أعلن «مهرجان أبوظبي السينمائي» عن المستفيدين من منح الدورة الأولى لصندوق التمويل السينمائي «سند» الذي أطلقه هذا العام. ويقدم هذا الصندوق منحاً مالية تصل قيمتها إلى 500 ألف دولار أميركي يستفيد منها 28 فيلماً من الأفلام الروائية والأفلام الوثائقية الطويلة المميزة لمخرجين جدد أو مكرّسين من العالم العربي، خصصت لتمويل الإنتاجات السينمائية في مرحلتي «التطوير» و»الإنتاج النهائية».
ويسعى «مهرجان أبوظبي السينمائي» عبر صندوق «سند» لتمويل مرحلة التطوير ومرحلة الإنتاج النهائية، إلى منح السينمائيين العرب الموهوبين دعماً يساعدهم على تطوير أفلامهم الروائية وأفلامهم الوثائقية الطويلة أو إكمالها.
ويقدم «سند» الذي تم تأسيسه في أبريل/ نيسان من العام الجاري منحاً مالية في مرحلتي «التطوير» و»الإنتاج النهائية» لكل من الأفلام الروائية والأفلام الوثائقية الطويلة التي يصنعها مخرجون عرب، حيث تصل قيمة منحة مرحلة التطوير إلى 20 ألف دولار، فيما تصل منحة مرحلة الإنتاج النهائية إلى 60 ألف دولار. وقد لاقى هذا الصندوق استقبالاً كبيراً من قبل العاملين في الحقل السينمائي عبر تلقيه عشرات الطلبات في الأسابيع الأولى من إطلاقه.
وقد استوقف فريق عمل «سند»، خلال عملية الاختيار، اتجاهات جديدة في السينما العربية تجلت في مسعى عدد كبير من المخرجين من جميع أنحاء المنطقة إلى تطوير أفلام تجريبية تتسم بالجرأة. وقد وصف الفريق العام 2010 بـ «عام المستقلين»، حيث لاحظ ميولاً واضحة نحو الابتكار الفني والابتعاد جذرياً عن التقليدية في الأسلوب واللغة والتناول.ومن المثير للاهتمام أن هذه المشاريع التي اتسمت بمجازفات موضوعية وأسلوبية لم يقتصر تقديمها على المخرجين الشباب، بل شمل أيضاً المخرجين المكرّسين الذين ابتعدوا عن الطروحات الاعتيادية والمطروقة. في حين دفعت البنى السردية ذات النسق التفكيكي والشخصيات المأزومة وتركيبات الصورة غير التقليدية إلى وقفة جدية للتساؤل عن حال الوضع الراهن، بينما بقي تناول القضايا المتعلقة بالسياسة في معظم الأحيان مجرداً وغير مباشر، بما يجعلها أيضاً متحلية بقدرة على تشكيل مفاجأة للمشاهد.
وتعليقاً على ذلك، تقول المشرفة على صندوق «سند» ماري بيير ماسيا: «يسعدنا أن نكون أول من يشهد بروز هذه التوجهات والميول في السينما العربية، وكلنا أمل أن نتمكن من نقل هذا الشغف إلى جمهورنا في أبوظبي وخارجها» وأضافت: «ندرك صعوبة هكذا أفلام من الناحية الفنية، لكن شجاعة المخرجين وكتّاب السيناريو والتقنيين والممثلين ومساعيهم للابتعاد عن القوالب الجاهزة شكلت واحدة من أكثر العلامات المطمئنة على حيوية وإمكانات السينما العربية».
بدوره، أشار المدير التنفيذي لـ»مهرجان أبوظبي السينمائي» بيتر سكارليت إلى هذه التوجهات ودور المهرجان في مساندتها، قائلاً: «لست متأكداً إن كان هناك اتجاه مماثل نحو الاستقلال الفني في المنطقة منذ أواخر الستينيات، كون طموح هؤلاء السينمائيين يتمثل بكسر القوالب وتطوير مفردات سينمائية جديدة وفريدة من نوعها في العالم العربي، بينما تتمثل مهمتنا في تزويد هذه التجارب الفنية الملهمة بالدعم الذي تحتاج إليه».
وفي السياق نفسه، أوضح مدير مشروع المهرجان عيسى المزروعي التطلعات التي يمثلها صندوق «سند» بقوله: «إننا ملتزمون بإيجاد ثقافة سينمائية حيوية في المنطقة، ويشير عدد الطلبات الكبير التي تلقاها (سند) إلى أن الأفلام المستقلة تشكل جزءاً مهماً ونامياً فيه، بينما تعكس جرأة هذه الأفلام روح الانفتاح والإبداع التي تتميز بها مدينة أبوظبي. ولعله مصدر فخر لنا أن نقوم بدعم ومساعدة السينمائيين العرب في استكشاف اتجاهات إبداعية جديدة».
وفي الإطار نفسه، فإن «سند» بوصفه أول صندوق تمويل يطلقه مهرجان سينمائي في المنطقة، فإن دوره لا يقتصر على مساندة الحاصلين على المنح بالتمويل السخي فقط، بل يتخطى ذلك إلى إتاحة الفرصة أمامهم لاطلاع المجتمع السينمائي الدولي على أعمالهم عبر عرضها في المهرجان، إضافة إلى مساندة المشاريع المختارة والترويج لها على مدار العام. ويلتزم المهرجان في أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام بعرض العديد من الأفلام الممولة من صندوق «سند».
خصصت فترتان لتقديم طلبات الاستفادة من المنح في كل عام. وسيتم الإعلان عن منح الدورة الثانية من «سند» في فبراير/ شباط 2011.
يشار إلى أن «مهرجان أبوظبي السينمائي» (مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي سابقاً) تأسس العام 2007 بهدف المساعدة على إيجاد ثقافة سينمائية حيوية في أرجاء منطقة الشرق الأوسط. يتعهد المهرجان الذي تقدمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في أكتوبر من كل عام تحت رعاية كريمة من الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، بتنسيق برامج استثنائية تجذب المجتمع المحلي وتسهم في تثقيفه، كما تلهم صنّاع الأفلام وتغذي نمو صناعة السينما في المنطقة.
ويلتزم المهرجان بعرض الأعمال الجديدة والمميزة لصنّاع السينما العرب لتشارك في المسابقة إلى جانب أعمال كبار المخرجين في عالم السينما، ليقدم بذلك إلى الجماهير المتنوعة والمتحمسة لهذا الفن في أبوظبي وسيلة لتبادل الأفكار من خلال فن السينما، ويسلط الضوء على الأصوات الجديدة والجريئة في السينما العربية، بما يتماشى مع دور أبوظبي كونها عاصمة ثقافية ناشئة في المنطقة، وليكون المهرجان بقعة في هذا العالم لاكتشاف وقياس نبض السينما العربية الحالية.
العدد 2962 - الجمعة 15 أكتوبر 2010م الموافق 07 ذي القعدة 1431هـ