انتهى شهر شعبان معلنا بداية شهر كريم "شهر رمضان" والذي تزامن قدومه مع نزول رواتب المواطنين في الدوائر الحكومية والمؤسسات الخاصة تزامنا دفع البعض بجنون "كالعادة" على غرار كل رمضان إلى الاستعداد المادي قبل الاستعداد النفسي والديني لهذا الشهر ليتدافعوا في طوابير أمام "السوبر ماركت" ومحلات الأغذية فيصطفوا برحابة صدر في تلك الطوابير في أقل تقدير ساعة وربما اكثر. .. ولنعيش هذه الأجواء الرمضانية "الصبغة" كان لـ "الوسط" جولة في احد "هيبر ماركت" في المملكة في محاولة لتقصي آراء الناس بشأن كيفية استعدادهم للشهر الفضيل، العادات الاستهلاكية السيئة لهذا الشهر. عائلة "أبوعلي" كانت أولى العائلات التي التقينا بهم إذ عبر رب الأسرة عن عدم استيائه من الوقوف في طابور يمتد طوله أكثر من الكيلوين مرجعا السبب في ذلك إلى كونه عادة اعتادها كل سنه وتهيأ لها نفسيا إلا انه أبدى استياءه من ارتفاع الأسعار بضحكة ساخرة "المعاش ما عاش". وأضاف "شهر رمضان شهر للتقوى وتهذيب النفس وعبادة تقرب العبد من ربة من جهة ومن الفقراء من جهة أخرى إلا أننا بهذا الأسلوب نجعل من رمضان شهرا لشرهة الأكل فنضاعف مصروفاتنا ونعمل موازنة جديدة "شراء الأطعمة" من اولوياتها". وأيده في الرأي علي عبدالله - متقاعد - مؤكدا على ضرورة الحد من هذه الظاهرة فنحن مقبلون على صيام لا على كارثة أو مجاعة تستدعي كل هذه البلبلة - على حد قوله -. وذكر "أدفع في شهر رمضان ضعف ما ادفعه في سائر الأشهر لتصل مصروفاتي في نهاية الشهر إلى 400 دينار تحتل الأغذية والاستعدادات الرمضانية منها نصيب الأسد". ونوه علي إلى أن شهر رمضان لا يخلق أزمة في الموازنة لدى المواطن فحسب وإنما أزمة طرق ومواصلات وأزمة لدى التجار فكل يتنافس لتقديم عروضه المغرية وإن كانت على حساب المواطن. وأوضح "حاجيات شهر رمضان تختلف عن سائر الأشهر فغالبيتها حلويات، أطباق تقليدية متوارثة وأصناف دسمة".
شراء بالجملة
الموظف بالقطاع الخاص خليل أحمد رب منزل وأب لطفل واحد يقول "أساعد منزل والدي في هذا الشهر بشراء حاجيات شهر رمضان مسبقا بالجملة إذ اصرف تقريبا أكثر من 200 دينار بالإضافة إلى مصروفاتي في بعض الليالي في هذا الشهر كليلة القدر، استشهاد الإمام علي "ع" والقرقاعون". وأضاف "ضاحكا": "اشتري كارتون كامل من الزيت فأحسن شي في سفرة رمضان "المقالي"". إلا أن خليل كان له رأي أخر في ما يتعلق بارتفاع الأسعار إذ رأى أن الأسعار تنخفض في شهر رمضان بطريقة طبيعية وبسبب زيادة العرض وتنافس التجار وكثرة العروض. وتوافقه الرأي أم حسين "أرملة" ولديها من الأولاد ثلاثة أكبرهم في المرحلة الثانوية إذ تعد شهر رمضان على حد وصفها شهر "للاقتصاد المنزلي" فالأسعار تقل وتقل و المشتريات وبالضرورة المصروفات "حالة شاذة". وتضيف: "الجأ إلى السوق مع بداية كل شهر وفي شهر رمضان أيضا وإذا استدعت الحاجة، ولا اشتري بالجملة وأحاول قدر الإمكان تجنب الحلويات والكماليات فشهر رمضان لم يفرض لقضائه في النوم نهارا والأكل والسهر ليلا". في حين تعبر عائلة يوسف المبارك عن استيائها لكثرة المصروفات فتقول أم محمد "ربة المنزل" إننا نستعد سلفا لشهر رمضان قبل أسبوع على أقل تقدير فنعمد إلى شراء كل مستلزمات الشهر بالكمية الكافية لاسيما وأن العائلة تتألف من 8 من الشباب وبنت الأمر الذي يحتم زيادة مصروفاتنا في هذا الشهر إلى الضعف خصوصا مع ارتفاع الأسعار. وذكرت: "أضف إلى كل تلك المصروفات أبعث إلى أبني الذي يدرس إدارة الأعمال في الهند مئونة شهر رمضان".
هوس وصل للسعودية
سيد محمد العلوي موظف بشركة ألبا أحد الذين اصطفوا في طابور طويل ليحاسب عن كيلوين مخلل والقليل من الشطات فقط والمستغرب أن هوس شراءه قد تعدى حدود المملكة فيقول في ذلك: "لا اشتري مستلزمات شهر رمضان من البحرين وإنما أسافر إلى المملكة العربية السعودية واشتري كمية تكفيني طوال الشهر". وارجع السبب في ذلك إلى تميز بضائع السعودية وانخفاض الأسعار وتعدد الاختيارات. هذا ورأى العلوي أن هناك عادات استهلاكية سيئة في هذا الشهر فكثرة المأكولات الدسمة وتركيز البائعين والتجار على استيراد بضائع تلبي هذه الحاجة لدى المواطن المساعدة على زيادة الأضرار المباشرة وغير المباشرة كتفشي الأمراض وانشغال الناس بكل ما هو جديد وغريب عن قدسية هذا الشهر. وأضاف: "من الأولى صرف تلك المبالغ في مساعدة الفقراء والذين لا يجدون قوت يومهم بدل صرفها على مأكولات نصيب ثلاثة أرباع منها في الأخر "الرمي"". وفي زاوية أخرى رأينا أحد الشباب وقد اشترى "عدة" للشواء "اصياخ" من الحديد وفحم ومنقلة، عمار حسن الذي لم يتجاوز العشرين يقول "لا أأكل في شهر رمضان أكثر من سائر الأشهر لا سيما في الفطور ولكن السحور هو الذي له أهميته لدي فاخرج مع أصحابي للكورنيش أو البلاج لشواء اللحمة أو السمك". هذا وتذكر منال جعفر وزوجها سلمان أن وسائل الإعلام من الأمور المشجعة على العادات الاستهلاكية السيئة فمعظم برامج الطبخ والكتب تركز على الحلويات والوجبات الدسمة ليضطر المشاهد تلقائيا إلى الانصياع لما يقرأ أو يشاهد. وقالت: "لا أخفي على الكل أني من هواة طبخ الحلويات ومعظم شرائي لشهر رمضان يخص مستلزمات عمل الحلويات فأعمد إلى شراء الطحين والحليب والكريما والفستق والمكسرات وغيرها".
عروض وهمية
"م.ن.م" أثار نقطة تدور في ذهن قلة من الناس وهي "وهمية" بعض عروض رمضان الشرائية حيث قال "إن لبعض التجار سياسة يتبعونها كل سنه قبل شهر رمضان وفي بعض المواسم كالعيد أو شهر محرم وصفر بالإضافة إلى أوقات الزيادة والبونس ليرموا بشباكهم على المواطن مستغلين حرصه على تعديل موازنة بأية وسيلة". واستطرد مفسرا ذلك بكون التجار يعمدون إلى عرض سلع بتخفيضات وهمية وأن ركزنا فيها وحسبناها بالحسبة المنطقية سنكتشف أن السعر لم يتغير وأن الشيء الوحيد الذي أختلف هو إضافة ملعقة أو كوب شاي إلى حزمة مكرونة أو حزمة صلصة طماطم. وأضاف: "الأخطر من ذلك كثرة البضائع مجهولة الهوية لا يعرف لها "راس من ساس" للوهلة الأولى تضنها بضاعتك التي الفتها إلا أنها لا تتعدى سلع مقلده وأخرى مستورده من دول شرق آسيا بأرخص الأسعار خاصة لتلبية هوس الشراء في هذا الموسم المهم".
ما قل ودل
"هوس الشراء" لن نصفه بالمشكلة أو الظاهرة أو حتى بالموضة فهو لن يتعدى كونه أمر لا مفر منه وعادة سنوية لا يمكن الإقلاع عنها طالما يوجد مواطنان الأول ذو موازنة محدودة والثاني شره شرائيا
العدد 1125 - الثلثاء 04 أكتوبر 2005م الموافق 01 رمضان 1426هـ