العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ

الجودر: التخطيط العمراني للمملكة دون المستوى

150 شابا شاركوا في "مدن خضراء"

انتقد المعماري ومخطط المدن أحمد الجودر عملية التخطيط العمراني في المملكة، معتبرا إياها دون المستوى لانشغالها بتناول المشكلات الجزئية، وقال ان واقع عملية التخطيط يبين خضوعها الى طلبات تقسيم الأراضي، واحتياجات توفير المواقع اللازمة لخدمات المرافق العامة، بالإضافة إلى طلبات الخدمات الاجتماعية الموجهة للسكان، في حين يجب أن تنبثق أعمال التخطيط من رؤية استراتيجية للتنمية أو مشروع لتنفيذ تصور وطني لتنمية البلاد.

وأضاف الجودر في الحلقة النقاشية "مدن خضراء، لنخطط لمستقبل الأرض" التي أقامتها الهيئة العامة لحماية البيئة والحياة الفطرية بمشاركة عدد من الشباب أن "المشرع البحريني أوجد قوانين لحماية البيئة لكن المشكلة البيئية لاتزال قائمة جراء عدم تفعيل هذه القوانين وتعزيزها ووضع آليات إجرائية واضحة لتنفيذها بما يشكل منظومة متكاملة للإدارة البيئية".

وركز الجودر في كلمته امس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للبيئة على ما تعانيه البيئة المحلية من انتهاكات من ضمنها عدم وجود تخطيط سليم للمدن والقرى ودور الشباب في حل المشكلة بطرح تصوراتهم وآرائهم لايجاد تخطيط عمراني لتطوير البيئة وصناعة المستقبل. سائلا خلال حديثه عن الأنشطة التي يقوم بها الشباب من غرس أشجار وتنظيف سواحل وعما إذا كانت الأنشطة التي وصفها بالشكلية تكفي لانقاذ البيئة مما يهددها من مخاطر. وقال: "ان التطلع إلى دور رائد للشباب فيما يتعلق بمستقبل البيئة والحياة الحضرية في المدن، يستدعي الصراحة والمكاشفة تجاه مشكلات الواقع الحالي للبيئة وأزماتها، بالإضافة الى المشاركة الدائمة للشباب بما يدعم قيم وسلامة البيئة والتنمية المستدامة عن طريق السلوك العام ونظام الحياة".

وتطرق الجودر إلى ما شهدته المملكة من طفرة صناعية أثرت على البيئة إذ الحقت تدهورا للبيئات الطبيعية أضر بكائناتها. موضحا أن ميثاق العمل الوطني والدستور يؤكدان ضرورة التنمية الاقتصادية والعمرانية مع تبني الحفاظ على البيئة كونها تراثا بيئيا طبيعيا وثروة متجددة لتوفير حياة صحية للإنسان. وواصل: "صدرت في السنوات الماضية قوانين وتشريعات لحماية البيئة وعلى رغم ذلك لم تنته المشكلات بشكل فعال، والحل يتمثل في تفعيل هذه القوانين وتعزيزها ووضع آليات إجرائية واضحة لتنفيذها بما يشكل منظومة متكاملة للإدارة البيئية".

وأضاف أن "تبني المشروع الإصلاحي فكرة إدارة شئون العمران عن طريق البلديات المحلية بالتعاون مع المجالس البلدية المنتخبة يؤسس لمشاركة السكان في رسم المستقبل العمراني من خلال اتخاذ القرارات التي تمس مستقبل تطور وتوسع مدنهم ومناطقهم السكنية". متوقعا أن يؤدي تراكم الخبرة إلى تحسين الأداء بما يضفي على الإدارات المحلية للعمران الفاعلية والمنهجية في التعاطي مع المشكلات البيئية والوصول إلى الإجراءات المطلوبة لحل هذه المشكلات بالتعاون مع الشركاء والأطراف الفاعلة.

وعن التخطيط العمراني ومستقبل المدن أوضح الجودر أن مجال التخطيط ينبغي أن ينصب لتحقيق أهداف التنمية، والتحكم في توجيه النمو بعد دراسة المشكلات وأوجه القصور، فضلا عن الاختناقات المرورية ووضع الحلول المناسبة لها. وأيضا استيعاب الفرص والإمكانات المتاحة، من خلال التنسيق مع الفعاليات المختلفة، للتوصل إلى البرامج والمشروعات الكفيلة باستغلال هذه الفرص وتحقيق عوائد منها على الدخل العام وخلق فرص العمل المتجددة.

وانتقد المتحدث ممارسة التخطيط العمراني في المملكة قائلا انها لاتزال من دون المستوى النظري والفكري كونها ممارسة مثقلة بتناول المشكلات الجزئية، وتخضع إلى ضغط طلبات تقسيم الأراضي، واحتياجات توفير المواقع اللازمة لخدمات المرافق العامة وتلبية طلبات الخدمات الاجتماعية التي يحتاجها السكان. في حين أن عمليات إعداد مخططات مستقبلية يجب أن تنبثق من رؤية استراتيجية للتنمية أو مشروع لتنفيذ تصور وطني لتنمية البلاد.

وأضاف "الإصلاحات التي ادخلها عاهل البلاد من إرساء مجلس وطني ورسم نهج للمشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات في المجالس البلدية والمتعلقة بشئون العمران، من شأنها تطوير ممارسة التخطيط العمراني ومقاربته نحو تحديد أهداف طموحة تتجاوز علاج المشكلات الجزئية القائمة، إلى تناول القضايا والمعايير التخطيطية وتقترب من مشروع الحلم الوطني. كما ان تشكيل لجنة عليا للإسكان والأعمار برئاسة ولي العهد بما تضمه من بلديين ومتخصصين يعد بمثابة جهاز فعال لتوجيه مسارات التخطيط العمراني من خلال وضع استراتيجيات وطنية للتطوير والتنمية، إذ كلفت لجنة الإسكان والأعمار أخيرا أحد أكبر الشركات العالمية الاستشارية المتخصصة في التخطيط العمراني بإعداد مخطط هيكلي استراتيجي شامل للمملكة ليكون أساسا للتنمية الاقتصادية ولاستخدامات الأراضي، ما يدعم الممارسة التخطيطية الوطنية لمواجهة التحديات واستغلال الفرص الأمر الذي يسهم في إنتاج مخططات نوعية تتسق مع مبادئ الاستدامة وتضاهي المفاهيم والممارسة العالمية للتخطيط العمراني.

وأردف "في ظل وجود مثل هذه الاستراتيجيات وتبني تنفيذها في المملكة، يمكن الحفاظ على المواقع البيئية والتراثية وحمايتها من زحف العمران، ما يمهد إلى الاعلان عنها رسميا بشكل قانوني وتسجيلها في المنظمات الدولية ويكثف التعاون الدولي للحفاظ على التراث والتنوع البيولوجي والفطري في هذه المواقع المختارة. لكن تنمية هذه المواقع واستغلالها في أغراض السياحة البيئية يجب أن يتم بحذر شديد وبإجراء دراسات متخصصة عن آثارها البيئية لضمان أن تطويرها سياحيا يتم من دون الإخلال باستمرار الحياة الفطرية أو بتراث المجتمع المحلي.

وأوضح الجودر أن اختيار شعار "مدن خضراء" لهذا العام لا يقتصر فقط على الغطاء النباتي، لأنه تعبير عن مفهوم وموقف إنساني لهذه المدن تجاه الطبيعة والبيئة وقيم الحفاظ على ثرواتهما الطبيعية وعدم استنزافهما ومراعاة حقوق الأجيال المقبلة، وتعني أيضا تدوير استعمال المواد مع التوفير في الطاقة، ومعالجة المياه المبتذلة وإعادة استخدامها واستخدام الطاقة المتجددة وتقنيات النقل الصديقة للإنسان والبيئة.

ودعا الجودر الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية إلى تبني مشروع مسابقة سنوية تشترك فيها المدارس بطرح فكرة قابلة للتطبيق لتحسين واقع مدن المملكة مستقبلا بالتنسيق مع وزارات التربية والتعليم وشئون البلديات والأشغال والإسكان، والجامعات والجمعيات مثل المهندسين وأصدقاء البيئة لتطوير تفاصيل المسابقة.

من جانبه، قال رئيس قسم العلاقات العامة في الهيئة زكريا خنجي: "ان الهدف من الحلقة النقاشية التفكير في مدن بيئية مستقبلية توفر بيئة آمنة مستدامة لجميع أفراد المجتمع. واعتبر حلقة هذا العام تواصلا لسابقتها في العام الماضي والتي ركزت على مد جسور التعاون والحوار بين فئة الشباب والاختصاصيين البيئيين، ووضع آليات عمل مشتركة للتوصل إلى حلول بيئية ناجحة يمكن أن تحل قضايا بيئية تعاني منها المملكة وتأهيل الشباب لتحمل المسئوليات الملقاة على عاتقهم". وتوقع أن يثمر الحوار بين الاختصاصيين و الشباب مستقبلا بعد فتح أبواب التواصل معهم لحماية البيئة.

وعرج خنجي إلى أن المملكة "عانت الكثير من المشكلات البيئية"، داعيا إلى إيجاد تخطيط مسبق حين الشروع في إنشاء المدن مراعاة للاعتبارات البيئية بعد معرفة عدد السكان التي يمكن أن تستوعبهم وحجم الطاقة المتوقع استنزافها، بالإضافة إلى تدوير المخلفات وحجم صرف المياه كي يتسنى إنشاء مدن بيئية منذ اللحظات الأولى للمشروع.

إلى ذلك شهدت الحلقة النقاشية أمس مداخلات للشباب المشاركين إذ أبدوا تصوراتهم و افكارهم لايجاد تخطيط عمراني بيئي، وتحدث في الحلقة أيضا عبدالرحمن جناحي الذي قدم شرحا عن نظام المواصلات في المملكة واستمرار اساليب التخطيط القديمة

العدد 1024 - السبت 25 يونيو 2005م الموافق 18 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً