العدد 1003 - السبت 04 يونيو 2005م الموافق 26 ربيع الثاني 1426هـ

عصام فخرو: الواقع يفرض علينا التطلع بجدية نحو الإصلاح

أكد أن التصدي لمشكلة البطالة يمثل أهم الأولويات

قال النائب الثاني لرئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عصام فخرو ان الحاجة للإصلاحات الاقتصادية اصبح واقعا ملحا يفرض نفسه بقوة، معتبرا ما جاءت به مبادرة الرئيس الاميركي جورج بوش نحو شرق أوسط يتماشى إلى حد كبير مع مسيرة الإصلاح التي بدأتها البحرين.

وأكد فخرو في حديث إلى "الوسط" ان التصدي لمشكلة البطالة يمثل أهم الاولويات في التعاطي مع مبادرات الرئيس بوش.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه فخرو القضية الفلسطينية اهم القضايا التي شغلت الساحة السياسية العربية لأكثر من 5 عقود مضت الا انه شدد على أهمية عدم تعطيل ملف الإصلاحات السياسية والاقتصادية وربطها بهذه القضية.

وقال فخرو: "لو اخذنا الحديث الذي يجري الآن بقوة على ضرورة الإصلاح نجد ان الجانب الاميركي يتحدث عن الإصلاحات باعتبارها ضرورة وكذلك الجانب الاوروبي حتى الواقع العربي من الناحية السياسية والاقتصادية أصبح يسير نحو الإصلاحات كمخرج من اوضاع متردية في دول عدة. اذا ليس فقط ما جاءت به مبادرة الرئيس الاميركي أو الموقف الأوروبي وانما الواقع الحالي يفرض علينا التطلع بجدية نحو الإصلاح، والإصلاح بدوره أصبح حقيقة وامرا واقعا تفرضه المستجدات على الساحة السياسية".

ويضيف: "لنكن اكثر واقعية من حيث إن الولايات المتحدة الأميركية تمثل الآن القوى العظمى من الناحية الاقتصادية والصناعية وهي بدورها تتطلع للحفاظ على مصالحها. ايضا هناك المفوضية الاوروبية واليابان وغيرها من القوى الاقتصادية العالمية التي لن تسمح بابقاء هذه المنطقة من دون استقرار حقيقي تضمن من خلاله الحفاظ على مصالحها المتداخلة في المنطقة، اذا هناك توجه عالمي اصبح يفرض نفسه بقوة وانا شخصيا اجد ان هناك ضرورة كبيرة للاصلاح من الداخل على اعتبار انه يضمن الانتقال من مرحلة إلى اخرى في مناخ مستقر وليس كما حدث في العراق الذي انعكس سلبا على استقرار وأمن هذا البلد".

وعن تعامل دول المنطقة مع فكرة الإصلاح التي جاءت بها مبادرة الرئيس الاميركي يقول فخرو: "الحقيقة ان الكثير من الدول العربية عطلت عجلة الإصلاحات تحت مبرر القضية الفلسطينية بل ذهبت إلى تعطيل الحياة الديمقراطية لديها بحجة "إسرائيل" وهذا خطأ كبير افقد هذه الدول الكثير من صدقيتها دوليا في طرحها للقضية الفلسطينية. فكيف يمكن ان نكون متأخرين سواء في الجوانب السياسية والاقتصادية ولا نملك آلية للتطوير ونذهب إلى المحافل الدولية لنتحدث عن القضية الفلسطينية؟ اذا توفير المناخ الديمقراطي يساند إلى حد كبير دور الدول العربية في تناول القضية الفلسطينية والدفاع عنها. للأسف الكثير من الدول العربية تتجنب حتى استخدام كلمة إصلاح وتذهب إلى استخدام كلمات أخرى ولكن الحقيقة تقول إن الإصلاح أصبح واقعا يجب الاعتراف به".

وفيما إذا كان المسار الإصلاحي الذي انتهجته البحرين قبل جميع هذه المبادرات التي تنادي بالإصلاح اكسبها ثقة دولية تؤهلها لتكون شريكا أساسيا في دعم النهج الإصلاحي في المنطقة قال فخرو "اعتقد ان مشروع الإصلاح السياسي الذي شهدته البحرين خلال السنوات القليلة الماضية كان مشروعا جبار حظي بصدقية كبيرة وقوبل بارتياح من قبل الجزء الأكبر من المواطنين لأنه جاء بنمط يتسم بالعقلانية والمنطق. أيضا ما جاءت به مبادرة مجلس التنمية الاقتصادي عن الإصلاحات الاقتصادية يعزز توجه البحرين نحو إصلاحات حقيقية وأن كان هناك بعض وجهات النظر بشأن حيثيات هذه المبادرة الا ان هذا لا يعني انها ليست مبادرة تسير في الاتجاه الصحيح لأنها تطرقت إلى مواطن الخلل في كثير من حيثيات سوق العمل البحرينية وكذلك الخلل في الهيكل الاقتصادي ومعالجة مشكلات سوق العمل والتصدي للبطالة كأحد الهموم الأساسية التي تعاني منها الدول العربية عموما. هذا إلى جانب تطوير التعليم والتدريب كإحدى الركائز الأساسية في أي بلد. جميع هذه المشكلات يتم التطرق اليها الآن في المنتديات العالمية التي تقام مرتين في العام وتجمع العالم باكمله وتتحدث عن الإصلاح وتخص الشرق الاوسط على اعتبار انها منطقة غنية بالموارد لكن عندما تقاس هذه الموارد بمعدلات الانتاجية نجد الوضع بائسا. ومثال على ذلك عندما قورنت اقتصادات الدول العربية جميعها من حيث الناتج المحلي الاجمالي في اسبانيا على التي كانت قبل سنوات قليلة تعاني من مشكلات حقيقية نجد ان هذا البلد الاوروبي تفوق على مختلف اقتصادات الدول العربية، الا يعني هذا ان هناك خللا آن الأوان لاصلاحه. وكيف يمكن ان نبدو متخوفين من أية مبادرة تتحدث عن الإصلاح في المنطقة العربية ونحن نعاني حقيقة من هذه الأوضاع".

وعما تناولته مسودة خطة اصلاح الشرق الاوسط وشمال إفريقيا المقرر طرحها خلال قمة الثماني وما يتعلق بتسريع التنمية الاقتصادية وتمكين القطاع الخاص وضرورة دعم تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن طريق برامج المساعدة والقروض الهادفة والمساعدات التقنية لتحسين السياسة والاطر التنظيمية قال فخرو: "بلا شك ان هذا التوجه بغاية الاهمية. ان ما نسبته 50 في المئة من انتاجية القطاع الخاص في الولايات المتحدة الاميركية يأتي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. والحقيقة ان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مهمة جدا في أي اقتصاد لانها تسهم بشكل كبير في التصدي لمشكلة البطالة وامتصاصها. والواقع ان هناك توجهات كثيرة في البحرين تصب في المسار نفسه من خلال دعم هذه المؤسسات وتفعيل دور بنك التنمية في دعمها. لذلك هناك توجه لزيادة رأس مال المصرف وزيادة شموليته في دعم هذه المؤسسات".

ويضيف: "للأسف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البحرين تعاني من مشكلات عدة على رغم انها تملك قوى تأثير فعالة في اقتصاد البحرين. ونحن بدورنا في الغرفة لدينا لجنة تتولى متابعة مشكلات هذه المؤسسات ونقلها إلى المسئولين في وزارة التجارة".

وفيما اذا كان يعتقد فخرو ان ما جاءت به مبادرة الرئيس الاميركي ينسجم مع الخصوصية التي يتمتع بها الاقتصاد البحريني وخصوصا المسار التجاري، يقول فخرو: "لا اعتقد ان هناك صعوبة في التماشي مع ما جاءت به مبادرة الرئيس الاميركي. فلو اخذنا وجهات النظر التي طرحت عندما جاءت مبادرة الإصلاحات الاقتصادية بحسب دراسة "ماكينزي"، نعم كان هناك تفاوت في بعض وجهات النظر عن الجدول الزمني لتطبيق هذه الإصلاحات والتدرج في فرض الرسوم وتطبيقها على العمالة الوافدة. وهذه وجهات نظر تناولت بعض التفاصيل ولكنها لم تعترض على المبدأ الاساسي والحاجة لقيام اصلاح شامل. وتناول البحرين لمشكلتين اساسيتين تعاني منها دول المنطقة وهما مشكلة البطالة ونظام التعليم يضع اليد على موطن الخلل الحقيقي بالنسبة إلى هذه الدول وهذا ما جعل المشروع الإصلاحي في البحرين يبدو محط انظار دول المنطقة وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي. ايضا البحرين من اكثر دول المنطقة توجها نحو التنويع الاقتصادي واخذ المبادرة نحو الانفتاح الاقتصادي اذا هناك ارضية مناسبة للتجاوب مع مبادرة الرئيس الاميركي لان البحرين انتقلت فعلا إلى مراحل حقيقية في المسار الإصلاحي".

وفيما اذا كان طرح تحسين الجهود الاقليمية لازالة العقبات امام الاستثمار وزيادة الاستثمار يعكس مشكلة اساسية تواجهها الاستثمارات لاسيما في دول المجلس يقول فخرو: "هذا صحيح. للأسف مازالت هناك عقبات كثيرة تقلل من فرص زيادة الاستثمار بين دول المجلس وهذا ناتج عن عدم التوافق في بعض التفاصيل التي يفترض ان يتم الاتفاق عليها اذا كنا نتطلع نحو اقتصاد موحد. وهذا ما يفرض علينا خلق آلية تدفع نحو التوافق بين دول المجلس. ايضا ضرورة وجود آلية لتطبيق القرارات التي تصدر عن المجلس فهناك قرارات تصدر ولكن لا توجد فعليا آلية لتطبيقها".

ويضيف: "هناك حديث قوي الآن عن اقامة منطقة للتجارة الحرة مع دول خليجية اخرى مثل الكويت مثلا التي بدورها تطبق النظام الضريبي وهنا في البحرين لا يوجد نظام ضريبي ولكن معوقات الاستثمار الموجودة هنا هي الضريبة الحقيقية التي يدفعها المستثمر في الواقع. اذا جميع هذه الامور لابد من التوافق والاتفاق عليها اذا اردنا الوصول إلى كتلة اقتصادية موحدة".

وفيما اذا كان يعتقد فخرو ان الدخول في شراكة مع الولايات المتحدة الاميركية اصبح الآن حاجة كبيرة نحو زيادة فرص الدول العربية للدخول في الاسواق العالمية يقول فخرو: "بلا شك ان هناك حاجة كبيرة وهذه هي احدى المقومات التي يجب التطلع اليها كاولوية اساسية بالنسبة إلى البحرين وخصوصا القطاع الخاص. وعندما نتكلم عن دخول اسواق عالمية اذا لا بد من الارتقاء بمستوى الجودة في الانتاجية والا لن يترك لنا أي مجال. ايضا قدوم شركات أميركية قوية ودخولها للاسواق العربية سيوجد حالا من المنافسة الكبيرة التي تحتم على شركات المنطقة معطيات جديدة لابد من معالجتها".

وعما يمكن اعتباره اولوية اساسية بالنسبة إلى البحرين لابد من الاخذ بها من خلال المبادرة الأميركية يقول فخرو: "لقد ذكرت اننا فعلا بدأنا في النهج الإصلاحي من حيث الإصلاحات السياسية التي شهدتها المملكة وهذا ما اسس فعليا لارضية قوية نحو نظام ديمقراطي واي نظام ديمقراطي بالتأكيد سيهدف لخلق حال من الرخاء بين المواطنين اذا لابد من التصدي لمشكلة البطالة كاحد الاولويات الاساسية التي لا تحتاج للجدل. واذا استطعنا ان نطبق ما جاء به مشروع اصلاحات سوق العمل ستنعكس نتائجه بشكل ايجابي على اقتصاد البلد".

ويضيف: "الملف الثاني الذي لابد من التوقف عنده بشكل جدي هو التصدي لمشكلة الارهاب والكيفية التي يمكن من خلالها التصدي لهذه المشكلة على المدى البعيد وخصوصا التركيز على جذور هذه الظاهرة والتي هي في الواقع تحمل ابعادا اقتصادية واجتماعية في المقام الاول"

العدد 1003 - السبت 04 يونيو 2005م الموافق 26 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً