حذر أستاذ علم الوراثة في كلية طب «ساوث ويسترن» بجامعة تكساس والحاصل على جائزة نوبل في الفسيولوجيا مايكل براون من مخاطر مرض السكري على صحة البشر، وقال إنه مرض وبائي في أنحاء العالم وتعتبر الإمارات ثاني بلد في العالم من حيث انتشار المرض.
وأوضح أن الغذاء غير المتوازن والوفرة الكبيرة في الغذاء ترفع من نسبة الإصابة إلى جانب العوامل الأخرى ومنها الوراثة و قلة الحركة.
وقال في محاضرة بعنوان «الاكتشافات والتحولات العلمية في مواجهة أمراض العصر» ألقاها بمجلس ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وقال براون، إن انخفاض نسبة الكولسترول منخفض الكثافة في الدم والذي يعرف بالكولسترول الضار يشكل خطورة على حياة البشر ويؤدي إلى انسداد الشرايين، حيث إن هذا النوع من الكولسترول لزج ويلتصق بجدران الشرايين ما يؤدي إلى تضيقها ثم انسدادها وحدوث النوبات القلبية... موضحاً أن النوبات القلبية تقتل سنوياً نحو 100 ألف شخص على مستوى العالم.
وقال مايكل براون إن هناك علاقة قوية بين الكولسترول منخفض الكثافة والإصابة بالسكتات القلبية وبالذات عند الفئات العمرية التي تزيد عن 55 عاماً كما إن لطبيعة الجسم دور في حدوث الإصابة.
وأضاف المحاضر بأنه في واقع الأمر أن جسم الإنسان ينتج من خلال الكبد مستقبلات تنتشر في الدم تعمل على التقاط الكولسترول ويتم التخلص منه وفي حالة انخفاض نسبة المستقبلات التي ينتجها الكبد تزداد نسبة الكولسترول في الدم وهنا تزداد نسبة الإصابة بالسكتات القلبية.
وأوضح أن نسبة الكولسترول عند الطفل حديث الولادة هو ما بين 25 إلى 50 ملم وعند الشخص الذي يبلغ عمره 40 عاماً تكون نسبة الكولسترول الطبيعي هو 130 ملم وهو المستوى الطبيعي بينما في الصين نسبة الكولسترول عند الغالبية من 80 إلى 130 ملم والذي يحدث أن الطعام الذي نتناوله يحتوي على نسبة عالية من الدهون حيث نتناول اللحوم بشكل شبه يومي ما يؤدي إلى تراكم الكولسترول في أجسامنا وفي الأوعية الدموية وهو ما يرفع من نسبة الكولسترول في الدم ومع زيادة نسبة الدهون في الجسم تعمل هذه الدهون في الكبد على وقف إنتاج المستقبلات ما يرفع من نسبة الكولسترول وبالتالي حدوث انسداد في شرايين القلب والأوعية الدموية وحدوث السكتات القلبية.
وقال مايكل إنه في ضوء هذه المعطيات فقد تم العمل على إنتاج وتطوير عقاقير تعرف بـ «الاستاتين» تجعل الكبد ينتج المزيد من المستقبلات في الكبد والتي تعمل على التخلص من الكولسترول وبالتالي انخفاض مستواه في الدم.
واستعرض براون في الجزء الثاني من المحاضرة موضوع اكتشاف علاج جديد للسكري مستخرج من هرمون من الأمعاء... وقال إن مرض السكري مرض وبائي في أنحاء العالم وتعتبر الإمارات ثاني بلد في العالم من حيث انتشار المرض موضحاً أن الغذاء غير المتوازن والوفرة الكبيرة في الغذاء ترفع من نسبة الإصابة إلى جانب العوامل الأخرى ومنها الوراثة وقلة الحركة موضحاً أن طبيعة الحياة في الماضي تحديداً في الصحراء وقلة الغذاء كان لها دور في منع حدوث الإصابة بالسكري.
وأضاف المحاضر أن دراسة قد أجريت في وقت سابق على عينة ممن يبلغ عمرها 55 عاماً من المصابين بمرض السكري ومجموعة أخرى غير مصابة بالسكري وتمت مراقبتهم لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 عاماً وعندما بلغ المشمولين بالدراسة 70 عاماً تبين أن 60 في المئة من الفئة غير المصابة بالمرض ظلت على قيد الحياة و20 في المئة فقط من المصابين بالسكري ومن هنا يعتبر مرض السكري مرض قاتل ومرض فتاك بالذات في حال بدء العلاج بشكل متأخر. وأكد أنه وفق الدراسات العالمية تعتبر منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق انتشاراً لمرض السكري والإمارات من أكثر دول المنطقة انتشاراً للمرض مشيراً إلى أن نسبة الوفيات تزيد بين المصابين عندما يبلغوا عمر 60 عاماً فأكثر ما يتطلب اهتمام أكبر بالإجراءات الوقائية لمنع حدوث الإصابات.
وأوضح المحاضر أن طرق العيش وأنماط الحياة في السابق قد لعبت دوراً في هذه المنطقة الصحراوية التي كان يندر فيها الطعام حيث عاش الأولون وهم يتناولون الطعام بشراهة عند توافره الأمر الذي تسبب في تكوين الجينات الوراثية التي تؤدي حالياً إلى الإصابة بمرض السكري خاصة بعد توفر الأطعمة في الوقت الحاضر وبكميات وافرة.
وأضاف أن 20 في المئة من مرضى السكري في الإمارات على سبيل المثال يحتاجون إلى عملية جراحية مشيراً إلى أن المريض يحتاج إلى تناول 300 وحدة أنسولين إذا كان مستوى السكر 400 ولكن المريض الذي أجرى العملية تم حقنه بعشرين وحدة أنسولين فقط وبعد أسبوعين توقف عن تناول الأنسولين حيث أدت العملية إلى تحسن المرضى.
وقدم المحاضر شرحاً عن آلية حدوث مرض السكري موضحاً أنه عندما يتم تناول الطعام ترتفع نسبة السكر في الدم ويفرز البنكرياس هرمون الأنسولين الذي يعطي إشارات للعضلات للعمل على حرق السكر من خلال الطاقة ما يساعد على الحفاظ على المستوى الطبيعي للسكر في الدم، وعندما نتناول كميات أكبر من الطعام إلى جانب وجود عوامل أخرى يزداد الضغط على البنكرياس لإنتاج مزيد من الأنسولين والذي يجد مقاومة في العضلات ما يتحول السكر إلى دهون في الخلايا وبالتالي يفشل البنكرياس في إنتاج مزيد من الأنسولين فتحدث الإصابة بالسكري، وإن حقن الجسم بمزيد من الأنسولين للحفاظ على مستوى السكر شبه الطبيعي في الجسم يؤدي الى زيادة نسبة الدهون في الجسم التي تتراكم في الكبد والقلب و في الجسم وترفع من نسبة الإصابة بأمراض القلب والفشل الكلوي وغيرها من المضاعفات.
وأضاف أن الحل الأمثل هو المحافظة على ممارسة الرياضة بشكل مستمر والإقلال من تناول الطعام الغني بالدهون للحفاظ على وزن مثالي لتجبن الإصابة بالسكري.
وقال قبل سنوات تم تطوير طريقة لعلاج الأشخاص الذين يعانون من السمنة بإجراء عملية جراحة لتحويل مجرى الطعام من المريء إلى الجزء السفلي من الأمعاء ما يساعد على تخفيض الوزن عند الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة حيث ثبت نجاح هذه الطريقة في علاج السمنة ومرض السكري أيضاً عند 84 في المئة من المرضى. وأوضح أن فائدة هذه الطريقة الجراحية هو أن الجزء العلوي من المعدة مسؤول عن إنتاج بروتين هرموني يذهب إلى العضلات ويعمل على حرق المزيد من السكر وبالتالي هناك شريك لهرمون الأنسولين في حرق السكر في الجسم ووجد أنه عندما يصاب الشخص بالبدانة وتمتلئ المعدة بالطعام يقل بل ينعدم إفرازها للهرمون البروتيني ومن هنا يتم إجراء تحويل مجرى الطعام لتحفيز المعدة على إنتاج الهرمون الذي يساعد على حرق السكر في الجسم ومنع حدوث الإصابة بالسكري وحدوث السمنة أيضاً.
وأكد أن الأبحاث تتركز حالياً على عزل الهرمون البروتيني من خلال شركة أبحاث في سان فرانسيسكو تمهيداً لإنتاج عقار علاجي للسمنة يقوم بدور هذا الهرمون للاستغناء عن العمليات الجراحية لتحويل مجرى الطعام وهذا العقار في حال إنتاجه سيساعد كثيراً على مكافحة مرض السكري أيضاً
العدد 2977 - السبت 30 أكتوبر 2010م الموافق 22 ذي القعدة 1431هـ