العدد 1103 - الإثنين 12 سبتمبر 2005م الموافق 08 شعبان 1426هـ

القس هاني عزيز:البحرين مملكة التسامح بين الأديان

بمناسبة مرور 100 عام على بناء الكنيسة الإنجيلية في البحرين

المنامة-سيدضياء الموسوي 

12 سبتمبر 2005

على جوانب أنهر الدم المتدفقة بين جوانب الكرة الأرضية، وفي ظل شيوع موجات العنف والضياع الإنساني يستقر غصن زيتون يبحث عن نمير يرويه عل شجرة التسامح تمتد في الأرض وترى فرعها في السماء. لقد باتت الإنسانية بحاجة إلى التطبيع الاجتماعي بين الأديان بعيدا عن لغة الإثنيات القاتلة والثنائيات المرعبة، فالله سبحانه وتعالى حين وجه إلى الرسول "ص" خطابا ليحاور المسلمين، قال: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" "النحل: 125"، وارتقى بالخطاب مع أهل الكتاب، قائلا: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" "العنكبوت: 46". قبل أسبوعين كان لنا لقاء مع السفير البابوي لدى الكويت واليمن ومملكة البحرين وقطر، وكان الحديث يدور حول التسامح بين الأديان والتعايش القائم على المحبة والمودة، وكان الحضور بمعية شخصيات بحرينية مسيحية لها ثقلها الاجتماعي كالأستاذ يوسف حيدر وغيره، وكان من الحاضرين القس هاني عزيز الذي دافع عن الرسول "ص" عبر مقالات نشرت في الصحافة، عندما تعرض الرسول لحملة عدائية من قبل قس أميركي. ذهبت إلى الكنيسة الإنجيلية في البحرين، وعقدت حوارا مع القس هاني عزيز داخل الكنيسة، فكان كالآتي: نحن مسرورون بعقد اللقاء معكم... نريد أن نقترب من الصورة التي تحملونها عن البحرين في قضية التسامح بين الأديان... - أنا حقيقة أشعر بهذا التسامح الكبير وأتلمس طبيعة المجتمع البحريني في ذلك، وهذه هي تعاليم السيد المسيح وتعاليم القرآن الكريم. في العام الماضي "2004" نشر الإعلام العالمي والصحف العربية خبرا مفاده أن قسا في أميركا تهجم على رسول الله "ص" فأثار غضب المجتمع الإسلامي، لكن المسلمين شعروا بالموقف الكبير الذي قام به المسيحيون في الرد عليه، وهذا الموقف يدل على حقيقة التقارب بين الأديان عندما تتعرض للاختبار... كثير من الدول العربية - بما فيها البحرين - لفتت انتباهها المقالات التي قمت بنشرها في الصحافة ترد من خلالها على هذا القس... هل تضعنا في هذا الجو؟ - لقد تألمت كثيرا وأنا أرى هذا القس يتهجم على رسول الإسلام، فقلت إن الحجة تأتي أقوى عندما يكون الرد عليه من مسيحي، فما قاله لا يمثل المسيحيين في العالم، وعندها كتبت هذه المقالات. كيف كان الرد؟ - قلت له: بدلا من أن تهاجم رسول الإسلام وتهاجم الإسلام، هلا أخبرتنا أين كنت عندما دخل الإسرائيليون كنيسة المهد؟ لماذا التزمت الصمت؟ أين أنت عندما دخل الإسرائيليون الكنائس المقدسة والمساجد والأماكن المقدسة؟... إن ديننا المسيحي يمنع أي شخص من أن يتهجم على إنسان عادي، فكيف لو كان هذا الشخص هو رسول الإسلام؟ وكيف كانت ردود الفعل؟ - لقد لقيت المقالات صدى كبيرا وارتياحا عاما من قبل العالم العربي بكل أطيافه، وتلقيت اتصالات كثيرة من المجتمع البحريني تعلن تضامنها مع هذا الموقف... نحن لا نسمح أبدا أن تهان شخصيات عظيمة أو تهان الأديان... السيد المسيح علمنا على الحب وفعل الخير. هل تجد أن العالم يتجه نحو تشكيل أرضية تقوم على احترام الأديان؟ - مهما كانت قتامة المشهد، على المثقف أن يسعى إلى خلق أرضية تقوم على التعايش. لقد قمت بإجراء حوار في مصر وكان مثمرا وجميلا في مبنى الكنيسة الإنجيلية في شبرا، عقدنا ندوة حضرها 1800 شخص، 500 تقريبا من العلماء المسلمين، وحضرت المنقبات والمحجبات، وكان اسم الندوة "المسيح في القرآن... المسيح في الإنجيل"، وكانت تحت رعاية مندوب مجلس الشعب... وكان هناك تواصل جميل، وتم التحدث عن التسامح عند السيد المسيح والتسامح في الإسلام. نريد أن ندعوك بعد افتتاح مركزنا "مركز الحوار" "تحت التأسيس" لتحدثنا عن التسامح بين الأديان، وهو مركز يعنى بالهموم الثقافية والحوار بين الأديان... - شيء جميل، وأنا على استعداد للحضور. في البحرين، كيف ترى الجو... هل هناك حرية للأديان؟ - المجتمع البحريني مجتمع متسامح... تلفت نظرك طيبة الشعب وصفاؤه... وهو كالشعب المصري، له امتداد حضاري، متمسك بالدين وليس متعصبا، وفرق بين التعصب والتمسك. البحريني شخص مثقف يحب الثقافة، لذلك هناك أرضية ومناخ للتعايش في البحرين... هناك بوذيون، هندوس، مسيحيون، مسلمون، وكل يعيش طقوسه. ... وماذا عن ممارستكم طقوسكم في المملكة؟ - نشعر في الكنيسة بالأمن والأمان، نمارس طقوسنا بكل حرية، بل نشعر باهتمام المملكة بالكنيسة، وفي حال أردنا مقابلة المسئولين نجد ترحيبا بذلك... جلالة الملك قام برعاية مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي الذي عقد في البحرين، وحضرت المؤتمر شخصيات عالمية... وكان مؤتمرا ناجحا بكل المقاييس، نعيش حرية كاملة في ممارسة الشعائر الدينية، ولنا تمثيل في مجلس الشورى. ما طبيعة الكنائس الموجودة في البحرين؟ - الكنيسة الكاثوليكية "القلب المقدس"، والأسقوفية والإنجيلية الوطنية، وهي أقدم كنيسة في البحرين، أنشئت سنة .1906 هذا يعني أن قدم الكنيسة يعكس عمق التسامح في البحرين؟ - نعم، بالضبط... منذ 1906 الكنيسة في البحرين، هذا يدل على أن الشعب البحريني شعب حضاري. وفي فبراير/ شباط المقبل سيتم الاحتفال بمرور 100 عام على افتتاح الكنيسة، وستدعى إليه شخصيات من جميع أنحاء العالم. من من الشخصيات مثلا؟ - ستأتي شخصيات من الخارج، فمن أميركا سيدعى رئيس الكنيسة المشيخية في أميركا وهي من أكبر الكنائس الأميركية، ومن مصر رئيس السنودس في مصر، وأيضا رئيس السنودس في سورية ولبنان، وبعض قادة المحطات المسيحية في العالم. ما رسالة الاحتفال؟ - نريد أن نقول لكل هذه الشخصيات العالمية: تعالوا إلى البحرين لتروا التسامح... التعايش قيادة وشعبا. عودا على بدء، كان إذا مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي - الذي عقد في البحرين - ناجحا؟ - نعم، وأعطى صورة جميلة عن البحرين، وأتذكر الدور الفاعل أيضا للشيخ خليفة بن حمد آل خليفة. هناك قاعدة جميلة... هي أن تبحث عن إضاءات الآخر كي تلتقي معه على أرضية مشتركة... باعتبارك متابعا لحوار الحضارات وهناك من يطرح نهاية التاريخ كالكاتب صامويل هنتغتون وهناك من يطرح "صدام الحضارات" ورغم ذلك هناك من يركز على الحوار مثل إطروحتك في الدفاع عن الرسول "ص"، وهذا شيء يقدره لك المسلمون، ومقالاتك محل احترام وتقدير من الجميع، ولاقت صدى في عالمنا الإسلامي، هذا في الجانب الفكري، فهل هناك جوانب إنسانية تعتمدونها أيضا لتصب في هذا التسامح؟ - لابد أن نركز على الجوانب الإنسانية... لقد قدمت الكنيسة مساعدة إلى بعض البيوت البحرينية التي تضررت من الأمطار قبل 4 سنوات... أحيانا نقوم بالتبرع لبعض المراكز الاجتماعية بشراء الكمبيوترات... نقوم بمساعدة بعض الفقراء، أو من أجل العلاج، بحسب الإمكانات التي نمتلكها، ونقوم بذلك بعيدا عن الأضواء والصحافة والإعلام، وليس من الضروري أن نوصل لهذا الآخر أنها من الكنيسة... الهدف هو البعد الإنساني. باعتبارك مسيحيا عربيا، كيف ترى الأجواء العربية؟ - بعض المجتمعات الغربية تنظر إليك على أنك مسيحي عربي... في النهاية أنت عربي، فأي تأثر بأي حدث طارئ في العالم تبقى أنت عربيا وتخاطب كذلك، وإذا جئت إلى العالم العربي يخاطبك بعض العرب بأنك مسيحي غربي... نحن في النهاية عرب نعتز بقوميتنا العربية. في مصر مثلا، المسيحيون المصريون حاربوا في القضايا القومية من أجل صالح أوطانهم في حرب ،1948 وفي ،56 وفي حرب ،67 وفي حرب .,,73 المهم، ما أريد قوله: إن الهوية القومية مسألة مهمة، فالدين - أي دين - لا يلغي الوطن... يجب أن يساعد الحب الإنساني والتعايش الحضاري بين الأمم.


المذاهب المسيحية

تنقسم الديانة المسيحية إلى ثلاثة مذاهب رئيسية: 1- الكاثوليكية، وترأسها الكنيسة العالمية في الفاتيكان بزعامة البابا. 2- الأرثوذوكس، وهي الكنيسة الشرقية التي كانت تتخذ من القسطنطينية "اسطنبول حاليا" مقرا لها. 3- البروتوستانتية، وهي المذهب الذي انشق عن الكاثوليكية قبل نحو خمسة قرون. وتتفرع البروتستانتية إلى عدة فروع، منها "الإنجيلية". وتتميز فروع البروتستانتية بلا مركزيتها وبقلة استخدامها الرموز والتماثيل الد

العدد 1103 - الإثنين 12 سبتمبر 2005م الموافق 08 شعبان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً