العدد 2966 - الثلثاء 19 أكتوبر 2010م الموافق 11 ذي القعدة 1431هـ

رئـيس الـــوزراء: البــحـــريــن لا تسيـر بلا كـوابح... ولسنا بحاجة إلى ميثاق وطني جديد

لا نسمح بالتأثير على عدالة المحاكمات وحصـول أي متهم على حقه كاملاً... في حديث لصحيفة «اليوم» السعودية

سمو رئيس الوزراء يستقبل رئيس تحرير صحيفة «اليوم» السعودية
سمو رئيس الوزراء يستقبل رئيس تحرير صحيفة «اليوم» السعودية

الوسط - محرر الشئون المحلية 

19 أكتوبر 2010

قال رئيس الوزراء سمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، في لقاء شامل مع صحيفة «اليوم» السعودية تنشره اليوم (الأربعاء)، «يهمنا التفاف الشعب حول قيادته وانتمائه لهذا الوطن، واستعداده لبذل كل ما يملك من أجل حمايته والدفاع عنه، فالبلاد لا تسير بلا كوابح».

وأضاف أن «مملكة البحرين هي دولة المؤسسات وسيادة القانون ومن لا يلتزم بالقانون أو بالقنوات والأطر الشرعية ستتم محاسبته بالقانون، ولسنا بحاجة إلى عهد وطني أو ميثاق وطني جديد، فلدينا الميثاق الوطني الذي أقره شعب البحرين بنسبة تاريخية بلغت 98.4 في المئة، وتم الاستناد إليه في التعديلات الدستورية التي انطلق من خلالها المشروع الوطني لجلالة الملك». وشدد سموه على أنه ليس مقبولاً «أن يأتي كائناً من كان ليرفض ما أجمع عليه شعب البحرين، ويحاول منفردا تطبيق ما يحلو له».

وبشأن دوافع الحوادث الأمنية الأخيرة قال رئيس الوزراء: «لا نرغب في أن نستبق ما ستسفر عنه جلسات المحاكمة من نتائج وما ستكشف عنه من حقائق، فنحن لدينا قضاء نزيه ومستقل، ولا نتدخل بأي شكل من الأشكال في عمل الهيئة القضائية، ولا نسمح بالتأثير عليها ضمانا لعدالة المحاكمات وحصول أي متهم على حقه كاملا في درجات التقاضي، وأن يكون القول الفصل في نهاية المطاف لمنصة القضاء، وأن نلتزم جميعا بما يصدر عنها من أحكام».

وبخصوص الانتخابات لفت سموه إلى أن «مملكة البحرين تنظر إلى العملية الانتخابية التي ستشهدها المملكة السبت المقبل، على أنها مناسبة مهمة لتأكيد الانتماء للوطن، ولإبراز حيوية وحراك المجتمع البحريني، ومدى تلاحم القيادة والشعب من أجل مستقبل أفضل».

وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، أشاد سموه بما تمتلكه القيادة السعودية من رؤى ثاقبة والحكمة وبعد النظر، في التعامل مع مختلف المواقف. أما فيما يتعلق بالعمل الخليجي المشترك، فقال: «إن التاريخ سيشهد وسيسجل أن لحظة ميلاد مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كانت لحظة فارقة في مسيرة الدول الست الأعضاء في هذا المجلس، وسيُذكر للقادة الذين اتخذوا قرار قيام هذا المجلس أنهم كانوا يملكون رؤية عميقة وبعد نظر وقراءة واعية للتحولات التي تشهدها المنطقة والعالم».

وأكد سموه أن ما تحقق على مدى 30 عاما في مسيرة هذا المجلس المباركة، يعد إنجازا قياسيا، وأن السنوات المقبلة ستشهد تنسيقاً يوحد مختلف الجهود، ويحقق اكبر قدر من المنفعة التي تعكس مصالح هذه الدول.

وفيما يأتي نص الحوار الذي أجراه رئيس تحرير صحيفة «اليوم» السعودية محمد الوعيل:

الأمير خليفة بن سلمان رئيس وزراء البحرين رجل مفتون بالتنمية والتطور، وهو أكثر رجال المنطقة الذين حصدوا الجوائز الدولية في هذا المجال. السعودية لها في قلبه حب لم يتبدد، ويصعب البحث عنه لأنه متغلغل في أعماقه. إنه طراز خاص من الرجال، تشعر أنك أمام جيل وليس فردًا بأصالته ومعاصرته، إنه متجدد يحمل هم الوطن، وحماسته متقدة تبحث دائمًا عن الأفضل لوطنه وشعبه.

لم يكن اللقاء معه في ديوانه بالمنامة عابراً، وقال لي «إن من واجبكم كصحافة أن توجهوا الأسئلة والاستفهامات ومن حقكم الحصول على الإجابة». كانت له رؤيته الخاصة في كل ما طُرح عليه، رؤية تملك القدرة والتجدد دون أن تتخلى عن قيم الأصالة. إنه شخصية وثيقة الصلة ليس بالمجتمع المحلي وحسب، وإنما بمن حوله من دول الإقليم والعالم. تكتشف ذلك وأنت تتحدث إليه وهو يسرد عليك حصيلة التجارب الحية والتحول الواسع الذي يعيشه عالم اليوم.

الانطباع الذي خرجت به أن المتغيرات التي مرت بالمنطقة جعلت من هذا الأمير حكيماً، وبالإضافة إلى كونه من النخبة الرفيعة، فهو صانع قرار، ومشارك فاعل في كل ما وصلت إليه البحرين اليوم.

صاحب السمو: احتفلت المملكة العربية السعودية قبل أيام بذكرى اليوم الوطني لإعلان المملكة ومرور 80 عاما على إعلان الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ توحيد البلاد. ماذا يمثل هذا الحدث لسموكم، وكيف تنظرون إليه؟

- بداية نرحب بكم ونعرب عن اعتزازنا بالصحافة السعودية وبما تتميز به من رصانة وتوازن في نهجها الإعلامي، اتساقا مع النهج السياسي الحكيم في المملكة العربية السعودية الشقيقة والذي يحكم تعاملاتها وتوجهاتها تجاه مختلف القضايا في العالم، ونقدر لكم في صحيفة «اليوم» دوركم في طرح الحقائق والمعلومات الموثقة وتمسككم بالمصداقية في كل ما تحتويه جريدتكم من أخبار وتحقيقات وآراء.

أما فيما يخص البحرين فنحن نعمل وسوف نواصل العمل بكل ما نملك من طاقات وما نستطيع من جهد وصولاً إلى الغاية التي نتطلع إليها في بناء وطن مزدهر يصاحبه نمو متواصل. فالنمو مهما كان هائلاً فسوف يظل نمواً يستفاد منه، فنحن اليوم في عالم يتشكل اقتصادياً واجتماعياً وبوتيرة متسارعة تثير القلق من سرعة هذا التطور، لكننا جزء من هذا العالم فضلاً من أن أي قوة في العلاقة بين النمو الاقتصادي بأشكاله المتعددة ومجالاته المختلفة مرهونة بهذا النمو، وغايتنا هو أن نسمو بالبحرين فوق كل شيء وإن ما تشهده البحرين الآن من تطور هو جزء من منهج مثمر نعمل على تكريسه.

وعودة إلى سؤالكم فإننا نعتز بذكرى اليوم الوطني السعودي، ونحرص دائما على مشاركة الأشقاء في المملكة العربية السعودية الشقيقة في الاحتفال بها، فهذه الذكرى تشكل حدثا بارزا وخطوة تغيير واسعة انسحبت على الحالة الخليجية ككل وتمتعت باحتضان شعبي على مستوى المملكة، وهي تجسيد لمنعطف تاريخي في تاريخ المنطقة والعالم، عندما تم توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ ومنذ هذا التاريخ أصبحت المملكة العربية السعودية أحد أبرز العناصر المؤثرة إقليميا ودوليا، بمواقفها الثابتة والقوية والتي تدعو دائما إلى الفخر والاعتزاز.

ونحن ننتهز هذه المناسبة لنجدد التهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران المفتش العام، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وإلى كافة أفراد العائلة الكريمة والشعب السعودي الشقيق، معربين عن أمنياتنا بالمزيد من التقدم والازدهار لهذا البلد الشقيق، الذي يحتل مكانة كبيرة في قلوبنا جميعا، ونحن نتطلع دائما إلى المزيد من التعاون بين البلدين والذي شكل سمة أساسية في نهج مملكة البحرين عبر تاريخ طويل من العلاقات الأخوية الوطيدة والمميزة.

تتميز العلاقات البحرينية السعودية بطبيعة خاصة. هل يمكن أن يلقي سموكم الضوء على طبيعة العلاقة بين الشعبين والقيادتين الشقيقتين، في ظل الأحداث المتسارعة في الخليج والشرق الأوسط؟

ـ كما ذكرت لكم يغدو الحديث عن الشقيقة المملكة من قبلنا حديثا مجروحا، فنحن نعتز بهذه العلاقات التي تربطنا مع الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وهي علاقات ذات طبيعة خاصة بالفعل، بفضل الجهود المخلصة وحكمة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وأخيه خادم الحرمين الشريفين، وتوجيهاتهما السديدة التي ساهمت في إرساء هذا الصرح المتكامل من العلاقات، فنحن والأشقاء في السعودية تربطنا وحدة الهدف والمصير المشترك، ونحرص على التواصل والتشاور والتنسيق الدائم في كل ما يهم بلدينا، سواء على الصعيد الثنائي أو فيما يتعلق بالتطورات الإقليمية والدولية.

ونحن نعتبر أن المملكة العربية السعودية تشكل الامتداد الطبيعي والعمق الاستراتيجي لمملكة البحرين، ونجد منها ومن قيادتها الحكيمة الدعم والمساندة على الدوام، وسنظل نؤكد على هذه الحقيقة التي جعلت من علاقاتنا نموذجا يحتذي به ليس فقط على صعيد العلاقات بين الأشقاء، وإنما كذلك على صعيد العلاقات العربية والدولية.

ونحن نؤكد دائما على ما تمتلكه القيادة في المملكة العربية السعودية الشقيقة من رؤى ثاقبة والحكمة وبعد النظر، في التعامل مع مختلف المواقف، وثباتها الدائم على الحق وعزمها الذي لا يلين في التصدي لكل ما يمس العرب والمسلمين، ما أكسبها احترام العالم اجمع، وجعلها مرجعا مهما يستنير به قادة دول العالم في التعرف على الرؤى الواضحة والعميقة، المستمدة من اعتزاز بالانتماء العربي والإسلامي، وقناعة راسخة بحتمية التعاون بين مختلف دول العالم، من اجل تحقيق الأمن والاستقرار، كي تتفرغ هذه الدول لتنمية ورخاء شعوبها.

والحديث عن مواقف الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية يطول قياساً إلى الدور السعودي الكبير، فقد سطرت المملكة مواقفها التي يعرفها القاصي والداني في سجلات التاريخ، ولا نعتقد أننا سنفي المملكة وقيادتها وشعبها حقها من ذكر هذه المواقف بل وأيضا الإنجازات في هذه العجالة. وجزا الله الأشقاء في السعودية خير الجزاء عما قدموه لأمتهم العربية والإسلامية بل والعالم اجمع.

يقود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منظومة إصلاحية حديثة تنقل المملكة العربية السعودية إلى مرحلة مهمة وجديدة في تاريخها المعاصر، كيف تُقيمّون سموكم آفاق هذه التجربة في جوانبها الفكرية والثقافية والاقتصادية والتنموية بشكل عام؟

ـ تاريخ المملكة العربية السعودية سلسلة متصلة ومترابطة من الإنجازات الكبيرة والضخمة، منذ عهد موحد المملكة الملك عبد العزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ والذي يشهد حاليا إنجازات متواصلة ومواقف نعتز بها جميعا، وهذا أمر واضح وجلي لكل العيان ولا نضيف جديدا في الحديث عنه.

فالمملكة على الصعيد المحلي تشهد المزيد من التطوير في مختلف المجالات والإنجازات التي تتحدث عن نفسها، وعلى الصعيد العربي والإسلامي، نجد أن خادم الحرمين الشريفين ينتصر للحق دائما، ويتصدى لكل ما من شأنه بث الفرقة بين العرب وبعضهم البعض وكذلك بين المسلمين، كما أن الملك عبد الله ـ حفظه الله ـ يحمل هموم العرب والمسلمين ويتحدث عنها ويناصرها في مختلف المحافل الدولية، ويجد دائما آذانا صاغية لما يطرحه في هذه المحافل وتجاوبا كبيرا مع رؤاه ومقترحاته.

ونحن لا ننسي مبادرة الملك عبدالله لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتي تبناها كل العرب ويتمسكون بها كأساس لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهي مبادرة لا تصدر إلا عن قائد حكيم، يمتلك رؤية واضحة، ويستند إلى شرعية وعدالة هذه القضية العربية، وشجاعة وإقدام في طرح مثل هذه المبادرات التاريخية.

التقى سموكم مؤخرا مع صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، على هامش مؤتمر دول جوار العراق الذي استضافته المنامة، حيث جدد سموه رؤية المملكة العربية السعودية القائمة على أن صلاح شأن العراق وطوق نجاته إنما يكون بأيدي أبنائه أنفسهم. هل تتفقون سموكم مع هذه الرؤية؟ وكيف ترون الخلاص للعراق الشعب والدولة من الوضع الراهن؟

ـ نحن نعتز دائما بوجود صاحب السمو الملكي الأمير نايف في بلده الثاني مملكة البحرين وبين أهله وإخوانه، ولقد كانت مناسبة عزيزة أن نلتقي بسموه، وأن نتبادل معه الرؤى والأفكار، حول كل ما يهم بلدينا والمنطقة التي نعيش فيها، والأوضاع الأمنية والتحديات التي تواجهنا جميعا، وفي مقدمتها ظاهرة الإرهاب التي لا يوجد بلد في العالم لم يتأثر بها أو يتعرض لتداعياتها الخطيرة، لكننا نثق في أننا بتعاوننا جميعا في المنطقة ومع دول العالم الأخرى، قادرون بإذن الله على التصدي لهذه الظاهرة واجتثاثها من جذورها.

ونحن نُُقدر ما أكد عليه الأمير نايف خلال وجوده بيننا، بأن أمن البحرين من أمن السعودية، وإدانته للمخطط الإرهابي الذي تم الكشف عنه بفضل من الله، ثم بجهود ويقظة رجال الأمن في مملكة البحرين، الساهرين على أمن الوطن والذين يتصدون لكل من تسول له نفسه العبث بهذا الأمن تحت أي مسمى من المسميات. وما أكد عليه سموه في هذا الإطار هو ما عهدناه دائما من الشقيقة الكبرى تجاه البحرين في مختلف المواقف.

ونحن نتفق مع رؤية صاحب السمو الملكي الأمير نايف للأوضاع في العراق، فإصلاح هذا البلد الشقيق لا يمكن أن يتحقق إلا بأيدي أبنائه، ومن خلال تكاتفهم ووحدتهم وعدم تفرقهم، ونحن جميعا نتطلع إلى عودة العراق القوي والمستقر، ففي قوته واستقراره دعم لقوة العرب واستقرارهم، نريد العراق الموحد الذي يتسع لجميع الأطياف والمذاهب دون تفرقة كما كان دائما، ونريد العراق الذي يساهم بدور كبير في حركة التنمية الدولية وبدور مؤثر في السياسة العالمية، وهذا أمر يمكن حدوثه عندما يلتقي العراقيون على كلمة سواء.

صاحب السمو نهنئكم بحصولكم على هذا التقدير المستحق من المجتمع الدولي والذي تمثل في حصول سموكم على جائزة الأمم المتحدة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. ماذا تعني هذه الجائزة لسموكم؟

ـ التنمية في مملكة البحرين كانت وستظل وستستمر، في صدارة أولويات العمل الوطني، والركيزة الأساسية لعمل الحكومة من أجل تحقيق المزيد من الازدهار والرخاء للمواطنين، ونحن نحرص دائما على رفع مستوى معيشة المواطنين وإتاحة حصولهم بكل يسر على كافة الخدمات التعليمية والصحية المتطورة، كما نوفر لكل مواطن الخدمة الإسكانية التي يرغب في الحصول عليها انطلاقا من الحرص على توفير السكن المناسب والملائم والكريم لكل مواطن.

ونحن نعتز بحصولنا على هذه الجائزة الدولية الرفيعة من الأمم المتحدة، والتي نرى أنها تجسد تقدير المجتمع الدولي لإنجازات مملكة البحرين في هذا المجال، ونجاحها في تطبيق معظم الأهداف الإنمائية للألفية قبل الموعد المحدد في العام 2015، مؤكدا سموه أن مملكة البحرين ستواصل نهجها في تحقيق التنمية المستدامة والاستثمار في العنصر البشري رغم التحديات التي تواجهها دول العالم على هذا الصعيد.

ولعلنا هنا ومن خلال صحيفتكم نجدد دعوتنا للمجتمع الدولي من أجل تكثيف التعاون لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في الموعد المحدد، والتكاتف من أجل القضاء على الفقر في مختلف أنحاء العالم، وأن يتم تسريع عجلة التنمية من أجل الارتقاء بأوضاع الدول الأقل نموا والأكثر فقرا إلى أن نصل إلى مجتمع يسوده الاستقرار ويتحقق فيه الأمن الاجتماعي لجميع البشر على السواء.

هل يرى سموكم ضرورة تطوير جسر الملك فهد وتسهيل آلية العمل فيه؟

ـ جسر الملك فهد كغيره من المرافق الخدمية يتطلب تطويرا مستمرا تبعا لكل مرحلة، وبما يتواكب مع تزايد أعداد المسافرين عبر هذا الشريان الحيوي الذي يربط بين بلدينا الشقيقين. والمؤسسة العامة في جسر الملك فهد وبدعم متواصل من قيادتي البلدين لا تألوا جهدا في هذا التطوير، والذي شاهدنا مرحلة كبيرة منه في الفترة الأخيرة لتسهيل وتيسير عبور المسافرين من الجانبين، وهي خطوة سبقتها خطوات كثيرة، وستتلوها بطبيعة الحال خطوات أخرى.

ونحن مهتمون بهذا الجسر وما يمثله من ثقل أخوي واقتصادي، ونحرص على تطويره وندعم خطوات الإخوة القائمين على إدارته، باعتباره يمثل نموذجا حيا وممتدا على متانة العلاقات بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وتجسيدا لما نتحدث عنه من امتداد طبيعي وعمق استراتيجي من السعودية للبحرين، وسنظل دائما نتطلع إلى الأفضل في آليات عمل هذا الجسر من أجل تسهيل تدفق المسافرين والعابرين.

بعد يومين ستجرى الانتخابات النيابية والبلدية في مملكة البحرين. كيف تنظرون إلى التجربة الديمقراطية؟ وهل ترون أنها حققت ما تطمحون إليه من تعميق المشاركة الشعبية في صنع القرار؟

ـ نحن بطبيعتنا في مملكة البحرين مجتمع يمارس الديمقراطية منذ عهود طويلة، وإدارة الحكم عندنا تستند إلى مبدأ أصيل في الإسلام وهو مبدأ الشورى، ومجالسنا خير دليل على ذلك، فنحن نلتقي مع المواطنين من مختلف الشرائح والأطياف، نستمع إليهم ونتحاور معهم ونطرح رؤانا، كما أن لدينا صحافة حرة تشكل مرآة عاكسة، نطلع من خلالها أيضا على ما يدور في المجتمع ونتلمس احتياجات ومتطلبات الأهالي.

ومنذ انطلاق المشروع الوطني للتحديث والتطوير في مملكة البحرين والذي يقوده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين ـ حفظه الله ـ فإن التجربة الديمقراطية تزداد رسوخا ونضجا وعمقا مرحلة بعد أخرى، ونحرص جميعا على دعم هذه التجربة ونتعاون مع المجلس الوطني بغرفتيه الشورى والنواب وكذلك المجالس البلدية، من أجل كل ما فيه صالح الوطن والخير للمواطنين.

ونحن ننظر إلى العملية الانتخابية التي ستشهدها مملكة البحرين بعد يومين على أنها مناسبة هامة لتأكيد الانتماء لهذا الوطن الذي نعيش جميعا على أرضه ونتفيأ بظله، ونشدد على ضرورة أن يحرص كل مواطن على المشاركة في اختيار ممثليه الذين سيحملون مسئولية التشريع وسن القوانين التي تحقق صالح المملكة، فضلا عن توفير المزيد من الخدمات في مختلف أنحاء البحرين.

ونؤكد مجددا على أن هذه المشاركة هي واجب وطني، وأن حاضر البحرين ومستقبلها يتطلبان منا جميعا التكاتف وبذل المزيد من الجهد، لكي نحقق الأفضل للمواطنين في مختلف المجالات، ونضيف إلى ما تحقق في الماضي من إنجازات، فتاريخنا هو سلسلة متواصلة الحلقات، وكل منا يقوم بدوره ويضيف إلى ما حققه الآباء والأجداد.

إن حكومة البحرين تتطلع إلى العمل مع مجلسي النواب والشورى المقبلين، وكذلك المجالس البلدية، لتعميق التجربة الديمقراطية وترسيخ المشاركة الشعبية، ونثق في أن أبناء البحرين جميعا على قدر من المسئولية، وأنهم سيختارون الأنسب والأصلح لتمثيلهم، ونهنئ الجميع بهذا العرس الديمقراطي، الذي يؤكد على حيوية وحراك المجتمع البحريني، ويجسد تلاحم القيادة والشعب من أجل مستقبل أفضل للجيل الحالي والأجيال القادمة بإذن الله.

تعرضت البحرين في الفترة الأخيرة إلى قلاقل داخلية. ما هو تأثير هذه الأحداث على صورة البحرين الداخلية والخارجية؟ وهل تعتقدون سموكم أن البحرين بحاجة إلى صياغة عهد وطني وميثاق وطني يتجاوز الإشكاليات الراهنة؟

ـ صورة وسمعة البحرين ولله الحمد مشرقة وإنجازاتنا المتواصلة تحظى بإشادة الجميع في أنحاء العالم، نحن بلد عريق وصاحب حضارة، ولا تؤثر فيه مثل هذه الأحداث العابرة لكن يهمنا التفاف الشعب حول قيادته وانتمائه لهذا الوطن، واستعداده لبذل كل ما يملك من أجل حمايته والدفاع عنه، فالبلاد لا تسير بلا كوابح.

ومملكة البحرين هي دولة المؤسسات وسيادة القانون ومن لا يلتزم بالقانون أو بالقنوات والأطر الشرعية ستتم محاسبته بالقانون، ولسنا بحاجة إلى عهد وطني أو ميثاق وطني جديد، فلدينا الميثاق الوطني الذي أقره شعب البحرين بنسبة تاريخية بلغت 98.4 %، وتم الاستناد إليه في التعديلات الدستورية التي انطلق من خلالها المشروع الوطني لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وهو المشروع الذي أضاف إنجازات عديدة على ما تحقق في تاريخ البحرين، ودعم الانطلاقة التي شهدتها المملكة منذ إعلان الاستقلال وتحولت البحرين خلالها إلى دولة عصرية متطورة.

نحن نؤمن بأهمية الاستقرار وبأن أية مطالب أو تعديلات يجب أن تتم عبر القنوات الشرعية والدستورية، وأن نحتكم دائما في عملنا إلى القانون والدستور، ولدينا مجلسان للشورى والنواب تطرح فيهما الرغبات والاقتراحات بكل حرية، وتحرص الحكومة على التعاون مع المجلسين لتحقيق هذه الرغبات وفق الإمكانيات المتاحة، فليس مقبولا بعد ذلك أن يأتي كائنا من كان ليرفض ما أجمع عليه شعب البحرين، ويحاول منفردا تطبيق ما يحلو له، فهذا أمر مرفوض، ليس في البحرين وحدها وإنما في أي مكان أخر بالعالم.

بعض المحللين السياسيين يرون أن أحداث العنف والتنظيم الذي تم الكشف عنه مؤخرا هو امتداد لمخطط يرتبط بأطماع إقليمية. إلى أي مدى تتفقون سموكم مع هذا الطرح؟ وهل هناك احتمال لتصدير القلاقل التي حدثت في البحرين إلى دول المنطقة؟

ـ نحن لا نرغب في أن نستبق ما ستسفر عنه جلسات المحاكمة من نتائج وما ستكشف عنه من حقائق، فنحن لدينا قضاء نزيه ومستقل، ولا نتدخل بأي شكل من الأشكال في عمل الهيئة القضائية، ولا نسمح بالتأثير عليها ضمانا لعدالة المحاكمات وحصول أي متهم على حقه كاملا في درجات التقاضي، وأن يكون القول الفصل في نهاية المطاف لمنصة القضاء، وأن نلتزم جميعا بما يصدر عنها من أحكام.

أما حديثكم عن احتمالات تصدير مثل هذه المخططات إلى دول المنطقة، فإننا نؤكد أننا لن نسمح بأن تكون مملكة البحرين منطلقا لتهديد مصالح أو زعزعة أمن واستقرار أية دولة من دول المنطقة، وسنضرب بيد من حديد وبقوة القانون، على أيدي العابثين الذين يحاولون ذلك.

صاحب السمو... مجلس التعاون الخليجي سيُكمل العام المقبل 30 عاما من مسيرته وقد تعرضت دول المجلس خلال تلك الفترة لأقسى الاختبارات. هل ترون سموكم أن المجلس تمكن من تلبية طموحات الشعوب. وما هو رأيكم في الانتقادات التي توجه إلى دول المجلس لتنافر سياساتها بل وغياب أدوات التكامل فيما بينها؟

ـ التاريخ سيشهد وسيسجل أن لحظة ميلاد مجلس التعاون لدول الخليج العربي كانت لحظة فارقة في مسيرة الدول الست الأعضاء في هذا المجلس، وسيذكر التاريخ للقادة الذين اتخذوا قرار تكوين هذا المجلس أنهم كانوا يملكون رؤية عميقة وبعد نظر وقراءة واعية للتحولات التي تشهدها المنطقة والعالم وفي مقدمتها أن التكتلات والكيانات السياسية والاقتصادية هي السمة التي ستميز العالم في الحقب التالية وهو ما شهدناه بالفعل.

ومن الطبيعي أن تسبق الطموحات الواقع بمراحل عديدة فكل منا يمتلك حرية الحلم ولا يوجد سقف يحد من طموحات أي إنسان، ومن هنا فإن ما يتحقق دائما من إنجازات قد يبدو للكثيرين دون الطموحات أو الأحلام والأماني، لكن تبقى حقيقة ينبغي أن ننتبه إليها جميعا وهي أن هناك عوامل كثيرة تتحكم في حركة التاريخ ففي حقب معينة تسمح الأوضاع والمعطيات بالحركة السريعة والتي يقترب فيها الإنجاز من مستويات الطموح، وفي حقب أخرى نجد العكس دون أن يعني هذا أن هناك تقصيراً من هذا الطرف أو ذاك وإنما طبيعة المرحلة وتداخل عوامل كثيرة قد يجعل الحركة بطيئة بعض الشيء، وهذا ما ينطبق بشكل كبير على مسيرة مجلس التعاون.

وقد نتفق مع من يرون أن المجلس لم يلب الطموحات التي ترنو إليها الشعوب فنحن جميعا نتطلع دائما إلى الأفضل ولا نقنع بما تحقق ونريد المزيد وهذه كلها تطلعات مشروعة بل ومطلوبة من أجل الدفع باتجاه إنجازات ومكتسبات أكثر، وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن ما حققه مجلس التعاون طوال الفترة الماضية كان ضئيلا، فالمجلس حقق الكثير من الإنجازات والمكتسبات التي ينعم بها اليوم مواطنو دول المجلس سواء على صعيد حرية التنقل وحرية العمل في أية دولة من دول المجلس والعديد من الخطوات التكاملية.

نعم نحن نريد المزيد وهذا الأمر لا يخفى على قادة دول المجلس والذين لا تقل طموحاتهم وآمالهم عن مثيلتها لدى شعوبهم، فهم جميعا وبفضل الله يسعون لتحقيق المزيد من الإنجازات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويبذلون الجهد لتحقيق التكامل المنشود بين الدول الست ويحرصون على أن يسود المنطقة الأمن والاستقرار حتى تؤتي خطط وبرامج التنمية ثمارها.

ونحن على ثقة من أن الاجتماعات القادمة لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس ستحمل لمواطني دولنا الجديد دائما وستحمل معها كل الخير لبلادنا وشعوبنا، ونؤكد على أن ما تحقق على مدى 30 عاما يعد إنجازا قياسيا، وأن السنوات القادمة ستشهد تنسيقاً يوحد مختلف الجهود وتحقيق اكبر قدر من المنفعة تعكس مصالح هذه الدول.

كيف ترون سموكم مستقبل العملية السلمية في الشرق الأوسط على ضوء المفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي؟ وإلى ما ذا يمكن أن تصل هذه العملية في النهاية إذا فشلت لا قدر الله: العنف، الانتفاضة، الحرب، أم اليأس والسكون والخمود؟

ـ نحن نتطلع بكل الأمل إلى إنهاء هذا الصراع الذي طال أمده في منطقة الشرق الأوسط وخلّف آلاف الضحايا في دول المنطقة، ونؤمن بأن التفاوض هو السبيل الأمثل للوصول إلى حل عادل ينهي هذا الصراع، ويقر الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ويؤدى إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة كافة.

ونحن نقدر ونشيد بكل الجهود الخيرة التي تبذل للتوصل إلى حل لهذا الصراع، وتقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، باستمرار المفاوضات المباشرة بين الجانبين وعدم السماح بتعثرها أو توقفها.

ونؤكد على أهمية أن لا تضع الحكومة الإسرائيلية العراقيل أمام استمرار أو نجاح هذه المفاوضات، وليس معقولا أن تتمسك هذه الحكومة باستمرار بناء المستوطنات على أراض لا تملكها، فضلا عن أنها محل التفاوض بين الجانبين ويشملها الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو عام 1967، فهذا الإصرار الإسرائيلي مرفوض من المجتمع الدولي وقد يؤدي إلى نسف المفاوضات وتبديد كل الجهود التي بُذلت والآمال المعلقة على تلك المفاوضات في حل الصراع العربي الإسرائيلي.

والبديل عندئذ لن يكون في صالح أي طرف من الأطراف، وسيؤدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، التي لم تنعم بالهدوء منذ عقود طويلة، وعانت من ويلات الحروب التي أثرت على التنمية في دولها، ولم يعد مقبولا أن يستمر هذا الوضع إلى ما لانهاية، ونأمل أن يتوصل الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي إلى آلية تضمن استمرار التفاوض دون عقبات.

ونحن ندرك أن حل هذه القضية التي أصبحت شبه مزمنة لن يكون سهلا، وأن الوصول إلى هذا الحل سيكون شاقا، وان المفاوضات ستكون صعبة، لكن ينبغي مواصلة التفاوض والاستمرار فيه.

العدد 2966 - الثلثاء 19 أكتوبر 2010م الموافق 11 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً