تتصفح رانيا أبوبكر صوراً لمجموعة من الملابس على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) ثم تنتقل إلى صفحة أخرى لتستعرض تصميمات حلي فضية قبل أن تطلب شراء قرط فضي مطعم باللؤلؤ مقابل 130 جنيهاً شاملة رسم التوصيل إلى المنزل.
أصبح الـ «فيسبوك» جزءاً من الحياة اليومية لآلاف المصريين وقال تقرير لمركز معلومات مجلس الوزراء صدر في مارس/ آذار إن مصر تحتل المرتبة الأولى عربياً في الدخول على الموقع بعدد مستخدمين تخطى 2.4
مليون شخص في حين قفز عدد مستخدمي الإنترنت إلى 14.5 مليون بنهاية 2009 .
ومع الوقت تحول موقع التواصل الاجتماعي الشهير الذي أطلق العام 2004 إلى منبر للآراء السياسية وساحة لدعوات التغير الاجتماعي ونافذة لممارسة أنشطة تجارية لزيادة الدخل وتحقيق الذات.
تقول علا عصام (27 عاماً) خريجة كلية الألسن قسم اللغة الإنجليزية «بعد أن وضعت طفلي الأول اضطررت لترك العمل وخسرت مصدر دخلي الوحيد... فكرت أن أبدأ عملاً تجارياً صغيراً يكون مصدراً للدخل بميزانية صغيرة.
«ولأني كنت أرسم بطاقات المعايدة والتهاني والأفراح لصديقاتي فكرت في أن أحوّل الهواية إلى عمل ووجدت في الـ «فيسبوك» ضالتي للعمل والكسب... أكسب ما يكفيني».
والبطالة بين الشباب من بين أكبر التحديات التي تواجهه الحكومة المصرية حالياً. ووفقاً لموقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن معدل البطالة بين السكان البالغ عددهم 78 مليون نسمة وصل إلى 8.96 في المئة خلال الربع الثاني من 2010 .
ويضيف الموقع أن معدل البطالة بين النساء يزيد عن ثلاثة أضعاف المعدل بين الرجال إذ بلغ في 2009 أكثر من 19 في المئة مقارنة مع 5.6 في المئة بين الرجال.
ونظراً لأن بعض أصحاب العمل يفضلون تشغيل الرجال على النساء لأن القانون يمنح المرأة عطلات خاصة لرعاية الطفل والأسرة تبحث المصريات عن أي فرصة لكسب الرزق وتأكيد الذات.
لكن جودة عبدالخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة لا يعتبر هذه الأنشطة وسيلة فعالة حقاً في مكافحة البطالة. ويقول «نسبة العاطلين بين الشباب مرتفعة للغاية... كم من هؤلاء الشباب لديه جهاز كمبيوتر أو صفحة على الـ «فيسبوك».
«عدد قليل جداً منهم يمكنه الاستمرار وتطوير الفكرة إلى مشروع تجاري بالمعني الحقيقي وهذا يتوقف على مهارات الشخص نفسه».
وتقول رانيا أبو بكر (29 عاماً) «الـ «فيسبوك» وسيلة رائعة للشراء. هناك كثير من السلع الشخصية المتوفرة عليه فلا أحتاج للنزول لأعاني الزحام في شوارع القاهرة أو مراكزها التجارية لأحصل على ما أريد... نصف ساعة على الـ «فيسبوك» وأشتري احتياجاتي وغالباً ما تصلني إلى المنزل».
ومن بين السلع المطروحة للبيع على الـ «فيسبوك» الملابس والحقائب وأدوات التجميل والحلي وكعك أعياد الميلاد والمناشف والأغطية والمفروشات ومعظمها منتجات يدوية الصنع.
غير أن سناء الحسيني الموظفة الحكومية البالغة من العمر 42 عاماً تستبعد فكرة أن تشتري شيئاً لم تعاينه وتجربه بنفسها.
وتقول «أختي كانت لها تجربة سيئة مع الشراء على الـ «فيسبوك»... رغم أن المعروضات بدت جيدة جداً في الصور إلا أنها لم تكن كذلك في الحقيقة... ثم أين متعة التسوق الحقيقية وما الذي يضمن لي أن هذا الشخص المجهول ليس نصاباً».
وترى رشا عبد الله رئيسة قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأميركية بالقاهرة أن فكرة مزاولة أنشطة تجارية على الـ «فيسبوك» أو الإنترنت عموماً عملية ومفيدة لكنها تحتاج الكثير لتتبلور إلى تسوق إلكتروني بالمعنى الدقيق.
وتقول «المصريون غير معتادين على التسوق الإلكتروني لغياب الثقة في هذا النوع من التسوق فضلاً عن أن استخدام البطاقات الائتمانية محدود تقريباً بين اثنين في المئة من عدد السكان... غير أننا لا ننكر أهمية هذا النشاط خاصة لأصحاب الملكات الإبداعية الذين يبحثون عن وسيلة لعرض مواهبهم أو ربات البيوت اللاتي يرغبن في زيادة دخولهن لاسيما مع ارتفاع البطالة بين النساء».
وتقول علا عصام إن زوجها هو من يقوم بتوصيل البطاقات للزبائن كإجراء احتياطي لحمايتها من أي مشكلات. وتضيف «هو يجدها وسيلة للربح دون أن أترك المنزل والأطفال. كما أن التجارة على الإنترنت غير مكلفة وتحتاج ميزانية صغيرة».
لكن سلمى صفوت (29 سنة) الصحافية ومصممة الحلي التي أنشأت صفحة باسمها لعرض منتجاتها على الـ «فيسبوك» تختلف مع هذا الرأي.
وتقول «الـ «فيسبوك» منبر رائع للتسويق والإعلان ليس أكثر... هو نقطة انطلاق يعرفك من خلالها الناس لكنه لا يغني عن نشاط تجاري بالمعني الحقيقي».
وتضيف «أنوي أن أفتتح متجراً خاصاً بي في المستقبل... هامش الربح الذي أحققه بسيط جداً وجاء أقل من توقعاتي كثيراً».
العدد 2934 - الجمعة 17 سبتمبر 2010م الموافق 08 شوال 1431هـ