طالب اقتصاديون ورجال أعمال بإيجاد تعريف موحد وواضح لمفهوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إذ ان المؤسسات الرسمية والأهلية تفتقد في الوقت الراهن إلى رؤية واضحة عن ماهية هذه المؤسسات، وبالتالي عدم تحديد هذه الشريحة من الأعمال التي أعلنت الدولة أنها بصدد تقديم مختلف أشكال الدعم لها لتنميتها لما لها من أثر على الاقتصاد. كما شددوا على أهمية تقديم الدعم التمويلي بشكل أكبر لطبقة الفقراء لإقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة لمساعدتهم، إذ إن التمويل الذي يقدم لدعم المشروعات من المصارف يركز على طبقة الأغنياء أو المقتدرين على حسب قول بعض المشاركين في الاجتماع.
وأكد المشاركون في اللقاء التشاوري الثاني لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي نظمته لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرفة تجارة وصناعة البحرين أمس أهمية وجود استراتيجية وخطط فعالة تجد طريقها للتنفيذ، وألا تظل القرارات ومئات الدراسات في الأدراج وعدم الاستفادة منها على أرض الواقع لدعم المشروعات الاقتصادية الوطنية.إذ تساءل الحضور عن الإجراءات التي يجب على القطاع الخاص عموما والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة خصوصا أن تتخذها لمواجهة الصعوبات المحتملة جراء تطبيق إصلاحات سوق العمل بشكله الحالي والذي قد يؤدي إلى التأثير على الكثير من الأعمال التي تعتمد على العمالة الأجنبية للإنتاج، إذ طالب أحد تجار المجوهرات بإشعار هذه المشروعات بما يجب عليها أن تتخذه، قائلا: "لا يمكن لنا أن نستمر العمل في مجال المجوهرات من دون أن نوظف عمالة أجنبية، وهذه المحلات تلقت عروضا من دول في المنطقة التي ستقدم التسهيلات لها أكثر من البحرين فيما لو طبق مشروع الإصلاح".
وتطرق الحضور إلى أهمية الالتفات إلى تطبيق معايير الجودة في الإنتاج والحصول على الشهادات الدولية المعترف بها فيما يتعلق بجودة البضائع والخدمات التي تقدمها المؤسسات الصغيرة منها والمتوسطة، إذ تمت الإشارة إلى البرامج التي تقوم بها الحكومة مع عدد من المؤسسات لدفعها ومساندتها للحصول على هذه الشهادات الدولية وإن ترتبت على ذلك بعض التكاليف المادية الإضافية، إلا ان هذه الشهادات ستعطي المؤسسات قدرة تسويقية أكبر وبالتالي تدر عليها الأرباح.
ولم يغب موضوع إصلاح سوق العمل عن معظم الاجتماع ومداخلات الحضور، ففيما رأى البعض أن مشروع إصلاح سوق العمل سيطبق لا محالة دون الرجوع إلى القطاع التجاري، كما وصف البعض اجتماعات الغرفة لمناقشة قضايا الإصلاح والمؤسسات بأنها غير ذات جدوى أو نتيجة ولأنها لا تخرج عن كونها تدخل في سياق انتخابات الغرفة لاختيار أعضاء مجلس الإدارة، رأت الغرفة بممثليها في الاجتماع أن المشروع لازال طور الإقرار وأنه سيعرض في الفترة المقبلة على مجلس النواب لإقراره، إذ ان هناك تفهما كبيرا من النواب لمرئيات الغرفة.
وتناول الحضور مشكلة عدم توفر الدعم المالي اللازم لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واقترح أحد الحضور أن يتم إلزام المصارف التجارية بأن تتعامل مع رأس المال المغامر أو تلك المشروعات التنموية التي تنطوي على بعض المخاطرة في عملية التمويل، إذ رأى الحضور أن المصارف التجارية في البحرين لا تقوم بدور كاف في دعم تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وفي السياق نفسه دعا بعض الحاضرين في الاجتماع التشاوري إلى أن يتم دعم بنك التنمية بالأموال اللازمة لزيادة قدرته على تمويل المشروعات، إذ رأوا أن بنك التنمية غير كاف لتقديم التمويل اللازم لمختلف المشروعات، واقترحوا أن يركز البنك جهوده التمويلية على قطاعات محددة أو أنواع محددة نظرا لضآلة رأس ماله وعدم قدرته على تمويل كل المشروعات في البحرين.
وأكد المشاركون أهمية وجود التنسيق بين مختلف الجهات الرسمية والأهلية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتطوير القوانين والتشريعات بحيث تدعم هذا القطاع من الأعمال.
من جانبه قال رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبدالرحمن السندي: "إن الغرفة اهتمت في الدورة الحالية بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتم التعرف على طبيعة المعوقات التي تواجه هذه المؤسسات، وسعيها نحو توفير الحلول المناسبة لهذه المعوقات بالتعاون مع الوزارات والأجهزة الرسمية المعنية، مؤكدة بأنها عبر لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة اهتمت بكل الاقتراحات والتوصيات التي تبناها اللقاء التشاوري الأول الذي عقد بتاريخ 11 يونيو/ حزيران 2002 لبحثها ومتابعتها مع الجهات الرسمية ذات العلاقة".
واضاف السندي "ان اللجنة بحثت وناقشت خلال اجتماعاتها الدورية أبرز المعوقات التي تواجه القطاع مع الجهات ذات الشأن، وقد توصلت إلى الآتي: أولا المعوقات التمويلية، إذ تشكل القاسم المشترك في معاناة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ولذلك هناك ضرورة لتوفير آليات تمويل متوسطة وطويلة الأجل للقطاع بشروط وفوائد ميسرة. وأولت الغرفة اهتماما بهذا الموضوع وبحثتها مع الجهات التمويلية المعنية في مقدمتها بنك البحرين للتنمية الذي سيقدم ورقة عمل في هذا الجانب".
وأما بخصوص القضايا المتعلقة بوزارة العمل فأشار إلى أ، "اللقاء التشاوري الأول استعرض مشكلات القطاع مع وزارة العمل والتي تأتي من خلال بعض الإجراءات والقرارات التي تصدرها الوزارة التي تعنى بشئون القطاع إذ إنها لا تخلق الأداء الجيد في العمل الخاص، كما طرحت الغرفة مرئيات وتوصيات اللقاء التشاوري الأول في اجتماعات اللجنة المشتركة بين الغرفة ووزارة العمل".
وعن الضمان المصرفي للسجلات التجارية الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة رأى السندي أن "تشجيع الشباب على مزاولة العمل الحر وتقديم الدعم اللازم لهم في إطار الحلول المطروحة لمعالجة البطالة أمر مهم، وان إصرار وزارة الصناعة والتجارة على فرض ضمان مصرفي لكل من يريد أن يفتح مشروعا تجاريا يضفي عبئا إضافيا على صاحبه، كما الغرفة تؤكد مبدأ إتاحة فرص الاستثمار في القطاع الخاص".
وفي هذا الصدد أضاف السندي "بحثت الغرفة وناقشت مسبقا مع وزارة الصناعة والتجارة هذا الموضوع لإلغاء هذه الضمانات بشكل نهائي ولكن بشروط لكي لا يدفع بالكثير لاستخراج السجلات التجارية لاستغلالها استغلالا غير صحيح ما ينجم عنه التضخم في عدد السجلات والتأثير على الاقتصاد".
وعن تدريب تدريب وتنمية رواد الأعمال يقول رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "لقد أولت اللجنة منذ بدء الدورة الحالية لمجلس إدارة الغرفة اهتماما كبيرا لتنمية برنامج رواد الأعمال. إذ بادرت اللجنة إلى التعاون مع إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم لإعداد خطة شاملة لمشروع تدريس مقرر علمي وعملي لطلبة المدارس الثانوية تحت مسمى "المشروعات الصغيرة"، أو "المبادرات الذاتية". كما أنه تم تنظيم لقاءات وورش عمل عن متطلبات النهوض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع الجهات ذات الشأن كوزارة الصناعة والتجارة، ومنظمة اليونيدو، وبنك البحرين للتنمية، ومركز البحرين لتنمية الصناعات الناشئة".
وأضاف السندي في السياق نفسه "تم خلق نوع من التواصل مع مؤسسات المجتمع المدني من خلال تنظيم سلسلة من اللقاءات مع الجمعيات الثقافية والاجتماعية التي تستقطب الشباب والطامحين لخوض مجالات الاستثمار في القطاع الخاص"
العدد 1026 - الإثنين 27 يونيو 2005م الموافق 20 جمادى الأولى 1426هـ