وقد أثار هذا التوغل الصيني في اليونان موجة من الاستياء بين المراقبين الذين لوَّح البعض منهم إلى شبح الخطر الصيني. فكتب مدير دراسات السياسة الاقتصادية بمعهد هدسون، إروين ستلزر، في صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية «اتخذ ونستون تشرشل وهاري ترومان خطوات لمنع استيلاء الشيوعيين علي اليونان، والآن يعد ون جيا باو (رئيس الوزراء الصيني) بشراء السندات اليونانية حينما يتم عرضها مرة أخرى في الأسواق العالمية، وكذلك المساعدة على انتشال هذا البلد المفلس من خلال الاستثمار في اقتصادها».
لكن اليونان ليست هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي يدير مسئولوها أنظارهم نحو الصين باعتبارها ضامناً ممكناً للانتعاش الاقتصادي في بلادهم. ففي وقت سابق من هذا العام، اشترت بكين 400 مليون يورو من ديون الحكومة الإسبانية، وتردد أن البرتغال وإيرلندا - وكلاهما مهدد بالديون المرهقة وتكاليف خطط الإنقاذ - تتوددان للصين أيضاً للاقتراض منها. وتنظر بعض الأوساط السياسية لما تعتبره إغراءات صينية للدول الأوروبية المثقلة بالديون علي أنها استراتيجية صينية في سياق مبدأ «فرق تسد»، ولاسيما في ضوء فشل مساعي الإتحاد الأوروبي في وضع إطار سياسي متماسك وموحد للتعامل مع العملاق الاقتصادي.
وبدوره، صرح مسئول في الإتحاد الأوروبي في بروكسل «أنهم (الصينيون) يشكون من أنه من الصعب جداًَ التعامل مع أوروبا تتحدث بأصوات كثيرة مختلفة كثيرة، لكنهم في الواقع تمكنوا من استغلال هذا الوضع لمصلحتهم، وفي التعامل مع أعضاء (في الإتحاد الأوروبي) مختلفين بعضهم عن البعض الآخر».
لكن الخبراء الصينيين يقولون، إن أوروبا والصين لديهما الأسباب المبررة نفسها لتعميق العلاقات بينهما.
ويقول الباحث المتخصص في السياسات العامة بجامعة بكين، تشانغ غووكينغ: «بالنسبة إلى أوروبا، تلعب الصين ورقة مساومة لزيادة وزنها أمام الولايات المتحدة (...) ومن الواضح لأوروبا أن هذه هي فرصتها لتعزيز التجارة والاستثمارات مع الصين في هذا الوقت الذي يعد فيه البعض في واشنطن لشن حرب تجارية مع الصين».
أما مديرة معهد الدراسات الأوروبية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، تشو هونغ، فقد قالت لوكالة إنتر بريس سيرفس، إن الصين تسرعت في التصرف مع أوروبا؛ بل وتصرفت «من دون التفكير في ردود فعل الجانب الأوروبي». واعتبرت أنه كان يجب على الصين أن تتشاور مع بروكسل (المفوضية الأوروبية) وذلك في ضوء احتمال أن يتم النظر إلى الاستثمارات الصينية «كتدخل في قواعد اللعبة الأوروبية».
وفي المقابل، يقول الباحث في معهد بروكسل للدراسات الصينية المعاصرة، دنكان فريمان، إن الصين «عادة ما تدان إذا ما فعلت شيئاً وإذا لم تفعل شيئاً. لكن الواقع هو أن هناك مبالغة كبيرة سواء في اعتبار ما فعلته الصين في اليونان وآثار استثماراتها على أنها خطة مارشال صينية أو كمحاولة لاستيلاء الشيوعيين» على أوروبا.
العدد 2964 - الأحد 17 أكتوبر 2010م الموافق 09 ذي القعدة 1431هـ