العدد 2421 - الأربعاء 22 أبريل 2009م الموافق 26 ربيع الثاني 1430هـ

«يوم الكتاب العالمي»... مناسبة لتحفيز القراءة والحفاظ على الذاكرة والهوية

يتطلع العالم إلى أن يكون الاحتفال بـ «اليوم العالمي للكتاب» الذي يصادف في الثالث والعشرين من أبريل/ نيسان من كل عام، يوما لاستعادة مكانة الكتاب في ظل تزاحم وسائل المعرفة التكنولوجية لجذب القارئ بأية طريقة كانت.

يقول مثقفون إنه مهما تعددت وسائل النشر، وخصوصا التكنولوجية منها مثل الإنترنت ووسائل الإعلام الفضائية، فلن يفقد الكتاب بريقه اللامع، فعلى صفحاته تكون الأسرار، وبين سطوره تأتي الأخبار، وفي نهاياته تكون العبر والآثار.

تذكّر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عندما أقرت للمرة الأولى في العام 1995 الاحتفال بـ «اليوم العالمي للكتاب» وحق المؤلف، بالذين أسهموا في إثراء البشرية بالآداب والعلوم، حيث اختارت هذا اليوم تاريخ وفاة عدد من أهم الكتّاب، ومن بينهم عملاق الأدب الإنجليزي ويليام شكسبير، ورائد الرواية سرفانتيس مؤلف رواية «دون كيشوت»، بالإضافة إلى عدد آخر من الكتّاب العالميين كجوزيف بلا، وفلاديمير نابوكوف.

والاحتفال بهذه المناسبة يهدف إلى إثارة العالم أجمع نحو أهمية الكتاب، والتذكير بدوره في حياة الأفراد وتطوير المجتمع ورقيه، وترسيخ تقليد عالمي من خلال دعوة الناس إلى إهداء كتاب إلى أحد الأعزاء أو القريبين تقديرا لأهميته.

وانسجاما مع الطرح العالمي ستقوم وزارة الثقافة الأردنية بتكريم عدد من المؤسسات والهيئات الوطنية والأفراد ممن أسهموا في الترويج للكتاب، وخصوصا الداعمين لمشروع «مكتبة الأسرة» الذي حقق نجاحا كبيرا في بيع كميات كبيرة من الكتب في مختلف الحقول المعرفية، وفقا لوزير الثقافة صبري الربيحات. ويقول الربيحات لوكالة الأنباء الأردنية: «إننا نريد في هذا اليوم أن نرسل رسالة إلى الأطفال والأسر وكل الأجيال، بأننا لا يمكن أن نتقدم من دون القراءة، لأنها نافذة على الإنتاج العالمي والإنساني، وهي الهوية، ومنها ننطلق إلى الانفتاح على العالم».

ويتابع: «لن نتوقف عند هذا اليوم الذي سنهدي فيه كتبا إلى الأطفال والكبار لتقريب الفجوة بين الأجيال، ولكننا سنعمل على مدار العام لتوفير برامج تشجع على القراءة بحيث يكون هناك حراك مستمر».

ويقول: «سنطلق برنامجا جديدا بعنوان: اقرأ واستمتع، نستقبل فيه الأطفال وكبار السن في ظروف غير تقليدية، بحيث نقرأ عليهم القصص والروايات ونقدم إليهم الكتاب في بيئة حيادية غير سلطوية تؤسس لقاعدة متينة من البناء للإقبال على القراءة في ظروف طوعية تجسر الفجوة بين الأجيال». ويشير الوزير إلى أن «مكتبة الأسرة» ستقوم بطباعة خمسمئة ألف كتاب هذا العام، حيث سيختار مئة أكاديمي من المفكرين والأكاديميين والأدباء العناوين من مختلف الحقول الثقافية، موضحا أن مجموع العناوين التي تم اختيارها لغاية الآن منذ انطلاق مشروع «مكتبة الأسرة» بلغ 225 عنوانا، وهذه الكتب هي زاد ثقافي لكل الأسر.

ويرى مدير دائرة المكتبات الوطنية مأمون التلهوني أن هذا اليوم يحفز على القراءة لما لها من تأثير على السلوكيات، بحيث يصبح الكتاب جزءا من الحياة اليومية، وحاجة روحية وإنسانية لا يمكن الاستغناء عنها. ويعتبر أن هذا اليوم يعيد الاعتبار إلى المؤلف الذي يعمم المعرفة على الإنسانية التي تستفيد من نتاجاته الزاخرة، وفي الوقت ذاته أن لا يقع تحت الاستغلال من أي طرف كان، لافتا إلى أن الأردن أقر القوانين التي تضمن الحماية القانونية للمبدع، وليكون هذا اليوم أيضا مجالا واسعا للإبداع. ويؤكد التلهوني أن الترويج للكتاب وتشجيع القراءة بين الأجيال يساعد على انتشار اللغة العربية في ظل انتشار اللغات العالمية مع التوسع في الإنترنت ووسائل المعرفة التكنولوجية، بحيث تعود إلى موقعها الاصلي في مقدمة اللغات العالمية، لغة القرآن الكريم.

ويتساءل الناقد الدكتور أحمد خريس متى يصبح الكتاب موجودا في أركان حياتنا اليومية وفي كل مكان، في (الجيب وحقائب التلاميذ والباص والقطارات والبيوت والحدائق والمكتبات والمتاجر والمحلات الخاصة بعرض وبيع الكتب)؟

ويؤكد أن الكتاب رمز المعرفة الإنسانية والإبداع الإنساني، لا يمكن الاستغناء عنه مهما تشعبت وسائل المعرفة، لافتا إلى أن كثيرا من الدول تنظم المسابقات في هذا اليوم وحلقات للحوار وتوزع الكتب مجانا، وتلقى المحاضرات في المدارس والجامعات والمكتبات العامة المنتشرة لتشجيع عادة القراءة. ويحرص اتحاد الناشرين الأردنيين على أن يكون احتفال الأردن هذا العام بيوم الكتاب، مهرجانا ثقافيا عاما، وتظاهرة إعلامية مستمرة تشارك فيها كل الشرائح العمرية للإسهام بأقلامهم وندواتهم لإحياء المناسبة، ودعوتهم لزيارة المكتبات العامة والخاصة والتعريف بالكتاب الأردني.

ويقترح رئيس الاتحاد بلال الشلول أن يكون معرض الكتاب الذي ينظمه الاتحاد سنويا بدلا من مرة كل سنتين، مطالبا الجهات المعنية وبالذات وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى، بالمساعدة في إيجاد قطعة أرض لإقامة معرض دائم للكتاب، كما هو معمول به في الدول الأخرى ومنها دول عربية.

ويدعو المؤسسات المختلفة إلى الاهتمام بالكتاب «وأن لا ننتقص من حقه كي لا يبقى مهملا، وخاصة أن الناشر الأردني أثبت حضوره في المعارض العربية، فهو ناشر مبدع وله تقدير في البلدان العربية» .

ويقر أن دور النشر الأردنية سباقة في ترويج وتسويق الكتاب الثقافي، وأبدعت في إنتاج الكتب المتنوعة، وبالذات كتب الأطفال ذات الألوان الجميلة، والكتاب الأكاديمي الذي يحمل رسالة، وهناك دور نشر أردنية تنافس دور نشر عربية وعالمية، لكنه في الوقت ذاته يرى أن الناشر الأردني «مظلوم» ويحتاج إلى الدعم.

وعلى رغم أن القارئ الأردني يشكو من ارتفاع سعر الكتاب ما يعمل على الحد من انتشاره، فإن الشلول يرى أن سعر الكتاب الأردني مناسب مقارنة بالدخل وبالأسعار في الدول العربية الأخرى.

ويقول إن أية أمة لا تهتم بالكتاب لا ثقافة ولا إرثا حضاريا لديها، فالكتاب مصدر ثري للمعلومات وهو أرقى وسائل المعرفة الإنسانية.

يستدعي «يوم الكتاب العالمي» من جميع المؤسسات والهيئات ذات العلاقة والأفراد، أن تشحذ الهمم لإعادة الاعتبار إلى قيمة الكتاب وأن تمسح الغبار عن الأسفار وتعيدها إلى أيدي قرائها يتصفحون أوراقها في حلهم وترحالهم، وعلى أسرتهم وفي أوقات فراغهم، ليكون «خير جليس في هذا الزمان كتاب».

العدد 2421 - الأربعاء 22 أبريل 2009م الموافق 26 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً