العدد 974 - الجمعة 06 مايو 2005م الموافق 27 ربيع الاول 1426هـ

الجولان بين سورية و"إسرائيل"

ارتبطت مرتفعات الجولان السورية بموضوع الصراع العربي - الإسرائيلي. إذ كانت بوابة التماس والمواجهة بين سورية و"إسرائيل" في الفترة ما بين قيام "إسرائيل" العام 1948 واحتلال "إسرائيل" للمرتفعات في حرب حزيران .1967 ومنذ ذلك الوقت راوح اسم الجولان صاعدا - هابطا في الاهتمام السياسي والإعلامي في المستويين الاقليمي والدولي.

وقد برز حضور الجولان في المستويين وخصوصا بعد احتلاله في محطتين، كانت الأولى في خلال الحرب العربية - الإسرائيلية العام ،1973 عندما صار ميدانا لمواجهة عسكرية سورية - إسرائيلية واسعة وحادة، انتهت باتفاق فصل القوات على الجبهة السورية - الإسرائيلية العام ،1974 وكانت الثانية بعد مؤتمر مدريد 1990 الذي حرك المفاوضات بين سورية و"إسرائيل" بهدف تحقيق تسوية بين الطرفين في اطار تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي، وانتهت هذه المحطة بتوقف المفاوضات السورية - الإسرائيلية في العام .2000

غير انه وبخلاف المحطتين السابقتين، فقد بدا الجولان غائبا ومغيبا عن الحضور في الاهتمامات السياسية والإعلامية الإقليمية والعربية، وان كان ذلك لا يمنع بين وقت وآخر من ظهور سياسي أو إعلامي لمرتفعات الجولان في ارتباطها ببعض التطورات أو الحوادث السياسية كما حدث عندما أعلنت "إسرائيل" ضم الجولان العام 1981 وفرض الهوية والجنسية الإسرائيلية على سكانه العرب السوريين.

ومرتفعات الجولان في تعريفها الجغرافي، هضبة تشبه مثلث من الأراضي السورية تقع على ملتقى الحدود السورية مع لبنان وفلسطين والأردن، احتلت منها "إسرائيل" العام 1967 نحو 1250 كيلومترا مربعا، وشردت وطردت غالبية سكانها البالغ عددهم حينها نحو 130 الفا، ودمرت معظم مدنها وقراها البالغ عددها 163 تجمعا سكنيا باستثناء المزارع، ولم يتجاوز عدد من تبقى في القسم المحتل من سكان المرتفعات الستة آلاف نسمة موزعين في ست قرى شمال الجولان أكبرها مجدل شمس، مضافا اليهم 250 شخصا بقوا في مدينة القنيطرة، حتى انسحاب القوات الإسرائيلية منها العام .1974

ومنذ احتلالها، اكتسبت المرتفعات أهمية سياسية في سياق تسوية الصراع بين سورية و"إسرائيل" في المستويين الدولي والاقليمي. إذ أكد الموقف الدولي اعتبارها أراض محتلة، ينبغي الانسحاب الإسرائيلي منها في اطار عملية سلام طبقا للقرارين الدوليين 242 و،338 وفيما ركزت سورية على حقها في استعادة الجولان طبقا للقانون والشرعة الدولية، ذهبت "إسرائيل" نحو اخضاع الجولان لوقائع سياسة الاستيطان من جهة وللمساومة السياسية من جهة ثانية تحت حجج وذرائع متعددة ومختلفة، الامر الذي جعل من الجولان موضوعا للتداول السياسي والاعلامي كلما جرى الحديث عن تسوية سياسية بين سورية و"إسرائيل".

وكتاب "الجولان في صراع السلام" محاولة لمتابعة موضوع الجولان عبر كتابات شارك فيها كتاب عرب وأجانب بمن فيهم كتاب إسرائيليون، هدفه قراءة الموضوع من جوانب مختلفة وخصوصا من حيث تقديم رؤية وصفيه للمرتفعات من النواحي الجغرافية والجيولوجية والتاريخية، ومن ناحية الاستيطان اليهودي فيه مدعمة بالارقام والإحصاءات، وهو ما يكشف إمكانات وقدرات المنطقة، التي يجرى استخدامها في الادعاءات الإسرائيلية في الموقف من الجولان واستعادة سورية لها. ويتجاوز الكتاب الجانب الوصفي إلى التركيز على ثلاث نقاط أساسية، أولها الكشف عن أعماق النظرة الإسرائيلية في التعامل مع موضوع الجولان في اطار حاجات "إسرائيل" وخصوصا في الجانبين الاستراتيجي والمائي، وهي النظرة التي رسمت إطار المواقف الإسرائيلية في مسار المفاوضات السورية - الإسرائيلية بشأن الجولان التي استمرت عشر سنوات من دون التوصل إلى نتائج بفعل تناقضات الموقف الإسرائيلي الرسمي والذي يجد له صدى مماثلا في أوساط الرأي العام الإسرائيلي.

والنقطة الثانية، تأكيد تحول الموقف السوري في موضوع التسوية مع "إسرائيل" على جبهة الجولان نحو السعي إلى استعادة الأرض كاملة من خلال المفاوضات المباشرة والثنائية، وهو ما كانت ترفضه سورية في السابق، لكنه ومع تبدل البيئة الدولية والإقليمية منذ بداية تسعينات القرن الماضي، حدث التحول وانخرطت سورية في مفاوضات مع "إسرائيل" بشأن مستقبل الجولان.

والنقطة الثالثة، التي يتناولها الكتاب، يمثله المآل الذي وصلت اليه مسيرة المفاوضات السورية - الإسرائيلية، بما تعنيه من انسداد آفاق التسوية في الجولان بين سورية و"إسرائيل"، وهذا يعني ان إعادة تحريك المفاوضات والتوصل إلى تسوية سيحتاج إلى ظروف وشروط جديدة، تدفع الطرفين إلى طاولة المفاوضات. وكما تشير معطيات كثيرة وردت في الكتاب، فإن الإسرائيليين أقل اهتماما بالمفاوضات ونتائجها، ولهذا الموقف ما يبرره إسرائيليا من جوانب مختلفة بينها وجود الجولان تحت القبضة الإسرائيلية، وعدم وجود توافق إسرائيلي على مستقبل الجولان، والاختلال الاستراتيجي السياسي والعسكري في ميزان القوى بين "إسرائيل" وسورية، وشعور الإسرائيليين ان الوقت يعمل لصالحهم، وهو شعور قد يكون خادعا، يماثل في خديعته إحساسا سيطر على السوريين طويلا، ان مستقبل الجولان وعودته بالكامل الى سورية محسوم في كل الاحوال

العدد 974 - الجمعة 06 مايو 2005م الموافق 27 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً