العدد 1043 - الخميس 14 يوليو 2005م الموافق 07 جمادى الآخرة 1426هـ

آليات المجلس الأعلى والجمعيات النسوية موسمية!

المشاركة السياسية للمرأة البحرينية "2"

نواصل اليوم ما بدأناه في الحلقة الاولى من موضوع المشاركة السياسية للمرأة البحرينية كما نواصل استصراح نخبة من النساء البحرينيات بهذا الشأن إذ تقول فاطمة الجاسم: "من الواضح ان أية توعوية خاضعة للإطار الديني ممكن أن تتغير تبعا لتوجه مرجعية دينية أو رجل دين. اذا من الضروري ان يكون هناك حال من التوعية لدى الطرفين خصوصا رجال الدين الذين لديهم تأثير قوي في الشارع البحريني".

فيما ترى عفاف الجمري ان تأثير التوجهات الدينية يضع الكثير من العراقيل أمام المشاركة النسائية.

وتضيف الجمري: "المجتمع البحريني بطبيعته مجتمع متدين والمرجعية الاساسية التي تحرك المجتمع البحريني هي المرجعية الدينية وإذا استطعنا ان نعالج النص الديني من الناحية الشرعية سيتوافر المناخ المناسب لإشراك المرأة وهذا يحتاج إلى وقت طويل".

وتضيف: "هناك الكثير من الوسائل التي تصحح هذه المفاهيم من باب الحوار ونشر الوعي وجلب رموز دينية مستنيرة والتحاور معها عبر وسائل الإعلام بين اصحاب الفكر التقليدي واصحاب الفكر المتجدد. بالتأكيد سيساهم هذا التوجه الى حد كبير".

الحكومة لم تدفع بقوة

ترى فريدة غلوم ان الجانب الحكومي لم يكن قد دفع بشكل قوي نحو تشجيع مشاركة المرأة في الشأن السياسي على رغم انه كان يملك الكثير للدفع بهذا الاتجاه.

تقول غلوم: "الجانب الآخر تتدخل فيه الحكومة والاجراءات الايجابية التي يمكن ان تتخذها للتشجيع على المشاركة النسائية فمثلا نحن في جمعية نهضة فتاة البحرين كانت لدينا لجنة التوعية الانتخابية إذ نستطيع ان نتوجه الى الناخبات وليس المترشحات فعندما صدرت المادة رقم 22 في قانون مباشرة الحقوق السياسية نصت على ان الجمعيات لا يحق لها دعم أي عمل سياسي لمرشحة ما ولكن هذه المادة قبل أسبوعين من الانتخابات تغيرت ولقصر الفترة الزمنية لم تستطع اي من الجمعيات ان تلعب دورا أفضل في دعم المرشحات وهذا يعكس عدم الجدية الكافية لدى الحكومة في دعم النساء اللواتي ترشحن".

تشكل قوانين الانتخابات وتوزيع الدوائر الانتخابية احدى الجوانب التي شكلت عراقيل حقيقية أمام النساء - بحسب وجهة نظر غلوم - التي تستعرض بعض التجارب من الدول العربية ومنها الأردن والمغرب التي ووفقت النساء كثيرا من خلال نظام الحصص "الكوتا" في الوصول إلى المقاعد البرلمانية.

تقول غلوم: "ان نظام الصوت الواحد والدوائر الصغيرة ليست بالأنظمة الصديقة للمرأة فلابد من اتخاذ اجراءات تخدم في هذا الاتجاه، منها تحديد الدوائر الانتخابية بمرسوم ملكي من خلال اتباع هندسة انتخابية قادرة على خدمة المرأة واتاحة المجال لها في المشاركة هذا فيما لو كانت الدولة لديها النية بالدفع باتجاه المشاركة النسائية في الشأن السياسي".

كما ترى غلوم ان للسلطة دورا كبيرا في تغيير الصورة النمطية بشأن المشاركة النسائية، تقول غلوم: "قد لا نتفق تماما مع المشاركة النسائية في الشأن السياسي التي جاءت ضمن تعيينات رسمية من الجانب الحكومي لبعض العناصر النسائية ليشغلن مقاعد في مجلس الشورى على اعتبار انها جاءت من الجانب الحكومي ولكن على الأقل هذه التعيينات قد تخدم على المدى البعيد في تغيير الصورة النمطية والاطار الذي يتم من خلاله التعامل مع الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الشأن السياسي".

فيما ترى الجمري ان بأدخال نظام الحصص "الكوتا" سيساهم هذا النظام الى حد كبير في دخول المرأة باعتباره تميزا مؤقتا لصالح النساء.

تقول الجمري: "مثالا على ذلك مصر. المرأة هناك لم تتمكن من الوصول الا من خلال نظام "الكوتا" الذي أزال بدوره عقدة الدونية في المجتمع. وهذا يمكن اعتباره تميزا مؤقتا لصالح النساء الى ان يصبح هناك حال من الوعي بأهمية مشاركتها. وحتى تزول حال الانتقاص من المرأة والتشكيك بقدراتها، بلا شك ان القيادة السياسية في البحرين أعطت المرأة الكثير من الحقوق لكن يبقى غياب وجود نظام "الكوتا" حقا منقوصا بالنسبة إلى المرأة، فالمرأة دائما وصلت بالإرادة السياسية ولم تصل بالإرادة الشعبية ولن تصل إلا من خلال هذا النظام".

المشكلة... ربما في الجمعيات النسائية

ترى غلوم ان قلة الاستعداد لدى المؤسسات التي تدعم المرأة لحداثة التجربة شكلت هي الأخرى عائقا كبيرا إذ لم تتمكن هذه الجمعيات والمؤسسات من لعب دور حقيقي في دعم النساء للوصول إلى المقاعد النيابية.

تقول غلوم: "ان إدارة حملة انتخابية ليس بالأمر الهين فلابد من تحديد التفاصيل ونقل هذه الخبرة للناخبات لكي تتمكن المؤسسة من دعم المرشحة بشكل أفضل، فلم تكن هناك فترة زمنية كافية لكي تتمكن الجمعيات من تهيئة نفسها بشكل جيد.لقد كان هناك لوم شديد للجمعيات النسائية لم يكن هذا اللوم عادلا. فهناك نساء تقدمن للترشيح على رغم انه لم يكن لديهن برنامج واضح أو استعداد كاف ولا اطلاع واف بقضايا المرأة بحيث يتمكن من مخاطبة الجمهور بشكل أفضل وهذه من بعض المعوقات التي أسهمت بإخفاق وصول المرأة إلى المقاعد البرلمانية".

وتضيف: "الجميعات النسائية لها وعليها فهي لديها تصور عن العمل السياسي وتعتقد ان لها القدرة على ممارسة السياسية بمعيارها الخاص ورؤيتها الخاصة. ولا يمكن العطاء في المجال السياسي و99 في المئة من عمل الجمعيات النسائية عمل اجتماعي. فلابد من الاهتمام بالشأن العام لكي تتهيأ المرأة لهذا الدور، أيضا لا يوجد تجديد في الكوادر والطاقم الذي يعمل في هذه الجمعيات فالجمعيات القديمة باتت غير قادرة على استقطاب النساء إليها. من المفترض ان تقوم الجمعيات بمراجعة اهدافها وآليات التواصل مع النساء وهناك جمعيات نسائية جديدة استطاعت ان تعمل بشكل جيد خلال فترة وجيزة لوجود استراتيجية وآلية معينة استطاعت من خلالها استقطاب النساء. لكن ما يحسب لهم ان العدد الذي يعمل في الجمعيات النسائية عدد محدود والطاقات الشبابية غير مستقطبة".

وتضيف: "للأسف الجمعيات النسائية مازالت تجربتها في العمل التنسيقي غير موفقة وموسمية لذلك لا توجد رؤية موحدة. ولو كان الاتحاد النسائي موجودا كجهة توحد الجمعيات النسائية لاستطاع ان يلعب دورا افضل في خلق الفكر التشابكي بين هذه الجمعيات".

فيما تعزز غلوم من أهمية الجانب الاقتصادي للمرأة في دعمها في المشاركة السياسية بالقول: "ان الناحية الاقتصادية وتمويل الحملات الانتخابية من الأولويات المهمة لأية مرشحة لذلك كان من الضروري وجود صناديق تمويل غير حكومية لدعم حملات النساء في الانتخابات".

أما الجمري فتقول: "للأسف الجميعات النسائية لم تتمكن طيلة تجربتها الطويلة الا بخلق النخب ولكن هذه النخب ليس لها دور في الشارع الذي لم يتقبلها. وبطبيعة الحال لم تستطع ان تندمج في الشارع إذ هناك رفض من المجتمع على رغم ان الجمعيات لم تقصر في الكثير من المجالات. حتى عندما قدمت هذه الجمعيات مرشحات، الشارع لم يتقبلهن بغض النظر عن المؤهلات وذهب لاختيار الرجال فقط بحكم النوع".

والمجلس الأعلى... أيضا

بحسب الدراسة تبين ان نسبة عدم الموافقة على ان المجلس الأعلى للمرأة ساهم في نشر الثقافة السياسية 74,2 في المئة. فيما اشار افراد العينة الى عدم الموافقة على ان المجلس لعب دورا في توجيه وارشاد المرشحات بنسبة 59,9 في المئة وبالأخذ بجميع المتغيرات المحددة لدور المجلس الأعلى للمرأة فإن افراد العينة ومن خلال اتجاهاتهم عبروا بوضوح عن عدم موافقتهم بتحقيق المجلس لأهدافه المحددة.

تقول غلوم: "اعتقد ان المجلس الأعلى حديث التجربة في التعامل مع قضايا كثيرة لكن هذا لا يتنافى مع الدور الايجابي الذي لعبه المجلس . لكن مشكلته هي انه لا يؤمن بالشراكة الحقيقية مع مؤسسات المجتمع المدني وبالذات الجمعيات النسائية التي تريد بدورها شراكة حقيقية ودية. نعم ان الجانب الرسمي له دور مهم والمؤسسات الاهلية لها دورها ايضا. والمجلس بدوره يمتلك مقومات كبيرة اذ لديه موظفون متفرغون وموازنة هائلة ومستشارون وخبراء في الوقت الذي لا تتوافر هذه المقومات لدى الجمعيات النسائية".

وتضيف: "لا اتفق تماما مع موقف المجلس الأعلى من نظام الحصص الانتخابية "الكوتا" إذ يمارس المجلس الأعلى هذا النظام عمليا عندما يساهم بطريقة او بأخرى بعض العناصر النسائية اللواتي كانوا اعضاء فيه ليتقلدن مناصب حكومية بارزة، اذن الحكومة تمارس "الكوتا" وهذا ينطبق على مجلس الشورى ايضا. لو اخذنا بعض الامثلة، الكثير من الدول العربية في هذا الشأن نجد انها تتفق مع هذا النظام ومنها مصر والاردن والمغرب. فلماذا المجلس الأعلى يتخذ هذا الموقف من نظام "الكوتا"".

فيما ترى الجاسم ان آلية التعامل بين المجلس الاعلى والجمعيات النسائية تكاد تكون موسمية تفتقر الى الاستمرارية.

تقول الجاسم: "الآن المجلس الأعلى يقوم بإعداد استراتيجية يحاول من خلالها تفعيل دور المرأة في عدة مجالات من بينها الجانب السياسي بالإضافة إلى قضايا المجتمع المدني وقضايا التعليم والصحة. وهناك محاولة لإشراك البعض لوضع هذه الاستراتيجية لكن هناك تخوف لدى بعض الجمعيات النسائية تجاه هذا الموضوع وهذا التخوف نابع من عدة أسباب فعندما قام المجلس بطرحه من خلال استشارة مجموعة من العناصر الفاعلة بشأن تمكين النساء، لكن من الملاحظ ان آلية العمل بين المجلس والجمعيات تكاد تكون موسمية ولا توجد استمرارية. فليس هناك استقطاب لبعض العناصر من الجمعيات النسائية والتعامل معها على أساس الشراكة وهذا ما يخلق حالا من التشكيك بصدقية المجلس الأعلى في مسالة الشراكة. اتمنى ان يتحقق ذلك مستقبلا".

وتضيف: "اعتقد ان المجلس الأعلى كان قد طرح خطة بشأن المشاركة النسائية في الشأن السياسي وتم الاستعانة بمجموعة من الاختصاصين. ولكن يبقى هناك مأخذ تعامل المجلس مع الجمعيات السياسية المقاطعة إذ لم تتم دعوتهم بسبب توجه المجلس الحكومي. فإذا كان المجلس يهدف فعلا الى خدمة المرأة بشكل عام لا يجب استبعاد النساء اللواتي ينتمين الى جمعيات مقاطعة نعم هناك محاولات جاريه حاليا لإشراك هذه الجمعيات ونتمنى ان تستمر هذه المحاولات".

فيما ترى الجمري ان المجلس الأعلى يلعب دورا توعويا مهما من خلال برامج كثيرة لخلق قيادات نسائية وتطوير المهارات لدى النساء وسن قوانين على المستوى الرسمي لكن المجلس بالنهاية لا يملك صلاحيات أو سلطات تمكنه من ان يكون لاعبا اساسيا في دفع المرأة نحو المشاركة السياسية.

تقول الجمري: "اعتقد ان المجلس يتبنى دورا محايدا بالنسبة إلى النساء اللواتي يترشحن للانتخابات بحيث ان المجلس لا يتبنى أية مرشحة، وخلال لقاء المجلس مع الجمعيات النسائية اكد المجلس تبنيه دور التوعية بشكل عام من دون ان ينحاز إلى اي طرف من الأطراف".

**بحرينية تخطب في الرجال

اذا موضوع المشاركة السياسية للمرأة متشعب ومعقد ، فيه الجوانب الشرعية والاجتماعية والسياسية والاجرائية، لكن الاهم فيه كما نرى هو ما يتعلق بجاهزية المرأة البحرينية لأن يكون لها دور سياسي، وايضا هل تريد هذه المرأة فعلا ان تلعب دورا في المشهد السياسي البحريني. سؤال يبدو غريبا، لكنه يأخذ مشروعيته من بعض ما كتبناه في هذا التحقيق ومن كل ما نراقبه عن ما يمكن ان نسميه السلوك السياسي للمرأة البحرينية، ترى هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه بحرينية تخطب بالرجال في مجلس النواب... ربما، لم لا لنتتظر ونراقب

العدد 1043 - الخميس 14 يوليو 2005م الموافق 07 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً