العدد 1090 - الثلثاء 30 أغسطس 2005م الموافق 25 رجب 1426هـ

تنمية دور البورصة

من أجل نجاح مهام سوق الأوراق المالية لا بد من توفير الكثير من الشروط المهمة، خصوصاً فيما يتعلق بتنشيط جانب الإصدارات الأولية التي تحول السوق إلى مغذ حقيقي للاقتصاد الوطني من خلال التشجيع على الاستثمارات من جهة، وجذب مزيد من المستثمرين الذين سيجدون أمامهم التنوع المستمر في الأوراق والأدوات المطروحة من جهة أخرى ومن أجل تحقيق هذا الجانب لابد من زيادة أعداد الشركات التي تؤسس في مختلف أنشطة الاقتصاد كما لا بد من العمل على تحويل المدخرات إلى استثمارات منتجة.

وفيما يخص زيادة أعداد الشركات المساهمة، فمن الملاحظ أنه في الاقتصادات الفقيرة فإن فكرة الاهتمام بالتمويل الذاتي تجد قبولاً لدى الشركات والمؤسسات نظراً لضالة الادخار، ولكن يعيبها أنها تحد من إجراءات تشجيع الادخار الذي يمول الاستثمار وبالذات في المشروعات الجديدة المهمة للاقتصاد الوطني وهذا من شأنه عرقلة تكوين الشركات الجديدة والمهمة للاقتصاد والتي قد لا تجد لها رؤوس أموال متوافرة في السوق. وترتكز هذه الحجة في أساسها على تشجيع الادخار والاقتراض بالتوافق مع النظام المصرفي والمؤسسات التابعة له التي تجمع المدخرات لتصبها في الاستثمارات المنتجة وهي تكون جزءاً مهماً في عملية التنمية لا يمكن أن يستغنى عنها من أي نظام اقتصادي.

وعلى هذا فإن الرغبة في تطوير سياسة التمويل في المشروعات لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية يعتبر عنصراً مهماً بالنسبة إلى الدول النامية، وهكذا فالموضوع الخاص بتشجيع السوق المالي يقتضي تشجيع الادخار في القطاع الخاص، وهذه المشكلة لها أهمية واضحة خصوصا لو علمنا أن الادخارات المنظمة تساعد على زيادة عملية التنمية ودفعها إلى الأمام.

ولقد دلت تجارب الكثير من الدول النامية على أن تحسين ورفع مستوى الخدمات المصرفية وزيادة عدد المؤسسات المالية العامة أدت إلى زيادة الودائع وبالتالي الادخارات المالية دون أن يكون هناك أي تأثير على سعر الفائدة أو أعفاء المدخرات من أية ضرائب. وعلى هذا فإن تحسين الشكل الخارجي للجهاز المصرفي وارتفاع مستوى خدماته وزيادة عدد الفروع من شأنه أن يساعد على زيادة الادخارات، ما يساعد بدوره على قيام مزيد من الشركات المساهمة من خلال ما يتوافر لها من أموال عريضة بقدمها جميع المستثمرين.

أما فيما يخص شرط تحويل المدخرات إلى استثمارات فان السوق المالي يعتبر سوقاً لاستثمار أموال الأفراد والمؤسسات والمصارف في شراء الأورال المالية التي تمثل حصصاً في رأس مال مؤسسات صناعية أو تجارية أو عمرانية أو قروضاً تتمثل في سندات. وتتسم الأسواق المالية بالمرونة إذ ينقل المستثمر أمواله من مشروعات قائمة ليشتري أسهماً في مؤسسات أخرى في دور التكوين أو قائمة تسعى إلى التوسع، ومن ثم فغن الأسواق المالية تسعى إلى تنمية الادخار وتشجيعه من أجل التنمية الاقتصادية. فالسوق المالية هي مجموعة أنشطة (سياحية – صناعية – عقارية)... تتداول أوراقها في السوق، والمشكلة الرئيسية في دولنا الخليجية ليست في زيادة الادخار إذ يمتلك القطاع الخاص حالياً ودائع كبيرة لدى القطاع المصرفي ولكن في تغيير الطريقة المستعملة في حفظ هذه الودائع وهي الاكتناز.

فالعمل الرئيسي والمطلوب هنا هو تفجير طاقة هذا الادخار لينصهر مع الاستثمارات المنتجة، وهو عمل ليس سهلاً على الإطلاق. وتجدر بنا الإشارة في هذا الصدد إلى تجارب ومحاولات بعض الدول النامية، فقد لجأت بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات تكاد تكون تعسفية لاستخلاص ادخار إجباري، ويتم ذلك فعلاً باقتطاع نسبة من مرتب الموظفين مقابل منحهم أسهم شركات قومية كما هو الحال في مدغشقر أو مدهم بسندات قومية كما هو الحال في تونس، ولا يخفى مدى الخطورة في هذا النوع من الادخار الاستثماري الذي قد يؤدي إلى كارثة في السوق المالية إذا ما فشلت التجربة ويصعب فيما بعد تدارك الموقف. وهناك بلاد أخرى عمدت إلى أسلوب الضرائب فيها تفرض ضرائب أضافية على الشركات على أن تتعهد الحكومة برد هذه الضرائب الإضافية بأكملها إذا ما قامت الشركة بتجديد آلاتها أو توسيع أعمالها كما حدث في ساحل العاج.

أن كل هذه المحاولات لم تفِ بالحاجة ولم تنجح في جعل الادخار ينصهر لخدمة الاستثمارات الجديدة وذلك لصيغتها الإجبارية، وتلافياً لهذه الظاهرة اتجهت كثير من البلدان النامية إلى إقامة أسواق مالية أحاطتها بكثير من الضمانات تأميناً لصغار المدخرين وتشجعياً لهم على الاستثمار. فالأموال الضرورية لتمويل المشروعات تشكو نقصاً كبيراً في الدول النامية وهذا يرجع لا لقلة الادخارات فقط ولكن لخوف المدخرين وبالذات صغارهم من عدم تمكينهم من استرجاع الأموال التي يرصدونها في المشروعات متوسطة وطويلة المدى عند الاقتضاء، فالميزة الأساسية لسوق الأوراق المالية هي إضفاؤها على القيمة المنقولة المستثمرة في مشروعات طويلة الأجل صبغة السيولة. فالشغل الشاغل للمدخر هو الحرص على تحويل أوراقه المالية إلى مال سائل كلما أراد ذلك، ويرتبط بالنقطة السابقة ضرورة تنمية الوعي الاستثماري لدى جمهور الشعب، فتحول الادخار إلى استثمار (شراء أوراق مالية) هي عادة من السهل تنميتها عن طريق الدراسة وتبسيط إجراءات التعامل في البورصات على الجمهور

العدد 1090 - الثلثاء 30 أغسطس 2005م الموافق 25 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً