العدد 2424 - السبت 25 أبريل 2009م الموافق 29 ربيع الثاني 1430هـ

الدوائر الانتخابية قسمت المجلس النيابي إلى فسطاطين وجعلته طائفيا بامتياز

هدفت إلى التحكم المسبق بمخرجات العملية الانتخابية

يعتبر موضوع تعديل الدوائر الانتخابية في البحرين من الملفات الساخنة التي تسعى القوى السياسية إلى إيجاد توافق عليها. ففي حين يرى البعض أن هناك تفاوتا كبيرا في الكثافة السكانية بين الدوائر الانتخابية إلى حد بعيد بحيث أن «التوزيع الحالي يأتي ناقضا لمبدأ المساواة في قيمة الصوت الانتخابي وتكافؤ الفرص في التمثيل الانتخابي للمواطن، بين العديد من الدوائر الانتخابية»، ويقولون: «إن هناك تفاوتا كبيرا في التمثيل الانتخابي نسبة لتعداد الأنفس في الدائرة الواحدة»، ويشيرون في هذا الصدد إلى أن «صوت ناخب واحد في الدائرة السادسة للمحافظة الجنوبية يعادل أصوات نحو خمسة عشر ناخبا في الدائرة الأولى للمحافظة الشمالية ويعادل أصوات نحو أحد عشر ناخبا في الدائرة الرابعة لمحافظة المحرق».

في المقابل يرى البعض الآخر إن موضوع تعديل الدوائر الانتخابية يتطلب ثباتا نسبيا في توزيع الدوائر الانتخابية بحيث لا يعتريه تغيير بتعاقب الفصول التشريعية للبرلمان، حتى لا تكون العملية لعبة في أيدي الجمعيات والتكتلات السياسية، كما أن ثبات عدد السكان في جميع الدوائر يعد من الأمور المستحيلة، ولذلك لا يعقل أن يتم تغيير هذه الدوائر كلما تعرضت للتغيير النسبي في عدد السكان.

ويؤكدون أن التوزيع يجب أن يكون متطابقا أو على الأقل متجاوبا مع التقسيم الإداري للدولة المتمثل في نظام المحافظات والبلديات والعناوين، ويرون بأن عملية التغيير ليست في صالح التنمية وتكلف الحكومة مبالغ طائلة من الأولى صرفها في المشروعات التي تخدم المواطنين، وعدم استنزاف الطاقات بتغييرات متكررة غير مدروسة، ويؤكدون على أن السلطة القائمة على توزيع الدوائر الانتخابية قد راعت مبدأ المساواة في الاقتراع، وهي ليست مساواة مطلقة، وإنما هي مساواة نسبية تقريبية يسهل تطبيقها، بحيث لا يكون ثمة تفاوت شديد في تحديد الدوائر الانتخابية يصل إلى حد إهدار الثقل النسبي لكل صوت، وبهذا جاءت عملية التوزيع عادلة تماما، إذ أدت إلى إفراز نواب للشعب يمثلون كل طوائفه وأطيافه. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار دائما وأبدا أن النائب لا يمثل دائرته فقط، وإنما يمثل الدولة بأسرها، وما الدائرة الانتخابية إلى واسطة لاكتساب العضو لنيابته على الدولة.

ومن جهة أخرى وفي هذا الإطار تقدم المحامي عبد الله الشملاوي بصفته وكيلا عن أحد المواطنين بطعن حول عدم دستورية المادة 17 من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 إلا أن محكمة الدرجة الأولى قد حكمت برفض الطعن كما أكدت محكمة الاستئناف العليا بتأييد حكم محكمة أول درجة.

في «منتدى الوسط» لهذا الأسبوع طرحنا موضوع الدوائر الانتخابية على كل من المحامي عبد الله الشملاوي والنائب عن كتلة الوفاق السيد مكي الوداعي بالإضافة إلى النائب السابق عبدالنبي سلمان والأمين العام لجمعية التجمع الوطني الديمقراطي فاضل عباس، وفيما يلي نص المنتدى: أستاذ عبدالله إلى أين وصلت القضية بعد رفض الطعن من قبل محكمة الاستئناف وهل تنوي تقديم طعن آخر لدى محكمة التمييز؟ وما هي الأسس القانونية التي استندت إليها بعدم دستورية المادة 17 من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002؟

- عبد الله الشملاوي: نحن الآن بصدد إعداد صحيفة الطعن في التمييز طعنا على الحكم الاستئنافي الذي يكاد يكون نسخة مكررة عن الحكم الابتدائي ولعله أضعف منه في التأصيل وحمل الحكم على أسبابه وأضاف بعض الحيثيات التي تكفي لحمل حكم قضاء الاستئناف.

لقد كان أساس استنادنا في الموضوع هو أن المرسوم الذي نظم الدوائر الانتخابية كان يتوهم أن لديه تفويضا تشريعيا -وهذا ما تنسج عليه بعض الأقلام- أن هناك تفويضا تشرعيا يملكه المرسوم أو الجهة المصدرة للمرسوم بوضع الضوابط والمعايير التي تحدد الدوائر الانتخابية سعة وضيقا وهل أن الأساس الاجتماعي أو أساس المساحة هو مبنى هذا المرسوم. أولا إن كانت السلطة التنفيذية مفوضة فمن الذي فوضها؟ هذا سؤال، فالتفويض التشريعي يجب أن يكون محددا بحدوده، فليس هناك تفويض تشريعي، ثانيا المرسوم نراه مرة يأخذ بمعيار المساحة ومرة يأخذ بمعيار الطبيعة الاجتماعية ثم يأخذ بمعيار الكثافة السكانية، مما يجعلنا نشعر بأن المسألة مبنية على الهوى وليست مبنية على أساس صحيح. إن مبنانا الرئيسي بعدم الدستورية هو أن الدساتير العالمية والقانون الدستوري المقارن والمواثيق الدولية كلها وميثاق العمل الوطني والدستور البحريني سواء دستور 1973 العقدي أو دستور 2002 -أيا كانت صفته- جميع هذه المواثيق نصت على مبدأ المساواة بين الناس، والمساواة هي التعادل في الحقوق والواجبات، المعني فيها هو الإنسان دون نظر إلى أي اعتبار آخر، فالمواطن في المحافظة الشمالية والمواطن في المحافظة الجنوبية والمواطنون في جزر حوار -إن كان هناك مواطنون- هو في الأساس مواطن، فإن أعطينا لدائرة معينة فيها 1200 صوت نائبا واحدا ثم أعطينا لدائرة انتخابية أخرى فيها 18 ألف صوت نائب واحد، فهل نستطيع أن نسوق أن ذلك مساواة بين المواطنين؟ لا اعتقد ذلك.

المسألة الأخرى هي أن جزر حوار قد أعطيت نائبا على أساس السعة - والحال أن جزر حوار لا تحتوي إلا على «شاليهات» وعدد من الغزلان وليس أكثر. وهناك دوائر قد شطرت بشكل غير طبيعي فقد يكون البيت الواحد قسم منه في دائرة معينة والقسم الآخر في دائرة أخرى وذلك يحدث مثلا في سند ونويدرات والمعامير. البديع والدراز ليس بينهم سوى مسافة بسيطة في حين تحسب البديع على قرية الجسرة البعيدة نسبيا منها، إذن إن هذا النفس فيه تشطير للوطن وفيه منع من تآلف أطياف الوطن، نشعر بأن هذا المرسوم قد جاء ليتحكم يقينا بمخرجات الدوائر الانتخابية.

في تصوري ما كان للدولة أن تنفق الملايين على مجلس الشورى لأن ليس له من لزوم إن كان كما يتصور البعض هو للجم شطحات المجلس النيابي فإن الدولة في مأمن من أي شطحة لأنها تمتلك الأغلبية العددية المريحة والتي هي ليست إلا وليدة الدوائر الانتخابية بشكلها الحالي والتي هي مبنية على هذا المرسوم، إذن هناك تزوير مسبق لنتائج الانتخابات، وهناك تحكم مسبق لمخرجات الخريطة السياسية نتيجة الرسم المسبق للدوائر الانتخابية، وهذا فضلا عما ينتج عن المراكز العامة في الانتخابات وما يشوبها من أكثر من شائبة.

سحب التعديلات

سيد مكي الوداعي: تقدمت كتلة الوفاق بمقترح بقانون بتعديل الفقرة الثانية من المادة (17) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية إلا أنها قامت بسحب المقترح الذي تقدمت به من جلسة النوّاب وإحالته إلى اللجنة التشريعية لإخضاعه لمزيد من البحث والتشاور مع الكتل الأخرى لماذا أقدمتم على ذلك وما هي خطواتكم المقبلة؟

- مكي الوداعي: إن هذا السؤال في الواقع يتعلق بما كنا قبل وبعد الانتخابات ونتائجها نحمله ونرى بأنه لا بد من حلحلة هذا الملف. والحلحلة لا تعني فقاعة إعلامية بمقدار ما هي محاولة الوصول إلى توافق في المجلس النيابي من خلال المفاوضات مع سائر الكتل، إذ إننا بحاجة إلى من يوصلنا إلى تمرير مثل هذا المقترح وقد حصل ذلك إلا أن هناك تأخرا في الحصول على إجابات شافية، فما كان منا وقد أوشك الفصل التشريعي على الانتهاء، وخصوصا فيما يتعلق بمقترحات القوانين لأنه لا مجال لتأخير هذه المقترحات إذ إن كل مقترح بقانون لا بد من رفعه إلى الحكومة لصياغته ومن ثم تعيده الحكومة في أقرب تقدير في دور الانعقاد المقبل، بمعنى أنه لا يبقى أمامنا إلا هذا الدور والدور المقبل وإذا فرطنا وأخرنا تقديم هذا المقترح فإن ذلك يعني أنه قد انتهت الفرصة التي أمامنا لتقديمه، ولذلك اضطررنا لتقديمه، وهناك من أشار من الإخوة إلى إرجاعه لمزيد من الدراسة لإكساب الآخرين فرصة للمحاورة حول هذا المقترح بقانون.

المقترح انصب في تعديل الفقرة الثانية من المادة 17 وأضاف إليها وقد حاولنا قدر الإمكان أن نتخطى جميع الهواجس والصعاب التي تحدثتم في بداية هذا الحديث عنها، بجعل جميع البحرين دائرة انتخابية واحدة وأن تجري إجراءات هذه الانتخابات من خلال القائمة سواء كانت هذه القائمة تمثل جمعية سياسية أو أكثر من جمعية أو قائمة من أفراد تجمعوا من أجل التقدم في الانتخابات أو حتى قائمة من فرد واحد بحيث تتاح للجميع الفرصة على قدم المساواة وتكافؤ الفرص.

وقد أعدنا المقترح إلى اللجنة التشريعية من أجل مزيد من التشاور والتحاور وأظن بأننا سنكون مرغمين على إعادته مرة أخرى للمجلس النيابي.

ولكنكم قد سحبتم أيضا المقترح بقانون بشأن التعديلات الدستورية لنفس السبب أي مزيد من التحاور والتشاور، فهل تطمحون إلى الوصول إلى توافق أو حتى كسب أغلبية لتمرير هذه المقترحات؟ أم أن المسألة لا تعدو كونها إبراء ذمة من قبلكم، فإنكم قد فعلتم ما عليكم ولكن باقي الكتل وقفت في وجه تحقيق ذلك؟

- الوداعي: اعتقد بأن الأمر ربما فيه بعض ما تقول، نحن نرى بأننا مثقلون في حقيقة الأمر بهذا الملف وكما أوضحت بأنه لا يسعنا أن نتأخر أكثر في طرحه، ولكننا من ناحية أخرى نسعى للحصول على توافق بحيث نحصل على أغلبية تمكننا من تمرير هذا المقترح فإن ذلك أمر يتوافق مع المطلوب إذ إننا لا نطلب كما قلت فقاعة إعلامية وانسياقا مع ما تعهدنا به لناخبينا ومع ما نعتقده نحن من تشويه وظلم في توزيع الدوائر، هذا الأمر الذي لابد من تغييره وحلحلته.

كانت هناك إشارات من فعاليات الدولة والحكومة قد سبقت الانتخابات تشير إلى أن التعديل يجب أن يكون من الداخل وكأنما هناك غزلا- ادخلوا وعدلوا- هذا ناحية، من الناحية الأخرى هناك الآن قضية على بساط البحث وهي موضوع الحوار الوطني لحلحلة سائر الملفات العالقة وقد منعنا من طرح بعض هذه الملفات في الخارج على اعتبار أن ذلك يعتبر استقواء بالخارج على الداخل، كما منعنا أيضا بشكل أو بآخر من طرح هذه الملفات لدى الطيف السياسي والاجتماعي في البلد وأشير إلينا بإلحاح وقوة بأن هناك مؤسسات وأن الدولة هي دولة مؤسسات وعليكم أن تجروا هذا الحوار من خلال المؤسسات، وبالطبع على رأس الملفات العالقة التي يجب أن توضع على طاولة البحث وتحلحل وتحلل هي قضية الدوائر الانتخابية مع ما تحمله من ملابسات في الواقع يشعر من خلالها مكون كبير في المجتمع بأنه أقصي من خلال هذه العملية وأنه لم تظهر الانتخابات حقيقة المكونات الشعبية الموجودة في البلد ويكفي أن دائرة واحدة في المحافظة الشمالية تحتوي على 15 ألف و 500 ناخب فيما يعادل 6 دوائر في المحافظة الجنوبية ويكفي أنه في الدائرة الجنوبية أيضا على قلة عدد ناخبيها انتزع منها قسمان من الرفاع الشرقي والرفاع الغربي لتغتصب دائرتان من المحافظة الوسطى فتصبح المحافظة الجنوبية ثمان دوائر على قلة ناخبيها وأعداد ساكنيها وتصبح المحافظة الوسطى وهي المحافظة الثانية من حيث الكثافة السكانية وأعداد السكان ست دوائر في حقيقتها.

إن كانت هناك محاورة من خلال المؤسسات ومن أهمها المجلس النيابي فإننا نطرح أمامهم ملفا من أهم الملفات التي لا يستطيع أي منصف أن يحاجج فيها وقد طرحنا أمامهم رؤية في حقيقة الأمر تعطي جميع المكونات الشعبية الفرصة بحسب كينونتها في المجتمع، بحيث تصبح البحرين بأكملها دائرة واحدة.

تقسيم الدوائر بين 2002 و 2006

أستاذ عبد النبي: كيف أثر تقسيم الدوائر الانتخابية على تشكيلة المجلس النيابي خلال الفصلين التشريعيين أي 2002 و 2006 وهل ترى أن الفرز الطائفي في المجلس يرجع إلى تقسيم الدوائر؟

- عبد النبي سلمان: أعتقد أن تجربة الفصلين، الفصل التشريعي الأول والفصل التشريعي الثاني والذي انقضت منه ثلاثة أدوار حتى الآن أثبتت لأي مراقب أن مسالة الدوائر الانتخابية أريد لها أن تكون أساسا لمجلس فيه من الاستقطاب الطائفي ما يؤدي الى إعاقة العملية السياسية بمجملها، أعتقد أن تجربة الفصل التشريعي الأول ربما كانت إلى حد ما وعلى الرغم من كل مساوئها، إذ ربما كان هناك تعمد بأن تكون هناك بعض الدوائر التي لا يظهر فيها هذا الفرز الطائفي الحالي، ولكنه كان موجودا بشكل واضح إذ كانت بداية التأسيس بعد غياب دام لما يقارب الـ30 عاما ربما حتمت على الكتل الموجودة في الفصل التشريعي الأول أن تتعامل مع التجربة بترفق ولكني أعتقد أنه على العكس فيما يحصل في جميع الدول التي تسعى للأفضل، فإنه حصل العكس في البحرين.

إن تجربة الفصل التشريعي الثاني أثبتت وبتعمد من قبل الجهات الرسمية أن يكون هناك مجلس بمقاييس طائفية واضحة المعالم لا غبار عليها، وهذا ما حصل، كان من المفترض أن يتم تطوير التجربة خلال الفصل التشريعي الأول وهذا ما كان يطرح دائما بأن التجربة الديمقراطية في البحرين خاضعة للتجديد والتطوير، ولكن ما حصل هو انتكاسة بالفعل أرجعتنا حتى إلى ما قبل العام 2002 وبالتالي فإني أعتقد بأن مسألة الدوائر الانتخابية قد لعبت دورا مؤثرا جدا ليس فقط في الانقسام الطائفي الذي وجد على مستوى الكتل والإصطفافات الحالية وإنما على مستوى البلد بشكل عام. إن الوضع السياسي في البلد أصبح يمثل إعاقة حقيقية ليس فقط للتوجهات السياسية الواضحة والمعلنة وإنما حتى لعوامل التنمية في البلد، هناك عوامل من عدم الاستقرار نعيشها الآن وهناك دعوات لحوار وطني مستمرة ولا تجد من يسمعها، هذه الدعوات التي لا تسمع يجب أن يكون محورها هذه الملفات الكبيرة العالقة والتي من بينها ملف الدوائر الانتخابية.

هناك أمر واضح للجميع في هذه المسألة بأنه لا توجد هناك عدالة في توزيع الدوائر الانتخابية وأن المسألة لا تقوم على قضية تكافؤ الفرص بالمرة، كنا نتكلم عن غياب العدالة في ملفات أخرى كالتوظيف وغيرها ووجدنا الآن بأن المسألة أكبر من التعيينات والتوظيف إذ إن الانتخابات تجري على أساس طائفي واضح المعالم ومعد سلفا وأعتقد أن كل هذه الأمور تلغي مبدأ بسيطا جدا توافقنا عليه في ميثاق العمل الوطني هو أننا نسعى كمجتمع وكدولة إلى بناء دولة مؤسسات وإلى بناء تجربة على غرار الممالك الدستورية، لا يمكن أن نبني هذه التجربة حتى وإن كانت وليدة بهذا النوع من التعجرف في صياغة هذه المؤسسة التي توافقنا عليها.

إن مسالة الظلم الحاصل في الدوائر الانتخابية مثلما ذكر الإخوان أصبحت واضحة، كما أن الكتل البرلمانية التي أصبحت تهيمن على مجلس النواب الآن هي كتل ذات مصالح في عدم تحقيق أي تقدم في ملفات التعديلات الدستورية والدوائر الانتخابية، هذا ما وجدناه في الفصل التشريعي الأول وسوف نجده الآن، صحيح إن كتلة الوفاق هي أكبر كتلة برلمانية في المجلس النيابي ولكن مجموع الكتل في الفصل التشريعي الحالي والسابق تمثل لها مسألة التعديلات الدستورية مسألة حياة أو موت، إذ لا يمكن أن تقبل الكتل الموجودة المستفيدة من عدم تنفيذ التعديلات الدستورية بأي تعديل ولو بسيط على حساب مصالحها وامتيازاتها، إن هذه الكتل أساسا وليدة التقسيم غير العادل للدوائر الانتخابية فهذه الكتل لم تكن موجودة سابقا لا في الوسط السياسي ولا في تاريخ الحراك السياسي في البحرين وهذا ليس تجاوزا.

إن الإعاقة الحاصلة ليست فقط من الجانب الطائفي وإنما حتى على مستوى الملفات الأخرى إذ عندما نتحدث عن التمييز والتجنيس والفساد والميزانية والتعليم والصحة نجد أن هناك من يدافع عن وزير لأنه من طائفة معينة كما نجد أن هناك من يدافع عن الحكومة لأنها تخدم مصالح طبقة معينة وبالتالي أصبحت المسألة وكأنها معدة سلفا بالفعل وبالقياس الحقيقي الذي أفرز واقعا منقسما على مستوى المجتمع بأسره وليس فقط على مستوى المجلس.

مساوئ التقسيم الحالي

أستاذ فاضل عباس: يرى البعض أن توزيع الدوائر الانتخابية لمجلس النواب لم تقتصر مساوئه على الإخلال بالوزن الصوتي للناخبين وإنما له مساوئ وآثار سلبية على الحياة النيابية برمتها يمكن إيجازها في: استبعاد أغلبية الشعب وبروز ظاهرة نواب الخدمات والإخلال باستقلال النائب والإخلال بأجواء المعارك الانتخابية. هل توافق على ذلك؟

- فاضل عباس: بداية اتفق تماما مع ما طرحه الأخ عبدالله الشملاوي من أنه لا داعي أساسا لمجلس الشورى بسبب أن الدوائر الانتخابية أوجدت أغلبية لنواب الحكومة في مجلس النواب وبالتالي فإنهم أصبحوا صمام أمان.

أعتقد أن أبرز مساوئ هذه الدوائر هو تجميد العملية السياسية بشكل عملي، إذ إن العملية السياسية الآن تدور في حلقة مفرغة ولكن السؤال الأهم هو هل يستطيع النواب تعديل الدوائر الانتخابية، في تقديري أن النواب لا يستطيعون ذلك، فنواب الوفاق هم أقلية في نهاية الأمر ولا يستطيعون أن يمرروا هذا القرار ونواب الحكومة هم أساسا موجودون بسبب هذه الدوائر الانتخابية أضف إلى أنهم لا يملكون قرارهم، فتعديل الدوائر الانتخابية لا هو بيد القضاء وليس بيد مجلس النواب وإنما هو بيد الحكم، والحكم يريد هذه الدوائر الانتخابية ليفرض المعادلة كما يريد هو وليس بأن تكون للمعارضة أغلبية، ولو أن المعارضة ليست شيعية فإنني أعتقد بأنه سيكون هناك قانون آخر يكرس نفس المعادلة الحالية لذلك أعتقد أن تعديل الدوائر ليس بيد القضاء أو المجلس النيابي وأن التعديل بيد الحكم فإن أراد تعديلها فإنه سيقوم بذلك ولكنني أعتقد بأن الحكم لا يريد تعديل الدوائر الانتخابية. ولذلك نحن ندور في حلقة مفرغة إذ إن الانتخابات المقبلة ستكون كالانتخابات السابقة وبنفس الآلية وأن آلية سيطرة الحكم على القرار النيابي ستستمر دون تغيير.

ولكن أليس من الظلم أن نعتبر جميع النواب خارج كتلة الوفاق هم من نواب الحكومة؟

- عباس: هم بالفعل نواب الحكومة، فهم يبرزون أنفسهم من خلال مواقفهم، ولذلك فإن عليهم أن ينفوا هذه التهمة من خلال تبديل مواقفهم إلى مواقف أخرى، فهم من وضعوا أنفسهم في هذه الزاوية، كما يجب أن نلاحظ أن هناك عددا كبيرا منهم قد وصل إلى البرلمان من خلال المراكز العامة، والمراكز العامة هي مشروع حكومي ولذلك نقول إنهم جاؤوا ضمن هذا المشروع.

تناقض حكم المحكمة

أستاذ عبدالله، في خلاصة تبريرها لرفض دعوى الطعن، قالت المحكمة: «كان البيّن من مطالعة الأوراق أن المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2004، الطعين قد صدر لغرض مشروع هو تنظيم العملية الانتخابية».

ورأت المحكمة أن المرسوم بقانون موضوع الطعن «غير مشوب بإساءة استعمال السلطة، وأنه بروح موضوعية بعيدا عن البواعث الشخصية، وهو ما خلص إليه الحكم المستأنف صائبا الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف». كيف تفسر هذا الحكم وما هو ردك عليه؟

- الشملاوي: إن القضاء في هذه المسألة قد تضارب مع نفسه فأولا قال إن المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002 لم يتضمن معايير لضبط العملية الانتخابية وبالتالي لا يمكن مراقبته والتعييب عليه أو وصفه بالعوار لأنه لم يتضمن المعايير وبالتالي لا يمكن اتهامه بأنه جاء بلا معايير، فهو سليم، حالة أن هذا القول غير سديد وغير متوافق مع ما استقر عليه الفقه والقضاء الإداري من أن جهة القضاء لها أن تراقب الأداة التنفيذية سواء كانت مرسوما أو قرارا أو لائحة، تراقب فيها عدة أمور، أولا أن تصدر لغرض مشروع وألا تكون قد اعتورت بعيب سوء أو شطط باستعمال السلطة وألا تخرج عن الأطر الدستورية التي جاءت لتفعيلها، المسألة الثانية هي أن نظم العملية الانتخابية هي في الواقع رسم للخارطة السياسية فلا يجوز أن تصدر بمرسوم لأن ذلك يتنافى مع مبدأ فصل السلطات الدستوري، فالدستور يرسم إيقاع السلطات الثلاث فليس من السائغ رسم الخارطة السياسية ابتداء واستدامة وانتهاء، لقد صدر المرسوم وحدد الآلية التي تتم بها العملية الانتخابية وكيف يصل النائب للمجلس ثم ضبط إيقاع المجلس باللائحة الداخلية وهي غير دستورية حتى مع دستور 2002 إذ إن فيها الكثير من العيوب فمثلا عندما تقدم الحكومة أمرا وأراد المجلس أن يجيزه فيجيزه النواب بأغلبية عادية وإذا رفضوه فإن ذلك يتم بأغلبية الثلثين وهذا عيب، فإذا هذا تدخلا حتى في الاستدامة، ثم إن القضاء عليه أن يراقب حتى لو لم تتضمن الأداة التنفيذية معايير، عليه أن ينظر مدى مطابقتها مع مبدأ المساواة وهو المبدأ الأساس في كل الحراك السياسي والقانوني، وقد سبق أن قلنا بأنه يجب النظر إلى الإنسان بلحاظ دون النظر إلى جنس أو عرق أو دين أو لون، فالمواطن في الدراز مثله مثل المواطن في الحد، إنه مواطن بحريني وكفى.

الحكم جاء ليقول بأن المرسوم خلا من المعايير ثم جاء في موطن آخر ليقول «إن تقسيم الدوائر تقيد بمبدأ العدالة التقريبية» إذا هذا معيار، هل هناك عدالة تقريبية، عندما يكون مواطن في منطقة معينة يساوي 36 مواطنا في منطقة أخرى هل هذه عدالة؟

التقسيم و المحكمة الدستورية

ولكن رد الدفاع بأن هناك نسبة تفاوت مقدرة بـ20 في المئة.

- الشملاوي: وليكن، دائما إذا ما غم على المحكمة أمر ما وليس من ضمن علمها فعليها أن تنتدب خبراء، ونحن طلبنا انتداب خبراء حسابيين لمعرفة إن ما نقوله صحيح أم أننا نفتري على الحكومة، كان على المحكمة أن تنتدب خبيرا وهي لم تلتفت إلى هذا الطلب، ثم جاءت وقالت إنه تضمن معايير واعتبارات رسمت على أساسها الدوائر، في حين سبق وأن قالت إن المرسوم لم يبن على معايير، هناك تناقض واضح في حكم المحكمة، ففي حين يقول في موضع إن المرسوم لم يتضمن معايير محددة يأتي في موضع آخر ليقول بأن المرسوم مبني على معايير إما مرتبطة بالمساحة أو اجتماعية أو سياسية، إذن هناك معايير وما دام هناك معايير يجب على المحكمة مراقبتها وفحصها إن كان لها ظل في الواقع هل لها صدى؟ هل هي متوافقة مع القانون؟ وهل هي متوافقة مع الدستور؟ المحكمة لم تفعل ذلك، إذن حصل نوع من الإخلال بحق الدفاع مما أثر في الحكم، كان هناك دفاع لو أنه محص تمحيصا سليما لتغير الحكم في الدعوى.

المسألة الأخرى المرتبطة بدفعنا بعدم الدستورية، كان يجب على المحكمة عندما يدفع أمامها بعدم الدستورية أن تتحرى هل أن هذه المسألة يعود الفصل فيها من قبل المحكمة الدستورية منتج ومؤثر من قبل المحكمة الدستورية أم لا؟ نحن ندفع بالمادة الدستورية لأنها خالفت العديد من الأمور، هذا الدفع بشكله ينم عن الجدية بأن فحص هذه المسألة منتج ومؤثر في الفصل في موضوعها فكان يتعين على المحكمة أن توقف الدعوى وتكلف وكيل المدعى برفع الدعوى الدستورية للفصل في هذه المسألة أما يتصدى بأنه ليست هناك جدية فهو في هذه الحالة اغتصب سلطة وصلاحية المحكمة الدستورية، وحال بيننا وبين الوصول إلى المحكمة الدستورية والتي قد -وأقول قد وتحتها مئة خط- تقضي بعدم الدستورية، ولكنه حال بيني وبين الوصول إلى المحكمة الدستورية لبيان أن المرسوم الذي رسم الدوائر الانتخابية إما قد خلا من المعايير أو جاء بمعايير ولكنه لم يلتزم بها أو أنه تهاون مع بعضها، فمرة يأخذ بالمعيار الاجتماعي ومرة يأخذ بمعيار المساحة ومرة يأخذ بمعيار الكثافة السكانية، إذن هو يتشهى وإذن فهو أخل بمبدأ المساواة حين تشهى وبناها على الهوى السياسي، إذن أخل بقاعدة المساواة بين مواطنيه هذا مع اعتبار بأنه كمرسوم يخلو من صفة الدستورية لأن هذه من صميم عمل المجلس النيابي صانع القوانين والسلطة التشريعية وليس من سلطة السلطة التنفيذية إنما هو حصن نفسه بترسانة من المراسيم حتى يضبط الحراك السياسي داخل المجلس ويكون مالكا للأغلبية وبالتالي لم يكن بحاجة لمجلس الشورى وكان يمكن أن يخفف علينا أعباء مالية كبيرة.

إذن هذا الحكم تصدى لوصولكم للمحكمة الدستورية.

- الشملاوي: نعم وتصدى للفصل في مسألة ليست من سلطاته، فالأصل أن الشبهة الدستورية موجودة فعليه أن يوقف الفصل في الدعوة ويحيل الدعوى، فإن قضت المحكمة بعدم الدستورية فبها، وإن قضت المحكمة بدستورية المرسوم فإنه قد أراح نفسه ولكنه لم يفعل ذلك.

خيارات الوفاق

سيد مكي: يرى البعض أن أمام كتلة الوفاق عددا من الخيارات لتعديل الدوائر الحالية منها التقدم بالاقتراح برغبة -وذلك ليس واردا لإمكانية عدم الأخذ به من قبل الحكومة- والتقدم باقتراح بقانون -وهذا ما قمتم به لحد الآن- والطعن بعدم دستورية المرسوم من خلال رفع دعوى أصلية أمام المحكمة الدستورية وطلب الحصول منها على حكم بإلغاء المرسوم المنظم للدوائر الانتخابية لمخالفته لأحكام الدستور.غير أن هذا الخيار بحاجة إلى موافقة أغلبية المجلس، ومن المنطقي أن يرفض طلب الإحالة لذات الأسباب التي أشرنا إليها في الخيار السابق. واقتراح الدائرة الانتخابية الواحدة. إذ من الخيارات المطروحة الأخذ بنظام الدائرة الواحدة إلا أن تبني هذا النظام يقتضي تعديل القانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، والذي قرر الأخذ بنظام تعدد الدوائر. هل من الوارد اللجوء لأي من الخيارات السابقة الأخرى غير خطوة الاقتراح بقانون إن لم تستطيعوا تمريرها؟

- الوداعي: لا شك بأن الخيارات التي ذكرتها بعضها يمكن تطبيقه وبعضها يجري عليه ما يجري على المقترح بقانون، فالمقترح برغبة بطبيعة الحال لا بد أن يمرر من خلال المجلس ولجانه إذ لا بد أن يكون هناك تقرير وهذا التقرير يرفع إلى المجلس وبالتالي فإن المتحكم في تمضية الرغبة من عدمها هو المجلس إلى جانب كما تعارف لدينا في المجلس بأنها غير ملزمة، مع إنني أقول بأن تفسير المادة المتعلقة بالاقتراح برغبة في الدستور في الأصل ملزمة، إلا أن تعذر ذلك فعلى الحكومة أن تبين ذلك كتابيا بأسباب التعذر، ولكن على أي حال هناك ناحيتان نرى من خلالهما عدم نجاح الاقتراح برغبة، الخيارات الأخرى والتي من بينها اللجوء إلى المحكمة الدستورية وبالفعل إن هذه إحدى الخيارات التي سبق واستخدمناها ورفعنا عدة أمور عن طريق المجلس إلى المحكمة الدستورية ولم نصل إلى فصل في أي منها حتى الوقت الحالي بما في ذلك تكوين المؤسسات بمراسيم بقوانين، خيار الدائرة الواحدة وبعد حوارات طويلة مع الجمعيات السياسية في البلد والفعاليات الاجتماعية المختلفة توصلنا إلى أن هناك العديد من التحفظات في موضوع الدوائر، فهل تكون خمس دوائر كما هو الحال في الكويت، عندها سندخل أيضا في مجال المراسيم بقوانين التي تقوم على تقسيم المناطق والذي قد يستغل في الواقع إلى إعادتنا إلى ما نحن فيه أي العودة إلى المربع الأول، وكان هناك رؤية أخرى بتحديد ثمان دوائر باعتبار خمسة مرشحين لكل دائرة وتلغى الحدود التنظيمية الحالية من خلال المحافظات أو دائرة واحدة.

أعتقد بأن الفكر السياسي للبلد يتجه إلى الدائرة الواحدة، بالرغم من أن هناك تحفظات من قبل البعض بطبيعة الحال لأنه لا ينجو خيار من هذه الخيارات من تحفظات البعض إلا أنه يتجاوز الكثير من التحفظات وخصوصا عند الأطراف الأخرى لأن هذا الخيار يكتفي بأن تحصل القائمة أو الفرد على 2 ونصف في المئة ولو افترضنا أن هناك 300 ألف ناخب مثلا فلو حصل المرشح على 5700 صوت ممكن أن يدخل إلى المجلس، هذا الخيار يتجاوز الكثير من التحفظات لدى الآخرين فهو سيعطي كل ذي حق حقه. كما أن من شأن هذا الخيار أن يمحي الحس الطائفي تماما وتمحى المناطقية التي هي خطر في الواقع يؤكد ويجذر الحس الطائفي، فعندما أكون في منطقة بحسب التقسيم الحالي وهذه المنطقة تحوي إن لم تكن كلها فغالبيتها من مكون مذهبي معين بالطبع سأتحرك لخدمة هذه المنطقة وذلك يحد من خدمة النائب لمجتمعه بأسره.

المقارنة بتجربة 1973

أستاذ عبدالنبي: كيف تقارن بين تقسيم الدوائر الانتخابية بين المجلس الوطني في العام 1973 والمجلس النيابي الحالي؟ وهل يمكن اعتبار أن التقسيم السابق هو الأمثل بالنسبة للبحرين؟

- سلمان: أولا أحب أن أضيف إلى ما ذكره السيد مكي، أن القوى السياسية في البحرين يحسب لها ما قدمته من الكثير من الاجتهادات في هذا الجانب خاصة فيما يتعلق بالدوائر الانتخابية، فمثلا جمعية الوفاق طرحت مسألة الدائرة الواحدة، المنبر التقدمي طرح ثمان دوائر، جمعية «وعد» طرحت مسألة التمثيل النسبي، هذه القوى السياسية الأساسية في المجتمع البحريني تتقدم باقتراحات ربما يؤخذ بها أو ربما توضع عليها ملاحظات ولكنها في نهاية الأمر قد اجتهدت وفي نهاية المطاف يحسب لها أنها تسعى للمشاركة مع المجتمع والحكومة في رؤاها المناسبة للعملية السياسية، وانطلاقا من ذلك فإن البحرين قد مرت في العام 73 بتجربة نيابية من أنجح التجارب بالرغم من قصر عمرها والوضع السياسي الذي كان حينها، أعتقد أن تجربة البحرين الحالية لا يمكن أن تقاس أو أن تفصل بمقاييس التجربة السابقة بسبب أن طبيعة الحراك السياسي والمجتمع البحريني والتعداد السكاني نفسه وتوزيع الدوائر ربما اختلفت، ولكن ذلك لا يعني أن تكون مسألة الدائرة الواحدة تكون لاغيه بل على العكس فإن مسالة الدائرة الواحدة تظل قائمة ومطلوبة في البحرين على اعتبار أنها تحصين للمجتمع ضد الفرز الطائفي البغيض الذي نعيشه حاليا، الجميع يتذكر أن تجربة 1973 خلقت نوابا من طوائف معينة يخدمون دوائر في ذات غالية من طوائف أخرى وكان هذا الشيء مفخرة للتاريخ السياسي في البحرين، وكان من الممكن تطوير هذه التجربة إلى الأفضل ولا يتم التراجع عنها بنسبة أكثر من 180 درجة.

لقد ذكرت أن تجربة الفصل التشريعي الأول كانت ماثلة أمام المجتمع وماثلة أمام الحكومة وكان بالإمكان الاستفادة من كل السلبيات التي شابت تجربة 2002 والبناء عليها بما هو أفضل ولكن التراجع الذي حصل يؤسس لمفهوم خطير في العمل السياسي تبادر فيه وباستمرار الجهات الرسمية التي تتحدث دائما عن تعزيز عوامل الثقة، لا يمكن للقيادة السياسية عن أهمية تعزيز عوامل الثقة انطلاقا من مسألة تعزيز هذا الفرز الطائفي ليس فقط في الدوائر الانتخابية وإنما في جميع المجتمع.

أعتقد أن هذه هي إحدى المثالب الكبيرة التي يخطط لها بحيث يكون هناك فرز طائفي في هذا البلد الصغير الذي لا يحتمل كل هذه المعاناة، والآن الجميع يتساءل -بمن فيهم المستفيدون من الفرز الحالي- إلى أين يتجه هذا البلد؟

الأخ فاضل ذكر أن مسألة الدوائر الانتخابية لا يجب أن تترك للكتل الانتخابية وهذا صحيح، لقد تم الكثير حول هذه المسألة من قبل القوى السياسية، إذ إن هناك حاجة إلى توافق سياسي مع القيادة السياسية وعلى رأسهم جلالة الملك صاحب المشروع الإصلاحي للتوافق حول قضايا أساسية من بينها الدوائر الانتخابية، لا يمكن أن تترك المسألة هكذا، لقد جربت الكويت لسنوات طويلة أن لا تأخذ برأي القوى السياسية هناك في مسألة الدوائر الخمس ورأينا كيف تراجعت الكويت عندما مورس ضغط شديد على الحكومة وتم التنازل لمسألة الدوائر الخمس وبدأت الأمور تأخذ مجرى أفضل وربما ما أعاق التجربة هي طبيعة المجتمع الكويتي وليس الدوائر الخمس، أعتقد بأن الحكومات من خلال هذه الأخطاء تقود مجتمعاتها إلى مهالك لا تحمد عقباها وهذا ما لا نتمناه من حكومتنا أن تكون سببا في جميع هذه التراجعات السياسية، نحن توافقنا حول ميثاق عمل واختلفنا حول دستور جديد صيغ للأسف على أنقاض دستور عقدي ولكن بالإمكان إصلاح ما هو قائم بشيء من التنازل وبشيء من الحكمة لأننا سنذهب إلى انتخابات 2010 منقسمين كمجتمع ومنقسمين كسلطة وأعتقد أن هذا الطرح السياسي لا يسعى بأي حال من الأحوال لكي يعزز الثقة.

أستاذ فاضل: من الواضح أن التقسيم الحالي لا يعطي مجالا للجمعيات السياسية الصغيرة للدخول في معترك الانتخابات النيابية فهل ترون أن هناك تقسيما أفضل يمكن الرجوع إليه لتتمكن أغلب القوى السياسية من الوصول إلى البرلمان؟

- عباس: أعتقد أنه بسبب سوء الدوائر الحالية فإن أي شيء آخر هو أفضل بالتأكيد ولكني أتصور أن جعل البحرين دائرة واحدة بالإضافة لأخذ طريقة النسبية يعتبر خيارا صحيحا جدا وأن ذلك سيخدم سواء التنظيمات السياسية الرئيسة أو التنظيمات الأخرى

العدد 2424 - السبت 25 أبريل 2009م الموافق 29 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً