غيب الموت حديثا الشاعر والناقد والأكاديمي والمناضل الجزائري جمال الدين بن شيخ في احدى ضواحي مدينة تور الفرنسية عن 75 عاما قبل أن يهنأ بما كان يسميه مشروع العمر وهو صدور الجزء الأول من الترجمة الكاملة لكتاب "ألف ليلة وليلة" في سلسلة "لابلياد" التي خصصتها دار غاليمار للأعمال الخالدة. وكان بن شيخ انكب طوال 40 عاما يعمل على هذه "الليالي" الى أن أنجز ترجمتها مع المستشرق الفرنسي أندريه ميكال.
- جزائري ولد في الدار البيضاء المغربية العام .1930
- أصدر عدة مختارات من ترجمة كتاب "ألف ليلة وليلة" ووضع عنها كتابا هو من أهم الأبحاث في حقل ألف ليلة وليلة وعنوانه "ألف ليلة وليلة أو القول الأسير"، وسعى من خلاله الى قراءة "المسكوت عنه" في هذه "الليالي" جاعلا منها نصا منفلتا من التاريخ ومرآة للمتخيل والنزوات والمآسي الانسانية.
- كان على فراش مرض السرطان الذي افترسه، عندما صدر الجزء الأول من ترجمته لـ "الليالي" وربما استطاع أن يقرأ المقالات الكثيرة التي رحبت بإعجاب وتقدير بهذا الانجاز الذي أتمه هذان الكاتبان الصديقان، بن شيخ وميكال. ولعل ما عزاه في تلك اللحظات الأليمة أن ترجمته المنجزة ستكون مثار سجل جديد حول "الليالي" التي مازالت تكتنفها الأسرار، وستكون أيضا المرجع الحديث الذي سيعود اليه الفرنسيون والأوروبيون لينهلوا منه كونه الأكمل والأصح والأجمل. فالترجمة التي كان بن شيخ من أسيادها بدت هنا كتابة أو اعادة كتابة لـ "الليالي" في لغة تشبه الأصل ولكن من غير أن تقلده.
- لم يكن مترجما فحسب، بل كان من الأعلام البارزين في ثقافة ما بين الضفتين كما يقال وكما أحب هو أن يسمي العلاقة بين الشرق العربي والغرب.
- لم يضره يوما أن تكون الفرنسية لغة تعبيره، فهو لم يفارق يوما ثقافته العربية والتراث الإسلامي، باحثا وناقدا وأستاذا جامعيا في السوربون وسواها. ولعل كتابه "الشعرية العربية" هو من أهم الكتب التي تناولت الشعر العربي الكلاسيكي بجمالياته وخصائصه الأسلوبية ومضامينه وبات من الكتب المرجعية في فرنسا والعالم العربي بعدما ترجم الى اللغة الأم.
- عرف أكاديميا وأستاذا جامعيا درس على يديه طلاب كثر من أجيال مختلفة، فهو كان أولا وأخيرا شاعرا وناثرا من طراز خاص. وظل في شعره وفيا لذاكرته العربية والشرقية ولثقافته العميقة فلم ينسق إلى التيارات والصراعات الحديثة وما بعد الحديثة، بل جعل القصيدة فسحة لغوية تنصهر فيها اللحظة الوجدانية واللحظة الفكرية والتأملية. وحرص على شيء من الغنائية الخفيضة الصوت وخاطب من خلالها الطفولة والماضي والحب والموت وسائر العناصر التي تصنع انسانية الانسان ورجاءه وحلمه بعالم آخر، أشد شفافية وجمالا.
- من دواوينه التي صدرت في بعض الدور الشعرية: "الصمت صامتا"، "غنائية لبلاد الجزر"، "الكلمة صاعدة" و"زبد"... ووضع بن شيخ كتبا في النظرية الشعرية والنقدية وكتابا عن "الإسراء" ورواية عنوانها "وردة سوداء بلا عطر".
- انصرف في مرحلته الأخيرة الى كتابة الشعر والنصوص، عطفا على الترجمة التي جعلها عملا ابداعيا بامتياز
العدد 1072 - الجمعة 12 أغسطس 2005م الموافق 07 رجب 1426هـ