيد النقاط نفسه وستبقى لمنتخبنا كل الحظوظ في التأهل وخصوصا أننا سنلاقي كوريا على أرضنا في آخر مبارياتنا بينما سيلاقي المنتخب الياباني نظيره الإيراني.
ونقل مباراة اليابان وكوريا الشمالية إلى بلد محايد سهل مهمة اليابانيين التي كانت تبدو صعبة لو لعبت المباراة في بيونغ يانغ.
عموما ستعتبر جميع الحسابات السابقة لاغية في حال خسارتنا أو تعادلنا مع المنتخب الياباني على ملعبنا، بينما إذا تمكنا من الفوز في المباريات الثلاث المتبقية فإننا سنصعد مباشرة إلى نهائيات كأس العالم من دون الحاجة إلى الدخول في حسابات صعبة.
وللوقوف على طبيعة القرار الأخير للفيفا ومدى تأثيره على وضع منتخبنا في تصفيات كأس العالم حرصت "الوسط" على أخذ آراء ثلاثة من خبراء ومتتبعي كرة القدم البحرينية على النحو الآتي:
الشيخ راشد: قرار الفيفا أخل بتكافؤ الفرص
وصف نائب رئيس نادي المحرق الشيخ راشد بن عبدالرحمن القرار الأخير للفيفا بالمحابي لليابانيين، وقال: "أخل قرار الفيفا بمبدأ تكافؤ الفرص، إذ تمكن المنتخبان البحريني والإيراني من الفوز على كوريا في ملعبها وعلى اليابان أن تفعل الشيء نفسه إذا أرادت التأهل"، مبينا أن "القرار الأخير أعطى اليابانيين أفضلية على بقية المنتخبات في المجموعة من خلال مواجهتها لكوريا في بلد محايد".
وأوضح الشيخ راشد أن الإجراءات الفنية مسئولية الدولة التي يجب أن تحفظ الأمن في الملاعب وقد دفع الكوريون ثمن تصرفات جماهيرهم، ولكن المتضرر الأكبر كان المنتخبات الأخرى ومنها منتخبنا الوطني. وأضاف "أعتقد أن حسابات كثيرة دخلت في هذا الموضوع وأدت إلى اتخاذ مثل هذا القرار الذي لم يصب إلا في مصلحة اليابان". واستطرد "هناك الكثير من العوامل المتداخلة والمترابطة الاقتصادي منها والرياضي أسهمت بطريقة أو بأخرى في اتخاذ هذا القرار".
وأبدى الشيخ راشد تفاؤله الكامل بقدرة المنتخب على التأهل إلى كأس العالم على رغم القرار الأخير للفيفا لأن التأهل لايزال بيد لاعبي الأحمر، وقال: "أنا من المتفائلين بتأهل المنتخب وخطفه إحدى البطاقتين المؤهلتين لكأس العالم وخصوصا أن منتخبنا قادر على ذلك عطفا على المستويات الجيدة التي قدمها" وأضاف "في أسوأ الأحوال سيحتل منتخبنا المركز الثالث الذي نستطيع من خلاله أيضا التأهل إلى كأس العالم".
غازي الماجد: الأمور مازالت في يد منتخبنا
من جانبه قال مساعد مدرب منتخبنا الأولمبي لكرة القدم المدرب الوطني غازي الماجد إن القرار الأخير للفيفا لن يؤثر على حظوظ منتخبنا في التأهل إلى كأس العالم لأن "جميع الأمور مازالت بيد المنتخب" بحسب وصفه، لذلك لا يعتقد الماجد بوجود أي تأثير للقرار الأخير على مسيرة الأحمر البحريني في التصفيات.
ووصف الماجد المنتخب الياباني بأكثر المستفيدين من القرارات الأخيرة للفيفا، لكنه استدرك قائلا: "الفريق الكوري خسر مباراتين على ملعبه لذلك الأمور لن تختلف لديه كثيرا سواء لعب على ملعبه أو خارج ملعبه" مبينا "في المنتخبات لا تعمل الأرض والجمهور دائما دورا حاسما في نتائج المباريات".
وأوضح الماجد أن على أفراد المنتخب ألا يهتموا بمثل هذه القرارات لأن "الأحمر يجب أن يفوز في المباريات الثلاث" للتأهل إلى كأس العالم من دون النظر إلى نتائج المنتخبات الأخرى في المجموعة.
وعن نظرته إلى القرارات والسياق الذي اتخذت فيها، قال الماجد: "من وجهة نظري القرارات صحيحة لأن الجماهير الكورية ارتكبت الكثير من المخالفات والجميع شاهد صورها وهي تحاصر حافلة المنتخب الإيراني بعد نهاية المباراة".
وبين الماجد أن على المنتخب أن يكون جاهزا لجميع الظروف، مؤكدا أن "بطاقة التأهل مازالت بيدنا ومنتخبنا يمتلك كل الحظوظ للتأهل إلى كأس العالم".
الذوادي: قادرون على التأهل على رغم الظروف
من جانبه قال المدير الفني لنادي الرفاع المدرب الوطني رياض الذوادي إن المنتخب البحريني قادر على التأهل إلى كأس العالم وخطف إحدى البطاقتين المؤهلتين مباشرة إلى المونديال من دون الحاجة إلى الرجوع إلى نتائج المنتخبات الأخرى في المجموعة.
وأبدى الدواذي تفاؤله بقدرة المنتخب على تخطي كل العقبات، وقال: "الأحمر البحريني قادر على تحقيق الفوز في المباريات الثلاث المقبلة" مؤكدا "عليه أن ينظر إلى نتائجه بغض النظر عن نتائج المنتخبات الأخرى". وأضاف "مجموعتنا ليست بالبعبع المخيف وإنما جميع المستويات متساوية وهذا ما أثبتته الجولة الأولى من التصفيات. لذلك أنا متفائل بالتأهل المباشر من دون الحاجة إلى مباريات الملحق".
ووصف الذوادي القرار الأخير للفيفا بأنه قرار ناتج عن "مافيا المصالح" المسيطر على الاتحاد الدولي بحسب وصفه، مؤكدا أن القرار اتخذ لاعتبارات كثيرة من أهمها تعزيز وضع اليابان الحرج في المجموعة إكراما للشركات اليابانية الراعية لكأس العالم والقادرة على توفير السيولة اللازمة للاتحاد الدولي.
وبين الذوادي أن هذه القرارات تخضع لضغوطات ومصالح كثيرة لكن الأهم منها أن حظوظنا مازالت بيدنا وبالتالي فنحن المسئولون عن تأهلنا لكأس العالم.
وسيخوض منتخبنا مباراته الأولى في الدور الثاني من التصفيات مع المنتخب الياباني في 3 يونيو / حزيران المقبل على أرض استاد البحرين الوطني. وستكون هذه المباراة حاسمة لـ "الأحمر" البحريني، لذلك يجب تضافر جميع الجهود للفوز بهذه المباراة المهمة التي ستفتح لنا آفاق التأهل لكأس العالم.
كما أن مباراة المنتخب الياباني مع نظيره الكوري ستكون صعبة للأول حتى لو أقيمت في بلد محايد لأن مباراة الذهاب بينهما كانت صعبة لليابانيين ولم يحققوا الفوز إلا في الدقيقة الأخيرة منها على رغم أنهم كانوا يلعبون على ملعبهم.
عموما مازلنا ممسكين بجميع الخيوط وبإمكاننا الصعود إلى المونديال من دون الحاجة إلى النظر في نتائج المنتخبات الأخرى. فهل يتحقق الحلم البحريني هذه المرة أو يؤجل هذا الحلم إلى سنوات مقبلة؟
الإجابة مازالت بين أرجل لاعبي الأحمر!
العدد 971 - الثلثاء 03 مايو 2005م الموافق 24 ربيع الاول 1426هـ