تبرز التحذيرات الأميركية والبريطانية من هجمات محتملة في أوروبا وجود أعداد متزايدة من المتشددين ممن يتجهون من الغرب إلى مناطق حروب بعيدة للتدريب استجابة لدعوة من «القاعدة» عبر الإنترنت.
وكان السبب المباشر وراء التحذير الذي أصدرته الولايات المتحدة وبريطانيا يوم الأحد الماضي هو وجود معلومات عن مؤامرة ضد أهداف أوروبية قيل إن وراءها مجموعة من الأفراد في المنطقة الجبلية بشمال باكستان ويعتقد أن بعضهم مواطنون أوروبيون.
ولا تتوافر تفاصيل تذكر عن المؤامرة لكنها تشبه فيما يبدو المؤامرات التي يعتقد مسئولون غربيون أنها تمثل الخطر الأكبر حالياً وتتضمن الاستعانة بمتشددين ليس لهم تاريخ سابق في التطرف.
ويقول خبراء إن قيادة «القاعدة» تولي هؤلاء المجندين المحليين أهمية كبيرة لأنهم يحملون جوازات سفر غربية ويمكنهم السفر بسهولة.
ولا تتوافر أرقام محددة لكن بعض الخبراء يعتقدون أن تدفق مقاتلي المستقبل على دول مثل باكستان واليمن زاد خاصة خلال العامين الماضيين رغم تكثيف بعض الحكومات الغربية جهودها لمحاربة التشدد بين الجاليات المسلمة.
وقال خبير شئون الأمن والصراعات في معهد العلاقات الدولية بهولندا، أدوين بيكر «إنها ظاهرة خطيرة في أوروبا، و خصوصاً في بريطانيا وألمانيا».
ومضى يقول «الدافع ليس التطرف الإسلامي دائماً بل إن هناك أفراداً يسافرون في بعض الأحيان بحثاً لأنفسهم عن قضية أو عن إثارة».
وقالت مصادر مخابراتية الأسبوع الماضي إن هناك مؤامرة وراءها «القاعدة» ومتشددون متحالفون معها ربما بينهم مواطنون أو سكان من أوروبا. وأضافت إن المتشددين يخططون لتوجيه هجمات منسقة إلى مدن أوروبية.
وقال رئيس مكتب الجريمة الاتحادي في ألمانيا، يورج تسيركه في الشهر الماضي إن أكثر من 400 متشدد إسلامي يعيشون في ألمانيا وإن بعضهم تلقى تدريبات في معسكرات في الخارج ومنهم من لديه خبرة في القتال في أفغانستان.
وقال منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي، جيل دي كيرشوف لـ «رويترز» يوم الجمعة إن المؤامرة تظهر أن على أوروبا بذل مجهود أكبر لمنع المتطرفين من السفر إلى الخارج لتلقي التدريب.
ومضى يقول «هناك عدد... عدد ليس كبيراً من الأفراد الخطرين فعلاً يتحرك حولنا». وأردف قائلاً «كانت هناك لفترة مخاوف حقيقية تجاه سفر أفراد من مواليد أو سكان أوروبا إلى مناطق صراع جهادي مثل أفغانستان-باكستان... الصومال... اليمن». وفي تقرير صدر إلى حكومات الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران قال كيرشوف إن «القاعدة» ما زالت أكبر مصدر خطر بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وحث على فرض رقابة أكبر على تحركات الإرهابيين المحتملين في دول الاتحاد.
وفي بريطانيا قال رئيس جهاز مكافحة التجسس (ام.آي 5)، جوناثان إيفانز الشهر الماضي إن هناك احتمالاً كبيراً في حدوث هجوم فتاك وإن المتشددين في اليمن والصومال يمثلون خطراً متزايداً.
ويهدف الكثير من المتشددين الذين يتجهون إلى باكستان وكثيراً ما يكونون أوروبيين من أصول آسيوية أو عربية أو تركية إلى عبور الحدود إلى أفغانستان ومحاربة القوات الغربية هناك.
لكن خبراء يقولون إن «القاعدة» تسعى من حين لآخر إلى إقناعهم بالعودة إلى بلادهم ومهاجمة أهداف غربية هناك. وحققت هذه الجهود قدراً من النجاح.
وقال بول كرويكشانج وهو زميل في مركز القانون والأمن التابع لكلية الحقوق بجامعة نيويورك في تقرير إنه في الجزء الغالب من 21 مؤامرة خطيرة استهدفت الغرب منذ العام 2004 كان المتآمرون يتلقون توجيهات أو تدريبات من «القاعدة» أو حلفائها في باكستان.
وجاء في التقرير الذي صدر في فبراير/ شباط 2010 نقلاً عن مسئولين غربيين في مكافحة الإرهاب أنه يعتقد أن ما بين 100 و150 غربياً توجهوا إلى المنطقة لتلقي تدريبات عسكرية خلال العام الماضي.
وقال تقرير مشترك أصدره معهد سياسات الأمن الداخلي بجامعة جورج واشنطن الأميركية وكلية الدفاع الوطني السويدية في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول إن بعض الذين يتوجهون لتلك الدول حديثو العهد بهذا المجال ويعتبرون هذه الرحلات جواز مرور في حين أن آخرين مقاتلون محنكون يتوقون للشهادة.
وذكر التقرير أن أجهزة المخابرات الغربية تتكتم الأعداد المحددة للمقاتلين الأجانب الذين يتدفقون على مناطق الصراعات لكن من الواضح أن «خطر المقاتلين الأجانب يتزايد الآن سريعاً من حيث الحجم والانتشار».
وأظهر تقرير من بروس هوفمان وبيتر بيرجن وهما خبيران أميركيان في شئون الإرهاب في العاشر من سبتمبر/ أيلول أن خطر «القاعدة» أصبح أكثر تعقيداً وأن مواطنين أميركيين وسكاناً بالولايات المتحدة يقومون بدور متزايد في التخطيط والعمليات بـ «القاعدة».
وأصبحت قدرة الجماعة على تنفيذ هجوم كبير مماثل لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول أقل مما كانت عليه في 2001، لكن التنظيم ربما يكون قادراً على قصف أهداف أميركية لها أهمية كبيرة مثل مترو أنفاق منهاتن في هجمات تودي بحياة العشرات.
وقال التقرير «من المرجح أن يستمر مستوى الخطر هذا لسنوات مقبلة».
العدد 2952 - الثلثاء 05 أكتوبر 2010م الموافق 26 شوال 1431هـ