العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ

أربعة ملايين دينار لشراء أجهزة طبية بمليونين

استشاري زراعة الكلى أحمد العريض لـ«الوسط»:

كشف استشاري أمراض وزراعة الكلى أحمد العريض عن مستندات توضح أن وزارة الصحة طلبت من عائلة يوسف بن أحمد كانو نحو أربعة ملايين دينار، وذلك لشراء أجهزة غسيل كلى لا تزيد قيمتها في السوق المحلية عن مليوني دينار، بل إن إحدى شركات الأدوية كانت مستعدة لتقديمها مقابل مليون وسبعمئة ألف دينار فقط.

وتساءل العريض في لقاء مع «الوسط» عن الأسباب الكامنة وراء المبالغة في الأسعار ورفعها إلى الضعف، مشيرا إلى أن بعض الأجهزة تم تسجيلها بقيمة تزيد عن قيمتها السوقية بثلاثة أضعاف، وقال: «هناك بعض الأجهزة تم تسجيل قيمتها في مستندات الوزارة بـ 18 ألف دينار، بينما قيمتها السوقية تتراوح بين الستة والثمانية آلاف دينار فقط».

وحذر العريض مما وصفه بعدم الشفافية مع المتبرعين، وقال: «إن الطريقة المعتمدة من قِبل بعض المسئولين في الوزارة تؤثر على إقبال المتبرعين من دون شك، وقد خسرنا سابقا تبرُّع أحد الوجهاء الكويتيين بربع مليون دينار بفعل هذه المعاملة».

إلى ذلك، انتقد العريض تربُّع وكلاء وتجار الأدوية على أعلى الهرم الطبي في الوزارة، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يقلل من المعايير المطلوبة لكثير من الأدوية والأجهزة، ضاربا مثالا على دواء كانت عليه ملاحظات من قبل منظمة الصحة العالمية، إلا أن المسئولين طلبوه ليحل مكان دواء آخر أكثر كفاءة لمجرد أن الدواء الجديد يتبع الجهة الفلانية.


العريض يفجر قنبلة من العيار الثقيل ويطالب الوزارة بالرقابة المستفيضة على العطاءات

«الصحة» تطلب من متبرع 4 ملايين دينار لشراء أجهزة طبية بمليونين

السلمانية - عقيل ميرزا

كشف نائب رئيس جمعية أصدقاء مرضى الكلى البحرينية ورئيس الجمعية العربية لأمراض وزراعة الكلى (سابقا) استشاري أمراض وزراعة الكلى في مجمع السلمانية الطبي أحمد العريض أن وزارة الصحة طلبت من عائلة يوسف بن أحمد كانو نحو أربعة ملايين دينار، كانت تريد العائلة التبرع بها، وذلك لشراء أجهزة لا تزيد قيمتها في السوق المحلية عن مليوني دينار.

وأشار العريض في لقاء مع «الوسط» إلى أن بعض الصيدليات المحلية تقدمت بعطاءات لا تزيد عن مليون وسبعمئة ألف دينار فقط، في الوقت الذي كانت مستندات وزارة الصحة تشير إلى أن أسعار تلك الأجهزة تصل إلى ثلاثة ملايين وتسعمئة ألف دينار، الأمر الذي جعل العائلة تبدي استغرابا، محاولة الحصول على العطاءات عن طريق جهات أخرى غير الوزارة.

وانتقد العريض ما أسماه «سوء طريقة اتخاذ القرارات»، وقال «إن الطريقة المعتمدة خسرت بها الوزارة تبرع أحد الوجهاء الكويتيين الذي كان سيتبرع بربع مليون دينار لعدد من أجهزة الغسيل»... وهذا نص اللقاء:

* ما هي آخر تطورات إنشاء مركز الكلى الصناعية الذي سيحمل اسم المغفور له عبدالرحمن بن جاسم كانو؟

- فيما يتعلق بهذا المركز توجد مشكلة حاليا تتعلق بقيمة العطاءات لشراء الأجهزة الطبية المطلوبة، وقد تمت إعادة تقييم العطاءات من جديد.

* مشكلة؟ ما هي التفاصيل؟ ولماذا تمت إعادة تقييم هذه العطاءات؟

- في الحقيقة أن وزارة الصحة قدمت لعائلة يوسف بن أحمد كانو وهي العائلة المتبرعة بإنشاء هذا المركز عطاءات تزيد على واقع الأسعار في الأسواق المحلية، وهي أسعار مبالغ فيها، وهو الأمر الذي جعل العائلة المتبرعة تقوم بدراسة الموضوع بدقة أكثر.

* عفوا... ولكن ما هو المبلغ الموجود في فواتير الوزارة لهذه الأجهزة؟

- الوزارة تقدمت بفواتير إلى عائلة يوسف بن أحمد كانو تصل إلى أربعة ملايين دينار، وذلك عبارة عن كلفة الأجهزة الطبية وكلفة الكلى الصناعية المطلوبة وعددها 60 كلى، هذا بالإضافة إلى كلفة تأثيث المبنى، وكانت الكلفة الإجمالية لكل ذلك بحسب المستندات التي تقدمت بها الوزارة ثلاثة ملايين وتسعمئة ألف دينار.

* وكيف تستطيع أن تؤكد أن هذه الأرقام لا تتطابق مع أسعار السوق؟

- المستندات التي تقدمت بها الوزارة إلى عائلة يوسف بن أحمد كانو كانت مدعاة للاستغراب من قبل العائلة، وكانوا يعتقدون أن هذه الأرقام مبالغ فيها، وكوني استشاريا في قسم الكلى فقد أطلعوني على هذه المستندات وبدوري قمت بطلب تسعيرات من الصيدليات المحلية وجميع التسعيرات كانت تقل عن مستندات الوزارة بكثير إلى درجة أن بعضها كان يقل بثلاثة أضعاف، والمحصلة فإن الكلفة التي حصلت عليها لا تزيد عن مليونين وربع المليون في أسوأ الأحوال، وليس أربعة ملايين كما جاء في مستندات الوزارة.

* هل لك أن تزودنا بمثال يقارن بين مستندك ومستند الوزارة؟

- بالتأكيد، فعلى سبيل المثال فإننا نشتري أحدث أجهزة الغسيل وبها كل الإمكانات المطلوبة بمبلغ يتراوح بين 6 و8 آلاف دينار في حين كان تقدير وزارة الصحة لقيمة الجهاز الواحد 18 ألف دينار، وقس على ذلك أسعار بقية الأجهزة.

* وما هي الصيدليات التي قمت أنت بالاتصال بها والحصول على أسعارها؟

- صيدلية يوسف محمود حسين وصيدلية ناصر، وصيدلية وائل، وقد تم تقديم القوائم المطلوبة من قبل الوزارة، وكانت العطاءات من قبل صيدليتين بمبلغ لا يتجاوز نصف المبلغ المطلوب من قبل الوزارة، ومازلنا ننتظر الأسعار التي ستقدم إلينا من قبل صيدلية وائل.

* ولكن هل لك أن تزودنا بالمستندات التي توثق الأسعار التي حصلت عليها والأسعار التي أقرتها الوزارة؟

- بكل سرور، فلدي قائمة أسعار الوزارة التي تسلمتها العائلة المتبرعة، ولدي أيضا قائمة بالأسعار التي حصلت عليها من قبل الصيدليات المحلية، وبعضها الصيدليات نفسها.

* هل تعتقد أن مثل هذه التجربة يمكن أن تثني متبرعين عن التبرع في المستقبل؟

- هذا من دون شك، فإن مثل هذه المبالغة في تقييم الأسعار من جهات في وزارة الصحة، والعاملين في دائرة الأجهزة الطبية، ودائرة الصيانة أيضا، ستثني متبرعين آخرين عن المساهمة بالتبرع في المستقبل، وخصوصا أن هذه الأسعار تقديرية ولم تتم مناقشتها من قبل الطاقم الطبي المختص، وكان الواجب ألا ترفع هذه القوائم والاحتياجات لتأهيل هذا المركز إلى المعنيين في الوزارة إلا بعد مناقشتها باستفاضة مع من سيستخدم هذه الأجهزة كما هو متعارف عليه في الوزارة عندما يتم طلب أجهزة طبية.

* هل يوجد مثال آخر على أخذ القرارات؟

- هناك موضوع حدث أيام وزيرة الصحة السابقة، إذ تقدم وجيه كويتي وحرمه للتبرع بإنشاء وحدتين لغسل الكلى، واستقبلت الوزيرة السابقة سفير دولة الكويت في ذلك الوقت الشيخ جاسم مبارك المبارك العام 2004 ، وطرح السفير رغبة الوجيه فؤاد محمد الغانم وحرمه في إنشاء وحدة لغسل الكلى الدموي بقيمة ربع مليون دينار، على أن تكون صدقة جارية لروح والدتها، وللأسف ومنذ ذلك الوقت لم يتحقق تنفيذ هذا التبرع.

* كيف؟

- لعدم وجود التنسيق بين دوائر عقد القرار التنفيذي، ولو تحقق هذا التبرع لكان بإمكاننا تقديم العلاج لمرضى يتجاوز عددهم 250 مريضا مصابين بهبوط مزمن في الكلى، والغريب في الأمر أننا فوجئنا في الوحدة بقرار تم أخذه من قبل لجنة متابعة الأنشطة بتقديم العلاج لمنسوبي وزارة الداخلية اللذين تم التوقف عن علاجهم من قبل قوة الدفاع، وكذلك دون استشارة الطاقم الطبي لإمكانية استيعاب هؤلاء، ما اضطرني إلى كتابة رسالة أذكر فيها عدم إمكان استيعاب هؤلاء في الوحدة لأننا لم نتمكن زيادة استيعاب الوحدة والاستفادة من التبرع السخي من قبل الوجيه الكويتي وحرمه. ولو تم ذلك لاستطعنا أن نستوعب مرضى الداخلية.

* إذا عملية التبرع تمر بمنعطفات خطيرة قد تؤثر على اندفاع الناس وأصحاب الأموال للتبرع؟

- طبعا، وقد حدث ذلك فعلا.

* يبدو أن مشكلاتكم لا تنحصر في تكبدكم عناء علاج المرضى، وكثير منها إدارية أيضا؟

- نعم وللأسف الشديد أن مثل هذه المشكلات تؤثر حتى على طبيعة العلاج، إذ إنك عندما تمارس عملا طبيا فإنك تحتاج إلى أجواء نظيفة وصافية لممارسة هذا العمل.

* وماذا لو انتقلنا إلى الأجهزة الطبية التي تستخدمونها في وحدة الكلى، ما هي نسبة كفاءتها؟

- لا أنكر أبدا أن الأجهزة المتوافرة لدينا أجهزة ذات كفاءة عالية، ولكنني ومن خلال هذا السؤال أنتهز الفرصة لأشير إلى أن المتاجرة تبرز في هذا الموضوع أيضا وللأسف...

* كيف؟ وماذا تعني؟

- منذ فترة قامت شركة nepro وهي الشركة المصنعة لأجهزة الكلى الصناعية، ووكيلها الحصري في البحرين بدعوة وفد مكون من رئيس دائرة أمراض وزراعة الكلى والممرضة المسئولة في وحدة علاج الكلى الصناعية ومسئول دائرة الأجهزة الطبية إلى زيارة مصانعها في اليابان وذلك تمهيدا لاستبدال أجهزة الكلى الصناعية المتوافرة لدى وحدة الغسيل على رغم أنها أجهزة ذات كفاءة عالية، ولم يشتك مستخدموها من كفاءتها أو حتى صيانتها سابقا، وهي من شركات سويدية وألمانية وتستخدم في جميع دول المنطقة مثل الكويت والسعودية وإيران.

* إذا في اعتقادك ما هو الهدف وراء استبدال هذه الأجهزة؟

- أعتقد أن ذلك سيتم فقط من أجل فوائد مادية وربحية بحتة لصالح وكيل الأجهزة الجديدة في البحرين.

* يبدو أن هناك كثيرا من الأمثلة التي توضح القصور في مفاصل أخذ القرارات، أليس كذلك؟

- نعم فقد أثرت هذه القرارات في العام الماضي بشأن موضوع استبدال دواء تخثر الدم innohip ووكيله في مملكة البحرين صيدلية بهزاد، واستبدل هذا الدواء بدواء آخر هو clexane وكان وكيله الحصري في البحرين صيدلية البحرين دون استشارة الطاقم الطبي، وبعد إثارة هذا الموضوع وطرحه لخطورة استخدام هذا الدواء للمصابين بهبوط مزمن في الكلى والذين يتلقون العلاج بواسطة الكلى الصناعية حيث لا تنصح منظمة الدواء الأميركية fda باستخدامه لهؤلاء المرضى، أمر الوزير بتوفير العلاج السابق.

* في رأيك ما هي الأسباب الكامنة وراء ذلك كله، وكيف للوزارة التخلص من هذه الإجراءات والقرارات التي تعتبرها خاطئة؟

- للأسف فإن وضع مسئولين تنفيذيين على رأس الهرم الطبي وهم وكلاء شركات ذات علاقة وثيقة بالقطاع الصحي، هو أحد هذه الأسباب التي تجعلنا في قلب هذه المشكلات السالفة.

* ولماذا لا تريد أن ينصّب تجار الأدوية هؤلاء على رأس الهرم الطبي؟ ما الضير في ذلك؟ فربما تستفيد الوزارة من خبرتهم أليس كذلك؟

- لأنهم لن يتصرفوا بعقلية الطبيب وإنما بعقلية التاجر، وسيؤدي ذلك إلى أن تتوجه جميع اللجان والأفراد في مراكز أخذ القرار إلى إرضاء هؤلاء الرؤساء وتمرير مصالحهم خشية التأخير في الترقيات الوظيفية أو العزل أو الإقصاء من المسئوليات أو الإبعاد وخصوصا للأطباء والموظفين اللذين يبدون رأيا مخالفا، والنتيجة هي تدني الخدمات الصحية.

* وهل تعتقد أن دخول مجلس النواب لممارسة دوره الرقابي أمر سيطور من الخدمات الصحية؟

- بالتأكيد، فإن الدور الرقابي للنواب هو أمر صحي ويجب أن يتفهمه المسئولون في الوزارة، وفي كثير من الأحيان يضطر النواب للدخول على الخط، لوجود مثل هذه التجاوزات، ولكن للأسف الشديد فإن بعض المسئولين يتخوفون من رقابة النواب في مواضع غير مناسبة.

* بعد نشر أحد الموضوعات في الصحافة وتحديدا في صحيفة «الوسط» بخصوص بعض المشكلات التي تعاني منها عملية التبرع بالكلى، هل هناك خطوات عملية اتخذت للنهوض بهذا البرنامج؟

- نعم تمت الدعوة من قبل الوزير للاجتماع لمناقشة الرسالة التي أرسلت من قبلي في 8 فبراير/ شباط 2009.

* وما تفاصيل هذا الاجتماع؟

- بعد نشر الرسالة في صحيفة «الوسط» تمت دعوتي من قبل الوزير لاجتماع جمع الوكيل المساعد لشئون المستشفيات ورئيس الأطباء، ومدير إدارة المستشفى، ورئيس دائرة أمراض وزراعة الكلى، واستشاري الأوعية الدموية، ورئيسة التمريض، وتم طرح الموضوع واتفق معظم الحاضرين في هذا الاجتماع على التطوير والبدء من جديد في إنجاح مشروع زراعة الأعضاء في البحرين، وتم التأكيد على أن ذلك لا يمكن إلا من خلال إنشاء مركز متخصص ذي إدارة وموازنة منفصلة عن مجمع السلمانية، وهو أمر معمول به في مستشفى قوة دفاع البحرين، في مركز الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان لأمراض القلب.

* ألم تكن اعتراضات من قبل أحد من الحاضرين في هذا الاجتماع؟

- لا، لا توجد اعتراضات، بل رحب الحاضرون بالفكرة، ولكن من خلال المناقشة في الاجتماع أثار انتباهنا ما قاله الوكيل المساعد لشئون المستشفيات إذ قام بإقحام أعضاء مجلس النواب في مثل هذه القرارات الإدارية والتنفيذية، وتساءل عما إذا كان أعضاء مجلس النواب سيوافقون على هذا التوجه أم لا، ما أثار استغرابنا نحن الحضور؛ فما دخل أعضاء مجلس النواب وهو السلطة التشريعية بالخطوات الإدارية والتنفيذية في وزارة الصحة؟ وذكرت له أن أعضاء مجلسي الشورى والنواب المحترمين سيكونون أول المباركين لأية نجاحات تحققها الوزارة.

* وما هي القرارات الناتجة من هذا الاجتماع؟

- أمر الوزير بتشكيل لجنة مصغرة لدراسة إمكان تحقيق ذلك، ولكن ذلك لم يتم بعد، ونرجو أن يعجل الوزير بتشكيل هذه اللجنة لتبدأ عملها فورا.

العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً