يرى رجال أعمال أن المعارض التي تجرى إقامتها في المملكة بهدف استقطاب تجار أجانب تضر بالاقتصاد الوطني كونها تجذب المواطنين والسياح ما يؤدي إلى خلو الأسواق المحلية وإلحاق خسائر بالتاجر البحريني إلى جانب إضعاف قدرة التسوق في المحلات والمجمعات التجارية.
غير أن المواطنين يرون أن هذه المعارض لها أثر إيجابي في زيادة قدرتهم على توفير حاجاتهم وشراء السلع بأرخص الأثمان إضافة إلى أنها تعزز من فرصة جذب الاستثمارات الخارجية الصغيرة إلى الوطن، إذ إن المتاجر الأجنبية في المعرض تحمل صورة طيبة عن الوضع في المملكة وبالتالي نقلها إلى موطنها ما يشجع رجال الأعمال الأجانب على استثمار أموالهم في هذه المملكة الصغيرة.
وقالت رئيسة سيدة الأعمال بغرفة تجارة وصناعة البحرين منى المؤيد إن معارض البيع والشراء تضر بالاقتصاد الوطني وكذلك التاجر والمواطن البحريني إذ إنها تحتوي على محلات أجنبية رخيصة تمتص الأموال والسيولة الموجودة في السوق وتصدرها إلى بلدانها ما يفقد الكثير من العملة الوطنية التي تعتبر صعبة ذات قيمة عالية بالنسبة لهم على عكس التاجر البحريني الذي يصرف الأموال في الداخل ويستثمرها ما يزيد من عملية التداول بين أكبر عدد ممكن من المواطنين.
وأضافت ان المحلات الأجنبية الرخيصة التي تستقطبها المعارض من دول رخيصة تساعد بشكل كبير على إجهاض مشروعات الأسر المنتجة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تنتج السلعة نفسها في مرحلة تكون بحاجة إلى الرعاية والاحتضان والحماية من المنافسة غير المتكافئة.
وقالت المؤيد إن الزوار الذين يفدون على المملكة يتوجهون إلى المعارض ما يؤدي إلى قلة الحركة في المجمعات التجارية والأسواق المحلية وبالتالي ضعف عملية البيع والشراء وشل حركة التداول فيها لصالح المحلات الرخيصة الموجودة في المعارض على حساب التاجر البحريني.
وذكرت أن هناك اتفاقا بين غرفة تجارة وصناعة البحرين ووزارة الصناعة والتجارة لعمل أربعة معارض للبيع فقط في السنة الواحدة، وهي معرض الذهب ومعرض الجواهر العربية ومعرض الخريف والمعرض السوري وكل ما يخرج عنها هو خرق للاتفاق لا يتماشى مع الأهداف والتوجهات التي يتطلع لها الجميع.
وأوضحت سيدة الأعمال أن الشارع التجاري البحريني صدم حينما تبين له أن معرض صيف البحرين المقام حاليا عبارة عن محلات صغيرة من كل أنحاء العالم تعرض مبيعاتها بأسعار رخيصة إذ كان التجار البحرينيون يعتقدون أن المعرض سيكون عبارة عن ألعاب أطفال وبرامج غنائية ومهرجانات وغيرها.
وأشارت المؤيد إلى أن المعرض المقام حاليا يفتقد رضا الشارع التجاري البحريني لأنه خرق للاتفاق الذي تم بين وزارة التجارة والغرفة في تحديد المعارض السنوية.
وذكرت المؤيد أن المنتجات والسلع التي تبيعها المحلات في المعرض رخيصة جدا لكونها قادمة من مناطق رخيصة الأيدي العاملة كالصين وكوريا وهونغ كونغ إضافة إلى قلة الجودة.
ورأت أن أصحاب المحلات في السوق البحرينية يدفعون رسوم البلدية وغرفة التجارة وسعر الكهرباء المضاعف وغيرها من الرسوم التي تثقل كاهلهم وتزيد حياتهم صعوبة في كسب لقمة العيش وتوفير المادة لتحسين حياة أسرهم، وفجأة يقام معرض لمحلات أجنبية يعرضون بضاعتهم بأسعار رخيصة لرخص الكلفة في بلادهم ويأخذون لقمة العيش من التاجر البحريني الصغير.
ورأت سيدة الأعمال أن المنتجات التي تعرضها المحلات ذات المستوى الرخيص في المعرض تؤدي منافسة غير متكافئة بينها وبين البضاعة التي يبيعها تجار التجزئة في السوق البحرينية وبالتالي حدوث خلل في الموازنات التجارية لدى التاجر البحريني في عمليات البيع والشراء.
وقالت المؤيد: "توجهت للسوق للإطلاع على المحلات ووجدت أصحاب المحلات والدكاكين لا يجدون زبونا واحدا ليبيعونه بضاعتهم" مشيرة إلى أن المحلات الرخيصة في المعرض قادمة من دول رخيصة جدا كالصين.
وأضافت أن السلع في المعرض لدى المحلات الأجنبية تباع بربع السعر هي نفسها السلعة التي يبيعها التاجر البحريني الصغير ما يفقده القدرة على منافستها. وتساءلت عن وجود العدل في المعادلة بين المحلات في المعرض والسوق.
وذكرت المؤيد أن الضرر لا يقتصر على المحلات التجارية الموجودة في السوق القديم أو الأسواق الشعبية بل يشمل المجمعات التجارية المنتشرة في المملكة إذ قل الزوار والزبائن فيها فقلت المبيعات.
وتساءلت عن المستفيد من هذه المعارض، مشيرة إلى أن أجار كل محل صغير في المعرض يقدر بـ ألف دينار بحريني وأن هذه الإرباح على حساب التاجر البحريني.
وقالت سيدة الأعمال: "إن المواطن يشتري منتجات رخيصة ويستفيد من ناحية توفير بعض الأموال لكن هل يجد الضمان لهذه السلعة ومن يعوضه في حال تلف البضاعة بعد بضعة أيام؟" مشيرة إلى أن البضاعة الموجودة في المحلات البحرينية أكثر جودة وضمانا.
وأوضحت أن كل الدول المتقدمة بما فيها أوربا لا تحتوي على معارض مثل هذا النوع تستقطب تجارا من خارج الدولة لمزاحمة التاجر المواطن داخل الدولة إلا في منطقة الخليج.
وأشارت المؤيد إلى أن غرفة تجارة وصناعة البحرين عقدت عدة مناقشات حول موضوع المعارض، وتم الاتفاق مع الجهات المعنية على عمل بحث مع مركز البحرين للدراسات والبحوث لمعرفة مضار البيع في المعارض على الاقتصاد الوطني إلى جانب نوعها وجدواها الاستثمارية والاقتصادية لمملكة البحرين.
ومن جهة أخرى قال المدير العام لمركز البحرين العالمي لتطوير تجارة التجزئة عيسى سيار إن المعارض لا تضر تجارة التجزئة إلا في حالة واحدة فقط وهي عندما تقام بأسلوب المشروع الأحادي لتنفيذها بمعنى أنها تنفذ من قبل جهة واحدة دون أشراك أصحاب الشأن.
وأضاف أنه إذا أرادت جهة معينة عمل معرض مبيعات عليها أن تشرك أصحاب الشأن وتدعو التجار للمشاركة في التنفيذ لتعم الفائدة على الجميع، وقال: "كل شيء يطرح بشكل أحادي بعيد عن الفئة المستهدفة لا شك أنه سيلحق الضرر فيها" مشيرا إلى أن أي معرض أو تخفيضات تنفذ في عملية بيع أو جلب استثمار للبحرين يجب أن يكون بموافقة ومشاركة الفئة المستهدفة وهم التجار ودعوتهم للتفاهم والتشاور معهم على قاعدة أن البحرين تستفيد والجميع يستفيد.
ودعا سيار وزارة التجارة وغرفة التجارة إلى وضع آلية مع بعضهم تتعلق بالمعارض بشكل جدي من خلال دراستها ونوعها وجدواها الاقتصادية والاستثمارية للمملكة، وأما بالنسبة إلى عملية البيع عليهم تحديد جدول بهذه المعارض وأوقات تنفيذها مع الأخذ في الاعتبار مصلحة المواطن والتاجر البحريني.
كما دعا إلى مشاركة التاجر البحريني في المعارض ليستفيد منها كونه تاجرا مواطنا وإعطائه الأولوية في عملية البيع داخل المعرض. وقال: "وإذا أقيمت هذه المعارض واستفاد منها أكبر قطاع من التجار البحرينيين ستنعكس إيجابا على المواطن البحريني والاقتصاد الوطني".
واقترح سيار تزامن التخفيضات "السيل" مع المعارض لتصبح مملكة البحرين عبارة عن مؤسسة كلها تخفيضات، وفي كل مكان يتجه المواطن يجد التخفيضات في السوق والمحلات والمعارض والمتنزهات وخصوصا أن التجار يعملون تخفيضات في مواسم معينة معتمدة من قبل الغرفة ووزارة التجارة.
وألمح سيار إلى أن المعارض إذا أحسن تسخيرها لمصلحة المواطن والتجار البحرينيين فإنها ستخدم الاقتصاد الوطني بشكل كبير إذ تزيد من عملية البيع والشراء وتؤدي إلى نمو المحلات الوطنية المشاركة في المعارض عبر ترويج منتجاتها وزيادة مبيعاتها.
وقال مسئول رفض ذكر اسمه إن المعارض بيئة صالحة لترويج منتجات الأسر المنتجة ويساعدها على بيعها وتوفير المادة المحرك الأساسي للإنتاج وخصوصا أن هذه الأسر بحاجة إلى الدعم في تسويق منتجاتها.
وذكر المسئول أن المعارض لها آثار ايجابية على الاقتصاد الوطني إذا استغلت بالشكل الصحيح وتم توجيه المؤسسات والتجار البحرينيين إلى ترويج منتجاتهم ومبيعاتهم فيها، وأما السلبيات فهي نتيجة عدم مشاركة التاجر البحريني في المعرض وفسحه المجال للتاجر الأجنبي المشاركة.
ونوه المسئول بأن المعارض تقدم للمواطن سلع ومنتجات بأسعار رخيصة مما توفر له الكثير من الأموال بدل شرائها من محلات بأسعار توفق قدرته الشرائية إضافة إلى تعرف المواطن على ثقافة الدول الأخرى من خلال منتجاتهم المختلفة وما تعكسه من ملامح حضارية.
ودعا المسئول إلى إقامة معارض ومهرجانات على مستوى عال على غرار مهرجان دبي الذي حقق نجاحا باهرا، وقال: "حبذا لو تقام فعاليات المهرجان في كل الأسواق البحرينية كسوق واقف والمنامة والرفاع والمحرق إضافة إلى المجمعات التجارية لتكون فعالية المعرض شاملة كل مناطق المملكة ويستفيد منها جميع المواطنين بمن فيهم التاجر البحريني.
ومن جهته قال المواطن عباس إبراهيم إن المعارض توفر علينا الكثير من المصروفات إذ إن المحلات التي تبيع فيها تقدم أسعارا تنافسية بربع سعر السلعة في السوق.
وشدد إبراهيم على ضرورة إقامة المعارض باستمرار طوال فترة السنة ليستطيع المواطن شراء السلع والمنتجات بأقل الأسعار وخصوصا أن راتب البحريني لا يتماشى مع أسعار السوق وغلاء المعيشة.
وعن ضرر التاجر البحريني من المعارض قال إبراهيم: "عليهم أن يشاركوا في المعارض ويقدموا أسعارا مخفضة كما يفعلون في فترات التخفيضات" وأضاف "ان التاجر البحريني جشع ويبيع بضاعته بضعف ما اشتراها لتحقيق الربح السريع دون الأخذ في الاعتبار قدرة وتحمل المواطن البسيط قائمة الأسعار".
ومن جهة أخرى أشار المواطن عبدالجليل منصور إلى ضرورة عمل دراسة موضوعية لإيجابيات وسلبيات المعارض ومن ثم تدعيم الايجابيات وتصحيح السلبيات وتحقيق موازنة بين مصلحة المواطن والتاجر البحريني، إذ إن التاجر البحريني يتضرر بوجود معارض مبيعات ويستفيد في حال انعدامها بينما المواطن على العكس من ذلك إذ يوفر مدخرات في ظل وجود المعارض ويستنزف أمواله في عدم وجودها. وقال: "مصلحة المواطن والتاجر في عملية متعاكسة تستوجب تقديم مصلحة الوطن أولا ثم الموازنة بين مصلحة المواطن والتاجر البحريني".
وعن المنافسة غير المتكافئة بين المحلات الأجنبية والوطنية دعا منصور الدولة وأجهزتها المختلفة ذات العلاقة إلى تقديم الدعم إلى المحلات البحرينية لتستطيع منافسة المحلات الأجنبية عبر الكثير من الإجراءات التي تقلل التكلفة على التاجر البحريني في استيراد السلعة أو إنتاجها محليا. وقال: "ان الحكومة تقدم الكثير من الدعم و لو لا الدعم الحكومي لكانت أسعار المنتجات المختلفة أكثر بكثير مما هي عليه الآن"
العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ